الأربعاء 29 مايو 2024

«الهلال اليوم» يقتحم دهاليز المنشآت الحكومية.. قائمة بأسعار «شاي تخليص المصالح» داخل إدارات الدولة

16-4-2017 | 20:52


فيزيتا "سماسرة الخدمات".. التليفونات: 20 جنيهًا.. المياه ( تركيب أو فك أي حاجة): 20جنيهًا.. الشهر العقاري: 50 : 100 جنيه، الكهرباء (تركيب العداد): 20 جنيهًا
كتب- علي عقيلي
بات المواطنون بين سندان الارتفاع الجنوني في الأسعار، ومقصلة الفساد الإداري والمالي المستشري في بعض المؤسسات الخدمية؛ فمع موجة الغلاء جرّاء الإجراءات المؤلمة التي تنتهجها حكومة المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء؛ استجابة لسياسة خفض الدعم في طريق الإصلاحات الاقتصادية، وتعزيز التنمية المستدامة؛ أصبح لزامًا عليها أيضًا حماية المواطن من فاتورة الفساد الإداري والمالي؛ وإلا سقط غنيمة باردة لسماسرة خدمات المصالح الحكومية.
صحيح أن بعض الأجهزة الرقابية، وعلى رأسها هيئة الرقابية الإدارية أسقطت الكثير من عروش الفاسدين؛ بعد أن ظنوا أنهم في مأمن من العقاب؛ لكن طبقًا للقاءات "الهلال اليوم" مع عدد من المواطنين يبقى العديد من معدومي الضمير من صغار الموظفين، والفنيين والعمال لم يصلهم قطار الثورة، فمازالوا يفسدون في مؤسساتهم، ويبتزون البسطاء من أجل قضاء مصالحهم.
وأكد كثير من المواطنين أنهم ما زالوا يعانون من فاتورة الخدمات في معظم الوزارات والهيئات والمؤسسات؛ فلابد من "الشخللة" حتى تستطيع قضاء خدمتك.
وأكد مواطنون لـ"الهلال اليوم" على أن شيئًا لم يتغير، بل على العكس ازدادت فاتورة الخدمات غير القانونية، أو على حد تعبيرهم "الشاي"، زاد مع ارتفاع الأسعار؛ فبعد أن كانت 20 جنيهًا وصلت إلى 40 و50 جنيهًا، و100 جنيهًا.
وقال (أ. م) موظف، ذهبت إلى السنترال 3 مرات لإصلاح عطل التليفون الأرضي؛ وذلك بعد أن قمت بالاتصال بخدمة الأعطال، دون أن يتحرك أحد، وبعد ذلك عرفت من "البواب" أن الموطف يترك "موبايله" معه، ولا يتعامل من خلال شركة التليفونات، ويأتي حال الاتصال به شريطة دفع 40 جنيهًا، مؤكدًا أنه فيما عدا ذلك "ابقى قابلني"، حسب تعبيره.
وأكدت (س. م) موظفة، أنها تدفع في كل مرة لـ"فني إصلاح التليفونات" 50 جنيهًا، قائلة: "العشرين جنيه دا كان زمان".
وذكرت (ع. م) ربة منزل، أنها اتصلت بخدمة أعطال المياه أكثر من مرة؛ بعد أن ذهبت وسددت رسوم "قياس عداد"، ولم يأت أحد، ثم اضطرت للذهاب لشركة المياه، مرتين، وبعد خناقة أخذت "فني" الإصلاح في "تاكسي" على حسابها؛ لأنها ليس لديها سيارة خاصة، وطالبها بـ20 جنيهًا لفك العداد، ومثلها عند التركيب، وشراء كل الخامات اللازمة لذلك على حسابها الخاص؛ لأنه لا توجد خامات بالشركة.
وحكا (م. ز) مهندس، حكاية مثيرة مع شركة الكهرباء، التي ذهب إليها لنقل عداد باسمه، وكان على وشك أن يدفع مديونيات أخرى محسوبة على عداد لشخص آخر، واكتشف الفخ بعد أن أكد له الموظف المختص، وهو على أبواب الشئون القانونية تعرضه لخطأ غير مقصود، وبدأت رحلته مع عامل التركيب، الذي تعمد إهماله لمدة ثلاثة أسابيع؛ حتى اضطر إلى أن يدفع له 20 جنيهًا، رغم سداده رسوم النقل والتركيب.
وقال (ع. م) مدرس،: "الكل لازم يدفع وإلا مفيش مصلحة هتخلص"، "ذهبت للشهر العقاري، وسددت رسوم نقل الموظف علشان أعمل لوالدي المسن توكيل في المنزل"، مؤكدًا أن الموظف تعمد إهمالي، وقال لي:"مش شايف عندي شغل كتير، وناس قدامي كتير، لما أخلص"، وأضاف المدرس "بعد انتظاري لمدة ساعتين، طلب مني 100 جنيه، وبمجرد موافقتي، أغلق دفتره، وسألني: معاك عربية، قلت له: لأ، بس هناخد تاكسي".  
وفي سياق ذي صلة ذكر أحد الفنيين في أعطال التليفونات أنه لم يتم تعيينه في الشركة إلا بعد مرور عامين، وأنه ليس له راتب سوى ما يقدمه له المستهلك من "الشاي"، على حد وصفه.
من جانبه أرجع الدكتور فرج عبد الفتاح الخبير الاقتصادي، استشراء هذه الظاهرة إلى سلبية المواطن المصري، وتخليه عن القيام بدوره في مساعدة الجهات المعنية، والأجهزة الرقابية، وحماية المستهلك في القضاء على الفساد.
وطالب عبد الفتاح جموع المواطنين بالتحلي بالإيجابية، وحماية حقوقهم القانونية، وضرورة الإبلاغ عن الفاسدين؛ لمحاسبتهم، والقضاء على مثل هذه الظواهر القبيحة.
وشدد أستاذ الاقتصاد على ضرورة دراسة هذه الظواهر، وتأثيرها على المجتمع ووضع الحلول الجذرية التي من شأنها القضاء عليها.
فيما اعتبر شريف الجبلي عضو اللجنة الاقتصادية وحماية المستهلك ومنع الاحتكار باتحاد الصناعات السابق، ضحية الوضع الاقتصادي الصعب؛ ما يضطره إلى السلبية والاستجابة للابتزاز من مقدمي الخدمات ومن يتعاملون مباشرة معه من الهيئات والمؤسسات الخدمية.
ولفت الجبلي إلى أن دور جهاز حماية المستهلك يقتصر على خداع المستهلك وتضليله؛ مرجعًا تفشي هذه الظاهرة إلى تراجع الأخلاقيات، وانعدام الضمير، وتجريف الثقافة، وضعف الوعي لدي الجماهير.