الأربعاء 26 يونيو 2024

تؤدى إلي فوضى إعلامية .. لماذا تلجأ الفضائيات لـ"إعادة تدوير النجوم" في برامجها؟

17-4-2017 | 10:56

تحقيق : أشرف بيومى

كانت البرامج التي تعتمد على استضافة النجوم والتعرف على أسرار حياتهم الشخصية، جزءا لا يتجزأ من الخريطة الرمضانية خلال الأعوام السابقة، ولكن تحول هذا الأمر تماما لتصبح هذه البرامج أخيرا جزءا أساسياً من خريطة القنوات الفضائية طوال العام بعيدا عن الشهر الكريم، واللافت للانظار أن هذه البرامج لجأت إلى إعادة تدوير النجوم وتكرار ظهورهم، حيث زادت جرعة الجرأة وأصبحت جميع البرامج تقلد بعضها في توجيه الأسئلة خاصة المحرجة للفنانين لكي ينفرد بكونه منصة لكشف الأسرار، حتى وصلنا لمرحلة إعادة تدوير أسرار النجوم، مقابل مبلغ مالي، كلما زاد، زادت معه جرعة الإثارة في كشف المعلومات، هذه البرامج يتم الترويج لها بشعارات مثل "أجرأ تصريحات"، "اعترافات خطيرة"، "تصريحات نارية"، فما بين 100 سؤال وسؤال، والمتاهة، وفحص شامل، والمتوحشة، وحتى البرامج الترفيهية العادية مثل قعدة رجالة، وده كلام، وعم شكشك، وتع اشرب شاي، وسطوح عم سطوحي، وبيومي أفندي وعيش الليلة وشيري استديو، وغيرها من البرامج الآخرى، لا تخلو من استضافة نجوم الفن أيضا، فما الذي يضيفه الفنان لكي يظهر في جميع هذه البرامج؟

الترفيه أحد وظائف الإعلام

في البداية، قال الخبير الإعلامي، الدكتور سامي الشريف، إن البرامج السياسية لم تعد تحظى بمشاهدة مرتفعة وبالتالي بدأت الفضائيات تبحث عن البرامج الترفيهية التي تعتمد على استضافة نجوم الفن، وذلك لاستخراج تصريحات ساخنة من الضيوف وتلعب على الغرائز والفضائح، مضيفا "رغم تكرار الضيوف في البرامج إلا أن المعلنين يتسابقون عليها لأنهم يحققون مشاهدة مرتفعة".

وأضاف: "الأمر يتطور في بعض الأحيان لاستضافة راقصة تتحدث عن حياتها، ولا يوجد أي مانع من ظهورها في أكثر من برنامج على فترات مختلفة لإعادة سرد نفس القصص بطرق مختلفة"، موضحا أن الترفيه أحد وظائف الإعلام المهمة التي يجب القيام بها ولكن يجب الارتقاء بمستواه وعدم الانجراف لكل ما هو مثير من أجل تحقيق مكاسب ربحية فقط.

وأكد الشريف أنه في بعض الأحيان قد تندم بعض الشخصيات على تصريحاتها في أي برنامج بسبب حدوث مشاكل لها مع أفراد اصطدموا بهم، ولكنها ظاهرة لن تنتهي طالما أنها تحقق نسب مشاهدة عالية وينجذب إليها الجمهور بسبب شهرة الفنان.

اتجاه عالمى

ومن جانبه، قال الخبير الإعلامي، الدكتور حسن علي، إن هذا النوع من البرامج لا يصب في مصلحة المتلقي، ويحدث فوضى إعلامية لأنه يناقش الفضائح والتشهير بالأفراد، مضيفا "صناع البرامج يلجأون للنجوم بسبب شهرتهم لجذب المعلنين وبالتالي يعتمدون على الفنانين، ما يزيد من نسب المشاهدة حتى لو تكررت أحاديثهم، فيكفي نقطة واحدة جديدة يقولها في كل برنامج أو مجرد ظهوره فقط بالنسبة لمعجبيه".

وأضاف أن اتجاه الفضائيات للتعاقد مع المشاهير هو اتجاه عالمي وله معايير ولكننا نفتقد تلك المعايير في مصر ما ساعد على انتشار الفوضى الإعلامية، مؤكدا على ضرورة وجود حد أدنى من المهنية وعدم تضليل المشاهدين بمعلومات غير صحيحة.

وأكد على ضرورة وضع قواعد لاستخدام النجوم ولكن الوضع الحالي في مصر فيما يخص صناعة الإعلام ضبابية، مضيفا أن المالكين للقنوات يسعون لتقديم محتوى هزلي يصنعه المشاهير.

وأكدت عميدة المعهد الدولي للإعلام بأكاديمية الشروق، الدكتورة هويدا مصطفى، أن هذا النوع من البرامج يعتمد على تقديم تصريحات مثيرة للجدل، وما يجعلهم يظنون أنهم حققوا نجاحاً هائلاً هو تناول المواقع الإلكترونية الصحفية لمضمونها، ولكن جميعها تم استنساخها بشكل كبير من بعضها، ومن شدة التشابه بينها فإن المشاهد لا يستطيع تحديد أي برنامج يتابعه، مضيفة "السبب في زيادة الاعتماد على نجوم الفن في البرامج الترفيهية وتكرار النجوم هو انخفاض نسبة متابعة برامج التوك شو بعد أن كان يتم تخصيص ساعات بث طويلة لها".

وأضافت: "اعتماد الفضائيات على استضافة نجوم الفن لتحقيق مشاهدة مرتفعة وجذب الجمهور ما يؤدي بدوره لجذب المعلنين، لأن الهدف الرئيسي لأصحاب المحطات الفضائية هو الفوز بأكبر حصيلة إعلانات، ما يجعل المنافسة شرسة في ظل وجود أكثر من برنامج ينتمي لنفس النوعية واستضافة نفس الوجوه"، مؤكدة على أن الترفيه شئ إيجابي ولابد من تواجده ولكن المشكلة أن البرنامج يخرج من إطار الترفيه ومشاهدة النجم المفضل إلى ضرب نجم بنجم آخر والبحث في الأسرار الشخصية وكل ما هو مثير واستفزازه للإدلاء بتصريحات جريئة، ولكن هذا الأمر لا يتم بشكل تلقائي بل عن طريق اتفاق ضمني بين الضيوف والقائمين على البرنامج مقابل مبلغ مادي، لأن الضيف يعلم طبيعة البرنامج والهدف منه ونوعية الأسئلة التي سيجيب عنها والتي قد تتكرر في أكثر من برنامج.

وأشارت الخبيرة الإعلامية إلى أن القنوات تستغل شهرة الفنان وكونه شخصية عامة للحصول على تصريحات جريئة، موضحة أن هذا النوع من البرامج لا يفيد المشاهد بقدر الخروج بمانشيتات مثيرة لاقتحامها مناطق عدة في حياة الضيف، ولذلك ستستمر القنوات في استضافة الفنانين لإضفاء مزيد من الإثارة على الحلقات.

أما الناقدة حنان شومان، فترى أن بعض الفنانين الذين اختفوا من الساحة بعض الشئ ولم يقدموا أعمالاً كثيرة مثل الماضي بات هدفهم الظهور في البرامج الحوارية وإطلاق تصريحات تشعرهم بأن الأضواء مازالت مسلطة عليهم، مضيفة أن أي فنان لا يستطيع أي شخص أن يجبره على الإدلاء بحديث لا يرغب فيه، وبالتالي تعرض القنوات على الفنان الظهور باعتباره نجم مجتمع مقابل مبلغ مالي وقد يتكرر ظهوره في أكثر من برنامج نظرا لأن المشاهير أكثر جذبا للإعلانات.

وأكدت شومان أن جميع البرامج ترغب في الشهرة والفرقعة الإعلامية، موضحة أنها وسيلة رخيصة لجذب انتباه المشاهد. وشددت شومان على أن جذب انتباه المشاهد بالقيمة أفضل من جذبه بالإثارة، ولكن إطلاق تصريحات جريئة تعود لرغبة الضيف نفسه في قولها، فبعض الفنانين يكون همهم الحديث عن أعمالهم ومشروعاتهم وقد يماطل في الرد على أي أسئلة مثيرة، والبعض الآخر يبحث عن قصة مثيرة يطرحها في البرنامج لكي تتناقلها الصحف.

القليل ينجح

وبدورها، قالت الناقدة الفنية، ماجدة موريس، إن القائمين على صناعة البرامج يعتمدون على طلة النجم بشكل كبير، ويستسهلون فيأتون بالفنان صاحب الجماهيرية العريضة، ويستغلونها لجذب المشاهدين، مضيفة "رغم تكرار الضيوف في بعض البرامج وتكرار نوعية البرامج نفسها إلا أن القليل ينجح في جذب الجمهور خاصة إذا كان المحاور جيد".

وأضافت: "الإغراءات المادية التي تُعرض على النجوم وشهوة الشهرة تجعلهم يظهرون بالبرامج ولكن الأزمة ليست في رؤساء القنوات ولكن الفنان مشارك في الاختيار أيضا".

بطولة المحتوى

وفي سياق متصل، قال أستاذ الصحافة بكلية الآداب جامعة حلوان، ورئيس تحرير برنامج آخر النهار، الدكتور محمد فتحي، إن الأفكار في البرامج الترفيهية والحوارية مستهلكة، ومازال النجم الضيف هو البطل رغم أنه يجب أن تكون البطولة الحقيقية للمحتوى، مضيفا "القنوات العالمية تستطيع أن تصنع نجوما جددا ودماء جديدة بسبب المحتوى وفي المقابل نحن لدينا تكرار في الأفكار يختبئ خلف نجم محبوب يحاول الجميع الاستفادة من شهرته أو جماهيريته".