قال
الدكتور رمضان قرني، خبير الشئون الأفريقية بالهيئة العامة للاستعلامات، إن انتشار
فيروس كورونا بهذا الشكل السريع بدول العالم، وجعل قوى دولية كبرى واقتصاديات كبرى
أمام تحدي من نوع خاص، يجعل قارة أفريقيا ليست ببعيدة عن هذا التأثير.
أضاف
"قرني" أنه بالرغم أن المؤشرات التي صدرت عن منظمة الصحة العالمية والعديد
من المؤسسات الدولية، تتحدث أن انتشار الفيروس في أفريقيا أقل بكثير من باقي دول العالم
بل إن بعض الدول الأفريقية لم يصلها الفيروس بعد، ولكننا نتحدث عن قارة قرابة 54 دولة،
ومن ثم هناك بعض التحديات والتداعيات التي يمكن أن تحدث نتيجة انتشار الفيروس بها،
وهناك العديد من الآليات التي يمكن أن تتم في تحرك الدول الأفريقية في هذا الصدد.
واستطرد
"قرني" : "على المستوى الصحي لا يمكن تصنيف القارة في بوتقة واحدة أو
تصنيف واحد، بل أنه لدينا العديد من الدول بمستويات جيدة جيدا ولديها بنية تحتية على
المستوى الصحي متميزة، مثل مصر وجنوب أفريقيا والمغرب، والسنغال، و كينيا وبعض الدول
الأخرى في منطقة الجنوب، ولكن في ذات الوقت لدينا دول تعاني من إشكاليات صحية كشفها
انتشار الأوبئة والفيروسات، خاصة في منطقة غرب أفريقيا التي شهدت انتشارا كبيرًا لوباء
إيبولا، كذلك البنية التحتية في القارة الأفريقية بها فوارق، فهناك دول استعداداتها
متميزة وبنيتها التحتية متقدمة وقوية وأخرى خاصة في شرق أفريقيا تعانى من اختلالات
كبيرة.
أضاف
"قرني" أن هناك عدة قطاعات رئيسية داخل أفريقيا، سوف تتأثر بشكل كبير بسبب
فيروس كورونا، أبرزها الاستثمارات الأجنبية الوافدة للقارة، وتطوير البنية التحتية
، والمشروعات الخاصة بالتبادل التجاري بين القارة الأفريقية والقوى الدولية الكبرى،
فاقتصاديات القارة تعتمد بشكل كبير على حجم التبادل الاقتصادي مع تلك القوى، ومثال
على ذلك هناك حجم اقتصادي مع الصين يقارب 200 مليار دولار، ومع اليابان يقارب 45 مليار
دولار، مع الولايات المتحدة والهند قرابة 100 مليار دولار، ومع الاتحاد الأوروبي نحو
300 مليار يورو، بالتالي أبرز القطاعات التي سوف تتأثر بشكل كبير قطاع التبادلات التجارية
، مع وجود إشكاليات تتعلق بالنقل وأخرى تتعلق بحركة السلع والبضائع.
وأشار
"قرني" إلى أن القارة الأفريقية شرعت في العام الأخير في تبني قضية منطقة
التجارة الحرة القارية، ما قد يخفف نسبيا من تلك الإشكاليات، حتى وإن كانت الأزمة الراهنة
وإغلاق الحدود في بعض الدول وانتشار الفيروس بين الدول، ستتقلص حجم المبادلات التجارية
حتى على المستوى الأفريقي- الأفريقي.
وأكد
أن هناك قضية أخرى وهي مكافحة الظاهرة الإرهابية في القارة، مضيفًا، : "حتى الآن
أصبحت العديد من الدول تعبئ مواردها الاقتصادية والمالية لمكافحة الإرهاب، مثال في
الشرق الصومال وفى الغرب نيجيريا الكاميرون وتشاد وموريتانيا، كلها دول لديها إشكاليات
في مكافحة الإرهاب خاصة مع تنوع الجماعات والتنظيمات الإرهابية ما بين شباب المجاهدين
وداعش وبوكو حرام والقاعدة، وجميعها تنظيمات كانت تمثل تحدى حقيقي لميزانيات الدول
الأفريقية السنوات الماضة، والعديد من الدول الأفريقية اعتمدت بشكل كبير على الدعم
الخارج والدعم المالي والذي جاء من دول مثل فرنسا والإمارات والسعودية لمواجهة هذه
التنظيمات، لذلك في ظل أزمة كورونا وفى ظل تعبئة الموارد الاقتصادية المحدودة نسبيا
لمواجهة تفشي المرض، سوف تكون مكافحة الإرهاب تحديًا حقيقيًا أمام الدول الأفريقية
بشكل كبير، بل الأخطر حالة استغلال التنظيمات الإرهابية للأزمة في تصعيد عملياتها ضد
الدول الأفريقية، أو من خلال ممارسة الدعاية السياسية والتجنيد ضد الدول بالتالي تجتذب
أنصار جدد ربما يؤثرون على استقرار الأوضاع داخل الدول الأفريقية، بالتالي يمثل هذا
الأمر ضغطًا كبيرًا على الدول الأفريقية سواء من ناحية مكافحة الفيروس أو مكافحة الإرهاب.
وأوضح
"قرني" أن القمة الأفريقية المصغرة أمس، وهي القمة الثانية بعد القمة التي
ضمن مصر وجنوب أفريقيا وكينيا ورواندا، هذه القمم مسألة غاية في الأهمية، تتعلق بآلية
عمل الاتحاد الأفريقي، والذي لديه آليتين غاية في الأهمية، في اللحظة الراهنة، الأولى
هي صندوق الاتحاد الأفريقي لمكافحة كورونا، والثانية تتعلق بالمركز الأفريقي لمكافحة
الأمراض، مضيفًا أن الإشكالية الحقيقية التي تواجه هذه الآليات أن عمل الاتحاد الأفريقي
يعتمد بشكل كبير على الدعم الخارجي، سواء القادم من قبل المنظمات الدولية أو الاتحاد
الأوروبي أو بعض مؤسسات التمويل الأخرى، بالتالي عمل مثل هذه الآليات في الأمد القصير
ربما سيكون أمام تحدى حقيقي يتعلق بالتمويل والتنسيق مع الشركاء الدوليين.
أضاف
أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة المصغرة لمخاطبة الشركاء الدوليين والمؤسسات
الدولية المانحة، بصيغة جماعية أفريقية تكشف تحديات الوضع الراهن في القارة الأفريقية،
وقد تكون هذه إحدى الآليات التي يمكن أن يحددها الاتحاد الأفريقي لمواجهة تحديات التمويل
والعنصر البشري من الخبرات والكفاءات البشرية، مشيرًا إلى أنه في ظل الحالة الراهنة
وفى ظل اعتماد القارة الأفريقية على بعض الشركاء معينين مثل اليابان والصين والاتحاد
الأوروبي وما تواجهه هذه القوى الدولية الكبرى من إشكاليات مع الفيروس ربما هناك تحد
أفريقي يتعلق بوجود آليات إفريقية -إفريقية تواجه تلك الظاهرة.