استكمالاً لشهادات المؤسسات
الاقتصادية الدولية المتتالية بحق الاقتصاد المصري لاسيما في ظل المؤشرات
الإيجابية التي يحققها يوماً بعد الآخر والتي ساهمت بشكل كبير في مواجهة التداعيات
السلبية لأزمة فيروس "كورونا" العالمية والتعافي من آثارها، وذلك بجانب
ما اتخذته الدولة من إجراءات وتدابير لمواجهة تلك الأزمة، وهو الأمر الذي يؤكد
نجاح مصر في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته على مدار السنوات الأربع
الماضية.
وفي هذا الصدد، نشر المركز الإعلامي لمجلس
الوزراء، إنفوجرافاً سلط من خلاله الضوء على توقعات صندوق النقد الدولي بأن مصر
الدولة الوحيدة بالمنطقة المتوقع نمو اقتصادها عام 2020 بالرغم من أزمة كورونا،
متوقعاً أيضاً احتلالها المركز السادس عالمياً ضمن 18 دولة فقط ستشهد نمواً
اقتصادياً عام 2020، مشيداً في الوقت نفسه بالإجراءات التي تتخذها الدولة لاحتواء
الآثار الاقتصادية لتلك الأزمة، ويأتي هذا الإنفوجراف إلحاقاً لإنفوجرافات سابقة
تم نشرها لرصد توقعات وكالة "فيتش" و"البنك الدولي" للاقتصاد
المصري، وقد ظهر في الإنفوجرافات التي تم نشرها سابقاً توقع وكالة
"فيتش" استمرار الاقتصاد المصري في تحقيق أعلى معدل نمو في المنطقة لعام
2020 بالرغم من أزمة كورونا ليسجل 4.1% خلال الأزمة بعدما كان من المتوقع أن يصل
إلى 5.6% قبل الأزمة، كما توقع "البنك الدولي" تصدر الاقتصاد المصري
معدلات نمو اقتصادات المنطقة وذلك خلال عام 2020 بالرغم من الأزمة ليسجل 3.7%،
وذلك خلال الأزمة بعدما كان من المتوقع أن يصل إلى 5.8% قبل الأزمة.
وفيما يخص الإنفوجراف الحالي، فقد أبرز
توقعات صندوق النقد الدولي لمعدلات النمو الاقتصادي لدول المنطقة خلال عام 2020،
والذي توقع أن يصل معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 2% خلال أزمة كورونا- وتستهدف
الحكومة معدل نمو 4.2%- بعدما كانت التوقعات وفقاً للصندوق تشير إلى أنه سيصل إلى
5.9% قبل الأزمة، تليه الكويت بمعدل انكماش 1.1% خلال الأزمة، بعدما كان متوقع أن
يحقق معدل نمو 3.1% قبل الأزمة، ثم السعودية بمعدل انكماش 2.3% خلال
الأزمة، بعدما كان متوقع أن تحقق معدل نمو 1.9% قبل الأزمة، وعمان
بمعدل انكماش 2.8% خلال الأزمة، بعدما كان متوقع أن تحقق معدل نمو 3.7%
قبل الأزمة، والإمارات بمعدل انكماش 3.5% خلال الأزمة، بعدما كان من المتوقع أن
تحقق معدل نمو 2.5% قبل الأزمة.
ووفقاً لتوقعات الصندوق أيضاً خلال عام
2020، أوضح الإنفوجراف، أن معدل نمو الاقتصاد المصري- والمتوقع أن يصل إلى 2% خلال
الأزمة- بالرغم من معدلات الانكماش العالمية، حيث أنه من المتوقع أن يسجل متوسط
معدل الانكماش العالمي 3% خلال الأزمة، ومعدل الانكماش للشرق الأوسط وشمال أفريقيا
3.3% خلال الأزمة، ومعدل الانكماش للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية 1% خلال
الأزمة.
ورصد الإنفوجراف، إشادة صندوق النقد الدولي
بالإجراءات التي تتخذها الدولة لاحتواء الآثار الاقتصادية لأزمة كورونا، معلقاً
بأن " الحكومة المصرية والبنك المركزي ينفذان بفاعلية تدابير لاحتواء الآثار
الاقتصادية للوباء"، كما أشار الصندوق نفسه إلى أن الاقتصاد المصري ينمو
بالرغم من أن هناك احتمالات كبيرة أن يشهد الاقتصاد العالمي هذا العام أسوأ ركود
له منذ الكساد الكبير 1930، متجاوزاً ما شهده خلال الأزمة المالية العالمية 2008.
ورصد الإنفوجراف، توقعات صندوق النقد الدولي
لمعدلات النمو الاقتصادي لدول العالم عام 2020 بعد أزمة كورونا، والذي توقع أن
تحقق 18 دولة معدلات نمو عام 2020، من بينها مصر التي ستحتل المركز السادس عالمياً
بمعدل نمو يصل إلى 2%، في المقابل توقع الصندوق نفسه أن تحقق معظم دول العالم
انكماشاً في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أبرزها تركيا وقطر وروسيا وإسبانيا
والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.
معدلات النمو:
أكد الدكتور محمد يوسف الخبير الاقتصادي،
أن الاقتصاد المصري حقق معدلات نمو طيبة، خلال السنوات القليلة الماضية مدفوعا
بالإنجازات المحققة في قطاعات البنية التحتية والإسكان والسياحة وتحويلات العاملين
بالخارج.
وأضاف يوسف أنه رغم هذه المعدلات الطيبة
للنمو الاقتصادي، فهناك ملاحظات يجب أخذها في الاعتبار عند تقييم هذا النمو؛ فمن
ناحية، هو نمو متحقق في قطاعات عالية الحساسية للتقلبات الخارجية وللتقلبات في الطلب
المحلي، ومن ناحية أخرى، يتعين التركيز على الروابط والتشابكات بين هذا القطاع
وبين قطاعي الزراعة والصناعة المحليين، لكي يتحول هذا النمو للنوعية المستدامة.
وفيما يخص معدلات النمو المحققة ودور
برنامج الإصلاح الاقتصادي فيها، أوضح أن هذ البرنامج ساهم مساهمة واضحة في تثبيت
عدد من مؤشرات الاقتصاد الكلي، وساعد في إتاحة التمويل الخارجي الذى تحتاجه
القطاعات التي حققت طفرة فى النمو، ولذلك، فمن المنطقي أن نربط بين هذا البرنامج
وبين الإنجاز المحقق في معدلات النمو الاقتصادي خلال السنوات القليلة الماضية،
ولكن هذا الرأي يجب ألا يجعلنا نغفل الآثار المحدودة لهذا البرنامج على التصنيع
المحلي، وعلى تنمية الزراعة الوطنية، وما يعنيه ذلك من الضرورة الملحة لتدابير
لدعمهما.
وأشار يوسف، إلى أن تقييم مؤسسة
"فيتش" وإشادتها بالأداء الاقتصادي المصري وبقدرته على الصمود أمام
جائحة كرونا، ينسحب على الوضع النسبي للاقتصاد المصري مقارنة بالوضع
الإقليمي، ولما كان هذا التقييم يركز على الجوانب المالية في الاقتصاد، فإنه يفيد
في تعزيز قدرات الاقتصاد المصري على الاقتراض الخارجي ويحسن من موقفها أمام تدفقات
الاستثمار الأجنبي غير المباشر، ومع ذلك، يظل الاقتصاد المصري في حاجه لتدابير على
صعيد المؤشرات الحقيقية لدعم موقفه أمام تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في
القطاعات التنموية الواعدة.
وأشار إلى أنه بالاعتماد على الشهادات من
المؤسسات الدولية عن الأداء الاقتصاد المصري، فإن موقف السياحة وتحويلات العاملين
والصادرات في ظل أزمة كرونا هي في وضع نسبي أفضل مقارنة بنظيراتها في الدول
المجاورة، ويستدعي ذلك البناء على هذا الوضع النسبي المميز، وتطوير بعض التدابير
المهمة في مجال الاقتصاد الحقيقي، مثل إزالة العقبات التي تعترض أنشطة التصدير
التنموي عبر الاستماع لروابط المصدرين في القطاعات عالية القيمة المضافة والتي
تنتج بالاعتماد على المكونات المحلية المصرية، ومثل تقديم بعض أوجه الدعم للأنشطة
السياحية التنموية التي تعاني من أزمة كورونا.
وحول جودة الإحصاءات المصرية مقارنة بدول
الإقليم وفق إشادة البنك الدولي، أكد يوسف أن التحسن في هذه الإحصاءات يظهر في
عملية النشر الدوري لها، ولكن ما زالت البيانات التفصيلية عن معظم المتغيرات
الاقتصادية تحتاج للنشر والافصاح من جهات الإحصاء المصرية، ومازالت حالة البيانات
المصرية تحتاج لمزيد من التنسيق بين جهات النشر المصرية.
وتجدر الإشارة إلى أن التراجع الشديد في
أسعار النفط في الأسواق الدولية يخلق العديد من الفرص أمام الموازنة العامة
المصرية، لكونه سيقلل من حجم الانفاق الموجه للطاقة وحجم الدعم المرصود لها، كما
يساعد في دعم الصناعة كثيفة الطاقة، غير أن هذا الانخفاض يخلق بعض الفرص الإضافية التي
يجب على الصندوق السيادي المصري دراستها بدقة.
الإجراءات الاستباقية:
أكد النائب مدحت الشريف عضو اللجنة
الاقتصادية لمجلس النواب أن اغلب دول العالم ستتأثر معدلات النمو بها سلبيا نتيجة
لانتشار فيروس كورونا، متوقعا أن تحقق مصر معدل نمو بالموجب ولكن أقل من النسبة
المتوقعة.
وأضاف أن أحد اسباب انخفاض معدل النمو هو
الاعتماد على موارد اقتصادية ريعية كالدخل من السياحة ورسوم عبور قناة السويس
وتحويلات المصريين بالخارج، مشيرًا إلى أن حركة السياحة توقفت تماما كذلك حركة
الطيران كما تأثرت تحويلات المصريين وحركة التجارة الدولية تأثرت خاصة مع تفاقم
الأزمة في الدول الصناعية الكبرى أو الدول التي تصدر المواد الخام بالتالي معدل
الحركة في قناة السويس سيتأثر.
وأكد الشريف أن الإجراءات الاستباقية التي
اتخذتها الحكومة كان لها الفضل الأكبر سواء على المستوى الصحي أو في استيعاب
واحتواء التداعيات الاقتصادية، ما ساعد على احتفاظ مصر باستقرارها خلال الفترة
الحالية مع وجود برنامج إصلاح اقتصادي تم تنفيذه بالفعل، بجانب تبني الحكومة عدد
من الإجراءات لاحتواء الجانب الاجتماعي منها الدعم المادي للعمالة غير المنتظمة
وحزمة من الإجراءات النقدية والمادية لدعم القطاع الخاص حتى تقلل من الآثار
السلبية عليه وللحفاظ على رواتب وأجور العمالة.
وتابع: "رغم تشكيل هذه السياسات التي
اتخذتها الحكومة لاحتواء منها تخصيص السيد رئيس الجمهورية 100 مليار جنيه لهذه
الحزمة إلا أن هذه الضغوط لا تقارن بالضغوط العالمية على العديد من الدول الكبرى
وأعلنت انها ستضخ 2 تريليون دولار كذلك كثير من دول العالم التي اصبحت مهددة حاليا
بالانهيار" .
وأشار إلى انخفاض سعر برميل البترول من
الجوانب الإيجابية، فمصر من الدول المستوردة أما الدول المصدرة كدول الخليج
فمعدلات نموها سيكون بالسالب لأن البترول مورد أساسي لها ونتيجة انخفاض الطلب
والصراع القائم بين روسيا والسعودية على خفض سقف الإنتاج بالرغم من وصول منظمة
"أوبك" الى اتفاق يخفض سقف الإنتاج إلا أن أسعار البترول ستظل في معدلات
منخفضة لحين انتهاء أزمة كورونا وفترة لاحقة لتعافى الاقتصاد العالمي، لذا فإنه من
المنتظر تخفيض حجم وارادتنا من البترول ماديا حيث أن سعر البرميل مقدر سعره في
الموازنة العامة بقيمة 61 دولار، وبالتالي سيحقق فارقا في السعر كما
يعتبر انخفاض سعر الفائدة 3% من حزمة الإجراءات الهامة لأن خدمة الدين 560 مليار
جنيه في موازنة العام الحالي مما سيخفض من حجم الديون .
وتوقع الشريف انخفاض معدل النمو في مصر في
حدود 60% عن المتوقع لافتا إلى أنه من الصعب وضع تقديرات دقيقة إلا بعد انتهاء
أزمة كورونا.
وشدد على ضرورة أن نحقق استفادة من هذه
الأزمة الحالية في تعديل الكثير من سياساتنا في هذه المرحلة، حتى نواجه
بها مرحلة ما بعد كورونا أبرزها الاعتماد على الذات ودعم الإنتاج في
الصناعات التحويلية والزراعة وتكنولوجيا المعلومات بشكل
مباشر مع وضع سياسة واضحة للأمن الغذائي كذلك دعم المنتج المحلى حتى لو
كان أغلى من الخارج مما سيصب في صالح الاقتصاد الكلى من حيث تشغيل مستويات أعلى من
العمالة وسداد ضرائب ودفع عجلة الاقتصاد الوطني، بالإضافة إلى تعزيز
الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد حتى نصل ان يكون لدينا جهاز إدارى كفء
بالإضافة الى إتباع سياسة الحسم القانوني لكافة التجاوزات في المرحلة المقبلة
والبعد عن أنصاف الحلول والاستعانة بالقيادات من أهل الخبرة الموثوق فيهم، حتى
نستطيع أن نحقق نقلة نوعية تحقق التقدم المنشود.
الإصلاح الاقتصادي:
أكدت الدكتورة ماجدة شلبي أستاذ الاقتصاد
بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، أنه رغم الضغوط الاقتصادية
الحالية جراء انتشار فيروس كورونا، إلا أن مصر تمتلك العديد من المقومات الإيجابية
التي تجعلها من الدول المحققة لمعدلات نمو معقولة خلال الفترة المقبلة.
وأضافت أن معدلات النمو التي تم تحقيقها
حتى الآن، والتي وصلت إلى 5.6% قبل الأزمة جات نتيجة المشروعات
التنموية التي نفذتها الدولة مؤخرا ضمن حركة الإصلاح الاقتصادى خاصة مشروعات
البنية الأساسية.
وأشارت أستاذ الاقتصاد إلى أنه لتحقيق معدل
اقتصادي وتنموي يجب أن يكون لدينا قاعدة قوية من مشروعات البنية
الأساسية، وهو ما حققته مصر على أرض الواقع من طرق و كباري ومحطات كهرباء مشددة
على أن الاقتصاد المصري يقف على أرض صلبة محققا أداء تنمويا على أعلى مستوى.
وأوضحت "شلبي" أن أزمة انتشار
فيروس كورونا ستؤثر على العالم ككل، متوقعة حدوث حالة من الكساد والركود مثل ما
حدث في بداية ثلاثينات القرن العشرين "1929 – 1933".