أ ش أ
قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إنه على الاتحاد الأوروبي أن يتدبر طريقة لإعادة تحديد إطار تعاملاته الضرورية مع أنقرة.
واستهلت تعليقا بعنوان "انتصار مرير لسلطان تركيا الجديد"، بالإشارة إلى أن ورقة استفتاء أمس الأحد لم تحمل سؤالا مطبوعا للناخب التركي، وإنما حملت خيارا صريحا بين "نعم" و"لا"؛ لكن النتيجة التي مثلت انتصارا مطعونا وهزيلا ومريرا لرجب طيب أردوغان - هذه النتيجة تشكل نقطة تحول في تاريخ الدولة التركية.
وأوضحت الصحيفة أن الدستور الجديد سيحول الرئيس إلى سلطان عصري يمتلك كافة السلطات التنفيذية بدون تعقيب، على نحو يمهد له الطريق لاستكمال إخضاع مؤسسات تركيا.
ورصدت فاينانشيال تايمز مطالبة أحزاب المعارضة بإعادة فرز الأصوات، بعد قرار اللجنة العليا للانتخابات بقبول الصناديق غير المختومة بطابع رسمي؛ ورأت الصحيفة أنه من الصعب تخيّل مسئولي تلك اللجنة المُعّينين من قبل الحكومة وهم يقومون بإلغاء النتيجة، لكن عملية التصويت مشوبة بحملة ظاهرة الافتقار للعدالة جرتْ في ظل قانون الطوارئ حيث أفواه الإعلام مُكمّمة والمعارضة نادرًا ما تحصل على فرصة البث المباشر.
وقالت الصحيفة إن هذه الطبيعة الهشة لذلك الانتصار تترك أملا ضئيلا بأن يتبنى أردوغان مسلكًا أكثر توافقية وبراجماتية، مُنْهيًا حملته على المعارضين ومُعيدًا تدشين المحادثات مع المسلحين الأكراد ومتحولًا لإصلاحات اقتصادية طال إهمالها.
بدلا من ذلك، رجحتْ الصحيفة، أن يعتقد الرئيس أن تكتيكاته التفريقية ومساعيه للقومية قد أثمرت، كما أنه من المتوقع أن يسعى اردوغان إلى تمديد حالة الطوارئ المفروضة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي؛ ولمّا كان يتعين على المستر أردوغان الفوز بانتخابات أخرى في 2019 إنْ لم يكن قبل ذلك، لتعزيز سلطاته الجديدة، فإنه سيرى ميزة في الصراع وليس التصالح.
وعليه، أكدت “فاينانشيال تايمز” أنّ من شأن ما تقدّم أن يُعمّق المشكلة التي تواجه شركاء تركيا الأوروبيين؛ وقد اتسم الردّ المبدئي من جانب بروكسل بالحذر، داعية أنقرة إلى السعي إلى التوافق قبل المضي قُدُمًا. لكن أيًا من تلك التعديلات الدستورية لا يمكن اعتباره متماشيا مع معايير دخول الاتحاد الأوروبي - لطالما كان موضوع عضوية تركيا في الاتحاد ضربًا من الخيال البعيد، لكنه الآن صار بمثابة مسرحية هزلية.
ورأت الصحيفة أن اردوغان يمكنه أن يقضي على الأمر تماما بنفسه عبر تنفيذ تهديده بإعادة العمل بعقوبة الإعدام - وهي خطوة كفيلة بقتل العملية، وإذا لم يخطو اردوغان تلك الخطوة بنفسه، فإن القادة الأوروبيين قد يضطرون عاجلا لأخذ زمام المبادرة؛ كما أنهم يجب أن يتدبروا طريقا لإعادة تحديد إطار التعاملات الضرورية للاتحاد الأوروبي مع تركيا على أصعدة التجارة والأمن والهجرة، وعلى هؤلاء القادة كذلك ألا يُغفلوا أمْر نصف الناخبين الأتراك تقريبا ممن صوتوا بـ "لا" رغم الضغوط ونقص المعلومات وهؤلاء المتطلعين إلى أوروبا لحماية حقوقهم وتعزيز المبادئ الديمقراطية.
وأكدت فاينانشيال تايمز أن طريق تركيا للغرب طالما اتسم بالصعوبة لكن الأمل ظل باقيًا على مدى عقود رغم الانتكاسات، أما الآن فقد انطفأت شعلة الأمل.
واختتمت الصحيفة قائلة "إنها مأساة لـتركيا؛ أردوغان يُقدّم طرحا تفريقيا وليس إصلاحيا أو تنمويا؛ إنها ضربة للديمقراطية في البلاد ذات الأغلبية المسلمة؛ كما أنها خطوة جديدة في الزحف العالمي صوب الاستبداد".