مع بدء الرئيس
عبد الفتاح السيسي فترة رئاسته الثانية، أعلن أن هذه الفترة هدفها الأساسي بناء الإنسان
المصري، عبر الاهتمام بالصحة والتعليم، وفي إطار هذا الهدف وجه السيسي بتعزيز دور الإعلام
لدعم جهود الدولة في هذا الشأن، فيما أكد خبراء أن الإعلام عليه دور مهم في تعزيز القيم
وحماية الذوق العام.
وأوضحوا أن بناء
الإنسان مسئولية بالكامل عبر استراتيجية محددة خلال الفترة المقبلة تنفذها كل وسائل
الإعلام، خاصة أننا في وقت نتعرض فيه لحروب من الإرهاب سواء في الداخل أو الخارج ما
يتطلب الاهتمام بالثقافة والتوعية.
كان الرئيس عبدالفتاح
السيسي، قد وجه بتعزيز دور الإعلام في إطار جهود الدولة لبناء الشخصية المصرية من كافة
الجوانب، خاصةً تشكيل الوعي وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية والبناء الفكري والثقافي،
كما وجه الرئيس، بتحقيق التنسيق الجماعي والتناغم بين كافة مؤسسات الدولة فيما يخص
الإطار الإعلامي عند تناول الأزمات المختلفة في ظل التطورات والمستجدات على الصعيدين
الوطني والدولي، فضلاً عن الالتزام بالشفافية والموضوعية الكاملة، وهو الأمر الذي من
شأنه المساهمة في تقويض مخاطر انتشار الشائعات.
وخلال اجتماع أمس
مع الرئيس السيسي، عرض أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام رؤية تطوير السياسة الإعلامية
للدولة في ظل المستجدات الإقليمية والدولية المختلفة، لاسيما من خلال تحقيق الاستفادة
المثلى من القدرات والخبرات البشرية التي تذخر بها مصر في مجال الإعلام، وذلك اتساقًا
مع أهداف التنمية المستدامة لرؤية مصر 2030، عن طريق تعظيم مدى تأثير الإعلام الوطني
محلياً وخارجياً ونشر التوعية بجهود مؤسسات الدولة في العملية التنموية التي تشهدها
مصر حالياً.
حماية الذوق العام
وفي هذا السياق،
قال الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقا، إن الإعلام عليه
أدوار ووظائف مهمة للغاية في المجتمع المصري لكنه لا يمارسها، فلا يزال الجانب الطاغي
على الإعلام هو الجانب الترفيهي والتسلية والإمتاع، لكننا في وقت نتعرض فيه لحروب من
الإرهاب سواء في الداخل أو الخارج ما يتطلب الاهتمام بالثقافة والتوعية.
وأكد عماد، في
تصريح لـ"الهلال اليوم"، أهمية مساهمة الإعلام في رفع الذوق العام وتقديم
أعمال ترسخ القيم والعادات والتقاليد المصرية على غرار مسلسل الاختيار الذي يجري عرضه
حاليا خلال شهر رمضان والذي يؤرخ لحياة الشهيد أحمد المنسي، موضحا أننا نحتاج لمثل
هذه الأعمال بكثرة لأننا نواجه مخاطر كبيرة في الداخل والخارج.
وأشار إلى أن اجتماع
الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس بوزير الدولة للإعلام كان يستهدف اهتمام وسائل الإعلام
بدرجة أكبر بما يوقظ وعي المواطن المصري وكذلك الاهتمام بالجانب التوعوي، موضحا أنه
رغم تهديد فيروس كورونا لمصر والعالم، لا يزال البعض يتعامل مع هذا الخطر باستهتار
وعدم اهتمام وهو ما يتطلب التوعية سواء عبر الحملات أو البرامج الإرشادية.
وأوضح أن الإعلام
يحتاج إلى مزيد من الانضباط والاهتمام بكيان الدولة خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى
أهمية تعزيز الهيئة الوطنية للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة دورهما لتفعيل دور الإعلام
القومي المملوك للدولة، وفي الوقت نفسه بالنسبة للإعلام الخاص فيجب على وزير الدولة
للإعلام أن يقوم بدور التنسيق ونقل سياسة وإستراتيجية الدولة للإعلام وتوصيلها للإعلام
الخاص والهيئات الوطنية.
إستراتيجية خلال
الفترة المقبلة
وقال الدكتور محمد
المرسي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن تعزيز
دور الإعلام في بناء الشخصية هي أمر يتسق مع توجهات الفترة الرئاسية الحالية التي كان
شعارها منذ البداية هو الاهتمام ببناء الإنسان، مضيفا إن مؤسسة الإعلام أحد الجهات
المعنية بهذا الملف لذلك يوجه السيسي دائما بالاهتمام بدور الإعلام وأن يقوم بهذه المهمة
بشكل فعال.
وأوضح المرسي،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الإعلام له دور مهم في بناء الإنسان والوعي
والرد على الشائعات وغيرها، مضيفا إن بناء الشخصية ليس مهمة الإعلام وحده ولكن المؤسسات
الصحية والتعليمية والدينية والشباب والرياضة أيضا.
وأكد أن الإعلام
يسهم في بناء الإنسان عن طريق التلفزيون على سبيل المثال من خلال البرامج عبر التثقيف
والتوعية والتنوير في إطار تشكيل العقل والوجدان ويبتعد عن السطحية والابتذال، حتى
إن كان عبر الكوميديا، يجب أن تكون تحترم العقل وبها مضمون، والبرامج الرياضية وغيرها.
وأشار إلى أنه
على مستوى الدراما، فإنها تساهم في تشكيل السلوكيات ومنظومة القيم بشكل غير مباشر ولها
تأثير قوي وتساهم في التنشئة وتعزيز الأخلاقيات المجتمعية وحماية الهوية المصرية ونشر
السلوكيات الإيجابية والبعد عن السلوكيات المتطرفة، مضيفا إن أكبر مثال على ذلك هو
مسلسل الاختيار وقبله فيلم الممر، اللذان نجحا في جذب المشاهدين.
وأضاف أستاذ الإعلام
إن بناء الإنسان مسئولية منظومة الإعلام المصري بالكامل ليس الإعلام القومي فقط ولكن
الخاص أيضا، وكافة أنماط وسائل الإعلام، فالكل يجب أن يشارك ويقوم بدوره ويضع استراتيجية
واضحة بأهداف محددة تساهم في بناء الإنسان عقليا ووجدانيا، موضحا أن الفترة القادمة
يجب أن تشهد رؤية واستراتيجية واضحة قائمة على خطة تترجم إلى مواد إعلامية.
وأشار إلى أن هذه
الخطة يجب أن تساهم في بناء الإنسان من خلال طبيعة الوسيلة ولا يترك الأمر للانطباعات
الذاتية أو الصدفة، ولكن عبر خريطة برامجية وإستراتيجية محددة لتحقيق هذا الهدف، موضحا
أنه يجب التعامل مع هذا الأمر بشكل مدروس.
معايير ومحددات
واضحة لتعزيز دور الإعلام
ومن جانبها، قالت
جليلة عثمان، عضو لجنة الإعلام بمجلس النواب، إن محور بناء الإنسان والشخصية المصرية
من أحد المهام المنوط بالإعلام القيام بها، موضحة أن هناك بعض البرامج والمواد الإعلانية
التي عرضت مؤخرا تحض على العنف والاستهزاء بالآخر وانتهاك الخصوصية وهي كلها مواد تخالف
محور بناء الإنسان، لذلك يجب وضع محددات واضحة في هذا الشأن.
وأوضحت في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن القانون أعطى الحق للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لمتابعة
ومراجعة كل ما يعرض وينشر في كافة وسائل الإعلام، وعليه أن يقوم بهذا الدور ويحاسب
المخالفين، موضحة أنه يمكن لوزير الإعلام أن يشكل وحدة متخصصة لمتابعة كل ما يعرض في
الإعلام من الدراما أو البرامج أو الإعلانات وغيرها من المواد الإعلامية.
وأشارت إلى أن
فكرة وضع محددات بما يجوز وما لا يجوز ليست مخالفة للإبداع أو حرية الإعلام، موضحة
أن ترك الساحة بدون ضوابط يجعل الشباب عرضة لأفكار مسمومة، ليس فقط في الإعلام التقليدي
ولكن في الإعلام الإلكتروني الذي يعد كارثة أيضا وهو ما اتضح مؤخرا بانتشار "تيك
توك"، الذي يعكس عشوائية الإعلام.
وأضافت إنه يجب
التعاون بين مباحث الإنترنت ووزارة الدولة للإعلام، لمتابعة المحتوى الذي يتم تقديمه،
مشيرة إلى ضرورة وضع معايير واختيار كفاءات قادرة على فرز المحتوى.