الأحد 19 مايو 2024

المفكر السعودي محمد محفوظ: دور المثقفين خنق كل تيارات العنف والتضييق عليهم.. ويجب تعزيز ثقافة التسامح والعيش المشترك.. والعالم سيتغير بعد جائحة فيروس كورونا

تحقيقات30-4-2020 | 00:58

الوقوف ضد التطرف والعنف سيؤدي إلى خلو الساحة الاجتماعية والثقافية من الحوامل والحواضن لنزعات العنف والتطرف

يشغل الكاتب والباحث محمد محفوظ موقعا بارزا على الخارطة الثقافية والفكرية السعودية بمعالجاته وأطروحاته البحثية وكتاباته حول المفاهيم والأفكار المرتبطة بقضايا التطرف والعنف والهوية وعلاقة الإسلام بالغرب والعلاقة بين الأديان وواقع الديموقراطية والحوار في العالم العربي، والتسامح والتعايش والمواطنة، وغيرها من القضايا والأفكار التي تمس بشكل مباشر المجتمعات العربية.

قدم محفوظ للمكتبة العربية عددا من المؤلفات المهمة منها: "العرب والتسامح.. نحو مشروع عربي للتسامح"، "الفكر الإسلامي المعاصر ورهانات المستقبل"، و"العنف والطائفية وأسئلة التحول الديمقراطي"، و"الدولة العربية والاستقرار السياسي"، و"الإسلام ورهانات الديمقراطية"، و"نقد الإسلام السياسي" و"الحرية والإصلاح في العالم العربي" وغيرها. وفي هذا الحوار معه نتعرف على رؤاه حول عدد من تلك القضايا

بداية كيف ترى لتأثير جائحة كورونا على الثقافة العربية ومثقفيها هل تشهد مرحلة ما بعد كورونا تغيرا في المفاهيم والأفكار والرؤى؟

لا ريب ان لجائحة كرونا تأثيرات عميقة على الحياة الإنسانية.. لأنه قد يكون المرة الأولى التي يعيش فيها الشعب أو الشعوب تجربة الوباء العالمي وعملية الحظر والتوقف عن الأعمال ومجموع الأنشطة الاقتصادية.. لذلك من المؤكد أن تتضح تأثيرات جانحة كرونا على الوضع الاقتصادي والسياسي والثقافي.. ويبدو ان المنطقة حبلى بالكثير من التحولات والتغيرات التي ستطال مختلف المجالات.. وما ينقص المنطقة في هذه الفترة، هو انتظار نضوج هذه التحولات حتى تبرز على الصعيد الاجتماعي والإنساني. وأحسب أن حياة الإنسان في أي بلد أو بيئة اجتماعية، ستطالها بعض التحولات من جراء الإجراءات التي اتخذتها غالبية دول العالم في التعامل مع هذه الجانحة.. وأعتقد ان اللحظة الراهنة تتطلب ابداع وسيلة إنسانية للتعايش مع هذه الجانحة، حتى تستمر الحياة الإنسانية والاقتصادية والتجارية دون تعطيل أو تراجع.

 كيف تقرأ ردود فعل ومواقف كل المثقفين والدينيين من جائحة كورونا؟

من المؤكد أن مواقف مجموع المثقفين والدينيين تجاه هذه الجانحة دون المستوى المطلوب.. والسبب يعود إلى عدم ادراك غالبية المثقفين لجوهر هذه الجائحة ومدى تأثيرها على الحياة الإنسانية والثقافية والدينية.. ومن الضروري في هذا السياق أن نشير إلى مبادرة الطواقم الصحية التي كانت في كل دول العالم هم الشريحة الأولى التي دافعت عن الإنسانية وتحملت الكثير من الصعوبات والضغوطات لمنع انتشار هذا الوباء في مساحات اجتماعية جديدة.

 لا تزال العلاقة بين الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام على حالها على الرغم من مئات الكتب والمقالات فضلا عن المؤسسات والمؤتمرات الداعية والمناقشة لقضايا التقارب والتسامح والعيش المشترك.. لماذا برأيك؟

 العلاقات بين أهل الأديان التوحيدية الكبرى، لاتزال تعاني من هواجس وصعوبات تعود إلى تدخل السياسي وهيمنة السياسي مما ألقى بظله على مجموع العلاقة.. ومن المؤكد أن خطاب التسامح والتعايش المشترك، هو الخطاب المناسب لتخفيف بعض المشاكل ومعالجة بعضها الآخر، والتقليل من نزعات السياسي التي يضر بالعلاقة الإنسانية بين أهل الأديان التوحيدية.

ويبدو أن الحاجة ماسة لتفعيل المؤسسات الدينية الكبرى لتعزيز ثقافة التسامح والعيش المشترك.. لأننا جميعا بحاجة إلى نمط جديد للعلاقة قائم على التسامح والعيش المشترك.. وهذا لن يتآتى بدون قيام مؤسسات دينية من كل الأديان، تعمل على محاربة التطرف الديني والعنف الديني، وتسعى لتعزيز ثقافة التسامح والعيش المشترك.. وهذا الدور سيؤدي إلى إبراز الجوانب الإنسانية المشرقة في كل الأديان التوحيدية.

 لماذا برأيك لم تحقق مناقشات قضايا تجديد الخطاب الديني وتجديد الخطاب الثقافي أي ثمار إيجابية على الرغم من اشتغال مؤسسات دينية وثقافية كبرى عليها ولسنوات طويلة؟

 أخالفك الرأي وأعتقد أن خطابات التجديد للخطاب الديني والثقافي قطع مسافة ضرورية.. ولكنني أعتقد أن استمرار التجديد سيفضي إلى نتائج مذهلة.. وأود وفي هذا السياق أن أذكر النقاط التالية:

أولا دعم خطابات التجديد الديني والثقافي والعمل على تذليل بعض العقبات لكي تستمر عملية التجديد بدون توقف.

ثانيا آن الأوان ان نوسع من مساحة الحرية المتاحة لأهل هذا الخطاب.. لأنه لا تجديد حقيقي إلا بمساحة حقيقية من الحرية وتجاوز القيود.

ثالثا الإعلام يتحمل مسؤولية مباشرة على هذا الصعيد.. ونعتقد أن دعم الإعلام لخطابات التجديد سواء الديني أو الثقافي سيفضي إلى نتائج مذهلة.

 خطاب العنف والإرهاب سواء الديني أو الثقافي لايزال قائما، نعم خفت بعض الشيء لكنه موجود هل من تفسير لديك لهذه الظاهرة الشديدة الوطأة على مجتمعاتنا العربية؟

من المؤكد أن استمرار رفع الغطاء الديني والثقافي عن خطابات التطرف والعنف، سيؤدي إلى نتائج إيجابية كبرى على هذا الصعيد.. لأن العنف يقضي على كل المكاسب الحضارية والسياسية لكل المجتمعات الإنسانية.. ودورنا أن نعمل في خنق كل خطابات العنف لأنه لا رابح منه.

كيف ترى للمشهد الثقافي السعودي؟.. وكيف ترى لدور مثقفيه في ظل التغيرات الكبيرة الجارية عربيا وعالميا؟

من المؤكد أن المثقفين في السعودية، يتحملون مسؤولية مباشرة في خلق الوعي لدى شرائح السعودي لدحر حالة التطرف التي هي الشرط الضروري لممارسة العنف.. ومن المؤكد أن الوقوف ضد التطرف والعنف سيؤدي إلى خلو الساحة الاجتماعية والثقافية من الحوامل والحواضن لنزعات العنف والتطرف.