الإثنين 13 مايو 2024

رئيس تحرير بوابة «دار المعارف» يستعرض جوانب الإبداع والخيال بمسلسلي "الاختيار والنهاية"

تحقيقات1-5-2020 | 21:48

مع آذان المغرب، تدق ساعة الرحمة، ويضرب مدفع الإفطار، وتبدأ سلسلة من الحلقات الممتعة لعدد من الأعمال الدرامية، والتي تليق بقيمة وقامة الجمهور المصري ذي الذوق الرفيع.

عادة ما يأتي شهر رمضان المبارك بكل ما هو جديد سواء كان أعمال فنية أو أحداث عسكرية لا تُنسى من ذاكرة الشعب المصري، ويبقى السؤال.. هل تخيلت عزيزي القارئ يومًا ما رؤية عمل درامي مصري، فريد من نوعه، يحمل في طيات حلقاته نزعة أفلام الخيال العلمي، نعم.. هو مسلسل "النهاية" بطولة العبقري يوسف الشريف، أما على الجانب الفني الملموس بشكل يمس الواقع المصري، يأتي مسلسل "الاختيار" بطولة الفنان أمير كرارة.

وجاء الكاتب الصحفي عاطف عبد الغني، رئيس تحرير دار المعارف، ليبرز مدى إبداع الفن الراقي المُقدم من خلال مقاله "بين الاختيار والنهاية":

أوضح الكاتب الصحفي عاطف عبد الغني، رئيس تحرير دار المعارف، أن الشغف وراء متابعة كل من مسلسل "الاختيار والنهاية" يأتي من خلال رائحة الخيال في عيون الحقيقة النابعة من مسلسل "النهاية"، وتسلسل سيرة عطرة للشهيد "المنسي" في مسلسل "الاختيار" ليوضح مدى الصراع الخفي ليس بداخل أرض سيناء الطاهرة فحسب، بل على مستوى المنطقة العربية بأكملها.

وأكد عبد الغني، خلال مقاله، أن مسلسل "الاختيار" نجح في إعادة شحن المصريين بحالة إيجابية هائلة ممزوجة بشيء من الشغف الذي يُعبر عن السياسة مع قليل من الخيال؛ لإبراز الحقيقة الكبرى أمام أعين شعب يُعاني من أجل التماسك كالبنيان المرصوص.

واستطرد عبد الغني بحديثه عن مسلسل "النهاية"، مؤكدًا أن ما يحدث ما هو إلا حقيقة مؤجلة، ستحدث رغم أنف الجميع بعد مائة عام من الآن.

وأشار عبد الغني إلى رغبتنا الكامنة في عدم وجود كيان صهيونى بالمستقبل القريب، موضحًا أن ما يجرى بأحداثيات المنطقة العربية ما هو سوى «نبوءة متداولة» منذ قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين المغتصبة.

وتستعرض بوابة "الهلال اليوم" مقال "بين الاختيار والنهاية" للكاتب الصحفي عاطف عبد الغني كما يلي:

«الاختيار والنهاية» مسلسلان نتابعهما بشغف على شاشة رمضان، وعلى الرغم من أن المسلسلين عملان دراميان الأصل فيهما التأليف، إلا أنهما يعكسان بشدة أحداث الواقع، خاصة مسلسل «الاختيار» ويشاهدهما المصريون بعين الحقيقة، أكثر من الخيال، هذا الخيال الذى سيطر على أحداث «النهاية» الذى يشارك «الاختيار» من طرف خفى خيطا من خيوط الصراع فى المنطقة التى نعيش فيها، ويشكل (هذا الصراع) شكل مستقبلها.

(1)

«الاختيار» شىء من السياسة، وقليل من الخيال، وكثير من الحقيقة، لذلك فهو أقرب إلى العمل التسجيلى، هذا حكمى بعد الحلقات الأربع التى شاهدتها من المسلسل، وقد استطاع أن يجذب  السواد الأعظم من المصريين من حلقته الأولى، حيث تتملكنا شحنة إيجابية هائلة ممزوجة بشغف استعادة أحداث قريبة، أثرت فينا بشدة، واستعادة حدوتة فخر مصرية، تمثل سيرة بطولة أسطورية لضابط الجيش أحمد المنسى، الذى نحتسبه عند الله شهيدا هو ورفاقه ممن قضوا نحبهم، ومن الأحياء الذين يمنّون أنفسهم نيل إحدى الحسنيين إما النصر على أعداء الله، والوطن، وأعداء أنفسهم من الإرهابيين أو الشهادة فى سبيل الله.

المسلسل ليس طلقة رصاص، ولكنه دانة مدفع فى قلب جماعة الإخوان الإرهابية، خاصة أن العمل الدرامى لا يكتفى بالبطولة الحركية والعمليات العسكرية، لكنه يعرّج على الفكر الذى يعتمدون عليه فى تجنيد كوادرهم، وصناعة شعبيتهم،  ويعرى زيف شرعهم الذى يجعلونه غطاءً لتبرير وتسويف إرهابهم، وتمرير جرائمهم فى حق الله، والناس، ويكشف كذلك تسيسهم للدين وتوظيفه للتغطية على أهدافهم الدنيوية من سلطة ومال وحتى نكاح النساء بالغش والتدليس، وفضيحة عبد الله الشريف ليست ببعيد، قماشة المسلسل كانت تحتمل أن تناقش الوجه الآخر للمؤامرة والتى شارك فيها الغرب الصهيونى جماعات المتأسلمين على رقعة الوطن العربى، فى الدفع بهم لإسقاط الأنظمة القائمة لإحلال أنظمة جديدة تساعد الغرب على تنفيذ مخططاته الاستعمارية والصهيونية فى البلدان العربية، وعند هذه النقطة ننتقل لمسلسل «النهاية».

(2)

النهاية.. مسلسل خيالى (مش عارف مصممين ليه إنه خيال علمى)، أحداثه تدور فى بلادنا بعد مائة عام من الآن، ولم ينتبه كثير من المشاهدين أن العمل ينطلق من فرضيات حالية، وأحداث محلية وعالمية، نعيش جزءًا منها ونناقش أجزاء أخرى بالفعل، منها مثلا سيناريوهات تفكك الولايات المتحدة الأمريكية، وهى فرضية نالت كثيرًا من المناقشات خاصة مع أزمة كورونا الحالية، وما فعله المسلسل هو القفز لمستقبل هذا السيناريو وجعله حقيقة، وقد تفجر على أثر انفصال الولايات الفيدرالية فوضى، جعلت عصابات هى التى تحكم أمريكا الشمالية، وجعلت التكتلات بديل الدولة الوطنية.

من الفرضيات التى تحققها دراما النهاية أيضا انقراض عدد غير قليل من الحيوانات الشهيرة بسبب الجور على الطبيعة، ومنها النقص الكبير فى الطاقة والسيطرة الفاشية من السلطات الحاكمة على التعليم الذى يولد الوعى، ويحدث هذا فى ظل تكنولوجيا رقمية فائقة، وذكاء اصطناعى يجعل من الإنسان الآلى بديلا للإنسان، ويجد البشر في الآلة العاطفة التى يفتقدونها عند نظرائهم المخلوقين من دم ولحم.

(3)

لكن هناك فرضية أخرى طرحها العمل، وهى عدم وجود كيان صهيونى فى المستقبل، وهى نبوءة متداولة منذ قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين المغتصبة، وحتى اليوم الذى يحاول فيه الصهاينة إقامة دولتهم العنصرية على كامل أرض فلسطين، وهى فكرة قائمة بالأساس على أسطورة دينية تلمودية، فكرة دولة الرب التى يسكن فيها إله إسرائيل مع شعبه، بعد طرد غير اليهود «الجوييم» منها.

فرضية زوال إسرائيل فى المستقبل التى طرحها المسلسل أثارت لغطا وقلاقل عند الدوائر الحاكمة فى دولة الكيان، على الرغم من أن هذا الطرح نفسه يناقشه الإسرائيليين أنفسهم، منذ إعلان دولتهم، على المستويات الدينية والسياسية والاجتماعية، وتشملها كتابات وفيديوهات، لكن الإسرائيليين يكيلون بألف مكيال، وإسرائيل الرسمية لا تقف أمام أي أفكار أو كتابات تطول مصر والمصريين، والعرب، والمسلمين، بحجة حرية الإبداع، وقد ظهر هذا جليا إبان هبات ما سمى بالربيع العربى، وقد طال مصر خلال سنوات بعدها ما طالها من نبوءات الخراب، والدمار، صادرة من إسرائيل ومن غيرها، ولم تعترض السلطات المصرية على عمل الصهاينة، التى أتحفنا بها خيال حاخاماتهم المقدسة.

(4)

وفى انتظار تفسير وتوضيح أكثر أتوقف عند طنطة أحد كوادر الإخوان الإرهابية فى تدوينة حاول فيها الانتصار لمجرم الجماعة هشام عشماوى، على حساب بطولة شهيد مصر المنسى، فكتب أن عشماوى لم يقبل بالتطبيع مع إسرائيل وقبل به المنسى، وهذا هو الفرق بينهما.

ونحن نسأل الذى كتب ذلك هو وكل إخوان الخرفان، ماذا فعلتم لفلسطين والقدس طوال تاريخكم الذى يقترب من مائة عام؟! ماذا فعلتم قبل وصولكم لحكم مصر وخلاله إلا أنكم قدمتم للغرب إقرارات موثقة بحفظ المعاهدات، وفوقها حفظ أمن إسرائيل.. لقد ردت مصر بتلك المعاهدات سيناء، التى كنتم على وشك تضييعها بعمى قلوبكم.

وإذا كنتم ترفضون السلام مع إسرائيل، لماذا لا تذهبون فتحرروها، وتستردون القدس؟!

    Dr.Radwa
    Egypt Air