الخميس 28 نوفمبر 2024

تحقيقات

«الدبلوماسية المصرية» تواجه التعنت الإثيوبى في ملف «سد النهضة».. خبراء: أديس أبابا تحاول فرض سياسة الأمر الواقع على مصر والسودان.. ولا مفر من استمرار الضغط السلمى والتفاوض الدولى

  • 13-5-2020 | 16:22

طباعة

تتعمد اثيوبيا تجاهل حقوق الدول المتضررة من بناء سد النهضة  كما تعمدت ملء السد، من دون استشارة وموافقة مصر والسودان على الرغم مما يشكله ذلك من خطورة، إلا أن الموقف المصري اتسم بالمرونة وجاء متسقا مع قواعد القانون الدولي، حرصا على تسوية الأزمة  بشكل متوازن.


المساعي الدبلوماسية 


بعثت الخارجية المصرية خطابا إلى أعضاء مجلس الأمن بشأن تطورات قضية سد النهضة حذر فيه وزير الخارجية المصري، سامح شكري من تداعيات  ملء السد، من دون استشارة وموافقة مصر والسودان، مشيرة إلى أن هذا يشكل خطورة "على الأمن والسلم في المنطقة.


وذكرت الخارجية المصرية في خطابها أنه على الرغم من أن بناء السد تم من دون موافقة دول المصب، إلا أن هذا لم يمنع مصر من دخول مفاوضات "جادة" مع إثيوبيا عبر عدة مستويات.


وأوضحت أنها وقعت اتفاق المبادئ مع رؤساء الدول الثلاث والذي نص في بنوده على "عدم الإضرار" بمصالح أية دولة جراء أي مشروعات تقام على النيل".


وكانت إثيوبيا قد بدأت عام 2011 ببناء سد النهضة على النيل الأزرق، الفرع الرئيسي لنهر النيل، بتكلفة 6 مليارات دولار ومنذ ذلك التاريخ دخلت الدول الثلاث في مفاوضات للاتفاق حول الحد من تأثير السد الإثيوبي على كل من السودان ومصر.


وفي فبراير الماضي رفضت إثيوبيا حضور اجتماع في واشنطن والتوقيع على مقترح اتفاق تقدمت به الولايات المتحدة، التي انخرطت في نوفمبر الماضي كوسيط إلى جانب البنك الدولي، لإيجاد حلول لخلافات الدول الثلاث.


سياسة الأمر الواقع 


قال الخبيرالاستراتيجي الدكتور هاني رسلان إن الكمية التي تنوى إثيوبيا استخدامها لملء سد النهضة هذا العام محدودة تقدر بحوالى 4.5 إلى 5 مليار متر مكعب، موضحا أن هذه الكمية لا تأثير كبير لها على مصر في الوقت الحالي نظرا لامتلاء بحيرة السد العالي، لافتا إلى أن خطورة هذا الأمر هو تحويل إثيوبيا سياستها إلى الانفراد والهيمنة على نهر النيل الأزرق إلى أمر واقع.


وأضاف رسلان أن سياسة إثيوبيا بتكريس الأمر الواقع ستمثل خطورة كبيرة في المستقبل على دولتي أسفل مجرى النهر "السودان ومصر"، وهو أمر غير مقبول على الإطلاق من مصر لسببين: الأول أنه يمثل تهديدًا فعليًا وخطيرًا لأمنها القومي، ثانيا أنه مخالف لكل قواعد القانون الدولي.


ولفت رسلان إلى أن مصر بذلت كل الجهود الممكنة واستعملت الصبر الطويل والمرونة الفائقة لإبداء التعامل والحرص على اقتسام المصالح والتشارك في التنمية، ولكن الإثيوبيين كانوا يتصرفون دائما بسوء نية كامل، ويعتمدون على مسألة المراوغة والكذب كمنهج طول 10 سنوات مدة التفاوض.


وأوضح رسلان أن إثيوبيا في نهاية المطاف، تريد أن تستخدم هذا السد بدون أي التزام في كمية المياه المخزنة خلفه، وهذا سيجعل دولتي أسفل المجرى تحت رحمة التوجهات والقرارات الإثيوبية، وهو أمر غير مقبول فالدول المتشاطئة على نهر دولي لها حقوق واضحة وكاملة ولا يمكن المساس بها


وأشار رسلان، إلى أن إثيوبيا كانت قد أرسلت لكل من مصر والسودان مقترحًا بأن تعود للتفاوض للتفاهم جزئيا، حول كيفية ملء السد خلال العامين القادمين، وأن يتم خلال تلك المدة التفاوض على باقي القضايا لكن مصر والسودان رفضا هذا الموقف، موضحا أنه بالأمس أعلن السودان رفضه لهذا الموقف رسميا في بيان واضح، مما يمثل تطورا مهما في الموقف السوداني الذى رفض التفاوض على اتفاق جزئي وطالبوا باتفاق شامل والعودة إلى مسار مفاوضات واشنطن.


الموقف السودانى 


 وشدد رسلان على أهمية الموقف السوداني لأنه يمثل ضغطًا على الحكومة الإثيوبية، وإلى الآن لا يوجد تفاوض في الأفق، ولذلك مصر بادرت بإرسال خطاب إلى مجلس الأمن والسلم الدولي، تعلن فيه أن التصرفات الإثيوبية تعرض الأمن والسلم في المنطقة للخطر، وتطلب من مجلس الأمن أن يشجع إثيوبيا على التوقيع على مسودة اتفاقية واشنطن.جمال بيومى : لا مفر من استمرار التفاوض دوليا وسلميا لمحاصرة الموقف الإثيوبي.


وأكد السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنه لا مفر من استمرار الضغط السلمى والتفاوض الدولى، لمحاصرة الموقف الإثيوبي، مشيرا إلى أن كل الدول المطلعة على خلافات سد النهضة، غير راضية عن التصرفات الإثيوبية.


وأضاف: سنلجأ  لكافة المحافل الدولية والإقليمية؛ لإجبار إثيوبيا على تغيير موقفها، لافتا إلى أن السودان وقف موقفًا قويًا كذلك الولايات المتحدة الأمريكية غاضبة من الموقف الإثيوبي؛ لأن إثيوبيا استخفت بها ولن تقبل بالورقة الأمريكية التي كانت تلخص موقف المفاوضات، وأنكرت كل ما تعهدت به أثناء المفاوضات.


وأشار بيومى، إلى أن كل تلك المواقف تحسب لصالح مصر، لافتا إلى أن المواقف الإثيوبية، دفعت مصر لإرسال خطاب إلى مجلس الأمن بشأن الموضوع، مؤكدا أن المحاولات الدبلوماسية ستستمر لإقناع إثيوبيا بأن التفاوض أفضل لها.


وأوضح بيومى أن المساعي  الدبلوماسية المصرية، لن تتأثر بانتشار فيروس كورونا، فلا نوجد دولة تفرط في أمنها القومي نتيجة وجود وباء مؤكدا "كورونا لن يشغلنا عن قضايانا الأساسية"، مشيرا إلى أن الرئيس السيسي عقد منذ يومين مؤتمرا بالفيديو كونفرانس مع مجموعة منتقاة من زعماء إفريقيا، مشيرا إلى توقعه بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أثار موضوع سد النهضة والتطورات الأخيرة لاستشارة أصدقائه من الزعماء الأفارقة.

    الاكثر قراءة