الإثنين 3 فبراير 2025

السقوط فى فخ تشويه الأزهر

  • 19-4-2017 | 13:47

طباعة

بقلم – محمد السويدى

فارق كبير بين أن تكون صوتا مستقلا، تقدم رؤية نقدية لأوضاع معينة بداخل أى من مؤسسات الدولة، واصفا لها روشتة إصلاح تتحول معها الأخطاء والسلبيات إلى مكاسب وإيجابيات، دون أن تنتقص ولو قدرا بسيطا من دور وهيبة ومكانة تلك المؤسسة، وبين أن تكون صوتا تابعا يردد بغير وعى ومن دون مسئولية ما تردده أبواق هدامة، كل هدفها تشويه أعمدة الدولة ومؤسساتها الكبرى وتقزيم دورها والنيل منها لأنها تمثل قيمة كبيرة لدى المصريين، فما بالك إذا كان هذا التشويه الذي يجري عن عمد، هو تجاه مؤسسة تمثل قيمة كبيرة عند المصريين وجموع المسلمين في العالم على حد سواء.

سردت تلك المقدمة بعد أن تعالت مؤخرا أصوات تهاجم مؤسسة الأزهر الشريف وشيخها الجليل الدكتور أحمد الطيب إمام المسلمين في العالم، وأرجعت تلك الأبواق، مسئولية ما آلت إليه أوضاع الإرهاب في مصر وجرائمه المتكررة نحو أفراد من الجيش والشرطة والقضاة وكنائس أخواتنا المسيحيين إلى الأزهر، وكأنه مطلوب منه ومن علمائه حمل البندقية ضد المتطرفين .

أبواق الهجوم على الأزهر ادعت زورا وبهتانا أن بعض ما يدرس في مناهج المعاهد الأزهرية وكليات جامعة الأزهر يحض على العنف ويرسخ لعقيدة القتل والدم التى تتبناها الجماعات الإرهابية والتكفيرية، واتهمت تلك الأبواق، الأزهر بأنه لم يقُم بدوره للتصدى لأفكار التكفيريين والإرهابيين، كما ادعت زورا أيضا أن جميع الإرهابيين تخرجوا في جامعة الأزهر، وغفلت عن عمد تارة والجهل تارة أخرى أن عددا كبيرا من صفوف الإرهابيين تعلموا في مدارس وجامعات حكومية، لا علاقة للأزهر بهم في مقدمتهم سيد قطب الأب الروحي للتنظيمات الجهادية في مصر والوطن العربي وصاحب كتاب (معالم في الطريق) الذي اتخذته الجماعات الجهادية دستورا لها تخرج من مدرسة المعلمين الأولية، ثم التحق بكلية دار العلوم، وهناك أيمن الظواهري أمير تنظيم القاعدة العالمي تخرج في كلية طب قصر العيني، كما أن تنظيم الجماعة الإسلامية تأسس في بداية السبعينيات بجامعة أسيوط، ثم امتد لفروعها بسوهاج والمنيا وقنا، وكلنا نعرف محمد عبد السلام فرج المحرض والمخطط لاغتيال السادات قد تخرج فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة، وسيد كارم الأناضول الذي حكم عليه بالإعدام في قضية الفنية العسكرية عام ١٩٧٤ كان طالبا بكلية الفنية العسكرية، أيضا سيد إمام عبد العزيز الشريف أول أمير لتنظيم الجهاد تخرج فى كلية طب قصر العيني، وهناك من بين الإرهابيين أيضا من لم يدخل المدارس إطلاقا ولا يعرف للأزهر طريقا.

هذا لا ينفى أن عددا كبيرا من صقور جماعة الإخوان المتشددين ومثلهم من السلفيين والجماعات الإسلامية المتطرفة قد تعلمت في الأزهر وتخرجت فيه، لكن لم يكن لمناهج الأزهر دور في تشكيل وعيهم وأفكارهم الهدامة القائمة على العنصرية، لأنه في نفس المؤسسة «الأزهر» وبنفس المناهج تعلم وتخرج فيها علماء وفقهاء يصعب حصرهم ملأوا الدنيا نورا ومعرفة مثل فقيه القرن العشرين الدكتور عبد الحليم محمود، وكذلك داعية العصر الشيخ محمد متولي الشعراوي والدكتور محمد سيد أحمد المسير والشيخ عطية صقر والشيخ جاد الحق على جاد الحق وقبلهم الشيخ محمود شلتوت والشيخ المراغي والشيخ محمد عبده وغيرهم المئات بل والآلاف من أئمة الإسلام في العصر الحديث.

وبنفس درجة هجوم الأبواق الآن على الأزهر، تجدهم نسوا الدور الكبير الذي قام به الدكتور أحمد الطيب في تصديه لأخونة الأزهر في عهد الرئيس المعزول «محمد مرسى»، بعد أن دأبت جماعة الإخوان طوال فترة توليها السلطة على إعداد مخططات عدة للقفز على الأزهر وعزل الدكتور الطيب، وتعيين أحد شيوخهم المقربين لمرسي ومرشده محمد بديع بدلا منه.

الوقوف بجوار الأزهر وشيخه، لا يمنع أن تكون مناهج الأزهر في حاجة إلى تطوير، واستبدال مقررات بأخرى، مثلما يجري في مقررات المناهج الدراسية بالمدارس الحكومية والجامعات، وهذا لا عيب فيه، شريطة أن يتم من داخل مؤسسة الأزهر نفسها ودون فرض وصاية أو رقابة من أحد، ولكن أن تجري محاولات الهجوم على الأزهر وتشويهه بهذه الطريقة التى فاقت الحد تحت دعوى تجديد الخطاب الدينى والذي أصبح يتردد «زى اللبانة في اللسان»، فهذا هو الخطأ والخطيئة معا في حق المؤسسة الإسلامية الأكبر في العالم، لأنه قد يستغل أعداء مصر والإسلام بالخارج في يوما ما هجومنا على الأزهر، واستخدامه كذريعة لاتهام الأزهر بأنه مركز لتخريج الجماعات الإرهابية في العالم .. أخيرا أحذركم يا مصريين ويا مسلمين من السقوط في فخ تشويه الأزهر الشريف، فهو سندنا الحقيقى وقت الشدة.

 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة