الإثنين 3 يونيو 2024

الألعاب الإلكترونية تهدد المجتمع.. خبراء: اندماج الأطفال معها الخطر الأبرز.. وضعف التواصل معهم سبب رئيسي لإدمانها.. والمراقبة الأبوية حائط الصد الأول

تحقيقات5-6-2020 | 23:57

جدد التحديث الأخير للعبة القتال الشهيرة "بابجي" والذي يتمثل في سجود اللاعب لصنم للحصول على امتيازات، التركيز على خطورة الألعاب الإلكترونية على أبنائنا وتبعاتها الجسيمة على المجتمع.

 

وثارت حالة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد التحديث الأخير للعبة بسبب مخالفته الدين الإسلامي، ليصدر مركز الأزهر للفتوى الإلكترونى تحديث شديد اللهجة من اللعبة فى بيان رسمى لأنها قد تؤثر على عقيدة أبنائنا بشكل مباشر إضافة إلى مخاطرها الاخرى من الحض على الكراهية والعنف، ليرد فريق بابجى بعدها باعتذار وحذف كل ما أثار الاستياء بين مرتادى اللعبة والتأكيد على احترامه كافة الثقافات والأديان.

 

ومن جانبهم، كشف طبيان نفسيان وخبير بتدريب سلوك الأطفال وتنمية مهاراتهم عن الأسباب التي تؤدي لإدمان الألعاب الإلكترونية وكيفية علاجها.

 

اندماج عقل الأطفال بالألعاب:

قال الدكتور علي النبوي، استشاري الطب النفسي، إن خطورة الألعاب الإلكترونية تكمن في اندماج العقل البشري بها، لافتا إلى أن الطفل الذي يعتاد على ذلك تنمو في خلايا المخ لديه بؤرة تستمتع وتفرز مواد كيميائية لا تشعر باللذة إلا وقت اللعب، ما يحوله إلى نوع من الإدمان لها

وأوضح النبوي في تصريحات لـ"الهلال اليوم" أنه بالإضافة إلى الخصائص الإدمانية مثل التعلق باللعبة والشعور بالتوتر عند منع الطفل منها، تنشئ خاصية الاندماج في اللعبة ومنها على سبيل المثال إذا كانت اللعبة سريعة يتسم الطفل بالتوتر والاندفاع والتهور وإذا كانت معقدة يندمج معها الطفل وينفصل عن الواقع لأنه يتعايش معها، مؤكدا أنه أخطر ما في الألعاب الإلكترونية.

وأشار استشاري الطب النفسي إلى أن هناك بعض الأطفال أقدموا على الانتحار بسبب الألعاب الإلكترونية، موضحا أن بعض الألعاب تعتمد على فكرة لعبة "الشايب" التي انتشرت منذ عقود كثيرة، والتي كانت تعتمد على الحكم على صاحب الورقة بأحكام غريبة وعليه تنفيذها، وكان آخرها لعبة "الحوت الأزرق".

وتابع: الألعاب الإلكترونية تؤدي إلى الإدمان والتهور والعزلة الاجتماعية وبعضها يصيب الأطفال بالهلاوس ومن بينها الألعاب المباشرة "أونلاين"، وبالتبعية ينفصل الطفل عن واقع الأسرة والمدرسة والواقع الاجتماعي الحقيقي، ويتقمص ويتعايش مع الواقع الافتراضي وهو السوشيال ميديا أو واقع التواصل الاجتماعي.

وأكد "النبوي" أننا بصدد ظاهرة تمكنت من أطفالنا ودخلنا في أضرارها وباتت ظاهرة مجتمعية ، محذرا من خطورة الاعتماد على الهواتف الذكية في تهدئة الطفل لأنها ستسبب في اندماجه مع هذه الألعاب وفي أحيان كثيرة سيجد الآباء أن أبنائهم ينسون الطعام والشراب ويقلدون السلوك الذي يلعبونه ويردد كلامهم ويتحدث بلغة اللعبة أو القناة التي يتابعها.

ونصح استشاري الطب النفسي بترشيد هذه العادة – استخدام الأطفال للهواتف الذكية – لافتا إلى أن أطفال الدول المصدرة لها يعلمون أولادهم أن قراءة الكتب أفضل من اللعب على الهواتف والإنترنت وهوما تظهر الكثير من الصور اللتقطة في محطات المترو والحدائق وأماكن الانتظار المختلفة.

 

المراقبة الأبوية:

أكد الدكتور بسيوني عيد، أخصائي الطب النفسي، أن إدمان الألعاب الإلكترونية، لايقل خطورة عن إدمان المخدرات، فكلاهما يدفع إلى العنف، مشيرا إلى أن منظمة الصحة العالمية سبق وأن صنفت إفراط تعلق الأطفال بها بأنه إدمان.

وأوضح "عيد" – في تصريحات خاصة لـ"الهلال اليوم" – أن مسئولية إبعاد الأبناء عن الإدمان بصفة عامة تقع على كاهل الوالدين، لافتا إلى أن الأطفال الذين يمارسون الالعاب الالكترونية لساعات عديدة كل يوم، ليس لديهم وقت لتنمية مهاراتهم الاجتماعية، أو ممارسة الرياضة أو حل الواجبات المدرسية. وذلك يؤثر سلباً على نموهم بشكل طبيعي.

وشدد أخصائي الطب النفسي على أن علاج إدمان الألعاب الالكترونية عند الأطفال، مهم جداً لإنقاذهم من هذه المشكلة التي تؤثر سلباً على نموهم، وصحتهم وحياتهم، لافتا إلى أن صعوبة العلاج تكمن في مدى إمكانية السيطرة على استخدام الأطفال للأجهزة الذكية وبصفة خاصة في الفترة الحالية حيث أصبحت التكنولوجيا مهمة جداً في العملية التعليمية ومن الصعب حرمان الطفل تماماً من استخدام اللابتوب أو الأيباد.

ولفت "عيد" إلى أن خطورة إدمان هذه الألعاب لا تتوقف آثاره السلبية عند الطفل وأسرته فقط بل تتخطى إلى المجتمع المحيط، حيث إن الإفراط في ممارستها يتسبب في خلق جيل غير قادر على الإنتاج أو العمل.

وتابع: أحد أخطر النتائج المترتبة على إدمان الألعاب الإلكترونية هو الاضطرابات النفسية، فمع كثرة استخدام الطفل للأجهزة الإلكترونية يميل للعزلة والانقطاع عن العالم وبالتالي تظهر لديه مشاكل نفسية وصحية كالتوتر والقلق والعصبية وقله النوم وانخفاض المستوي الدراسي.

ونصح أخصائي الطب النفسي، الآباء، بمراقبة الأطفال ووضع مواعيد لاستخدام الأجهزة الإلكترونية، ومتابعة محتواها، بجانب العمل على إدراج ودمج الطفل مع أصدقائه وأقرانه وزرع العديد من الهوايات المفيدة كالقراءة والرسم وممارسة الأنشطة العملية للقضاء على الوحدة الناتجة عن كثرة أوقات الفراغ.

 

نصائح لمنع الخطر:

بينما قالت الدكتورة مريم عمر، خبير تعديل سلوك الأطفال، إن ضعف أو انعدام التواصل بين الوالدين وبين أولادهم يتسبب في حالة من الانعزال، والتي بدورها تدفع الطفل لإدمان الألعاب الإلكترونية.

وأكدت "عمر" في تصريحات لـ"الهلال اليوم" أن هناك عدة أموريمكن للآباء من خلالها اكتشاف إدمان أبنائهم للألعاب الإلكترونية وتتمثل أبرزها في عدم إقباله أو رغبته مشاركة أطفال آخرين اللعب، وإهماله لكل المهام المفروض أن يقوم بيها، كما يكون العند سمة أساسية في سلوكه، بجانب ميله إلى العنف بشكل ملحوظ وضعف تركيزه.

وأشارت إلى أن وجود وقت فراغ كبير عند الطفل أو المراهق، يدفعه للهروب من الواقع الذي يعيش فيه إلى عالم افتراضي هومن يصمم مكوناته أو يختاره.

وأوضحت أن أبرز النصائح التي تقدمها دائما للآباء لعلاج أبنائهم من إدمان الألعاب الإلكترونية هي الحديث معهم بمنتهي الصراحة حول خطورتها، محذرة من أخذ القرار بالنيابة عنهم وأن نقول أنهم ما زالوا صغارا ولا يعون مصلحتهم.

كما وجهت خبيرة تعديل السلوك لدى الأطفال بالبعد تماما عن لغة التهديد والوعيد والتسلط في قرار منعهم من التمادي في الألعاب الإلكترونية وضرورة مناقشتهم ووضع اتفاق معهم وطلب اختيار العقاب الذي سيطبق عليهم بأنفسهم في حالة مخالفه قواعد الاتفاق، لافتة إلى أن هذا سيعلمهم أيضًا ثقافة احترام القواعد والقوانين والالتزام بالاتفاقيات.

وأكدت على ضرورة أهمية أن نكون قدوة لأولادنا بمعني أننا لو طالبناهم بتقنين استخدام الأجهزة ، فلا بد أن نبدأ بأنفسنا وأن يرو ذلك بشكل عملي.

وتابعت: "من الضروري جدًا توفير بدائل للطفل قبل مطالبته بتقليل عدد ساعات استخدامه للأجهزة الإلكترونة، ومنها توفير ألعاب جماعيه للأسرة مثل طاولات البينج بونج أو بولينج والألعاب الرياضية.

وأكدت "عمر" على أهمية الأنشطة الرياضية لأنها تشغل وقت الطفل بالإضافة إلى أنها توسع دائرة الأصدقاء، وتعمل على تنمية العلاقات الاجتماعية ببين الأصحاب والأهل والأقارب.

وطالبت بتخصيص وقت للجلوس مع الأبناء يوميا للعب معهم ومشاركتهم هوايتهم واهتماماتهم، ومن خلاله سنكتشف مهاراتهم ومواهبهم ثم نعمل علي تنميتها وتشجيعهم علي صقلها.

ولفتت إلى أن إحدى النصائح تتمثل في تشجيع الطفل علي اقتناء حيوان أليف يختاره بنفسه، مع إسناد مهمة الاهتمام به ورعايته وإطعامه موضحة أنه سيشغل جزء كبير من وقت الفراغ وسيعلمه تحمل المسئولية.