الأحد 19 مايو 2024

د. محمد محمود أبو هاشم نائب رئيس جامعة الأزهر: الأزمة أسسها «الدعاة الجدد»

19-4-2017 | 14:14

 

حوار: سناء الطاهر

أكد الدكتور محمد محمود أبو هاشم نائب رئيس جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن مناهج الأزهر الشريف منذ آلاف السنين لم تخرج متطرفًا أو إرهابيًا، ولذلك أرى أن المشكلة فى التدليس أو الفهم الخاطئ فيما يقدمه من يلقى المحاضرات الدينية وهم ليسوا من أبناء الأزهر الشريف، فالفترة الماضية والتى شهدنا فيها انفتاح القنوات الفضائية وبدأ الكثيرون من غير أبناء الأزهر يتصدرون المشهد الدينى وخلق مهنة جديدة تحت مصطلح «داعية إسلامي»، وفى الحقيقة لم نعرف هذا المصطلح من قبل، ومن هنا بدأت المشكلة الحقيقية فمن حملوا لواء هذا المصطلح ليسوا بمختصين ولا دارسين فى الأزهر كما تزينوا بالزى الإفرنجى كنوع من أساليب الدعوة الحديثة، ومن هنا بدأ الانحراف الفكرى من خلال الفتوى من دون علم وقدموا للناس بضاعة ليست عنوانا للإسلام على أنها عنوان للإسلام وقدموا كتبا تنتمى للفكر الوهابى المتشدد وتطبع الغالبية من هذه الكتب فى الخارج بطبعات جيدة جدا وتصل إلينا مجانا بل أكثر من ذلك فمن كان يعمل على نشر وتوزيع هذه الكتب يحصل على أموال كثيرة مقابل نشر هذا الفكر فكل هذه الأمور أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن من تكفير للمجتمع واستباحة للدماء، وللأسف لم نجد مواجهة حازمة لهذه الأمور، وفى الحقيقة الدور فى المواجهة لا يقتصر على الأزهر الشريف فقط، بل يحتاج لتكاتف جميع أجهزة الدولة «الأزهر والتربية والتعليم والتعليم العالى والإعلام وأساتذة علم النفس والاجتماع والشباب والرياضة والثفافة» ليعيدوا معا أبناء هذا الشعب إلى ما كانوا عليه من قبل عندما لم يكن هناك فكر سوى فكر الأزهر الشريف ومناهجه المتهمة حاليا فلم يحدث هذا إطلاقا عبر التاريخ، فعمر الأزهر ١٠٥٠ سنة هل حدث هذا عبر هذه السنين؟ الأزهر هو من أخرج العمالقة مثل «الشيخ عبدالحليم محمود والشيخ الشعراوى والإمام الغزالى»، وأيضا الكثيرين من جيلنا الحالى وأنا أحدهم، فجميعنا أبناء الأزهر.

وهناك تطوير دائم فى مناهج الأزهر الشريف، ولجان تعمل ليل نهار على هذا التطوير وبالفعل تم تغيير المناهج والكتب منذ عامين أو ثلاثة وتم تغييرها حاليا مرة أخرى، ومازال عمل لجان التطوير مستمرا على أن يكون محور التغيير اختيار ما يناسب من المناهج الزمان والظروف التى نعيش فيها حاليا والمسائل التكفيرية واستباحة الدماء يتم التركيز عليها ليفهم أبناؤنا بأنه لا يوجد من يملك سلطة تكفير المجتمع أو استحلال دماء الآخرين، فالله سبحانه وتعالى عندما قال (وَلَكُمْ فِى القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِى الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) لم يعطِها لعامة الناس ولكن لابد أن يكون للقاضى، فالإسلام جعل الأمر لولى الأمر حتى يمثل الإنسان لمحاكمة عادلة ليفهموا ويتعلموا أن داعش وغيرها من الجماعات التى استباحت دماء الناس ومثلت بجثثهم بعد الموت وهذا ليس فى الإسلام، فالإسلام جاء ليكرم كل المخلوقات، وعلى رأسهم الإنسان.

وأرى من خلال منظورى الخاص بأنه لا يجب أن نقوم بإلغاء الكتب التى تحتوى مواد تكفيرية أو تحرض على الإرهاب من الأزهر، بل نقوم بعمل تحقيق لهذه الكتب ونثبت عكس ما فيها ونعلم طلابنا وكل من يسمع كيف يرد على هذا التطرف بأنه فكر شاذ ورأى شخصى وليس رأى علماء الأمة وإجماعها ولا رأى المذاهب الفقهية ونعلمهم الفرق بين الأحكام التى تأخذ فى فترات الحرب والسلم لأننا لو منعناها من الأزهر فستظل مطروحة بمكتبات العالم الإسلامى كله ولن تجد من يرد عليها بصحيح الدين وهنا سيقتنع بها بعض من يقرؤها، وهنا أحمى طالب الأزهر وأعلمه كيف يحمى غيره.

كما أرى أن كثيرا من شبابنا متأثر بمواقع التواصل الاجتماعى وبما يبث عبر هذه الوسائل وللأسف عند مناقشتهم نجدهم يجادلون وكأن هذا هو الحق واليقين فأقول لهم أن وسائل التواصل الحديثة بها الغث والثمين وهناك منها الموجه لتفقد شبابنا الثقة فأرجوهم أن يأخذوا معلوماتهم من علماء مصر.

الأهم أننا يجب أن نعلم أن دور أساتذة الأزهر لا يقتصر على تعليم الطلاب داخل الأزهر، فجميعهم يصلون بالمساجد وسط الناس ويقومون بعمل دروس ومحاضرات دينية بالإضافة إلى خطبة الجمعة والكثيرون يكتبون بالصحف ليوصلوا للناس مفاهيم وتعاليم الدين التى تحمل فكر الأزهر الشريف الوسطي.

وأعتقد أن الهجمة التى يتعرض لها الأزهر الشريف يمكن تفسيرها على محملين إما أن يكون هناك مغرضون من الأزهر أو أن هناك محبين له وكانوا ينتظرون منه الأكثر، ولهذا أنا لا ألوم هذه الهجمة، تفهما للظروف التى تمر بها البلاد، وأقول لهم إننا نأمل أن يتضاعف جهد الأزهر، وسيرى الجميع الفترة القادمة ما يثلج صدورهم.

رسالتى لجميع أبناء مصر أن يتكاتفوا ويلتفوا حول قيادتهم فنحن نمر بظروف صعبة تداعت علينا كثير من الدول، ولكننا نقول لهم أن سقطت مصر سقطت جميع الدول العربية، فمصر هى القلب النابض للإسلام والعروبة ونحن على ثقة بأن مصر محفوظة بحفظ الله لها وبأزهرها الشريف، فمصر هى الوعاء الذى حافظ على وحى السماء فلم يكن هناك وعاء حفظ علوم الشريعة الإسلامية مثل الأزهر الشريف، فلا تفتتنوا بمن يحاولون تقسيمنا وتفتيتنا، فنحن مصريون وعلى الجميع أن يعمل لرفعة مصر.