السبت 23 نوفمبر 2024

د. ربيع الغفير منسق عام بيت العائلة: مناهج الأزهر لا تصنع إرهابيين

  • 19-4-2017 | 14:17

طباعة

حـوار: مـروة ســـنبل

بلغة أكثر عقلانية دافع دكتور ربيع الغفير الأستاذ بجامعة الأزهر ومنسق عام فروع بيت العائلة المصرية ومقرر لجنة الحوار المجتمعى بالأزهر الشريف عن مؤسسة الأزهر التى ينتمى إليها مشددا على أن الأزهر هو حامل لواء الوسطية والمعبر عن ضمير الأمة، ولا يتقاعس عن أداء دوره ورسالته، مشيرا إلى أن تجديد الخطاب الدينى لا يعنى التجرد عن أصول الدين وثوابته ومسلماته أو الخروج على مبادئه وأخلاقياته، وإنما يعنى البحث فى أدلته المعتبرة ومقاصده العامة واستنباط ما يتفق منها ومتطلبات العصر، لافتا إلى أن الدين الإسلامى يحمل فى طياته أسس ودعائم تجديده. مؤكدا أن مؤسسة «بيت العائلة» لها دور فعال فى وأد كثير من المشكلات ونشر صحيح الوعى وليس مجال «الطبطبة».. كاشفا فى حواره لـ « المصور» عن الإجراءات التى اتخذها الأزهر لتجديد الخطاب الدينى، وخطة «بيت العائلة» لدعم الحوار المجتمعى والتواصل مع الشباب، ومتى يتحول أى شخص إلى داعشي، وإلى نص الحوار...

بداية ما المقصود بتجديد الخطاب الدينى؟

المقصود بتجديد الخطاب الدينى هذا المفهوم الشائك والملتبس هو كيفية توصيل رسالة الإسلام الوسطية المعتدلة السمحة بمفهومها الصحيح القائمة على احترام الجميع إلى جماهير وعموم الناس. ومعنى التجديد نلحظه فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال « إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها». فهذا يدل أن الدين المُجدد هو ذلك الذى يعتقده الناس، لا الدين الخالص الذى أنزله الله، ولذلك قال: « يجدد لها دينها « فنسب الدين إلى الأمة، ولم يقل مثلًا يجدد لها الدين أو يجدد لها دين الله! فهدف المجدد هو تجديد الدين الذى يتصوره ويعتقده الناس بحيث يتفق والدين الخالص الذى أنزله الله على نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ واستنادا إلى هذا التعبير النبوى يكون الهدف هو تجديد وسائل الخطاب التى يمكننا بها أن نوصل مفهوم هذا الدين بصورة صحيحة إلى متلقيه. كما يمكن القول أيضا على حد تعبير العلامة الشيخ محمد أبو زهرة - رحمة الله عليه - أن المقصود بتجديد الخطاب الدينى هو إزالة ما علق بالدين من أوهام وبدع وخرافات ومنكرات وأوهام لا تمت إلى حقيقة الدين بصلة، وبالتالى فالتجديد هو إزالة هذه الشوائب وتغيير طريقة التناول والعرض والتوصيل إلى المتلقى، مع مراعاة متطلبات وظروف العصر فكل عصر له ظروفه الخاصة وله قضاياه المستجدة وله آليات التواصل معه.

وما أسس وعناصر هذا التجديد؟

الدين الإسلامى يحمل فى طياته أسس ودعائم تجديده، لأن من آداب الخطاب الدينى الإسلامى نجد القول بضرورة مخاطبة الناس على قدر عقولهم، أى أن الإنسان إذا كلم قومًا فإنه يبتغى درجة من الكلام تبلغها عقولهم ويفهمونها، ولا يخاطبهم بالصعب الذى لا يدركون معناه، ولا بغريب الكلام الذى لا يفهمونه. وحتى إذا انتقى أشياء من العلم ينتقى الأشياء الأساسية الواضحة السهلة وفى الأثر قَالَ عَلِى كما روى البخارى تعليقًا: « حدثُوا النَاس بما يعرفونَ أَتحبونَ أن يكذَّبَ اللَّهُ ورسوله؟ « وهذا شيء يهم الخطباء والدعاة إلى الله عز وجل.

ومن القواعد المهمة جدا هنا أن « لكل مقام مقال، وليس كل ما يعلم يقال « كذلك نجد مقولة الإمام علىّ كرم الله وجهه: « ليس كل ما يُعرف يُقال، وليس كل ما يُقال حضرَ أهله، وليس كل من حضر أهلُه جاء أوانُه « والمقصود من هذا: أن ما يقال لقوم لا يقال لآخرين، وما يقال فى زمن لا يقال في زمن آخر، وما يقال فى مكان ربما يقال غيره فى مكان آخر، وهذه هى طبيعة التجديد التى تحملها هذه الرسالة العظيمة. أيضا فى مجال الفتوى وهى لون من الخطاب الدينى، نجد فيها التجديد، وقد أقر ابن القيم رحمه الله فى كتابه «إعلام الموقعين عن رب العالمين» وهو من أعرق وأقيم الكتب فى أصول وضوابط الفتوى، حيث قال إن الفتوى الشرعية تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص. وبالتالى فحين يفتى فى زمن ما بلون من الفقه، ونوع من الأحكام، يفتى فى زمن آخر بغير هذا النوع وغير هذا اللون من الفتوى وفقا لمتطلبات ومستجدات كل عصر، فهذا تجديد.

من الذى يقوم بتجديد الخطاب الدينى؟

المفترض أن الذى يقوم على تجديد الخطاب الدينى هو الأزهر الشريف ، لأنه المؤسسة العريقة التى شهد لها القاصى والدانى والذى يملك طلابه وأساتذته أدوات هذا التجديد. والتجديد يجب لكى يكون صالحا إلا يكون عبثيا وألا يكون جزافيا وألا يكون اعتباطا بلا مقاييس أو بلا معايير حتى لا يهدم هذا البناء، فنحن نريد أن نجدد بناءً شامخا قائما وبالتالى من يجدد هذا البناء هو من لديه آليات هذا التجديد ويفهم كيف أسس هذا البناء وعلى أى أسس قام، أما أن يأتى أى شخص يقول أنا أجدد هذا البناء فربما ينقض البناء أى يهدمه وهو ما لا يرضى به عاقل ولا يقول به منصف. الأزهر هو حامل لواء الوسطية والمعبر عن ضمير الأمة، ولا يتقاعس عن أداء دوره ورسالته، بل يعمل ليل نهار وبكل إمكاناته لرفعة الأمة وخدمة الدين.

لكن البعض يقول إن عددا من المشايخ لهم أفكار تكفيرية وسلفية وبالتالى لماذا يحتكر الأزهر هذا الدور دون غيره؟

الأزهر الشريف هو صمام الأمان وجهاز المناعة للأمة المصرية وللعالم كله، فالأزهر يملك الأدوات التى تؤهله لإعمال الفكر فى القضايا الدينية، وقديما تعلمنا فى الأزهر أنه لا تعرف الحق بالرجال ولكن اعرف الحق تعرف أهله، بالتالى لا يجب أن نحاكم الأزهر على أشخاص لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، فقد يكون شخص درس فى الأزهر ثم درس مناهج أخرى أو استقطب إلى أفكار أخرى فصار بسببها منحرفا فكريا فهذا أمر وارد، بل يحاسب الأزهر على مناهج ثابتة وأفكار تربينا عليها ومناهج تخرج منها مئات وآلاف الأجيال، ومن يهاجمون الأزهر لا يعرفون أن عمره ١٠٤٠ سنة تخرجت منه نماذج مضيئة فى بقاع الأرض. وإذا رأينا نسب التطرف الفكرى فى أى مؤسسة من مؤسسات العالم سنجد الأزهر الشريف أقل هذه المؤسسات التى يوجد بها تطرف فكرى، فالأزهر يعرف دائما بوسطيته واعتداله. فمن يريد أن يعرف عطاء الأزهر الحضارى لمصر والعالم فلينظر للأزهر خارج مصر، فالأزهر هو صمام الأمان الذى يعلم الناس الوسطية والاحترام والحب والتسامح وآداب التعامل والتواصل مع الآخر غير المسلم، وهو الذى قاوم ثقافة العداء وعدم احترام الآخر التى روجتها عشرات القنوات على مدار سنوات طويلة، وبالتالى فالهجمة الشرسة الممنهجة التى انطلقت فى الفترة الأخيرة على الأزهر الشريف هى هجمة غير مقبولة وغير مبررة.

وما الخطوات العملية التى اتخذها الأزهر فى قضية تجديد الخطاب الدينى؟

أولا: علينا أن نضع أيدينا على نقطة مهمة فى مسألة تجديد الخطاب الدينى وهى تشكيل وتصحيح الوعى، فالمشكلة أن الخطاب الدينى المنحرف ناتج عن سوء الوعى، سواء نتيجة مفاهيم خاطئة وأن هناك التباسا فى بعض الأفكار، أو أن هناك فكرا غزى ثقافتنا من خلال قنوات تليفزيونية ظلت تبث ثقافة الكراهية والعداء لسنوات طويلة بدون ضابط ولا رابط. والأزهر الشريف قام بعمل عدة إجراءات مهمة جدا لتجديد الخطاب الدينى، استحداث مادة تسمى بـ «الثقافة الإسلامية « ويتم تدريس هذه المادة فى مرحلة التعليم ما قبل الجامعى بالمرحلتين الإعدادية والثانوية، وبالنسبة للمضامين العامة لهذه المادة فإنها تتعلق بدراسة المفاهيم الملتبسة والشائكة مثل الخلافة والحاكمية، والإرهاب، ومعاملة غير المسلمين، وغيرها من القضايا المشتبكة والملتبسة، وتم تشكيل لجان لوضع هذه المادة لتقديمها للطلاب بطريقة سهلة وسلسلة. ويعد تدريس هذه المادة نقلة نوعية فى التعليم الدينى، وقد طلب وزير التعليم العالى من فضيلة الإمام الأكبر العام قبل الماضى أن تعمم دراسة هذه المادة على مستوى جامعات مصر وجار تنفيذ ذلك. نجد أيضا الكيان الذى أنشأه فضيلة الإمام الأكبر وهو «بيت العائلة « والذى يعد خطوة جيدة للغاية فى هذا التوقيت بالذات، كما أقام الأزهر العديد من الحوارات المجتمعية وهى عبارة عن ندوات مركزة ومكثفة تضم قادة الثقافة والفكر والوعى المستنير فى مصر. وبصفتى مقرر لجنة الحوار المجتمعى فى الأزهر الشريف أؤكد على حرص علماء الأزهر فى مقدمتهم الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف على المشاركة فى هذه اللقاءات، فنذهب للشباب بالجامعات وأيضا فى قصور الثقافة بالمحافظات، وأشير هنا إلى أن مشروع الحوار المجتمعى ليس أزهريا بحتا، فهو أزهرى النشأة والفكرة، لكن التنفيذ يتم بالتعاون مع جميع القطاعات والوزارات المعنية بالثقافة والوعى فى مصر مثل وزارة الثقافة، وزارة الشباب والرياضة،والتربية والتعليم، وزارة التعليم العالى، حيث نتعاون جميعا فيما بيننا لنتواصل مع الشباب وفئات المجتمع المختلفة وننشر صحيح الدين. وفى خطوة تكميلية أخرى قام مجمع البحوث الإسلامية بتنفيذ مقترح فضيلة الإمام أحمد الطيب، وهو «المقهى الثقافي» بحيث يذهب عالم الأزهر إلى المقاهى ويتحدث مع روادها عن الله ويركز على تعريفهم بصحيح الدين وتلك التجربة نبعت من اهتمام الأزهر الشريف فى الفترة الأخيرة بتجديد الخطاب الديني، وتجربة الدعوة فى المقاهي، تعد تطبيقا لفكرة الداعية المعاصر، وتنويع أشكال التواصل بين وعاظ الأزهر والجماهير، خاصة فى مواجهة الأفكار المتطرفة والدخيلة على المجتمع. وأيضا قام الأزهر بإجراء تنقية المناهج وتم تشكيل لجان متخصصة فى كل مجالات العلوم من الفقه والتفسير والحديث والأدب وغيرها تم بحث هذه المناهج وإعادة صياغتها من جديد وحذف ما لم يعد مناسبا لهذا العصر أو يحدث التباسا فى ثقافة المسلم المعاصر.

كيف كان التجديد فى مناهج وكتب التراث بالأزهر؟

تجديد مناهج التراث بالأزهر هو القضية التى تمت مطالبة الأزهر الشريف بها حديثا وقام فضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، بتشكيل لجان لتجديد مناهج التراث، والتجديد هنا من باب كيف يمكن أن نوظف الفقه ليواكب العصر، ووفق متطلبات العصر ويغطى احتياجات الناس، فكل عصر له ظروفه الخاصة به وله قضاياه المستجدة وآليات التواصل معه، فالتجديد لا يعنى التجرد عن أصول الدين وثوابته ومسلماته أو الخروج على مبادئه وأخلاقياته، وإنما يعنى البحث فى أدلته المعتبرة ومقاصده العامة واستنباط ما يتفق منها ومتطلبات العصر.

لكن هناك من ينتقد هذه المناهج ويراها تصنع الإرهابيين فما ردكم؟

مناهج الأزهر لا تصنع إرهابيين كما يدعى البعض بل على العكس تنشر الوسطية والاعتدال، فعلى مدار ١٠٤٠ سنة من عمر الأزهر الشريف تدرس هذه المناهج فهل اكتشفنا الآن أنها تصنع الإرهابيين، فهذا كلام محض ادعاء وافتراء على مؤسسة الأزهر الشريف الذى يدرس فيه سنويا نحو اثنين ونصف مليون دارس، نصف مليون منهم فى المرحلة الجامعية و٢ مليون فى مراحل التعليم ما قبل الجامعى، ولو كانت مناهج الأزهر تخرج إرهابيين كما يدعى البعض لكان لدينا سنويا ٢.٥ مليون إرهابى !! وهناك إشكالية ممن ينتقدون الأزهر ومناهجه حيث يأخذون سطورا مبتورة عن سياقاتها من كتب التراث ثم يوظفونها فى قضيتهم لمهاجمة الأزهر، وبالتالى ربما تكون بعض مناهج الأزهر قد فهمت خطأ لدى العامة. ويجب حين تناول حديث ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن نعرف السياق الذى ورد فيه وأسبابه وكما قال علماء التفسير فى علوم القرآن فهم السبب « سبب النزول « يعين على فهم المسببب وهو» النص «، نفس الشيء نجده فى علوم الحديث فلا يمكن أن نفهم النص النبوى حق الفهم إلا إذا نظرنا إلى السياق الذى ورد فيه والملابسات والأسباب تساعد على سداد الفهم.

وماذا عن خطبة الجمعة التى تفتقد أحيانا لآليات الخطاب الشفهى من الإقناع والإمتاع؟

يجب أن يوجه هذا السؤال إلى وزارة الأوقاف حيث إنها المسئولة عن المساجد فى مصر، الأمر الآخر من المهم جدا أن نعيد هيكلة وصياغة الأداء الدعوى عند كثير من خطباء المساجد على مستوى الجمهورية،

ويجب أن نعيد صياغة الأسلوب وطريقة الأداء والمنظومة الثقافية لكل خطيب، وكيف يخاطب مثلا وسط الشباب بلغة قوية جدا تجعلهم ينفرون منها ولا يقدرون على استيعابها وهذا خطأ، فقواعد البلاغة التى تربينا عليها فى الأزهر الشريف تقوم على أنه لكل مقام مقال ولا بد من مراعاة مقتضى الحال، والفئة المستهدفة والرسالة المراد توصيلها، والنتيجة المراد التوصل إليها، فهذه هى مفردات الخطاب.

متى يتحول أى شخص إلى داعشى ولماذا لا يلجأ إليكم فى الأزهـر لفهم صحيح دينه؟

عادة ما يكون هذا الشاب أو الشخص خاويا فقهيا وثقافيا ولذلك يسهل استقطابه، ولو درس فى الأزهر الشريف لن ينضم إلى داعش أو غيرها، ولذلك أؤكد أن الأزهر الشريف رمانة الميزان فى المنطقة العربية وهو الحصانة الفكرية والثقافية لمصر وللعالم كله بدون مبالغة. حيث يدرس فى الأزهر أكثر من ٤٠ ألف دارس سنويا من أكثر من مائة دولة بالعالم، كما نرسل مئات المبعوثين من خريجى الأزهر إلى آسيا وإفريقيا وأوربا لينشروا ثقافة الوسطية والاعتدال ويعلموا الناس صحيح الدين. نجد أيضا القوافل التى ينظمها مجلس حكماء المسلمين، وشرفت أن ترأست قافلة إلى نيجيريا العام الماضى وأقول هنا إن من يريد أن يعرف مكانة الأزهر فلينظر كيف يتعامل الناس فى الخارج مع الأزهر وما يمثله من قيمة تاريخية وحضارية ، فعندما كنت فى نيجيريا قال لى أحد المواطنين النيجيريين «الأزهر بالنسبة للدنيا كالماء والهواء».

ذكرتم بأن هناك حملة ممنهجة ضد الأزهر ممن؟

نعم، هناك حملة ممنهجة على الأزهر، تقودها الصهيونية العالمية التى ترى أن مصر هى الدولة الوحيدة الباقية فى المنطقة العربية ذات كيان قوى وجيش موحد وشرطة مستقرة، وشعب مترابط ومتواصل فيما بينهم، لذلك مصر الوحيدة التى ليس فيها فتنة طائفية ولا يوجد فيها انقسام بين أبنائها بفضل الأزهر وتوجيهاته وجهود علمائه ونشر تعاليم الإسلام السمحة، لذلك توجه الضربة للأزهر. وأستنكر بشدة ما قاله بعض الإعلاميين الذين خالفوا قواعد المهنية وأعلنوا عن وفاة الأزهر نقول لهم أخطأتم بل كذبتم وجهرتم بشىء ما جرؤ التتار أنفسهم أن يجهروا به وما جرؤ نابليون بونابرت عندما دخل مصر أن يجهر به بل كان يتملق شيوخ الأزهر ويتودد إلى الأزهر وعلمائه.

أحداث العنف الدينى تدفع للتساؤل عن دور بيت العائلة واقتصاره على جلسات عرفية للطبطبة؟

أنشئ بيت العائلة عام ٢٠١١ بعد حادث كنيسة القديسين وكان فضيلة الإمام الأكبر يعزى قداسة البابا شنودة الثالث فى الإسكندرية آنذاك واقترح عليه فكرة «بيت العائلة» هذا الكيان المؤسسى ، لتقوية الرابط والنسيج المجتمعى بين أطياف المجتمع مسلمين ومسيحيين، وأنشئ هذا الكيان بالفعل وشكلت لجان له، يرأسه الإمام الأكبر لمدة ستة أشهر ثم ينوبه البابا الستة أشهر الأخرى من العام. والهدف منه هو نشر ثقافة العيش المشترك وثقافة احترام الآخر وتقوية الرباط المجتمعى. وكان لبيت العائلة دور فعال فى وأد كثير من المشكلات التى تعامل معها، وهنا لا بد من تصحيح مفهوم مغلوط عن بيت العائلة وهو أنه مجال للمصالحة و»الطبطبة « فقط، كما أشيع فى حادثة المنيا حيث قال البعض إن بيت العائلة يضيع الحقوق وهو من أسباب الإرهاب فى مصر، وهذا كلام عار من الصحة تماما فبيت العائلة مؤسسة من مؤسسات الدولة، وكيان يعمل على تشجيع القانون وحمايته وتنفيذه وليس تعطيله.

ولماذا تحتاج مصر لمثل هذا الكيان وأين دوره من الخطاب الديني؟

بيت العائلة ضرورة فرضت نفسها بمصر، فهو يعتبر من الواقعية فى التعامل مع المشكلات، ويتميز بإيجابيته، فمعظم المشاكل تقع عند غياب الوعى الصحيح وسيادة الفهم المغلوط للدين وظلت بعض القنوات الإعلامية تنشر لسنوات ثقافة العنف والكراهية والفكر المغلوط، فأصبح من الضرورى التدخل بشكل حاسم لحل هذه المشكلات فكان إنشاء بيت العائلة. ويعمل « بيت العائلة « على مواجهة المشاكل من أجل أن تظل الوحدة الوطنية هى الرابطة التى تجمع أطياف المجتمع المصري. وهدفنا هو تصحيح الوعى فكافة المشكلات تنطلق من الفهم الخاطئ وسوء الوعي، فعبدالرحمن بن ملجم المرادى الخارجى قاتل على بن أبى طالب كرم الله وجهه صهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمه وحبيبه، قتله وهو يزعم أنه يقدم أعظم خدمة للإنسانية وذلك بسبب وعيه الخاطئ.

وما خطة « بيت العائلة « فى تصحيح الوعى؟

هناك استراتيجية مستمرة وقائمة بالفعل، فـ «بيت العائلة» يشمل عدة لجان منها لجنة الثقافة الأسرية، ولجنة الخطاب الديني، ولجنة الشباب وغيرها.. وكل لجنة تقوم بمجموعة من الخدمات على رأسها التوعية، وأحدث الإنجازات التى تمت لبيت العائلة أنه تم إبرام بروتوكول بينه وبين وزارة الشباب والرياضة، تتضمن إقامة ٤٣ لقاء للحوار المجتمعى بجميع المحافظات يشارك بها كبار المفكرين والمثقفين، ليتحاوروا مع الناس ويزيلوا الأفكار المغلوطة، ويصححوا المفاهيم لديهم لنشر الوعى والفكر الوسطى الصحيح، وتم حتى الآن إقامة ١٥ لقاء مجتمعيا فى بورسعيد والمنيا وبنى سويف والقليوبية والبحيرة وعدة محافظات أخرى والعمل مازال موصولا بإذن الله.