قررت السلطات اللبنانية ضخ كميات من الدولار في الأسواق، مع اتخاذ ضوابط تستهدف عدم تهريب الدولار إلى خارج البلاد وضبط عمليات المضاربة على الليرة اللبنانية ومكافحة السوق السوداء، وذلك في سبيل ضبط تفلت سعر صرف الدولار والذي أدى إلى احتجاجات شعبية عارمة في عموم لبنان مساء أمس الخميس نظرا لانعكاساته السلبية على الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
جاء ذلك خلال الاجتماع الطارىء لمجلس الوزراء اللبناني برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب، الذي عقد اليوم الجمعة بحضور حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، ومجلس إدارة جمعية مصارف لبنان، ومجلس إدارة نقابة الصرافين، على وقع مظاهرات وقطع للطرق ومسيرات احتجاجية أخذت طابع العنف والشغب مساء أمس عقب تداول أنباء بوصول سعر صرف الدولار إلى 7 آلاف ليرة.
وقال نائب نقيب الصيارفة محمود حلاوي – في مؤتمر صحفي عقده من داخل السراي الحكومي في ختام اجتماع مجلس الوزراء – إن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه، يقوم بمقتضاه مصرف لبنان المركزي بضخ الدولار في سوق الصرافة اللبنانية المرخصة، في حين يلتزم الصرافون ببيع الدولار بسعر 3940 ليرة بما يدعم استمرار استيراد السلع الغذائية والمواد الأساسية من الخارج.
وأشار إلى أن السوق السوداء تُخرب كافة الخطط المالية التي يتم التوصل إليها، مشيرا إلى أن حاكم مصرف لبنان المركزي التزم بضخ الدولار النقدي، بما يغطي احتياجات المجتمع من الاستيراد، وكذلك الحاجات المبررة للمواطنين اللبنانيين.
وتابع: "البنك المركزي سيضخ استثنائيا الدولار النقدي لدى الصيارفة من الفئة الأولى، باعتبار أنهم الجهة المنضبطة التي تخضع للقانون، والذين سيعملون بدورهم على ترشيد بيع الدولار، ولن يقوموا ببيع الدولار لمن يريد المضاربة على الليرة اللبنانية حرصا على عدم إهدار احتياطي الدولار لدى البنك المركزي هباء".
ولفت إلى أن سوق الصرافة في لبنان لم تكن قادرة على الالتزام ببيع الدولار الأمريكي على سعر 3940 ليرة، وهو السعر المحدد بمعرفة نقابة الصرافين، في ضوء الشُح الكبير في الدولار، غير أنه وبعد إعلان البنك المركزي ضخ الدولار فسيتم الالتزام بهذا السعر.
وأكد أنه في حال لم يحدث ضخ للدولار فستتكرر الأزمة الراهنة، مشددا على أن مؤسسات الصرافة ستكون عليها مسئولية توضيح عمليات بيع الدولار الذي استحصلوا عليه من البنك المركزي، إلى جانب ما جرى الاتفاق عليه من تشدد أجهزة الأمن في مكافحة السوق السوداء.
وأضاف أن شركات الصرافة المرخصة ستبيع الدولار إلى المستوردين وفق أوراق ومستندات رسمية، كما أن البنوك ستمتنع بدورها عن استلام الدولار النقدي إلا بموجب إشعارات رسمية صادرة عن الصرافين المرخصين، الأمر الذي من شأنه أن يمنع تداول الدولار في السوق السوداء.
ولفت إلى أن المستوردين اللبنانيين يحتاجون إلى نحو 10 ملايين دولار يوميا لتلبية احتياجاتهم، غير أن هذا المبلغ انخفض في الآونة الأخيرة بشكل تدريجي بعدما تعرض الكثير من التجار لحالات إفلاس وخروج من السوق اللبناني وكذلك التراجع في مستوى العمل.
ويشهد لبنان منذ مساء الخميس مظاهرات ومسيرات واسعة اندلعت بشكل مفاجىء في معظم أرجاء البلاد وتتسم بالغضب العنيف، احتجاجا على التدهور الشديد في الأوضاع المالية والاقتصادية والنقدية والمعيشية، والغلاء الكبير في أسعار السلع الغذائية والمستلزمات الأساسية جراء الارتفاع اليومي المتسارع في سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة اللبنانية وسط أنباء متداولة عن بلوغه حد الـ 7 آلاف ليرة، في حين أن أسعار الصرف الرسمية تتراوح ما بين 1500 ليرة في البنوك و 3940 ليرة في سوق الصرافة، وهو السعر الذي سبق وجرى التوصل إليه بين المصرف المركزي ونقابة الصرافين في ضوء اتفاق أبرم مؤخرا بمعرفة رئاسة الحكومة اللبنانية مع الصرافين في محاولة للجم ارتفاع الدولار.