أكد مراقبون
أن الموقف المصري في أزمة سد النهضة يتفق مع مبادئ القانون الدولي، حيث تتمسك مصر
بحقوقها المائية وتعتمد على المفاوضات للوصول إلى حل يحمي مصالح الدول الثلاث مصر
وإثيوبيا والسودان، إلا أن الجانب الإثيوبي انتهك مبادئ القانون الدولي ويعتمد في
على المماطلة واتخاذ مواقف أحادية الجانب، موضحين أنه على المجتمع الدولي الاضطلاع
بمسئولياته في هذا الملف.
كان وزراء
الري في مصر والسودان وأثيوبيا قد عقدوا أمس الخميس، 11 يونيو 2020 الاجتماع الثالث
حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبي، وهي المشاورات التي كانت قد بدأت منتصف الأسبوع
الجاري بمبادرة مقدرة من جمهورية السودان الشقيق، حيث تم مناقشة ورقة تقدمت بها أثيوبيا
تتضمن رؤيتها حول أسلوب ملء وتشغيل سد النهضة.
وقد أعربت
مصر، وكذلك السودان، عن تحفظها على الورقة الأثيوبية لكونها تمثل تراجعاً كاملاً عن
المبادئ والقواعد التي سبق وأن توافقت عليها الدول الثلاث في المفاوضات التي جرت بمشاركة
ورعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي، بل وإهداراً لكافة التفاهمات الفنية التي تم
التوصل إليها في جولات المفاوضات السابقة.
وأكدت مصر
استمرار تمسكها بالاتفاق الذي انتهى إليه مسار المفاوضات التي أجريت في واشنطن لكونه
اتفاقا منصفا ومتوازنا ويمكن أثيوبيا من تحقيق أهدافها التنموية مع الحفاظ على حقوق دولتي
المصب.
وقد أكدت مصر
ضرورة أن تقوم أثيوبيا بمراجعة موقفها الذي يعرقل إمكانية التوصل لاتفاق، كما شددت
مصر على أن تمتنع أثيوبيا عن اتخاذ أية إجراءات أحادية بالمخالفة لالتزاماتها القانونية،
وخاصة أحكام اتفاق إعلان المبادئ المبرم في 2015، لما يمثله هذا النهج الأثيوبي من
تعقيد للموقف قد يؤدي إلى تأزيم الوضع في المنطقة برمتها.
كما أكدت مصر
أهمية قيام إثيوبيا بالتفاوض بحسن نية أسوة بالنهج الذى تتبعه مصر منذ بدء المفاوضات
من أجل التوقيع إلى اتفاق عادل يراعي مصالح الجميع.
حقيقة النهج الإثيوبي
وفي هذا السياق، قال الدكتور أيمن سلامة،
أستاذ القانون الدولي العام، إنه بالرغم من تأزم الموقف خلال مفاوضات سد النهضة بسبب
عدم إبداء حسن النية في التفاوض من جانب إثيوبيا وبالرغم أيضا من أن عامل الوقت ليس
في صالح مصر، ولكن يمكن لمصر أن تناشد الشركاء والفاعلين الدوليين سواء الدول أو المنظمات
الدولية المعنية بأن يبذلوا كل الجهود المرجوة من أجل إثناء إثيوبيا عن عنتها وغيها.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أنه بالرغم أيضا من إصرار إثيوبيا على تحجيم أدوار المراقبين الدوليين لهذه المشاروات
الفنية الجارية ولكن لربما يقوم هؤلاء بأي دور غير مباشر في حلحلة ذلك التعصب الإثيوبي
المقيت، عن طريق إبلاغ الدول والمنظمات التي يمثلونها في هذه المشاورات.
وأضاف إن مصر بينت للمجتمع الدولي بعناصره
المختلفة حقيقة النهج الإثيوبي في التفاوض على مدار 9 أعوام منذ عام أبريل 2011 منذ
إعلان أديس أبابا عزمها بناء السد، وانتهاكها العديد من مبادئ القانون الدولي وفي الصدارة
منها "حسن النية في المفاوضات" و"حسن في النية في تنفيذ المعاهدات الدولية".
وأكد سلامة أن المجتمع الدولي منوط
به الاضطلاع بمسئولياته تجاه إثيوبيا.
مبادئ القانون الدولي
ومن جانبه، قال السفير محمد العرابي،
عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب ووزير الخارجية الأسبق، إن بيان مصر بشأن
مفاوضات سد النهضة عقب اجتماع وزراء الري في الدول الثلاث أمس هو بيان واضح، حيث أكدت
مصر للجانب الإثيوبي وللعالم أجمع أنها مارست خلال الفترة الماضية سياسة الصبر الطويل.
وأوضح العرابي، في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن البيان يعبر تماما عن مدى اعتماد الجانب الإثيوبي على كسب الوقت واتباع
أساليب المراوغة في التفاوض في ملف مهم وحساس، مؤكدا أن النهج الإثيوبي لم يرق إلى
خطورة الأمر وحساسية ملف مياه النيل بالنسبة للسودان ومصر وهو أمر يثير القلق.
وأشار إلى أن دعوة مصر لإثيوبيا بمراجعة
موقفها هي دعوة هامة للغاية وعلى الجانب الإثيوبي استيعابها لأن الأمور في النظام الدولي
الجديد لا تدار بهذا الشكل وأن التصرفات المنفردة التي قد تضر بالآخرين لا تتناسب لا
مع ميثاق الاتحاد الأفريقي ولا ميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف أن الموقف المصري رصين وأخلاقي
يعتمد على مبادئ القانون الدولي والأعراف الدولية، مشيرا إلى أن إثيوبيا تمارس سياسة
غريبة وبعيدة تماما عن سياساتها على مدى التاريخ، فهناك تطور شهده النهج الإثيوبي يتناقض
تماما مع سلوكها على مدى تاريخ طول من التعاون بينها وبين مصر.
وأكد العرابي أن التفاوض الآن في ظل
هذا النهج قد لا يكون مجديا وعلى إثيوبيا أن تبدي موقفا جديدا أولا يستدعي العودة مرة
أخرى لمائدة المفاوضات، مضيفا إن ممارسة الأسلوب الدبلوماسي هو الأمر الصحيح في التعامل
مع هذه الأزمة.