في إطار توجه الدولة المصرية نحو تبني استراتيجية مصر 2030، والتي تشمل العديد من الخطط الحكومية، لضمان تكامل الجهود وتحقيق التوظيف الأمثل للموارد، وبناء على توجيهات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، يقوم مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، برصد أهم التوجهات التي تشكل مستقبل العالم، بجانب الوقوف على الوضع في مصر لضمان التطوير المستمر لأنشطة الدولة المصرية بما يحقق الرؤية المستقبلية المنشودة.
وفي هذا الصدد، فقد أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، العدد الخامس من النشرة الدورية "توجهات مستقبلية"، تحت عنوان "مستقبل الرعاية الصحية".
وأكد الأستاذ أسامة الجوهري، مساعد الدكتور رئيس مجلس الوزراء ورئيس المركز، على أن هذا العدد من النشرة يهتم بالتعرف على مستقبل الخدمات الصحية، وذلك من خلال دراسة رقمنة الرعاية الصحية، وأجهزة الاستشعار، والبيانات الضخمة، وكذلك الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي من شأنه أن يوفر العديد من البدائل أمام صانع القرار المصري للنهوض بنظم الرعاية الصحية وتطويرها، لتتواكب مع التطورات المستقبلة، مشيراً إلى أنه قد تم التوصل إلى مجموعة من التحديات الرئيسية التي تواجه الأنظمة الصحية حول العالم، لعل أبزر تلك التحديات التغيرات الديموغرافية، وكذلك التحولات التي تشدها قطاعات القوى العاملة، فضلاً عن تغير خريطة توزيع الموارد حول العالم، هذا بجانب تزايد المخاوف من تكرار انتشار الأوبئة.
وأشار "الجوهري"، إلى أن مؤشر الأمن الصحي العالمي يركز على 6 مجالات أساسية، وهم كالتالي: الوقاية من ظهور مسببات الأمراض، والكشف المبكر، وسرعة الاستجابة للحد من انتشار الوباء، بجانب امتلاك نظام صحي قادر على معالجة المرضى، وحماية العاملين في القطاع الصحي، فضلاً عن الالتزام بالقواعد الدولية لمواجهة الأوبئة والقدرة على التواصل الفعال فيما يتعلق بمخاطر الأوبئة من أجل تحقيق أكبر قدر من الشفافية.
وتابع "الجوهري"، أن مصر جاءت في المرتبة التاسعة على مستوى المنطقة العربية بمؤشر الأمن الصحي العالمي، وذلك بعد المملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة الأولى، أما على مستوى القارة الأفريقية، فقد احتلت مصر المرتبة السابعة، ضمن 54 دولة أفريقية، موضحاً أن هناك العديد من الملاحظات حول الأنظمة الصحية على مستوى العالم، منها ضعف الأمن الصحي على مستوى الدول، وعدم جاهزية الدول لمواجهة أحداث بيولوجية عالمية، بالإضافة إلى عدم تخصيص العديد من الدول جزء ميزانيتها العامة لصالح تحسين الأنظمة الصحية لمواجهة مخاطر الأوبئة.
كما أوضح "مساعد رئيس مجلس الوزراء ورئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء"، أن التطور التكنولوجي وتطورات الثورة الصناعية الرابعة، ستساهم بقدر كبير في تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية مستقبلاً، وذلك من خلال إيجاد بدائل للتعامل مع الأوبئة، حيث ستسمح تقنيات الخدمات الصحية عن بعد للمرضي بالتواصل مع مقدمي خدمات الرعاية الصحية، الذي بإمكانهم تشخيص المشاكل الصحية عن بعد، بالاعتماد على تقنيات انترنت الأشياء، متوقعاً أن تسهم تلك التطورات في تحسين نتائج الرعاية الصحية من خلال ترشيد الوقت، وتقليل فرص الخطأ في التشخيص والعلاج.
وتابع "الجوهري"، أن هناك العديد من التقنيات المتقدمة في مجال الطب والرعاية الصحية، منها إنترنت الأشياء الطبية، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وكذلك الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، بالإضافة إلى الطفرة في مجال الروبوتات، وعلوم البيانات، والأجهزة القابلة للارتداء، بجانب تقنية التوأم الرقمي، وعلم الجينوم، فضلاً عن تكنولوجيا الجيل الخامس، وما تساهم به من دعم لمؤسسات الرعاية الصحية.
ونوه "الجوهري"، أن الرعاية الصحية الافتراضية، والتي تعرف بـ "الرعاية الصحية عن بعد" تشتمل على أي تفاعل يحدث بين المرضى أو مقدمي الرعاية، باستخدام النظم المتطورة من الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بهدف زيادة جودة وفعالية الرعاية الصحية المقدمة، موضحاً أن الرعاية الصحية الافتراضية تسهم في وصول المريض أمام الطبيب المناسب في الوقت المناسب، دون أن يشكل الموقع الجغرافي أي عائق، مؤكداً أن أزمة فيروس "كورونا" المستجد كشفت عن وضع الأنظمة الصحية في العالم، ومعاناتها نقص الإمدادات، الأمر الذي أثار العديد من المخاوف، وكشف عن حاجة الأنظمة الصحية العالمية إلى الإصلاح والتطوير، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن الأنظمة الطبية التقليدية لم تعد ملائمة في مكافحة الأوبئة التي تنتشر بسرعة كبيرة، لذا من المتوقع أن يتم اللجوء إلى زيادة التوسع في استخدام التقنيات التكنولوجية الحديثة في مواجهة الأمراض والأوبئة.
وفيما يتعلق بمستقبل نظم الرعاية الصحية ما بعد جائحة "كورونا"، فقد أشار "الجوهري"، إلى أنه سيتم إعادة ترتيب خريطة الرعاية الصحية بما يعطي الأولوية لعناصر لم تكن موضع اهتمام من قبل، حيث سيزداد الاهتمام بطب الأسرة، وحماية العاملين بالخدمات الطبية، والاعتماد على التقنيات المتقدمة والرعاية الصحية عن بعد، وذلك بهدف ضمان الاستعداد للتعامل مع أي أمراض محتلمه.
أما بشأن الرعاية الصحية في مصر، فقد أكد "الجوهري" أن مصر تبذل المزيد من الجهود لتطوير منظومة الرعاية الصحية، ورفع كفاءتها، وكذلك الارتقاء بمستوى جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وذلك من خلال إطلاق العديد من المبادرات الرئاسية، لعل أبرزها: المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار للتدخلات الحرجة، وكذلك المبادرة الرئاسية للقضاء على فيروس سي والأمراض غير السارية "100 مليون صحة"، هذا بجانب المبادرة الرئاسية لدعم صحة المرأة المصرية، مشيراً إلى أن الركائز الأساسية لرؤية وزارة الصحة والسكان في مجال الرعاية الصحية تتمثل في التأمين الصحي لجميع المواطنين، وكذلك تحسين جودة الخدمات الصحية، فضلاً عن التمويل المستدام، بجانب الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع ضمان متلقي الرعاية الصحية.
أما فيما يتعلق بالتوجهات المستقبلية للرعاية الصحية في مصر، فقد أوضح "رئيس المركز"، أنه يتم ميكنة خدمات العناية المركزة، وإنشاء بنية أساسية معلوماتية وتكنولوجية بوزارة الصحة، مع إمكانية تطبيق خدمات الرعاية الصحية عن بعد والعلاج الإلكتروني، هذا بجانب زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية في مصر.
الجدير بالذكر، أن النشرة الدورية "توجهات مستقبلية" التي يصدرها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء كل أسبوعين، تهتم برصد أهم التوجهات المستقبلية واستعراض التطورات التي وصلت إليها، وما يرتبط بها من فرص ومخاطر، مع إطلالة على وضع مصر من خلال رصد الجهود المبذولة للاستعداد للمستقبل.