وصف
برلمانيون الموقف الإثيوبي خلال مفاوضات سد النهضة بأنه استعلاء وخروج على مبادئ
الاتحاد الأفريقي الذي تستضيف أديس أبابا مقره الرئيسي، موضحين أن موقف مجلس الأمن
القومي الأمريكي ومطالبته إثيوبيا بالاتفاق مع مصر والسودان قبل ملء السد بأنه
توصية غير ملزمة، لأن إثيوبيا تماطل للوصول لاتفاق نهائي وأن مصر لديها عدة بدائل
للتحرك.
كان قد طالب
مجلس الأمن القومي الأمريكي، قبل يومين، إثيوبيا بإظهار روح قيادية قوية وإبرام
اتفاق عادل بشأن سد النهضة قبل البدء في الملء.
ونشر الحساب
الرسمي للمجلس، على "تويتر"، تغريدة تعبر عن موقفه من المفاوضات الجارية
بين مصر والسودان وإثيوبيا باشتراك مراقبين من حكومتي الولايات المتحدة وجنوب إفريقيا
ومفوضية الاتحاد الإفريقي، "257 مليون شخص في شرق إفريقيا يعتمدون على إثيوبيا
في إظهار قيادتها القوية لإبرام صفقة عادلة، حان الوقت لإنجاز الصفقة قبل ملئها للسد
من نهر النيل".
وصرح الدكتور محمد عبد العاطي وزير
الموارد المائية والري، في أعقاب انتهاء اجتماع وزراء المياه في مصر والسودان وأثيوبيا
حول سد النهضة الأثيوبي والذي عقد الأربعاء الماضي، أن مفاوضات سد النهضة التى أجريت
على مدار الفترة الماضية لم تحقق تقدم يذكر، وذلك بسبب المواقف الأثيوبية المتعنتة
على الجانبين الفني والقانوني، حيث رفضت أثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية أن
تقوم الدول الثلاث بإبرام إتفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، وتمسكت بالتوصل إلى مجرد
قواعد إرشادية يمكن لإثيوبيا تعديلها بشكل منفرد.
كما سعت أثيوبيا الى الحصول على حق
مطلق فى اقامة مشروعات في أعالي النيل الأزرق، فضلاً عن رفضها الموافقة على أن يتضمن
اتفاق سد النهضة ألية قانونية ملزمة لفض النزاعات، كما اعترضت اثيوبيا على تضمين الاتفاق
إجراءات ذات فعالية لمجابهة الجفاف.
وأوضح وزير الري، أنه رغم طول أمد المفاوضات
على مدار ما يقرب من عقد كامل، إلا أن مصر انخرطت في جولة المفاوضات الأخيرة التي دعا
إليها السودان الشقيق بحسن نية سعياً منها لاستنفاد واستكشاف كافة السبل المتاحة للتوصل
إلى اتفاق عادل ومتوازن حول سد النهضة، بما يؤمن لأثيوبيا تحقيق أهدافها التنموية من
هذا المشروع، مع الحد، في الوقت ذاته، من الآثار السلبية والأضرار التي قد يلحقها هذا
السد على دولتي المصب. ولكن للأسف، استمرت أثيوبيا فى مواقفها المتشددة.
هذا، وقد اعترضت أثيوبيا في ختام اجتماعات
وزراء الري على اقتراح بأن تتم إحالة الأمر إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث كفرصة أخيرة
للنظر في أسباب تعثر المفاوضات والبحث عن حلول للقضايا محل الخلاف، مما أدى إلى انهاء
المفاوضات.
خروج عن
مبادئ الاتحاد الأفريقي
وفي هذا
الصدد، قال السفير محمد العرابي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب ووزير الخارجية
الأسبق، إن مطالبة مجلس الأمن القومي الأمريكي لإثيوبيا بالاتفاق العادل بشأن سد النهضة
قبل بدء الملء هي توصية غير ملزمة، مضيفا إن الإدارة الأمريكية يجب أن تكون أكثر فاعلية
وتلعب دورها مرة أخرى كوسيط لتوصيل الأطراف الثلاثة لاتفاق عادل يحقق مصالحهم.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن الإدارة الأمريكية داخلها خلافات حول كيفية التعامل
مع إثيوبيا في الفترة المقبلة، ويجب عليهم أن يأخذوا موقفا محددا يكون عادلا لكل الأطراف،
مؤكدا أن إثيوبيا خرجت عن مبادئ الاتحاد الأفريقي الذي تستضيف مقره في العاصمة أديس
أبابا وسياساتها لا تتناسب مع روح الاتحاد وأفكاره بالتعاون البناء بين الدول الأفريقية
وبعضها.
وأكد أن هذا
الموقف والإصرار الإثيوبي على ملء السد حتى بدون اتفاق بين الدول الثلاث به قدر كبير
من الاستعلاء لا يتطابق مع تاريخ هذه الدولة، الملئ بدورها الفعال في تحفيز التعاون
بين الدول الأفريقية وبعضها البعض، مضيفا إن إثيوبيا تناقض تاريخها والأعراف والقانون
الدولي.
وأشار إلى
أن مصر طالبت في وقت سابق إثيوبيا بأن تراجع موقفها وهو الأمر المطلوب في هذه المرحلة
لأنها دخلت في إطار سياسي غريب لا يتطابق مع منطق العصر الذي نعيشه.
بدائل مصر للتحرك
ومن
جانبه، قال اللواء حمدي بخيت، عضو لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، إن مطالبة مجلس
الأمن القومي الأمريكي لإثيوبيا بالوصول لاتفاق عادل قبل بدء ملء سد النهضة، جاءت بعد
فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات بين وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا في ظل التعنت
والمماطلة الإثيوبية وفرضها سياسة الأمر الواقع.
وأوضح في تصريح
لـ"الهلال اليوم"، أن الدور الأمريكي لم يحقق تقدما ملموسا في مفاوضات سد
النهضة حيث لم تلتزم إثيوبيا بالحضور وتوقيع الاتفاق النهائي عقب جولة من المفاوضات
استضافتها واشنطن مطلع العام الجاري، مضيفا إن إثيوبيا لا تستطيع أن تمارس هذا التعنت
إلا بالاستناد على بعض القوى العالمية.
وأكد أن المفاوضات
بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، وفي كل جولة للمفاوضات تماطل إثيوبيا وتلقي
بأوراق غير مجدية ولا تحقق صالح كل الأطراف، مؤكدا أن مصر لا يزال أمامها مجالات للتحرك
والوساطة والحل السياسي، ولا يمكن أن نقطع أمل الوصول للاتفاق لأن المتغيرات الدولية
كثيرة وهناك عدة بدائل.