لا أحد يستطيع أن ينكر دور مصر العربي والإقليمي في المنطقة، إذ أن ثورة
الثلاثين من يونيو عملت على عودة الريادة المصرية في محيطها العربي والإقليمي من
جديد، وذلك بعد أن حاول الإخوان التقرب من الأتراك وقطر على حساب باقي الدول.
ومنذ مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سدة الحكم، وهو حريص على التواصل مع جميع
الدول العربية في إطار من الاحترام المتبادل والتعاون المشترك، فكانت القاهرة
حاضنة لجميع المبادرات العربية التى تؤدى إلى السلم العام أو مشاركة في أي مبادرة
من هدفها محاربة الإرهاب أو تحقيق التقدم في المنطقة.
مصر والقضية الفلسطينية بعد 30 يونيو
ومنذ انتخابه لم يألُ الرئيس السيسى جهدا من خلال اتصالاته الدولية
واجتماعاته مع قادة العالم وأيضا زياراته الخارجية في التأكيد على ضرورة حل القضية
الفلسطينية حلًا عادلًا وتشديده على ضرورة اتخاذ التدابير كافة، من قبل المجتمع
الدولي لإنهاء هذا الصراع وتمكين الفلسطينيين من العيش بحرية وكرامة.
انخراط في الجهود الدولية لدعم الفلسطينيين عكسها ما بذلته الدبلوماسية
المصرية بعد أيام قليلة منذ تولى السيسى الحكم في عام 2014؛ فعقب العدوان
الإسرائيلي على قطاع غزة في صيف 2014، نظمت مصر بالتعاون مع الحكومة النرويجية -
"مؤتمر القاهرة حول فلسطين: إعادة إعمار غزة" يوم 12 أكتوبر 2014 لرفع
المعاناة عن الشعب الفلسطيني وإزالة آثار العدوان، حيث تمكن المؤتمر من حصد نحو
5.4 مليار دولار كمساعدات دولية لفلسطين.
دور مصر في حل الأزمة السورية
وجاءت التحديات التي فرضتها تطورات الأزمة السورية واتصالها الوثيق بالأمن
القومي المصري والعربي لتدفع بالقضية السورية لصدارة أولويات تحركات السياسة
الخارجية المصرية.
وبذلت الدبلوماسية المصرية جهودا حثيثة لوقف نزيف الدم السوري، وتم تقديم
منصة وطنية للمعارضة السورية – يقودها السوريون أنفسهم – من خلال رعاية مصر
لمجموعة تستقطب معارضة وطنية معتدلة تسعى إلى التوصل لحلٍ سياسي يؤسس لدولة مدنية
سورية تحافظ على وحدة أراضيها وترابط أطيافها المجتمعية والدينية، مع الحفاظ على
مؤسسات الدولة السورية.
وتم عقد "مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية" في يناير 2015، ثم عقد
مؤتمر ثان موسع بالقاهرة في يونيو 2015 صدرت عنه وثيقتا "خارطة الطريق"
و"الميثاق الوطني السوري"
وانطلاقاً من ثوابت الموقف المصري المتوازن إزاء الأزمة السورية، تحرص مصر
على السعي نحو دعم جهود التوصل إلى تسوية سياسية، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على
وحدة واستقلال وسيادة الأراضي السورية وضمان أمن وسلامة الشعب السوري واستقرار
وتماسك الدولة السورية بمؤسساتها الوطنية، فضلاً عن رفض العدوان التركي الأخير على
الأراضي السورية، وهو الموقف الذي يتسق مع المبادئ الأساسية للسياسة الخارجية المصرية
ويحظى بتقدير المجتمع الدولي.
وتواصل مصر جهودها في استضافة اللاجئين السوريين الذين تقدر أعدادهم بحوالي
نصف مليون شخص، حيث يتم تقديم كافة أوجه الدعم والامتيازات لحصول الأشقاء السوريين
في مصر على الخدمات الأساسية في مختلف المجالات، وخاصةً التعليم والصحة شأنهم شأن
المواطنين المصري.
كما دعت مصر لاجتماع طارئ لمجلس وزراء الخارجية لجامعة الدول العربية لبحث
العدوان التركي على الأراضي السورية في أكتوبر 2019، حيث أدان الاجتماع الاعتداء
التركي على سوريا باعتباره خرقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن
التي تدعو إلى الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا.
مصر وحل الأزمة الليبية والقضاء على الإرهاب
وفي خضم الأزمة المريرة التي تعيشها ليبيا، تأتي الأوضاع المتردية في
الدولة الجارة في مقدمة أولويات السياسة الخارجية المصرية، نظرا لعمق العلاقات
التاريخية والاستراتيجية التي تربط البلدين، وهو ما أكدته مصر من خلال مبادرتها
التي سبق وأن أطلقتها وعبرت فيها عن موقفها الثابت والواضح من تطورات الأوضاع في
ليبيا، والتي ارتكزت على ثلاثة مبادئ تكمن في احترام وحدة وسيادة ليبيا وسلامة
أراضيها، عدم التدخل في الشئون الداخلية لليبيا، الحفاظ على استقلالها السياسي،
علاوة على الالتزام بالحوار الشامل ونبذ العنف.
وفي هذا الإطار استضافت مصر وعقدت العديد من الاجتماعات مع مختلف الأطراف
الليبية، وخاصةً البرلمانيين الليبيين، وكذا القوى الإقليمية والدولية المعنية
بالأزمة في ليبيا، فضلاً عن المشاركة بالمؤتمرات الإقليمية والدولية حول ليبيا،
بهدف تناول الجهود المصرية الرامية لاستعادة الأمن والاستقرار هناك، والانخراط في
عملية برلين في إطار السعي نحو إيجاد حل شامل يتضمن التعامل مع كافة عناصر الأزمة
الليبية من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها، وبما يسمح بالتوصل إلى
تسوية مُستدامة للأزمة، ويُحافظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها. بالإضافة إلى
تنظيم مؤتمر لزعماء القبائل الليبية بهدف التوصل إلى حل سلمي يدعم الاستقرار ويسهم
في دفع جهود التنمية والتعاون في شتى المجالات، فضلا عن محاربة الإرهاب.
وفي إطار حرصها على العمل على استعادة الأمن والاستقرار في ربوع ليبيا،
قامت مصر بتشكيل اللجنة الوطنية المعنية بالأزمة الليبية.
كما رفضت مصر قيام المدعو "فايز السراج" بتوقيع مُذكرتي تفاهم مع
تركيا، باعتبار أن ذلك يتجاوز صلاحياته وفقاً لاتفاق الصخيرات السياسي؛ مع التأكيد
على أهمية عدم انتهاك الأراضي الليبية ودخول أطراف ثالثة تُزيد من تعقد الموقف على
المشهد الليبي. وجاري مواصلة الجهود مع الأطراف الدولية للتصدي للتدخلات التركية.
وبعد 7 أعوام من تولي القيادة السياسية تواصل مصر دعمها للشعب الليبي
الشقيق وتعمل على استعادة الاستقرار والحفاظ على وحدة وأراضي البلد الشقيق في
مواجهة التدخلات والأطماع وهو ما عكسته المبادرة "إعلان القاهرة" برعاية
الرئيس السيسى لوقف إطلاق النار في ليبيا وهى ما حظيت بترحيب دولي كبير.
دعم الاستقرار في اليمن
وفيما يخص الوضع في اليمن أكدت مصر دوما مساندتها الشرعية اليمنية، وتابعت
تطورات القضية اليمنية منذ ثورة فبراير 2011 وما شهدته البلاد من عدم استقرار أمني
وسياسي، باعتبارها من أولويات السياسة الخارجية المصرية في ضوء خصوصية العلاقات
بين البلدين والتي يظل البعد الاستراتيجي والأمني عنصرا أساسيا في منظومتها.
وارتكز الموقف المصري دائما على دعم وحدة الأراضي اليمنية والترحيب بقرارات
الأمم المتحدة كافة ومجلس الأمن الصادرة بشأن اليمن، فضلا عن تأييد التسوية
السلمية وإجراء حوار وطني من أجل التوصل لحل توافقي
العلاقات مع الأردن والعراق
وشهد عام 2019 تدشين آلية التعاون الثلاثي بين مصر والعراق والأردن عبر عقد
القمة الأولى لزعماء الدول الثلاث بمشاركة رئيس الجمهورية بالقاهرة في 24 مارس
2019، والتي تم الاتفاق خلالها على دفع التعاون والتنسيق والتكامل بين الدول
الثلاث في مختلف المجالات. فيما عُقدت القمة الثلاثية الثانية بمشاركة رئيس
الجمهورية على هامش افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في 22
سبتمبر 2019.
وتشارك مصر بفاعلية في الائتلاف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، فتولت
رئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولي، وقامت في هذا الإطار بعدد من
المبادرات الرامية لتعزيز التعاون والتنسيق الدوليين في إطار مكافحة الإرهاب،
ومحاولة إيجاد حلول مستدامة تستهدف التعامل مع جذور ظاهرة التطرف.
العلاقات المصرية الخليجية
وبالنسبة للعلاقات المصرية مع دول الخليج، أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن علاقات مصر مع دول الخليج، خاصة السعودية
والإمارات علاقات قوية وثابتة، مشيراً إلى أن مصر حريصة على ذلك، كما أن الأشقاء
حريصون على توطيد العلاقة أيضاً.
وأشار السيسي في تصريحات سابقة له، إلى أن المنطقة العربية في حاجة إلى
قيام الدول العربية بمراجعة شاملة تستهدف التعامل بشكل أكثر إيجابية مع قضايانا
لصالح الدول والشعوب، وأن التعايش والحوار والتنسيق هي أفضل السبل لحل أي
إشكاليات، مؤكداً أن «دورنا يجب أن يكون جمع الشمل العربي واحتواء المشكلات،
لاسيما أن المنطقة في أصعب أحوالها»، قائلا ً إن هناك أربعة مبادئ رئيسية تحكم
علاقة مصر بالعالم الخارجي، وهي: «الشراكة وليس التبعية والثوابت التي لا تتغير
والأسلوب المنفتح والمتوازن على الجميع في إطار من العلاقات الاستراتيجية الثابتة
التي نحافظ عليها وتبادل المصالح والرأي والاحترام المتبادل».