كتب ـ محمد الحنبوصي
عندما يسلم الإنسان عقله إلى الإدمان؛ فإنه يخسر كل شيء، ويرتكب جرائم يضيع على أثرها أقرب الناس إليه، وتكتمل فصول المأساة، حينما يكون هذا المجرم هو الأم، والضحية طفل لم يتجاوز السنوات السبع.
«محمد وليد»، اسم يمثل عنوانا لمأساة وقعت أحداثها في حي الموسكي، أحد أقدم أحياء القاهرة الفاطمية، ولعب دور البطولة في هذه التراجيديا السوداء، أم باعت نفسها لهوس المخدرات، واختارت أن تتخلص من فلذة كبدها بالماء المغلي، الذي لا يجرؤ أصحاب العقول الحاضرة، على استخدامه لقتل الحيوانات الضواري.
«دار الهلال» انتقلت إلى حارة «الفواطية»، بالموسكي؛ للاستماع إلى تفاصيل هذه الجريمة البشعة، على لسان الجيران، وشهود العيان.
تاجرة مخدرات
وتروي الحاجة حربية، وهي سيدة مسنة، وجدنا جالسة على كرسي خشبي، بجوار المنزل الذي شهد الجريمة، وبمجرد سؤالنا عن أحداث الواقعة قالت: «الأم المتهمة تدعى سمر، وهي تعيش في المنزل الملاصق لمنزلي، منذ 40 عاما، وتزوجت قبل 8 أعوام، إلا أنها لم تنجب غير الطفل الضحية، بعد عامين من فقط من زواجها».
وأضافت لـ«الهلال اليوم»: «عقب ميلاد الطفل بشهور قليلة، اتجهت هي وزوجها لتجارة المواد المخدرة، وزاد زوجها بممارسة نشاطه في سرقة المواطنين، حتى تم القبض عليه، وسجنه، وخلال ذلك الزوجة تتعاطى الأقراص المخدرة، حتى أدمنتها، وأُصيبت بالهوس جراء غياب عقلها الدائم».
وتابعت: «تطورت حالة الزوجة، وكانت تتشاجر دون أسباب مع الأهالي، وتتعمد الاعتداء بقسوة على نجلها، زوجها حبسها فى المنزل»، كاشفة عن أن الطفل لقي مصرعه، تحت وطأة تعذيب أمه له».
الجدة المهملة
بدوره قال صاحب محل دواجن، مجاور لمنزل المتهمة، ويدعى صابر: «قبل الواقعة بأيام قليلة، سمعنا صراخ الطفل، فصعدت إليهم، لأفاجأ بأن قدميه ينزفان بشدة، ولما سألته أخبرني أن والدته أجبرته على الوقوف على الزجاج».
وأضاف: «أخذت الطفل من أمه عنوة، ليقيم يومين بين أبنائي، إلى أن حضرت جدته، وأخذته ليقيم معها، ثم سلمته لوالدته مرة ثانية، فلم أتحمل ما يحدث للطفل؛ وأبلغت الشرطة التي حضرت، واتخذت الإجراءات اللازمة لحمايته من والدته وسلمته لجدته».
وتابع: «فوجئت بعد هذه الواقعة بتعدي أم محمد على زوجتي بالضرب، وطالبتها بالابتعاد عن ابنها»، مضيفا: «السبب الرئيس في قتل الطفل، جدته وخالاته اللاتي وثقت بهم الأجهزة الأمنية، والجيران، إلا أنهم سلموه لأمه من جديد.
يوم الواقعة
وحول تفاصيل يوم الواقعة، قال صاحب محل الدواجن: «أغلقت الأم باب الشقة، من الداخل؛ لتمنعنا من الدخول عقب سماعنا صوت صراخ الطفل، مستنجدا بالجيران، فأسرعت زوجتي التى تساعدني في المحل، إلى جدته تطالبها بالحضور وإنقاذ الطفل من بين يدي أمه، إلا أننا فوجئنا بانقطاع صرخات الطفل فجأة».
وتابع: «أسرعت الجدة التي حضرت في الوقت غير المناسب، ومعها أحد الجيران، الذي كسر باب الشقة؛ لنجد محمد ملقى علي وجهه، والحروق تنتشر بأجزاء جسده، نتيجة كمية هائلة من الماء المغلي ألقتها عليه أمه، أثناء تعذيبها له، فأسرعت حاملا الطفل إلى المستشفى، لنجده مفارقا الحياة».
كان مدير أمن القاهرة، اللواء خالد عبدالعال، تلقى إخطارا من قسم شرطة الموسكي، بوصول طفل في السادسة من العمر، مصابا بكسور، وحروق من الدرجة الثالثة، إلى مستشفى الجلاء، جثة هامدة.
وانتقل رجال المباحث، بإشراف اللواء محمد منصور، مدير مباحث العاصمة، إلى المستشفى، وبإجراء التحريات حول الواقعة، تبين أن الأم كانت تعذب الضحية بالماء المغلي، حتى لقي مصرعه.
تم تحرير محضر بالواقعة، وضبط الأم، عرضها على النيابة العامة، التي تولت التحقيق.