جريمة
مروعة هزت منطقة بهتيم بشبرا التابعة لمحافظة القليوبية، بعدما قتلت أم -انتزعت الرحمة
من قلبها- طفلتيها الصغيرتين، ووضعت جثتيهما بجوار بعضهما، ونزلت لشراء اللبن بغرض
تضليل أهل زوجها وسكان المنطقة ، قبل أن تعود صارخة: الحقوني، بناتي ماتوا.
"سمية" التي
تبلغ من العمر 28 عاما أم لثلاثة أبناء والتي مات طفلها الأصغر "عبد الله"
منذ أربعين يوما، والمتهمة بقتل طفلتيها "ريتاج" 7 سنوات،
و"جنى" 6 سنوات، تحكي قصتها مع زوجها قائلة: «تزوجت منذ 9 سنوات، جار
لنا، في منطقة بهتيم بشبرا الخيمة، كانت حياتنا هادئة أول الجواز، وبعد فترة قليلة
بدأ جوزي يظهر على حقيقته، ويتحكم في كل شيء، وكأني غير موجودة نهائيا، وخاصة
بعدما ولدت ابنتي «ريتاج» و«جنى»، حيث زادت الإهانة والذل، فهو يكره خلفة البنات،
ودايما يقول إنهم "ملهمش لازمة".
المتهمة: مصروفي 100 جنيه في الشهر
وتابعت
المتهمة: "جوزي كان مصر على إذلالى، كنت عايشة معاه في شقة ببيت العائلة،
وحياتي كلها كانت مسخرة لخدمته وخدمة أهله، وكان يعطيني مصروفا شخصيا 100 جنيه في
الشهر، من غير أن يكون لي الحق في شراء أي شيء،
لكني اشتريت غسالة بدلا من القديمة اللي عندي، وكنت بدفع من الـ100 جنيه
القسط، وهذا لأنه رفض تصليح الغسالة القديمة، بالإضافة إلى قسوته في المعاملة معي ومع
البنات وكأننا مش موجودين في الدنيا، فليس لي ولا لابنتيه أي حقوق عليه ".
أبويا وابني ماتوا والدنيا اسودت في عيني
وأكملت
المتهمة: "والدى تعرض للمرض الشديد وعلى مدى 10 أيام ظللت أحاول أن أقنع زوجي
بزيارته، لكنه دائما كان يرفض إلى أن توفاه الله ولم أره، واسودت الدنيا في عيني
أكثر عندما مات طفلي "عبد الله" منذ 40 يوما لإصابته بالتهاب سحائي، وهنا
قررت أن أتخلص من حياتي وأموت نفسي، فحاولت الانتحار أكثر من مرة ولكنى لم أمت.
المتهمة تروي تفاصيل يوم الواقعة
وسردت
الأم المتهمة تفاصيل "يوم الواقعة، بعد أن ذهب جوزي للشغل، نظفتُ شقتي وشقة
أهله، ثم صعدت، وقتلت الطفلتين، ووضعتهما الجثتين بجوار بعضهما البعض، وذهبت بعدها
للبلكونة عشان أرمي نفسي، لكني وجدت تاندة تمنعني من ذلك، ومحستش بنفسي إلا وأنا
بصرخ، فصعد الجيران، ومعهم شقيقة جوزي وأخذوا الأطفال للمستشفى". ورددت
المتهمة، بحب أولادى ومش عايزة حد منهم يشوف اللي شفته من بهدلة ولذلك وكنت عايزة
همُوت وأروح لهم".
الأب يشكر رجال المباحث
وقدم
سيد مختار، فني تحميل طائرات بوزارة الطيران المدني، ووالد الضحيتين ريتاج وجنى
اللتين خنقتهما أمهما للتخلص منهما، الشكر والتقدير لرجال المباحث، وعلى رأسهم
المقدم محمد الشاذلي رئيس مباحث قسم شبرا الخيمة، على جهودهم في ضبط المتهمة، وكشف
لغز مقتل الطفلتين.
وقال
سيد مختار: إنه لم يبخل علي مسكنه وأولاده إطلاقا، وكان ينفذ جميع مطالبهم، حتى أنه
اشترى عجلا للأضحية وكان أبناؤه فرحين جدا به كما يحدث كل عيد أضحى ولم يتوقع ما
حدث، مطالبا بالقصاص العادل من المتهمة بإعدامها شنقا.
وأضاف
الأب وهو في حالة انهيار تام: أنا غير مستوعب ما حدث لأبنائي، وتحدث مع سمية
هاتفيا قبل الواقعة، وأبلغتني أنها ستوقظ ريتاج وجنى حتى يتناولا الإفطار، وبعد ما
يقرب من ساعة علمت بالحادث من حماتي وزوجتي اللتين قالتا إن الطفلتين توفيا بسبب
الاختناق من استنشاق الغاز، مشيرا إلى أن المتهمة كانت تعيش حياة رغدة، ولم يعتد
عليها يوما بالضرب أو يسيء معاملتها وكل طلباتها كانت مجابة.
وأشار
سيد إلى أنه كان ينفق على أبنائه قدر استطاعته، وأن المتهمة لا تعاني من أي أمراض
نفسية أو اضطرابات، كاشفا عن موت صغيره والذي يدعى "عبد الله" قبل
الحادث بـ40 يوما وكان عمره عامين، موضحا أن التقرير الطبي الصادر من المستشفى
يظهر وفاته بهبوط حاد في الدورة الدموية وتوقف عضلة القلب.
وردد
الأب: "أنا مش مصدق اللي حصل، أمهم تقتلهم!"، نافيا معاناة زوجته من أي
أمراض نفسية أو اضطرابات أو وجود مشكلات بينهما معلنا صدمته من الحادث.
العمة تطالب بالقصاص
ووجهت
عمة "ريتاج" 7 سنوات، و"جنى" 6 سنوات، رسالة إلى الرئيس عبد
الفتاح السيسي تطلب فيها القصاص لبنات أخوها قائلة: حق بنات أخويا في رقبتك،
مطالبة بالقصاص العادل بإعدام أمهما المتهمة.
والتقينا
جدة الضحيتين والتي حكت أحداث يوم الواقعة ودموعها تسابق كلماتها، قائلة: "منها
لله حرمتني من تقيبل إيديهم، كانوا بينزلوا كل يوم يقولولي صباح الخير ياستو،
ويبوسوا إيدي، وعبد الله أخوهم كان ييجي في رمضان عشان يتسحر معايا، هذه المشاهد
لم تغب عن عيني، ويوم الحادث فوجئت بالمتهمة تنزل من شقتها عن غير عادتها، وتنظف
أوضتي وطلبت من عمة البنات التوجه معها لشراء اللبن، وكان ذلك غريبا علينا، فهي لم
تعتد على ذلك".
وتابعت
الجدة، المتهمة سمية توجهت هي وعمة البنات لشراء اللبن، وبعدما عادت تركت المفتاح
مدعية نسيانه وصعدت، ونادت عليها عمة البنات أن المفتاح موجود هنا فنزلت وأخذته
منها ثم توجهت لشقتها، وبعدها بدقائق سمعنا صراخا بأن البنات ماتوا، فأسرعت عمتهما
وعمهما، والجيران لنقلهما للمستشفى.
وأضافت
عمة الطفلتين: "وحشوني قوي وحشوني قوي كانوا زي الفل قبل الحادث ودي كانت آخر
مرة أشوفهم فيها، مؤكدة أنها لم تتوقع من المتهمة قتلهما فهي كانت طبيعية وبتخاف
عليهما ومرة واحدة تقتلهما مدعية أن سبب الوفاة اختنقهما من الغاز، موجهة رسالة
لها: حسبي الله ونعم الوكيل فيكي".
وكانت
المفاجأة باعتراف المتهمة أم الطفلتين بقتلهما بعدما تبين وجود شبهة جنائية حسبما
أفاد تقرير المستشفى.
بيان النيابة حول مقتل طفلتين في شبرا على يد والدتهما
النيابة
العامة أصدرت بيانا حول الحادث بدأته بالآية القرآنية، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ
خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ
بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ}.
وأوضحت
النيابة فى بيانها بأنها تلقت إخطارًا في يوم 14 يونيو الجاري بوصول طفلتين –واحدة
تبلغ ست سنوات وشقيقتها سبع سنوات– إلى مستشفى بهتيم متوفيتين، وفي وفاتهما شُبهة
جنائية لوجود سحجات برقبتيهما وآثار تجمعات دموية أسفل الذقن والجلد وزرقة في
الشفاه.
وانتقلت
«النيابة العامة» لمناظرة جثمانيهما وانتدبت الطبيب الشرعي لتوقيع الصفة التشريحية
عليهما، وكلفت الشرطة بإجراء التحريات حول وفاتهما، فأسفرت عن ارتكاب والدة
الطفلتين واقعة قتلهما إزاء سوء العلاقة بينها وبين زوجها، مما دفعها إلى قتلهما
ثم الإقدام على الانتحار خلاصًا منه، فألقي القبض عليها وعُرضت على «النيابة
العامة» لاستجوابها.
وأقرت
الأم المتهمة في تحقيقات «النيابة العامة» بسوء العلاقة بينها وبين زوجها منذ عقد
قرانهما، وتضييقه عليها وسعيه الدائم للحَدِّ من علاقاتها، وعلى إثر وفاة نجلٍ
لهما منذ أربعين يومًا لمرض أصابه –على حد قولها- احتدت العلاقة، بينهما وأزمعت
الانتحار أكثر من مرة ومنعتها والدتها، حتى جاء يوم الواقعة فبدرت إليها فكرة قتل
ابنتيها ثم انتحارها خلاصًا من زوجها وتخليصًا لابنتيها من قسوته بعد وفاتها على
حدِّ ظنها، فلما خلت بهما بعد ذهاب أبيهما للعمل عقدت عزمها على قتلهما، فخنقتهما
بيديها، ثم تظاهرت لاحقًا أمام أهل زوجها بمفاجأتها بالواقعة، مدعية عدم إقدامها
على الانتحار بعد وفاتهما لحيرتها في وسيلة الانتحار، وقد أكدت التحقيقات معها
سلامةَ قُواها العقلية وعدم تعاطيها أي مخدِّرات أو عقاقير تؤثر في إرادتها خلال
ارتكاب الواقعة.
وأمرت
«النيابة العامة» بحبس المتهمة احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وعاينت مسرح الحادث،
وسألت «النيابة العامة» زوج المتهمة الذي أكد اتهامه لها بقتل ابنتيهما، مُشيرًا
إلى أنه لم يكن يسمح لها بالخروج، وكان يحدُّ من علاقاتها غيرةً عليها، ولا تزال
«النيابة العامة» تباشر التحقيقات.
وإن
«النيابة العامة» وإن كانت تستنكر الجريمة البشعة التي انتفت فيها لدى مرتكبتها كل
معاني الإنسانية، بل شذَّت حتى عن غرائز عاطفة الأمومة في الطبيعة الحيوانية، إلا
أنها تشير إلى لزوم النظر في الباعث إلى ارتكابها وارتكاب جرائم أخرى باشرت
«النيابة العامة» التحقيق فيها خلال الفترة الأخيرة، ألا وهي سوء العلاقة الزوجية.
ففي
ذلك الصدد تُشير «النيابة العامة» إلى أن الأمراض الزوجية هي علة العلل في حياتنا
الاجتماعية، وأن تلك الحياة قوامها الرجل والمرأة، فإذا تمت لهما معًا معاني
الإنسانية تمت هذه الحياة، وبدت في أبهى صورها، كاملة في كل وجوهها، ماضية في
طريقها، تؤدي مُهمتها كما ينبغي أن تكون.
فإذا
أصاب هذه المعاني شيء من النقص في ناحيةٍ ما، شُوِّهت هذه الحياة، وأصبحت قبيحةً
ملعونة، يزول أساس السعادة منها، وتختفي معالم الإنسانية فيها، وتأخذ الحوادث في
زلزلتها حتى تنهار بأكملها.
فاعلموا
أيها السادة أن الحياة السعيدة في سعادة الرجل وزوجه، لا في قصور ولا متاع ولا
زينة، وأن السعادة قد تَفرُّ من قصر شامخ إلى كوخ فقير تملؤه حياة صحيحة بين زوجين
فإذا هما في السعادة ومنها وإليها يمضيان.
وإن
أسس تلك السعادة والحياة الثابتة هي التسامح والتعاون وتقدير الواجب وحُسن وزن
الأمور ومناسبتها، فكل ذلك له بالغ الأثر في الرابطة الزوجية، ولهذه الرابطة بالغ
الأثر في حياة سائر الإنسانية.