أكد خبراء أن حرص مصر على مواصلة المسار السلمي والدبلوماسي من أجل الوصول إلى حلول جذرية تحفظ حقها التاريخي والمشروع في مياه النيل، يعد رسالة للعالم تؤكد القاهرة من خلالها صحة موقفها، وصدق نواياها فى الوصول إلى تسوية للأزمة تضمن من خلالها حقوقها المشروعة، مع عدم الإضرار بحق الجانب الإثيوبي فى التنمية والتعمير، وهو ما أكدته مصر مرار وتكرارا فى المحافل الدولية والعالمية.
وأضاف الخبراء أن سياسية مصر تجاه الأزمة من شأنها فضح الموقف الإثيوبي المتعنت، والذى يسعى لإهدار الوقت من أجل إضاعة الفرصة على مصر في الحفاظ على حقوقها التاريخية، مؤكدين أن مصر لن تقبل بذلك مهما حدث، خاصة وأنها تعتبر قضية المياه بالنسبة لها مسألة حياة أو موت.
وكانت وزارة الخارجية المصرية، قد أكدت أن مصر طلبت من الحكومة الإثيوبية، تقديم إيضاح عاجل، حول صحة ما جرى تداوله بشأن الشروع في ملء سد النهضة.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد حافظ، أن مصر تواصل متابعة تطورات ما يُثار في الإعلام حول البدء في ملء سد النهضة.
ويأتي الطلب المصري بعدما أعلن وزير الري الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، يوم الأربعاء، البدء في عملية تعبئة سد النهضة، رغم تعثر الاتفاق مع كل من مصر والسودان حول المشروع المثير للجدل، بسبب مخاوف من تأثيره على حصة البلدين من مياه نهر النيل.
ويأتي إعلان إثيوبيا عن البدء في ملء سد النهضة، في ظل تعثر أكثر من جولة مباحثات مع مصر والسودان، حول عدد من الجوانب الفنية والقانونية المرتبطة بالمشروع.
المسار الدبلوماسي
قال الدكتور جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناه السويس، إنه على مصر التحرك فورا في المسار الدبلوماسي لتسجيل موقفها الرافض للخطوة التي قدمت عليها إثيوبيا بالإعلان عن بدء ملء السد، مضيفا أن صانع القرار المصري لديه جميع التقديرات اللازمة، ومن ثم القدرة على اتخاذ القرار المناسب بما يحفظ حقوق مصر المشروعة للحفاظ على حصتها التاريخية في المياه.
وأضاف سلامة فى تصريح لـ«الهلال اليوم»، أنه بالرغم من قيام مصر باللجوء إلى الوساطة الدولية، من من خلال الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، والتي لم تأتِ بالنتائج المرجوة، بسبب اتباع إثيوبيا أسلوب المراوغة وإضاعة الوقت لتنفيذ نيتها المبيتة للملء الأحادي للسدد دون الوصول إلى اتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان، إلا أن ذلك لا يمنع من تكرار الوساطة وفق آليات جديدة عن طريق دول وأطراف لديها القدرة على الضغط على إثيوبيا للوصول إلى حلول سلمية للأزمة.
وأكد سلامة على ضرورة قيام مصر بتسجيل موقفها الرافض للقرار الإثيوبي من خلال إخطار الاتحاد الافريقي بأسرع وقت بالخطورة الإثيوبية المنفردة، وعدم الانتظار حتى وقت القمه المصغرة للاتحاد الإفريقي المعنية بمناقشه أزمة السد.
وأوضح أن الاتحاد الافريقي قام بحل العديد من القضايا الشائكة في إفريقيا حيث تعطي قراراته صبغة دبلوماسية على القضايا محل النزاع في قارة إفريقيا، ومن ثم فإنه من الصعب تحميل الاتحاد الافريقي الفشل في الوصول إلى حل للأزمه التي يتحملها في النهاية الطرف الإثيوبي المتعنت.
وأشاد أستاذ العلوم السياسية، بالخطوة التي أقدمت عليها مصر، بتصعيد الأزمة مبكرا إلي مجلس الأمن باعتبار أن القضية تهدد الأمن والسلم الدوليين، مضيفا أنه بإمكان مصر أن تعيد القضية إلى مجلس الأمن عقب القرار الأحادي الذي أقدمت عليه إثيوبيا بملء السد.
وأردف أنه كذلك بإمكان مصر مواصلة اتباع الوسائل القانونية من خلال التقاضي عبر محكمة العدل الدولية؛ للحصول على حكم أو فتوى استشارية تستطيع من خلالها مصر تفعيل القضية داخل مجلس الأمن، في حالة إن كان مجلس الأمن قد أنهى دوره تجاه الشكوى التي تقدمت بها مصر، من أجل إعادة القضية رسميا وبقوة أمام المجلس مجددًا .
فضح التعنت الإثيوبي
فيما أكد الدكتور حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن مصر تتبع الطرق الدبلوماسية للوصول الى حلول لأزمه سد النهضة الإثيوبي سواء كان ذلك برعاية أطراف ومنظمات دولية، أو من خلال المفاوضات الثلاثية المباشرة بين مصر والسودان وإثيوبيا دون تدخل أطراف أخرى.
وأضاف سلامة في تصريح لـ«الهلال اليوم»، إن مصر حريصة على مواصلة المسار السلمي والدبلوماسي للوصول إلى حل الأزمة من خلال التصعيد إلى المنظمات الدولية المعنية، وإظهار الموقف الاثيوبي المتعنت والرافض للوصول الى أي حلول سوي الطرق القائمة على فرض الأمر الواقع، وهو ما لن تقبله مصر بالتأكيد.
وألمح إلي أن الموقف الاثيوبي بشأن السد يعد منافيا لكل الاتفاقيات الدولية، وحقوق الجوار، وحقوق الاتفاق على الأنهار الدولية، بجانب مخالفتها لأبسط القواعد الإنسانية، مشيرا إلي أن إثيوبيا تنظر بمنظور أنها المتحكم الأوحد في مصدر المياه حيث تدل مواقفها على أنها دولة تحيا بمفردها دون النظر لحقوق الآخرين.
وأشار سلامة إلي أنه عقب إعلان إثيوبيا بالأمس، بدء ملأ السد دول الرجوع إلى باقي الاطراف، فمن المتوقع أن تواصل مصر التفاوض من خلال الاتحاد الافريقي، لحين الوصول إلي ما ستنجم عنه نتائج الاجتماعات التي عقدها الاتحاد الافريقي، مشيرا إلى أن مصر تمتلك باعا طويلا وعلاقات ممتدة وراسخة داخل الاتحاد الإفريقي.
ولفت سلامة أنه حال عدم الوصول إلي نتائج تحفظ حقوق جميع الاطراف، يصبح من حق مصر اللجوء إلى التحكيم الدولي، والذي ينص عليه اتفاق المبادئ الموقع في 2015، والذي يحيل الى مسألة التحكيم حال عدم الوصول الى قرارات بين الاطراف المعنية.
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن مصر لن تتخلى عن اللجوء الى المسار الدبلوماسي، ولكنها لن تتخلى أيضا عن احتمالية اللجوء إلى أي وسيله أخرى تحمي بها الأمن المائي، الذي يعتبر مسألة حياة أو موت بالنسبة للمصريين، مشددا على أن القيادة المصرية لن تترك أي وسيلة الا وسوف تطرقها للحفاظ على حقوقها المشروعة في مياه نهر النيل.
وشدد سلامة علي أن قضية المياه تعد مسألة وجود، مشيرا إلي أهمية الانتباه الى عامل الوقت، حتى لا يُستهلك المسار الدبلوماسي في مزيد من المماطلة من الجانب الاثيوبي إلي أن يحدث مالا يحمد عقباه.