الأربعاء 27 نوفمبر 2024

تحقيقات

إشادة دولية بالتجربة المصرية في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية بعد كورونا.. خبراء: مصر اتخذت سياسات استباقية لمواجهة تداعيات الأزمة.. ووعي وتحمل المواطنين والاستقرار السياسي والأمني سر النجاح

  • 20-7-2020 | 17:26

طباعة

أكد خبراء اقتصاديون أن مصر اتخذت إجراءات استباقية لمواجهة تداعيات جائجة كورونا على المستويين الاقتصادي والاجتماعي عبر العديد من المبادرات والقرارات والسياسات لدعم الفئات المتضررة ومن بينها العاملين في قطاعات السياحة والصناعة وزيادة الأجور والمعاشات والإعفاءات الضريبية.

كانت كريستالينا جورجيفا مدير عام صندوق النقد الدولي، قد طالبت مصر بالاستمرار فى طريقها لأنها تحقق نتائج جيدة، لافتة أنها حققت استجابة سريعة لحماية المواطنين والاقتصاد، لأنها أدركت الحاجة إلى التحرك السريع، كما أن البنك المركزي تحرك سريعا بسياسات ملائمة.

وأشادت مدير عام صندوق النقد، في تصريحات لها أمس، بإجراءات توسيع قاعدة الحماية الاجتماعية، خاصة بعد تضرر قطاعات تدر عوائد مثل السياحة التي تضررت وهي مصدر دخل للكثيرين، مؤكدة أن إجراءات توسيع قاعدة الحماية الاجتماعية تلعب دورا في احتواء هذه التأثيرات.

وأضافت إن مصر تعاملت بمنتهى السرعة منذ بداية الوباء لحماية المواطنين وبالتالي حماية الاقتصاد أيضاً، موضحة أن الصندوق تمكن من تقديم 2.8 مليار دولار كتمويل طوارئ بالإضافة إلى 5 مليارات دولار كاتفاق الاستعداد الائتماني، مؤكدة أن الحكومة المصرية تستخدم هذا التمويل بمنتهى الحكمة بغية تقوية احتياطاتها النقدية من جهة ومن جهة أخرى كبح معدلات التضخم.

وقالت إن الأهم من كل ذلك ما لاحظنا أن مصر تقوم به بشكل صحيح هو توسيع الحماية الاجتماعية فبسبب الوباء أصبح هناك عدد أكبر من المواطنين بحاجة للمساعدة خاصة قطاع السياحة الذي تضرر بشكل كبير وهو مصدر دخل للكثيرين الذين يعيشون علي الدخل اليومي وقد خسروا هذا الدخل.. لكن الإجراءات التي تم تطبيقها لتوسيع رقعه الحماية الاجتماعية تحقق فوائدها بالفعل".

وأوصت الحكومة المصرية، بالاستمرار في هذا الطريق حيث كانت الإصلاحات ناجحة جداً وأقول لهم "استمروا بهذا " ورصدت توليفة من النصائح للفترة القادمة في مقدمتها، زيادة تنافسية الاقتصاد، وضمان إزالة الروتين الحكومي من أمام المشروعات الناشئة، وزياده شفافية المؤسسات العامة وإخضاعها لمسائلة المواطنين".

 

سياسات استباقية

وفي هذا السياق، قال الدكتور فخري الفقي، مساعد رئيس صندوق النقد سابقا والخبير الاقتصادي، إن السياسات التي اتخذتها مصر منذ بدء جائحة كورونا حسبما أكدت مؤسسات التمويل الدولي هي سياسات استباقية لمواجهة التداعيات السلبية للأزمة، من بينها ما اتخذه البنك المركزي في مارس الماضي كتخفيض سعر الفائدة 3% وبدء مبادرات لمساندة الأنشطة المتضررة منها قطاعي الصناعة والسياحة.

 

وأوضح الفقي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه بتخصيص 100 مليار جنيه لمواجهة التداعيات السلبية لهذه الأزمة، مضيفا إن قطاع السياحة تأثر بشكل كبير نتيجة توقف حركة الطيران، وتم دعم هذا القطاع بقرارات ونحو 50 مليار جنيه لدعم عمليات الإقراض والتمويل فضلا عن الإعفاءات الضريبية.

 

وأكد أن البنك المركزي أجل كل الأقساط ستة أشهر والتصالح مع البنوك بشأن المتأخرات للمتعثرين، وكذلك ضخ المزيد من السيولة عبر العديد من المبادرات، فضلا عن نيته خفض المزيد من أسعار الفائدة في الفترة المقبلة، موضحا أنه بالنسبة لوزارة المالية اتخذت أيضا العديد من المبادرات لضخ السيولة وتحسين أوضاع الفئات المتضررة من الأزمة.

 

وأشار إلى أن ذلك شمل زيادة الأجور وزيادة حد الإعفاء الضريبي لنحو 24 ألف جنيه في العام بدلا من 12 ألف جنيه، وخلق شريحة أخرى بسعر ضريبي 2.5%، فضلا عن سماحها بتقسيط الضرائب على الشركات بدلا من دفعها دفعة واحدة أصبح سدادها على 3 أشهر، فضلا عن رفع مرتبات العاملين في الدولة وهم نحو 7 ملايين موظف.

 

وأضاف إن القرارات أيضا شملت أصحاب المعاشات والمقدرين بنحو 10 ملايين صاحب معاش بنسبة 14%، إلى جانب زيادة المساعدات النقدية للمستفيدين من تكافل وكرامة والضمان الاجتماعي، موضحا أن حملة 100 مليون صحة لا تزال مستمرة فضلا عن زيادة الإنفاق على وزارة الصحة لتجديد البنية التحتية وزيادة مخصصات الوزارة في الموازنة الجديدة بنسبة 46%.

 

وأكد أنه تم زيادة دعم قطاعات التعليم والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لدعم التحول الرقمي ومنظومة التعلم عن بعد، موضحا أن كل هذا الإجراءات قامت بها الدولة فضلا عن دعم منظومة التموين والصادرات والاستثمارات الحكومية كالمشروعات القومية بما فيها التعليم والصحة.


ولفت إلى أن مصادر النقد الأجنبي خاصة السياحة وتحويلات المصريين بالخارج لجأت مصر لتمويل عاجل من صندوق النقد الدولي شأنها شأن بقية 102 دولة لجأت لذلك، حيث حصلت مصر على 2.8 مليار دولار لملء الفجوة التمويلية في مايو الماضي، كما طلبت للحصول على تمويل آخر لترتيب الاستعداد الائتماني بقيمة 5.2 مليار دولار لمدة سنة حصلت مصر فعلا على 2 مليار دولار والمبلغ المتبقي سيقسم على شريحتين تتم بعد المراجعة كل 6 أشهر بعد تقييم معايير الأداء من قبل بعثة الصندوق.

 

وتابع: أن مصر تستهدف تحقيق معدل نمو من 3.5% إلى 4.5% واستطاعت الحفاظ على التصنيف الائتماني عند مستواه ونظرة مستقبلية مستقرة، وكلها تؤكد أن مصر تسير على الطريق الصحيح في مواجهة تداعيات فيروس كورونا.

 

مرحلة إعادة التوازن

فيما قال الدكتور صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته الدولة في 2016 بتعويم الجنيه وتحرير سعر صرفه كان بداية الشرارة لعملية الإصلاح واستطاعت مصر خلال هذا الإصلاح رغم الصعوبات الشديدة التي تحملها الشعب المصري عن قناعة لكونها في صالحه.

 

وأوضح فهمي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الحكومة المصرية والقيادة السياسية صارحا الشعب بالحقائق وشارك المواطنون في تحمل هذه الأعباء خلال السنوات التالية في سبيل أن يرى ثمرة الإصلاح، مضيفا إنه بالفعل ارتفعت مؤشرات الاقتصاد وتحسنت الأوضاع بنسبة كبيرة حتى جاءت جائحة كورونا والتي بدأت في مارس الماضي تحديدا.

 

وأضاف إنه بشهادة المؤسسات الدولية استطاعت مصر تحمل نتائج هذه الجائحة بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث تحمل الاقتصاد هذه الصدمة الخارجية بأقل الخسائر، مؤكدا أن جائحة كورونا كان لها تداعيات سلبية على الاقتصاد فأدت إلى تقليل معدل النمو الاقتصادي والذي كان متوقعا أن يصل إلى 5.7% بنهاية 2020 لكن بعد هذه الجائحة فمتوقع أن يكون نحو 2.3% تقريبا.

 

وأكد أن السياحة توقفت بسبب كورونا وعاد عددا كبيرا من المصريين العاملين في الخارج فانخفضت التحويلات الخارجية من المصريين بالخارج، كما تضرر دخل قناة السويس، مضيفا إن ذلك سبب صعوبات للاحتياطي المصري حيث انخفض حجم الاحتياطي النقدي لكن في الوقت نفسه بدأت الدولة تدعم الفئات المتضررة من الجائحة كالعمالة غير الموسمية والعاملين في القطاعات المتضررة.

 

وأشار إلى أن مصر لجأت مرة أخرى لصندوق النقد الدولي وطلبت حزمة من المساعدات المالية وافق عليها الصندوق بشكل سريع دون أي شروط، لأنهم اطلعوا على المؤشرات الاقتصادية التي حققها الاقتصاد المصري ووصفوها بأنها تسير في الاتجاه الصحيح، ووافقوا على قرض قيمته تقريبا ملياري دولار، مما سيعمل على زيادة حجم الاحتياطي النقدي.

 

وأكد أن هذا التعاون وإشادة مديرة صندوق النقد بالبرنامج المصري خير دليل على أن الاقتصاد استطاع امتصاص الصدمات الخارجية وهو في مرحلة إعادة التوازن بالقرارات التي اتخذتها الدولة بالعودة إلى الحياة الطبيعية مرة أخرى تدريجيا بشروط وتدابير احترازية، مضيفا إن هذا سيؤدي تدريجيا لعودة السياحة وزيادة حركة تشغيل المطارات وعودة العاملين في الخارج.


ولفت إلى أن مصر تعتبر من الدول الأقل تضررا بسبب جائحة كورونا بسبب برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ في 2016.

 

والاستقرار السياسي والأمني سر النجاح

ومن جانبه، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن وكالات التصنيف العالمي فيتش وموديز ووكالات التصنيف العالمية كصندوق النقد والبنك الدوليين وكذلك الصحة الاقتصادية الكبرى أشادت بالاقتصاد المصري خلال الأيام الماضية، وأكدت أن الإجراءات التي اتخذتها مصر في بداية جائحة كورونا جعلته يستطيع أن يظل متماسكا وكذلك تحقيق معدلات نمو إيجابية مقارنة بالعديد من دول المنطقة والعالم.

 

وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن صندوق النقد يتوقع حدوث انكماش للاقتصاد العالمي بنحو 4.9% وإجمالي خسائر تقرب من 12.5 تريليون دولار في عامي 2020 و2021، وتحقيق مصر معدلات نمو اقتصادي إيجابي ومشيرا إلى أن التوقعات بتعديل التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري ورفعه لمستويات أعلى يعد شهادة نجاح للدولة وللاقتصاد.


وأكد أن ذلك نتيجة جهود وإصلاحات ليست مرتبطة بـ2020 فقط ولكن ترتبط بالسنين السابقة لها مثل برنامج الإصلاح الاقتصادي والقرارات الاقتصادية، والتي أدت إلى نجاح لمؤسسات الدولة ودور المواطن المصري الذي تحمل القرارات الاقتصادية بوعي ووطنية فهو البطل الحقيقي في معركة الإصلاحات.

 

وأشار إلى أن تحمل المواطنين هذه القرارات ووعيهم جعل الاقتصاد المصري يواجه  بقوة جائحة بحجم كورونا  التي أطاحت بالاقتصاد العالمي وأثرت بالسلب على معدلات النمو الاقتصادي ومستويات المعيشة، مؤكدا أن إشادة صندوق النقد والمؤسسات الدولية هي إشادة بنجاح مصر في المعركة لتحقيق مستويات أعلى اقتصاديا وعلاج مشكلات كنا نعاني منها لسنوات طويلة كتنمية الصعيد وسيناء والمدن الجديدة ومكافحة الفساد وبدء الشمول المالي والتحول الرقمي.

 

ولفت إلى مصر أيضا بدأت تضع خطط طويلة الأجل مثل رؤية مصر 2030 ومراجعتها وتقييمها كل فترة، فضلا عن ثقة المستثمرين ورجال الأعمال في الاقتصاد المصري، مؤكدا أن السر في نجاح ذلك كله هو وعي وتحمل المواطنين بجانب الاستقرار السياسي والأمني فلا يمكن للاقتصاد أن يستقر من دونهما.

 

وأشار إلى أن المؤشرات الاقتصادية لن تعود إلى ما كانت عليه قبل الوصول لعلاج لفيروس كورونا يكون فعالا ومتداولا ونهائيا، مؤكدا أن خطة التعايش التي بدأتها الدولة هدفها الأساسي تقليل نزيف الخسائر الاقتصادية وبالأخص على القطاعات الأكثر تضررا مثل السياحة، والدولة تتابع الأزمة يوميا لاتخاذ إجراءات ملائمة للوضع.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة