الخميس 16 مايو 2024

رمضان البحباح لـ«الهلال اليوم»: اجتماع القبائل الليبية مع السيسي بث رسائل واضحة للجميع.. وتركيا ستحاول دعم المليشيات بكل طاقتها للتقدم إلى سرت.. ومصر لها الحق في حماية أمنها القومي

تحقيقات21-7-2020 | 12:16

 قال السفير الدكتور رمضان البحباح، الدبلوماسى الليبى السابق، إن الموقف المصري تجاه ليبيا ينطلق من حرص مصر على الأمن القومي العربي بشكل عام والأمن المصري والليبي على وجه الخصوص، لافتا إلى أن الموقف المصري يتابع عن كثب كل التطورات السياسية المتسارعة لاسيما على الساحة الليبية وكذلك العبث الأجنبي بمصير الشعب.

 

وأكد البحباح في حوار خاص لــ"الهلال اليوم" أن هناك ردود فعل دولية وشعبية بعد إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي وضع سرت والجفرة خط أحمر ضد المخططات التركية، مشير إلى أن اجتماعه مع القبائل بث رسائل رادعة في قلوب العديد من القوى المختلفة.. وإلى نص الحوار:

كيف ترى موقف مصر من الأزمة فى ليبيا؟.. وهل تعتقد أن المشهد تغير بعد «إعلان القاهرة»؟


الموقف المصري هو موقف ينطلق من حرص مصر على الأمن القومي العربي بشكل عام والأمن المصري والليبي على وجه الخصوص، والموقف المصري يتابع عن كثب كل التطورات السياسية المتسارعة لاسيما على الساحة الليبية وكذلك العبث الأجنبي بمصير الشعب الليبي، وعندما قدمت المبادرة للحيولة دون الذهاب إلى وضع معقد ومركب تنتفي فيه حينها كافة الخيارات السلمية ويجد العالم وضعا كارثيا سيؤدي إلى تداعيات غير محسوبة.

ويحاول الموقف المصري قدر الإمكان نزع فتيل الاشتعال ويؤكد أن الخيارات العسكرية هي خيارات إجبارية وليست اختيارية والذهاب لها سيقطع خطوط الرجعة إلى ماقبلها وهذا مادعى مصر إلى تقديم هذه المبادرة قبل أن يصل الجميع إلى مرحلة الندم
.


ماذا تعني رسائل السيسي لمشايخ القبائل الليبية؟

 

كانت رسائل السيسي واضحة سواء المتعلقة بوفد القبائل أو تلك التي تحاول أن تفسر الدعم المصري حسب مزاجها وتحاول أن تغير في معنى الحقيقة لهذا الدعم، لقد عبر الرئيس السيسي بكل وضوح من أن القوات المسلحة المصرية قوات للمحافظة على الأمن القومي في مصر وليبيا وأنها لاتتدخل بل يطلب منها المساعدة وهناك فرق كبير في تفسير ذلك ، فالتدخل عادة لا يأخذ إذنا من أحد ويكون مدفوعا بثقافة السيطرة والاحتلال وهو من أجل مصالح المتدخل.

أما طلب الدعم فهو خيار ممن أراد هذه المساعدة وهذا الدعم وهو حالة مؤقتة تزول بانتهاء المساعدة، بل ذهب الرئيس في تعبير أدق تفصيلا وبعيدا عن أي لغط وقال نحن نخرج بأمر من الشعب الليبي والأمر ينفذ ولا يترك أمر استجابته للمزاج
.

 

وكيف ترى رسائله للخارج؟

أما رسائله للخارج تمحورت حول عديد التعبيرات منها أن مصر كانت دائما تدعو إلى نبذ الصراع واستخدام السلاح فعندما يتم احتكاره من قبل جهات غير مسؤولة وغير منضبطة فيستعمل لأغراض خاصة وتكون نتائجه وخيمة وخطيرة بخاصة عندما تتعدد الجماعات التي تستخدم هذا السلاح، فالصراع بينها سيكون مدمرا ليس عليها فحسب بل على الشعب الليبي وهذا مايحدث من اقتتال وعنف أدى إلى إزهاق أرواح بريئة ليست لها أي علاقة في هذا الصراع.

وبالتالي أصررنا على أن السلاح ينبغي أن يكون تحت جهة واحدة مسؤولة عن استخدامه وهي المؤسسة العسكرية، كذلك نوه بأن مصر كانت تتخذ جانب الصمت لمدة اكثر من ست سنوات وتحاول بأن تعطي الجانب الحواري والتفاوضي أكثر اهمية دون جدوى.

أما وأن يتم ترحيل جماعات إرهابية ومتطورة من ساحات الصراع في العالم يقدر عددها بعشرات الآلاف ويتم تزويدها بالسلاح والمجيء بها إلى ليبيا تحت مبررات خادعة وكاذبة ويحاولون تبريرها بمعاهدات دفاعية بين حكومة أردوغان وحكومة السراج التي تعد أحد اطراف الصراع في ليبيا وليست حكومة اتفق عليها من الشعب الليبي فهذا الأمر يبعث على القلق وفي نفس الوقت يؤدي إلى الحذر الشديد من نتائجه
.

وتطرق الرئيس إلى ماتم الإشارة له في المبادرة المصرية والتي تأسست وفق مخرجات مؤتمري برلين وجنيف حيث أوضح ما أسماه بالخط الأحمر الذي يمتد بين مدينة سرت والجفرة بأنه خط للهدنة وإفساح المجال للحوار السياسي وفي حالة لم يلتزم الطرف الذي تمثله حكومة السراج وبمحاولة اجتياز هذا الخط هذا يعني قفلها لباب الحوار والاتجاه نحو التصعيد العسكري، وهنا مضطرين للرد على هذا التصعيد ليس بالوقوف عند مدينة سرت ولكن لن نقف حتى حدود ليبيا الغربية لأننا لايمكن الحديث إلا على ليبيا دولة واحدة غير مسموح بتجزئتها مهما كلف الأمر .

 

وهنا كانت الرسائل واضحة أن مصر مع الحل السياسي وإذا تطور الأمر سلبا فإننا قادرون على حسم معركة ليبيا وإعادة الإستقرار والأمن لها .

 

كيف ستتعامل تركيا والوفاق مع تصريحات الرئيس السيسي؟

 

نتوقع من الأطراف التي تمثلها تركيا تصعيد في مواقفها حيث إنها أعلنت بأنها مستمرة في التمدد شرقا حتى السيطرة على مدينة سرت وما بعدها والمقصود هنا بالموانيء النفطية، وعبر عن المسؤولين الأتراك بشكل فض وسخيف بأن الموانيء النفطية ينبغي أن تكون تحت سيطرة ما أسموه بحكومة الوفاق، هذا الحديث يفهم منه التصعيد بشكل واضح وأن الأمور ستسير إلى مواجهة محتملة قريبا بخاصة أن التحشيدات والاستعدادات لمعركة قوية وطويلة يتم الاستعداد لها من خلال الجسور الجوية والبحرية التي تعملها تركيا بشكل يومي وكذلك نقل المرتزقة للإرهابيين وتدريباتهم على المعركة ليل نهار .

 

ما هي الحملات المتوقعة بعد النجاح الباهر لمؤتمر القبائل الليبية.. وكيف يتم مجابهتها؟

 

مواجهتها حتما ستكون بالقوة الضاربة على مختلف الاتجاهات وهنا بنظري ستمتد المعركة على نطاق واسع لتشمل الإقليم برمته وستكون التداعيات خطير على كافة دول المنطقة بما فيها منطقة البحر المتوسط وستتحول إلى منطقة منكوبة في حال لم تتحرك الدول وتفكر بحل سريع يضمن الاستقرار للمنطقة، لكن أوروبا يبدو أنها تريد التصعيد وتدفع باتجاهه ظنا منها أن الحرب ستسبب انكسارا لدول المنطقة سيما مصر وتركيا ومحاولة إضعافها قدر الإمكان ليتسنى لها قسمة الكعكة اللييية وفق أطماعها الاستعمارية، لكن هذه القراءة لنتائج المعركة ستكون خاطئة بشكل كبير وأن ليبيا لن تكون لقمة سهلة في حال ما تطورت الحرب وأخذت فضاءات أخرى وتعدت الساحة الليبية .

 

ماذا عن مستقبل الجماعات الإرهابية تزامنا مع رفض الرئيس لتحول ليبيا ملاذا للإرهاب؟

 

هي مجموعات تحت الطلب وهي مصنعة لمثل هذه الأغراض، والتجربة معها واضحة سواء في أفغانستان أو اليمن أو الصومال أو العراق فسيتم تفريخ جماعات منشطرة منها مع إطلاق تسميات جديدة عليها لحشرها في أماكن أخرى موضوعة على خطة الدول الغربية وإسرائيل لتقويض أمنها ، هذه الجماعات المصنعة لهذه الأهداف لم تتخذ عبرة ولم تتخذ أي درس من دروس الماضي على الرغم من التضحيات الباهضة التي تدفعها على حساب أرواح المغفلين الذين يتم الضحك عليهم وتوريطهم باسم الجهاد وفرض أحكام الدين وفق خرافات واكاذيب ودروس لرموز دينية مأجورة على مقياس القرضاوي والغرياني والصلابي والدفع بهم إلى الموت بذريعة القضاء على الطواغيث الذين يحكمون البلدان الإسلامية وإصدار جملة من الفتاوى والأباطيل التي تحقق أغراضا سياسية لدول أثبتت أنها من وراء كل هذه المصائب التي عصفت بأقطارنا ومنطقتنا العربية توطئة لإقامة مشروع الصهيونية المعرف والمعنون بالشرق الأوسط الجديد .

 

 هل رصدتم ردود فعل الشعب الليبى عقب إعلان الرئيس السيسى عزم مصر التدخل إذا تم تجاوز خط «سرت- الجفرة» وبعد اجتماعكم معه بالقاهرة؟

 

نعم.. المشهد تغير وأصبحت هناك جملة من الاتصالات والزيارات الدبلوماسية داخل ليبيا وخارجها، ففي حين تمت الدعوة إلى رئيس البرلمان عقيلة صالح لزيارة روسيا وإيطاليا وكذلك التحضير إلى زيارة الجزائر لتدارس الموقف ومحاولة إقناع الأطراف الخارجية لإيقاف التصعيد التركي قبل أن نصل لمرحلة المواجهة العسكرية، تمت زيارات من قبل الأمريكيين للقيادة العامة للقوات المسلحة في محاولة حسب التسريبات إلى جعل منطقة سرت منطقة منزوعة السلاح لكلا الطرفين وتحييد موانيء النفط لهذه التجاذبات، وإن صحت هذه التسريبات فإن الموقف الأمريكي هو موقف لايتعاطى بإنهاء حالة التوتر بقدر مازاد من حدتها، وبالتالي فهي محاولة لتمييع المبادرة المصرية التي تقود لحل مهم ومنصف للصراع .

 

وكيف تراه على الصعيد الشعبي؟

 

هناك تباين في ردود الفعل، على الصعيد الشعبي جعل الشعب الليبي يثق بشكل كبير في تصريحات الرئيس السيسي ويعلق آمالا كبيرة على زيارة الوفد وبأنها أتت في وقتها الدقيق.

أما بعض ردود الأفعال الأخرى وهي مدفوعة بتزييف الإعلام الإخواني عبرت عن أن دخول الجيش المصري إن حدث فهو يمثل تدخلا في الشأن الداخلي، وأعتقد أن هذا التوصيف يعد خلطا واضحا، ذلك أن الدولة الليبية المحتلة والفاقدة للسيادة منذ 2011 والتدخل المباشر في تنصيب حكوماتها هو تدخل أفقد إرادة الليبيين وزاد من حالة الصراع المدمر، وبالتالي هذا الاتهام الباطل مردود عليه ولا يعد كونه هرطقات ليس لها أي معنى

 

ما هو موقف القبائل حاليا من الأزمة الليبية وما الدور المطلوب منها فى هذه الفترة الحرجة؟

 

القبائل الليبية بخاصة الموجودة تحت حماية القوات المسلحة موقفها واضح بأن حل المشكل في ليبيا هو سيطرة المؤسسة العسكرية على كامل تراب الوطن وإعادة الأمن والسلام لكل ربوعه وأي محاولة للالتفاف على هذا الخيار هي محاولة لاستمرار نفس السيناريو، وجلها تؤكد أن الوجود التركي هو تكريس للاحتلال وفرض الإخوان المسلمين على رأس السلطة في ليبيا لتحقيق أهدافهم ومصالحهم وبالتالي تدرك أن الحل السياسي في ليبيا أصبح غير مجدٍ بتعنت حكومة السراج ودخولها في اتفاقيات مذلة افتقدت ليبيا سيادتها والشعب مصيره.


أما القبائل التي مناطقها تقع تحت الاحتلال والعصابات ليس لها أي رأي وهناك مصادرة واضحة لرأيها التي يتعرض كل يوم أفرادها للابتزاز والترهيب وقبول الأمر الواقع ولدينا على الصعيد الشخصي العديد من التواصل مع شخصيات وطنية تؤكد دعمها على المبادرة المصرية وضرورة تخليص البلاد من العبث الأجنبي بشكل عام والتركي على وجه الخصوص
.

 

وما الدور الذي تلعبه القبائل؟

 

الدور الذي تلعبه القبائل ينبغي أن يكون دورا تحريضيا على النفير والاستعداد للمعركة الحاسمة ومواجهة البغاة الذين حولوا ليبيا إلى منطقة منكوبة يعبث بها الإرهاب الدولي والعمل على ضرورة تحريرها مهما كانت التضحيات فالحرية ينبغي أن تنتزع من مخالب وأنياب هذه الوحوش البشرية التي تجاوزت جرائمها في حق الليبيين ماتنوء به الجبال وتقشعر منه الأبدان.