بقلم : سكينة السادات
حكيت لك الأسبوع الماضى أن صديقتي وهى كاتبة محترمة لها عدة كتب ناجحة لكنها لا تكتب فى الصحف والمجلات بانتظام فهى تفضل الكتب, وقد قرأت كل إنتاجها واعتبره موفقا وجميلا.. المهم أنه جاءنى صوتها بعد انقطاع طال كثيرا وطلبت منى أن أحضر عيد ميلاد حفيدتها 4 سنوات وهى الابنة الوحيدة لابنتنا الوحيدة, وكنت أعرف أن صديقتى وهى ميسورة الحال قد علمت ابنتها أحسن تعليم فى مصر وإنجلترا, وأن ابنتها عملت بعد أن حازت الماجستير من إنجلترا فى شركة كبيرة وكان آخر عهدى بهم - لا أدرى لماذا؟ - ربما لمشاغل الحياة وظروف الصحة أو ظروف البلاد, المهم أننى كنت قد دعيت إلى حفل زفافها وكانت ليلة فرح جميلة جدا, وكانت صديقتى الكاتبة فى غاية السعادة, وكان العروسان سعيدين جدا, ولم تكن صديقتى قد حكت لى أى شيء عن ظروف زواجهما إلا أننى عرفت يوم عيد ميلاد الحفيدة بأن العروسين قد بنيا فيلا جميلة فى مدينة أكتوبر وأن العريس كان قد اشترى الأرض من زمن بعيد وقامت العروس بالاستعانة بأهلها بالبناء والتأثيث مما كبد الأب والأم كل ما يمتلكان من مدخرات وبعض القروض من البنوك! وقالت صديقتى إن ذلك لم يكن مهما على الإطلاق ما دامت ابنتهما الوحيدة سعيدة. وأنجبت الابنة الحفيدة التى ذهبنا نحتفل بعيد ميلادها الرابع, وعرفت لماذا أصرت صديقتى على وجودى معها فى ذلك اليوم لأنها لم تكن لتتحمل الموقف الذى وجدت نفسها فيه إذ قالت لابنتها فى هدوء لأمها . - أنا امبارح اطلقت يا ماما من جوزى!
***
واستطردت صديقتى.. طبعا لطمت وبكيت وسألت ابنتى التى كانت هادئة ومبتسمة - ليه يا بنتى هو حصل إيه؟ ده انتِ عمرك ما اشتكيتى منه؟ قالت ابنتى: ولا حشتكى يا ماما احنا أصحاب وحبايب وهنفضل كده على طول ماتحمليش هم.. احنا اتفقنا على كل حاجة وعلشان كده أنا شايفة إن الحفيدة تتربى معاكى أنت أحسن يا ماما لأن شغلى واخدنى خالص وتامر أبوها مش فاضى واتفقنا إنها تعيش معاكى هنا انتِ وبابا!
***
واستطردت صديقتى.. طيب يا بنتى إيه السبب فى الطلاق؟ قالت: - بصراحة مافيش حاجة مهمة هو طيب وابن حلال.. لكن مش بتاع جواز! - ازاى؟ ألم تكتشفى هذا وأنت مخطوبة له عامين ونصف؟ قالت.. لأ يا ماما.. العشرة هى اللى بتبين الواحد على حقيقته! قلت لها: طيب.. هو زعلك فى حاجة؟ قالت: أبدا.. هو مشغول بحياته وعاوز يعمل ثروة بأى شكل من الأشكال وشغال بيزنس مع ناس مش كويسين ولما نصحته أن الناس دول حرامية زعل منى وقاطعنى وطلب منى ألا أتدخل فى البيزنس تباعه, وتكررت تلك الأمور عدة مرات, وقررنا أن نطلق واطلقنا امبارح! اطلقنا خلاص . وقلت لها: كده.. من غير ما تشوروا حد؟ قالت وهو احنا صغيرين يا ماما, قلت لها: طيب.. الفيلا اللى دفعنا فيها دم قلبنا؟ قالت: قررنا إننا نقسمها نصفين نصف له ونصف لى, ومثلا دلوقتى هو عايش فى ناحية وأنا فى ناحية ثانية, وعندما تتيسر الفلوس سوف نقسمها بالفعل لكن احنا أصحاب وبنصبح على بعض وكل شيء عادى جدا!
***
كانت صديقتى تحكى لى هذه الحكاية وهى مفهومة ومغمومة بشكل غير عادى وفجأة دخلت الابنة المرحة الجميلة وهى تضحك من كل قلبها وتقول لى: وحشتينا يا (تانت) من يوم فرحى لم نرك؟ هي الدنيا بقيت وحشة كده ليه؟ ووجدتها تمرح وتضحك وتهرج مع الجميع, وبعد دقائق حل تامر والد الحفيدة يضحك ويهرج أيضا ويقبل يدى حماته السابقة وحماه وقال كل سنة وأنتم طيبين يا أعز الناس.. وهي بنتى هتلاقى رعاية وعناية أحسن من عندكم؟ ما شاء الله البنت صحتها بقت كويسة ربنا يخليكوا لينا!
***
بصراحة أنا اندهشت وشككت فى خبر الطلاق ولكن ماذا أقول إذا كانت الأم نفسها لا تعرف ماذا تقول.. وابنتها الوحيدة تقول لا فقط. - كده أريح وأحسن يا ماما ماينفعش نعيش مع بعض وهو ماشى بدماغه وبيعمل الغلط وكل ما أنصحه يزعل منى . - كده راحة كل واحد فى حالة والبنت معاكى فى أمان وشغلى كويس جدا وأنا مبسوطة كويس جدا وأنا مبسوطة كده!
***
أليس هذا آخر زمن؟ الطلاق أصبح سهلا وحلا موفقا لعدم الشجار وما دامت الأم موجودة لتربى الطفلة يبقى مفيش مشاكل! أليست هذه من أغرب قصص الطلاق التى يمكن أن تسمعوا عنها؟ أنا شخصيا فى غاية التعجب ولكن فى هذا الزمن الأغبر لا شيء أصبح عجيبا!