يزور اليوم رئيس مجلس النواب الليبي المستشار
عقيلة صالح القاهرة لبحث تطورات الأزمة الليبية والتدخلات التركية.
وأفادت مصادر ليبية بأن صالح سيلتقي عددا
من المسؤئولين المصريين والسفير الأمريكي في القاهرة وذلك لبحث إعادة هيكلة المجلس
الرئاسي.
وفي وقت سابق كشفت مصادر عن أن الولايات
المتحدة الأمريكية عرضت خلال الأيام الماضية التوسط لحل الأزمة الليبية والوضع القائم
حول سرت والجفرة، في ظل التحشيدات التركية للمرتزقة السوريين والمليشيات المسلحة التابعة
لفائز السراج.
وقالت المصادر، إن واشنطن عرضت من خلال
السفارة الأمريكية والقيادة الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم” على الجيش الوطني الليبي
الانسحاب من مدينتي سرت والجفرة، قبل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار.
وأضافت المصادر، أن واشنطن ستسعى خلال الفترة
المقبلة لممارسة ضغوطها لتمرير “العرض غير المتوازن”، مشيرة إلى أنها طالبت أيضا بفتح
النفط دون ضمانات أو وضع شروط لمؤسسة النفط لعدم ذهاب عائداته من أموال الليبيين
إلى فائز السراج، التي يستخدمها في الإنفاق على مليشياته المسلحة.
ونوهت المصادر أن واشنطن تستغل التحشيدات
التركية حول سرت والجفرة في إملاء عروض منحازة لجانب الوفاق وليست في مصلحة الليبيين،
مبينا أن غرضها من ذلك استعادة مصالحها بإعادة ضخ النفط في السوق الدولية واستفادة
شركاتها، وخروج الروس من ليبيا على حسب ادعائها.
وفي المقابل، قالت السفارة الأمريكية في
بيان لها إن مدير مجلس الأمن القومي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اللواء ميغيل
كوريا والسفير ريتشارد نورلاند أجريا مشاورات افتراضية عبر دوائر الفيديو المغلقة مع
مسؤولين ليبيين للدفع باتجاه اتخاذ خطوات ملموسة وعاجلة لإيجاد حلّ منزوع السلاح في
سرت والجفرة وإعادة فتح قطاع النفط الليبي بشفافية كاملة، حسب زعمها.
وأشار البيان إلى أن المشاورات جرت بين
الأطراف الليبية بشكل منفصل، مع كل من (ما يدعى) مستشار الأمن القومي بحكومة الوفاق
تاج الدين الرزاقي، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يوسف العقوري.
ولفت البيان إلى أن اللواء كوريا والسفير
نورلاند استعرضا خلال المشاورات الحاجة إلى عملية تقودها ليبيا لاستعادة سيادة البلاد
وإخراج الأجانب منها، مشددا على أن الولايات المتحدة انخراطها بشكل نشط مع مجموعة من
القادة الليبيين المستعدين لرفض التدخل الأجنبي الضار وخفض التصعيد والعمل معًا من
أجل حلّ سلمي يعود بالنفع على جميع الليبيين، على حد قوله.
وقال البيت الأبيض غي وقت سابق: “ندعو جميع
الأطراف – سواء تلك المسؤولة عن التصعيد الحالي، أو تلك التي تسعى إلى إنهائه – إلى
تمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملها الحيوي – بشفافية كاملة، وتنفيذ حلّ
منزوع السلاح في سرت والجفرة، واحترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، والتوصل
إلى صيغة نهائية لوقف إطلاق النار بموجب محادثات اللجنة العسكرية 5+5 برعاية الأمم
المتحدة”.
اهتمام ومساندة مصرية
أكد السفير جمال بيومي نائب وزير الخارجية
الأسبق أن زيارة عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي للقاهرة ولقاءه بالسفير الأمريكي
بالقاهرة رسالة توجه إلى الولايات المتحدة باعتبارها أكبر حليف دولي لتركيا لافتا إلى
أن الولايات المتحدة الأمريكية لها تأثير على تركيا بحكم العلاقات في حلف الأطلنطي
وبحكم دعمها للاقتصاد التركي.
وأضاف بيومي " إن زيارة عقيلة صالح
رئيس البرلمان الليبي مهمة جدا، فأي اتفاق بين حكومة السراج وبين تركيا كأنه لم يكن،
مؤكدا على وجود اهتمام خاص ومساندة مصرية لموقف رئيس البرلمان الليبي وجهوده.
وأوضح أن هناك تنسيقا بين المسئولين المصريين
وبين رئيس البرلمان وبين القائم بالجيش الليبي الوطني الأمر الذى يشكل المزيد من الضغوط
على حكومة السراج التي تعتبر انتهت صلاحيتها لخلق صوت ليبي موحد تنبثق منه حكومة يرضى
عنها الجميع.
وقال بيومي "نرجو أن تنجح المفاوضات
الجارية مع الإدارة الأمريكية في تفكيك المليشيات الإرهابية ووضع خارطة واضحة لما بعد
حكومة الوفاق إلا إذا كان هناك أطماع " مشيرا إلى أن القضية الليبية ليست قضية
سهلة فهناك طرف له أطماع في ليبيا "أردوغان ".
ووفقا للجغرافيا وتقسيم الحدود ليس لتركيا
أي تواجد في البحر المتوسط لأن الجزر اليونانية
وقبرص تمنعه من النفاذ إلى عمق البحر المتوسط.
وأشار إلى أنه إذا قامت تركيا بالاتفاق
في ليبيا سيكون أردوغان قد حقق أطماعه الخاصة على حساب ليبيا ومع ذلك هناك من يتعامل
معه لافتا إلى ضرورة وجود متابعه إعلامية حتى يدرك جميع الأطراف ليبيين وغير ليبيين
مخاطر التدخل التركي غير الشرعي في ليبيا.
موقف الولايات المتحدة الأمريكية
وأكد الدكتور أيمن السيسي، الباحث المتخصص
في الشأن الليبي أن زيارة عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبي للقاهرة، ومقابلته السفير
الأمريكي بالقاهرة تعتبر خطوة هامة، لافتا إلى وجود تعامل بين الإدارتين الليبية والأمريكية،
في ما يخص الشأن الليبي.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية لم
تكشف بعد عن موقفها فيما يخص ليبيا فهي تتعامل حتى الآن مع الطرفين الليبي والتركي بنفس الإيحاءات والتوجيهات، وبالتالي لا نستطيع
أن نحدد وجهتها الأخيرة في المفاوضات فهي لم تفصح عنها حتى الآن.
وأوضح أن المشاورات بين السفير الأمريكي
في القاهرة ورئيس البرلمان الليبي تأتي ردا على المشاورات الأمريكية مع جماعة طرابلس
في الغرب واللقاءات التي تمت بين الأتراك والأمريكان وحكومة السراج والمجلس الرئاسي،
لافتا إلى أنه من الواضح أن الجانبين يخطبون ود الولايات المتحدة على اعتبار أنها من
الممكن أن تكون المرجح النهائي.
وأشار الباحث في الشأن الليبي إلى أنه تقديرا
لدور مصر، رأى المستشار عقيلة صالح، أن تكون الزيارة علنية وفي مصر، إنما في الإطار
الأضيق هناك كلام على أن حكومة الوفاق ستقوم بتسليم سرت والجفرة بشكل سلمي خاصة وأنه
كان هناك تحرك دولي مكثف وزيارات متبادلة خلال الأسبوع الماضي بين الوفاق وجماعة الغرب
في ليبيا والأمريكان والإيطاليين ربما يكون لاحتواء أزمة ما، أو لحل أزمة ما.
إحياء العملية السياسية
وأكد الدكتور زياد عقل، الباحث المتخصص في
الشأن الليبي أن زيارة المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبى تعتبر خطوة إيجابية
إذ يتخللها لقاءً مع السفير الأمريكى بالقاهرة يؤكد على أن مصر ما زالت تبذل وتلعب
دورا كبيرا في إعادة احياء العملية السياسية في ليبيا من خلال تسهيل كل الإجراءات الممكنة
من خلال استضافة أو إقامة علاقات دبلوماسية أو ضغط سياسى، حتى تتحاشى فكرة أى احتدام
عسكرى في الداخل الليبي.
وأضاف أن الولايات المتحدة رغم انشغالها
بالانتخابات وتراجعها عن الملف الليبي مع التصعيد في حوض المتوسط مؤخرًا وتوقيع الاتفاقيات
البحرية والمناورات المشتركة بين مصر وفرنسا بدأت في إعادة النظر في دورها في شمال
إفريقيا بشكل عام والملف الليبي بشكل خاص.
وأوضح "عقل" أننا في مرحلة يطلق
عليها في العلوم السياسية إعادة بناء التحالفات للتوصل لصيغة جديدة للتسوية السياسية
في ليبيا، وهذا معناه أن الصيغة القديمة للتسوية السياسية باتت غير فاعلة، واتفاق الصخيرات
من غير الممكن الارتكاز عليه اليوم، كذلك هناك نوع من أنواع التعنت من قبل حكومة الوفاق،
لأنها لا تريد الاعتراف أن اتفاق الصخيرات لم يعد المرجعية الشرعية للوضع في ليبيا
وبالتالى من الواجب أن نبحث سويا كعناصر مختلفة عن حل سياسى جديد.
وتوقع الباحث السياسي ألا تصبح سرت والجفرة
منطقة منزوعة السلاح حيث أن الإعلان بذلك يحتاج إلى قرار من الأمم المتحدة والتي لن
تتدخل بقرارات عملية في الداخل الليبي، لافتا إلى أن الأمم المتحدة خلال الفترة المقبلة
ستعمل كطرف منسق تحاول التسهيل على الأطراف المتصارعة عملية التفاهم والنقاش دون فرض
أى قرارات.