يعتبر قطاع التعدين من القطاعات
الواعدة في مصر في ظل ما تمتلكه من إمكانيات ومقومات، حسبما أكد خبراء، حيث تمتلك
مصر مليارات
الأطنان من الخامات المعدنية المحجرية والمنجمية التي يمكنها أن تحقق طفرة
اقتصادية كبرى في حالة استغلالها الاستغلال الأمثل، موضحين أن الدولة
المصرية تستهدف تحويل الثروات المعدنية لصناعة ذات جودة عالمية عبر إقامة منطقة تعدينية
تسمى بالمثلث الذهبي فضلا عن تعزيز التقنية والقيمة المضافة وإعادة هيكلة القطاع
الفترة المقبلة.
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد عقد اجتماعا لمتابعة خطط تطوير
الهيكل التنظيمي لقطاع الثروة المعدنية، حيث وجه الرئيس بصياغة رؤية استراتيجية
شاملة لتطوير قطاع التعدين في مصر تهدف إلى تعظيم الاستفادة من موارد الدولة،
وتستكشف الثروات المعدنية على مستوى الجمهورية، وذلك وفق المحددات الحاكمة التي
ترسخها الدولة في آليات العمل بتحقيق الحوكمة، والميكنة، والتنظيم الإداري الحديث.
فيما استعرضت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط خلال الاجتماع أبرز
محاور استراتيجية تطوير قطاع التعدين في ضوء رؤية مصر 2030؛ خاصةً ما يتعلق بزيادة
مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي وتوفير فرص العمل، إلى جانب تحويل
الخامات المعدنية المستخرجة إلى منتجات متعددة من خلال الصناعات التحويلية، وكذا
تعظيم الإنفاق على الاستكشاف وتخفيض حجم استيراد المواد الخام المعدنية، بالإضافة
إلى مراعاة الجانب البيئي في الاستكشاف والاستخراج والتصنيع.
كما عرض وزير البترول نتائج اجتماعات لجنة تطوير قطاع الثروة
المعدنية، خاصةً ما يتعلق بمناقشة المعوقات ذات الصلة والخطط المطروحة في هذا
الصدد لتهيئة مناخ جاذب ومواكبة الممارسات العالمية في هذه الصناعة بما يدعم تحويل
قطاع التعدين إلى مساهم قوى في الناتج القومي، لا سيما من خلال تعديل الأطر
القانونية والتشريعية، وتيسير إجراءات الاستثمار، وكذا إعادة تصميم الهيكل
التنظيمي لقطاع الثروة المعدنية لإدارة العملية التعدينية بالشكل الأمثل وإعادة
تأهيل القوى البشرية والبنية التحتية للقطاع.
صناعة ذات جودة عالمية
وفي
هذا السياق، قال الدكتور جمال القليوبي، أستاذ الطاقة وهندسة البترول في الجامعة الأمريكية،
إن القيادة السياسية وخطة الاقتصاد المصري تستهدف إقامة منطقة تعدينية تسمى بالمثلث
الذهبي لتكون بين سفاجا والقصير والبحر الأحمر تشمل الكثير من التخصصات التعدينية،
التي لم تكن موجودة في مصر من قبل والتركيز على الثروة المعدنية وتحويلها لصناعة ذات
جودة عالمية للمنافسة العالمية والتصدير.
وأوضح
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه الثروات تشمل الذهب والفضة والبلاتين
والرمال السوداء لاستخراج اليورانيوم وكذلك المعادن مثل الفوسفات والمنجنيز وخام الحديد
وكثير من الخامات مثل النحاس والبوكسايت والألومنيوم، التي يبحث عنها بجدية شديدة وبعناية
ويركز فيها قطاع البترول المصري تركيزا شديدا من خلال تقنية الفرق الكشفية الجيولوجية
وتذليل العقبات لربط هذا الهدف بالتعليم.
وأشار
إلى أن الكثير من المدارس الثانوية كمدرسة البترول في رأس غارب ومدرسة للتعدين في الذهب
والمحاجر تم ربطها بمناهج تتماشى مع هذه الصناعة التي تستهدفها مصر كدولة مصدرة للأسمنت
ولجزء كبير من المعادن النفيسة، موضحا أن قطاع البترول المصري ربط كل المناهج التي
تتعامل مع صناعة النفط والغاز الطبيعي والصناعات الملحقة كالأسمدة والبتروكيماويات
والغاز المسال.
وأضاف
إنه إلى جانب مشروعات الدولة لتعظيم الاستفادة من هذه الموارد من المهم الاهتمام بالتعليم
الثانوي والفني والجامعات التكنولوجية في هذه التخصصات التي يحتاجها العالم وليس في
مصر فقط، مؤكد أن مصر تمتلك كل المقومات للنجاح في قطاع الثروة المعدنية فرغم مساحتها
الشاسعة حتى الآن لم تستهدف أكثر من 21% من حجم المساحة المصرية في مجال الثروة المعدنية.
وأكد
أنه ما زال هناك مناطق ومعادن في مصر لم تكتشف بعد، فضلا عن وجود مناطق زاخرة بالكنوز
والثروات المعدنية التي تستطيع أن تدعم الاقتصاد المصري بقوة، وهناك مناطق في قطاع
البحث والتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي، موضحا أن أقصى ما تم الوصول إليه في هذا
الشأن هو 33% ولا يزال هناك أكثر من 67% من حجم ما تملكه الأراضي المصرية للبحث والتنقيب
عن البترول والغاز.
وأضاف
أن القيادة السياسية تستهدف تعزيز التقنية والقيمة المضافة وخلق صناعة للدولة المصرية
وجودتها كعامل أساسي في المنافسة العالمية وبناء اقتصاد يحمل في طياته أيدي عاملة مدربة
وناجحة وماهرة تستطيع أن تعمل داخل القطر المصري وخارجه.
إمكانيات مصر
ومن جانبه، قال أسامة كمال، وزير البترول الأسبق، إن الرئيس
عبد الفتاح السيسي في اجتماعه أمس مع الوزراء ناقش ملف تطوير الثروة المعدنية بهدف
وضع رؤية استراتيجية شاملة وتفعيل الإجراءات التي بدأتها وزارة البترول لتطوير هذا
القطاع، مضيفا إن مصر تمتلك كما ضخما من الثروات المعدنية سواء المحجرية أو المنجمية.
وأضاف في تصريح لـ"الهلال اليوم"، إن هذه الثروات
منذ سنوات طويلة لم تحصل على الاهتمام اللازم، فكانت قيادات البترول تركز فقط على توفير
الوقود للمحطات كما أنهم كانوا يعاملون هذه الثروات كاتفاقيات البترول وليس كاتفاقيات
البحث والاستكشاف العالمية، ما جعل المستثمرين يحجمون عن الاستثمار فيه.
وأوضح أن قطاع الثروة المعدنية يحقق نحو 700 مليون جنيه بقيمة
لا تتعدى 0.5% من إجمالي الدخل القومي سنويا، في حين أنه يمكنه تحقيق 10 مليارات دولار
سنويا، وبالتالي فهو يحتاج إلى عناية ونظرة.
وأكد أن الفترة الماضية شهدت أولا تعديل قانون الثورة المعدنية
وصدرت له لائحة تنفيذية بالقواعد المعمول بها عالميا، بأن تشغل مناطق الامتياز بنظام
الإتاوة والضرائب وليس بنظام اقتطاع الإنتاج أو الأرباح، وهو الأسلوب المتبع في العالم
أجمع وهو ما شجع المستثمرين للاستثمار، وثانيا تعيين نائب للوزير متخصص في الثروة المعدنية
للتفرغ لذلك لبدء إعداد خطة قومية للقطاع المعدني في مصر.
وأشار إلى أنه اليوم تم طرح 13 منطقة جديدة بخلاف المناطق
المطروحة سابقا في هذا القطاع، ما سيعطي دفعة قوية للثروة المعدنية خلال الفترة المقبلة،
مؤكدا أن هيئة الثروة المعدنية المصرية كانت مصنفة الثانية عالميا بعد بريطانيا لكن
الفترة منذ عام 1967 حتى وقت قريب تراجعت بسبب غياب البعثات الاستكشافية التي كانت
تخرجها لإعداد الخرائط بشأن الثروات المعدنية المتاحة وأماكن تواجدها وتقديرات حجمها.
ولفت إلى عمليات البحث والاستكشاف هذه ضرورية لأنها تعطي
دلائل بشأن توافر الثروات في المناطق، لأن الاحتياطات الموجودة في الكثير من المناطق
حاليا ليس لها خرائط استكشافية وغير معروف أماكن تواجدها، ومن المهم لتطوير هذا القطاع
عودة هيئة الثروة المعدنية للمساحة الجيولوجية لإرسال بعثات استكشافية ضمن خطوات إعادة
هيكلة قطاع البترول مع النشاط التجاري عبر شركة قابضة.
ولفت إلى أن هناك مجموعة من الخطوات لإعادة الهيكلة في قطاع
البترول ستعلن قريبا، مؤكدا أن مصر تمتلك مليارات من الأطنان من الخامات المنجمية والمحجرية
التي يمكن أن تحقق عائدات كبيرة مثل الطفلة والحجر الجيري والفوسفات والرمال البيضاء
والسوداء يمكنها أن تؤدي لطفرة مهمة الفترة المقبلة، بخلاف المعادن النفيسة كالذهب
والفضة وما شابه.
تعديل التشريعات وتيسير إجراءات
الاستثمارات
فيما قال الدكتور مدحت يوسف، نائب رئيس
هيئة البترول الأسبق، إن قطاع التعدين والثروة المعدنية في مصر قطاع واعد ويحتاج إلى
خبرات واستثمارات كبيرة ولوجيستيات متعددة، وكذلك فكر إداري متطور، مؤكدا أن الرئيس
عبد الفتاح السيسي وجه بتطوير رؤية استراتيجية لتطوير هذا القطاع.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن قانون التعدين الجديد به بعض النقاط غير المشجعة للتطوير والاستثمار فيه، وتطوير
هذه الرؤية الاستراتيجية سيكون أحد أبعادها هو التعديل التشريعي للقانون المشجع للتطوير
وضخ المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع.
وأكد أن قانون التعدين كان عليه نقاش
وكانت هناك العديد من وجهات النظر المختلفة والمتعددة، وتعديله سيشجع هذا التطوير ويسمح
بضخ المزيد من الاستثمار، مشددا على ضرورة تشجيع وتيسير إجراءات الاستثمار لأن مصر
تمتلك ثروات كبيرة في هذا القطاع، وترامي هذه الثروات في العديد من المناطق المختلفة
يتطلب الاهتمام بوضع رؤية متكاملة لاستغلالها الاستغلال الأمثل.
وأشار إلى أن القوانين القديمة كانت
سببا في انهيار القطاع، وينبغي إجراء تعديلات تشريعية ، خاصة وأن قانون المحليات كان
يتحكم في جزء كبير من هذا القطاع كالمحاجر والملاحات، وهو ما يتطلب بدء تعديلات تشريعية
تعالج هذه السلبيات.