رصدت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية الصادرة ، اليوم الجمعة ،
أجواء انسحاب القوات الأمريكية من البلدات الألمانية؛ معتبرين قرار سحب
القوات من أكبر القواعد الأمريكية في الخارج تسبب في اختلاط المشاعر لدى
الشعبين الألماني والأمريكي، ما بين مؤيد ومعارض.
وقالت الصحيفة في سياق تقرير لها نشرته على موقعها الالكتروني في هذا
الشأن إن كل شخص في البلدات البافارية المحيطة بقاعدة الجيش الأمريكي لديه
بالفعل العديد من ذكريات الطفولة المفضلة مع الجنود الأمريكيين ، رغم أن
البداية كانت تحكي قصة الهزيمة والاحتلال!.
ففي الشهر الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط لسحب ما
يقرب من 12 ألف جندي من القواعد العسكرية في جميع أنحاء ألمانيا وهذا يعني
أن الآلاف من الأفراد المتمركزين حول بلدتي فيلسيك وجرافنوهر قد يتم
سحبهم قريبًا من حامية الجيش الأمريكي في ولاية بافاريا، إحدى أكبر
القواعد الأمريكية في العالم.
واعتبرت الصحيفة أن المدن الألمانية التي تستضيف جنودًا أمريكيين أصبحت
تحكي قصة احتلال تحول إلى تحالف في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية
الثانية والآن، أصبحت تعكس أيضا التوترات والضغوط التي تشوب العلاقات عبر
الأطلسي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي استضافت فيه ألمانيا أكبر عدد من
الجنود الأمريكيين في أوروبا، انخفض عدد القوات الأمريكية إلى النصف إلى
38600 جنديا على مدار العقد الماضي، كما يُنتظر أن يصل خفض عددهم إلى 24
ألف فرداً فقط بموجب خطة الرئيس ترامب كما سيتم إغلاق مركزي قيادة في مدينة شتوتجارت، أحدهما موجه لأوروبا والآخر لأفريقيا.
وأوضحت فاينانشيال تايمز أن جزءاً من الخلاف الدائر بين برلين وواشنطن
يعود في حقيقته إلى اتهام الأخيرة لبرلين بعدم الانفاق بما يكفي على حماية
وتعزيز أمنها بشكل كبير علاوة على اعتمادها على روسيا؛ لاسيما بعد ابرام
صفقات تجارية مثل خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2. أما في ألمانيا، يقول
النقاد إن الخطوة الأمريكية الأخيرة تشير إلى التزام متذبذب تجاه حلفاء
واشنطن في حلف شمال الأطلسي"الناتو"، مما قد يساعد موسكو على زرع
الانقسامات بين أعضاء الحلف.
أما عن ردود فعل سكان بافاريا تجاه قرار سحب القوات الأمريكية، فقد أكد
بعضهم بأن مصيرهم أضحى يتوقف على رجل واحد. فتقول المؤرخة بيرجيت بلوسنر
بإننا فجأة، أصبحنا جميعًا نستمع إلى ما سيقوله ترامب".
كذلك؛ أوضح مسئولون محليون أن التشابك الاقتصادي بين البلدين ربما يصلح
ما قد تفسده السياسه، حيث تبلغ قيمة الوجود الأمريكي في المنطقة 660 مليون
يورو سنويًا..فيما يأمل السكان المحليون في أن يؤدي فوز المنافس الديمقراطي
جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل إلى عكس هذا
الاتجاه، لكن بعض المسئولين الألمان يحذرون من أن العلاقة قد لا تعود إلى
ما كانت عليه أبدًا.
واختتمت الصحيفة تقريرها بقول إن المشاعر العامة في ألمانيا ربما تدعم
وجه نظر هؤلاء المسئولين ، حيث وافق ما يقرب من نصف الذين شملهم استطلاع
للرأي أجرته مؤسسة يوجوف مؤخرًا على خفض القوات، بينما أيد واحد من كل
أربعة الانسحاب الكامل.