الإثنين 25 نوفمبر 2024

ماذا لو غِيض الماء؟!

  • 22-4-2017 | 10:10

طباعة

رجب سعد السيد - كاتب مصرى

 ماذا لو توفرت فتحة ضخمة في أعمق نقطة بالمحيطات، المعروفة بنقطة تشالينجار، نسبة إلى سفينة الأبحاث البحرية تشالينجار (المتحدية) التي اكتشفتها، وتقع على عمق نحو 13 كيلومترا، في غرب المحيط الهادي، إلى الشرق من الفلبين، لتتسرب منها مياه محيطات الأرض، وهي متصلة ببعضها، إلى طبقات جوف الأرض؟

   إن لم تعجبك هذه الطريقة في إخلاء الكرة الأرضية من مياه بحارها ومحيطاتها، فلك أن تتخيل طريقتك الخاصة، فقد بدأنا حديثنا بالتساؤل الافتراضي: ماذا لو؟ وابحث لنفسك أيضا عن إجابات لأسئلة افتراضية أخرى، من صنف: كم يستغرق إخلاء المحيطات من مياهها؟ أما إن سألت: كيف ستبدو الأرض بعد أن يغيض ماء محيطاتها وبحارها؟ فإليك هذا التصور المبني على علمنا الحالي بطبوغرافية قاع محيطات العالم.

   عند انحسار مياه المحيطات بمقدار 50 مترا عن مستوى سطحها الحالي، ستتصل جزر سريلانكا ونيوغينيا وبريطانيا وجاوة وبورنيو بأقرب أراض قارية مجاورة لكل منها. أما هولندا، فسوف تصير أراضيها عالية بما يكفي لأن تبدأ في التخلص من التهديد الكابوسي الذي تعايشه الآن من هجوم فيضانات كارثية تغرقها؛ وبدلا من إهدار طاقاتها في الحماية من المحيط المتربص بها، ستتوفر لها الفرصة بالطاقات ذاتها لتزيد مساحة رقعة أراضيها، فتضم أراضي قاع المحيط التي انحسر عنها الماء.

   فدعونا نتصور انخفاضا إضافيا في مستوى سطح المحيط، إلى 100 متر، لنرى بروز جزيرة هائلة، يرتفع مسطحها أمام سواحل (نوفا سكوتيا) وفي مواجهة الساحل الجنوبي الشرقي لولاية نيوفاوندلاند الكندية، فتحل محل المنحدرات المحيطية العظيمة (جراند بانكس)، التي تبلغ مساحتها 360 ألف كيلومتر مربع.

وتتزايد غرابة خريطة الأرض عندما ينحسر المحيط مئتي متر، ليتوالى ظهور الجزر الجديدة، وتتضخم إندونيسيا فتبدو كتلة كبيرة، وتستمر هولندا في التمدد باتجاه الشمال حتى تصبح أكبر دولة أوروبية من حيث المساحة، وربما وصل بها الحال لأن تصبح جسرا يربط أوروبا بالشمال الأمريكي. أما اليابان، فإنها تصير أرخبيلا كبيرا يربط بين شبه الجزيرة الكورية وروسيا. وتنتفع نيوزيلندا بانحسار مياه جنوب المحيط الهادي فتنمو بصورة كبيرة.

وتمتلئ خريطة العالم بالجزر الجديدة التي يعريها انحسار الماء بنحو ثلاثة كيلومترات عمقا، كما أن هذا الانخفاض في مستوى سطح المحيطات يكفي لأن تظهر قمم سلاسل الجبال القاعية التي كان الماء يخفيها، فتضاف مساحات هائلة إلى ما كان على اليابس من جبال وأراضٍ وعرة. ولن يتبقى من مياه المحيطات غير بحار محدودة ضحلة، مع بعض الخنادق التي كان عمق المياه فيها يقارب خمسة كيلومترات.

ويبدو السؤال في العنوان مقابلا للسيناريو غير السار الذي يقول به كثير من علماء البيئة البحرية، عن ارتفاع سطح البحر؛ وكلاهما مر. وقد يكون المستهدف من وراء السيناريوهات والأسئلة الافتراضية هو التنبيه إلى أن المحيطات هي أهم نظام بيئي داعم للحياة على سطح الأرض، وتقوم بدورين لا غنى عنهما، فهي تمتص الإشعاع الشمسي، لتقوم تياراتها بتوزيع طاقته الحرارية على كافة أنحاء الأرض. وهي التي تغذي عمليات دوران المياه، فتتركها تتبخر إلى الهواء، لتصير غيوما تسافر آلاف الأميال، هنا وهناك، لتسقط على اليابس، أو على مسطحات بحار الأرض ومحيطاتها.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة