أشاد حقوقيون
وبرلمانيون بإصدار قانون تجريم التنمر، مؤكدين أن هذا القانون كان ضروريا لردع القائمين
بهذه الأفعال وسيعمل على الحد من الظاهرة، لأنه حدد عقوبات على مرتكبي كل ما يندرج
تحت طائلة القانون من أفعال للتنمر، موضحين أن القانون وحده لا يكفي لمواجهة التنمر
وأنه يجب تكاتف أدوار الأسرة والمؤسسات التعليمية والدينية والتوعوية.
كان
الرئيس عبدالفتاح السيسي، قد أصدر أمس الثلاثاء، القانون رقم 189 لسنة 2020 بشأن تعديل
أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 "مواجهة ظاهرة التنمر"،
ووفقًا للقانون، يعتبر الجاني متنمرا إذا ارتكب أي فعل من الأفعال التالية:
1. استعراض
قوة أو سيطرة للجاني باستغلال ضعف للمجني عليه.
2. استغلال الجاني لصفات يعتقد أنها تسئ للمجني عليه،
كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية، أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى
الاجتماعي.
3. تخويف المجني
عليه أو وضعه موضع السخرية، أو الحط من شأنه وإقصائه عن محيطه الاجتماعي.
ونص
القانون على أنه إذا ارتكب الجاني أيا من الأفعال السابقة يتم تطبيق عليه العقوبات
التالية:
1. الحبس مدة
لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه، أو بإحدى
هاتين العقوبتين.
2. تشديد العقوبة
إذا توافر أحد ظرفين، أحدهما وقوع الجريمة من شخصين أو أكثر، والآخر إذا كان الفاعل
من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه، أو كان
مسلمًا إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادمًا لدى الجاني، لتكون العقوبة
الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 100 ألف جنيه،
أو بإحدى هاتين العقوبتين.
3. مضاعفة
الحد الأدنى للعقوبة حال اجتماع الظرفين، وفي حالة العود تضاعف العقوبة في حديها الأدنى
والأقصى.
تكاتف
الأدوار
وفي هذا السياق، قال عصام شيحة، الأمين
العام بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن قانون مواجهة ظاهرة التنمر سد نقص في التشريع
المصري بشأن التنمر، وساير التشريعات العالمية بإصداره تشريعا خاصا لمواجهته، هذا بالإضافة
للمواد المنصوص عليها في قانون العقوبات المصري من المادة 106 وما بعدها الخاصة بالسب
والقذف والجرائم الخاصة بالتحرش، موضحا أن هذا القانون سيحد من الظاهرة لكن لن ينهيها.
وأوضح شيحة في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن القانون وحده لا يكفي لمواجهة هذه الظاهرة فنحن في حاجة إلى دور المدرسة
والمسجد والكنيسة والأسرة إلى جانب دور توعوي كبير تقوم به منظمات المجتمع المدني والإعلام
مع مؤسسات الدولة المصرية، مؤكدا أن أهم دور في هذه المرحلة هو دور الجامعات.
وأكد أن التنمر كظاهرة تتضح بشكل كبير
مع مرحلة الشباب مما يستلزم دعم كبير من المثقفين ورجال الدين والأسرة وتطبيق القانون
بشكل حاسم، موضحا أن الأزمة ليست في ندرة القانون ولكن في سياسة الردع، فسرعة الإحالة
للمحاكم وتنفيذ الأحكام ونشر مساوئ القائم بهذا الفعل كمثال شاذ لكي لا تتكرر هذه الأفعال
مرة أخرى، فمع الاحتفاء بالمواقف النبيلة في المجتمع يجب فضح المتنمرين والمخالفين
للقانون.
وأشار إلى أن هناك عددا من وقائع التنمر
التي شهدها المجتمع المصري خلال الفترة الماضية، ويحسب للنيابة العامة في السنوات الأخيرة
سرعة التدخل والاستجابة مع الرأي العام سواء في هذه الوقائع أو غيرها من القضايا التي
أحالت النيابة فيها المتهمين للتحقيقات وباشرت التحقيق بمجرد نشرها على مواقع التواصل
الاجتماعي، بما يعبر عن صفة النيابة العامة كممثل حقيقي للشعب وأمين على الدعوة العمومية.
الردع العام
فيما قال الدكتور حافظ أبو سعدة، عضو
المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن ظاهرة التنمر كانت لفترة طويلة موجودة في المجتمع
لكنها غير مجرمة، حيث كان يجري التعامل معها كأحد أشكال الاستقواء على آخر أو المزاح
ولكن ليس كجريمة، موضحا أن الأمم المتحدة لعبت دورا كبيرا في توضيح خطورة هذه الظاهرة
على نفسية الأطفال والبالغين أيضا.
وأوضح في تصريح ل "الهلال اليوم"
أن التنمر هو استقواء شخص على آخر لأي سبب أو التمييز العنصري على شخص بسبب لونه أو
لهجته أو ملامحه أو أي شكل آخر، فهو جريمة مركبة، مؤكدا أن القانون يحقق نظرية الردع
العام حيث ينص على العقوبة بالحبس 6 أشهر وحتى سنة لمرتكب جريمة التنمر.
وأشار إلى أن القانون يتيح للرأي العام
والمدارس والإعلام للتعريف ورفع الوعي بالتنمر وخطورته، ما يجعل الأسر والمعلمين في
المدارس يركزون على التوعية بهذه الظاهرة حتى إيقافها بشكل نهائي، مضيفا إن القانون
لن يواجه ظاهرة التنمر وحده، فلا بد أن تخصص وزارة التربية والتعليم جزءا من المناهج
في المدارس التنبيه بخطورة التنمر والعقاب عليها داخل المدرسة لتوعية التلاميذ والطلاب
بخطورة ذلك.
وأكد أهمية دور الإعلام أيضا في التوعية
بهذه الظاهرة وعقوبتها وتأثيراتها النفسية، مشددا على ضرورة مواجهة التنمر على وسائل
التواصل الاجتماعي، لأن التنمر ليس من خلال التعامل المباشر فقط، لكن قد يكون أيضا
عبر هذه المواقع، وهو دور جهاز الاتصالات بوزارة الداخلية عبر تلقي أية بلاغات بشأن
وقائع التنمر بهذه المواقع والتحقق منها واتخاذ الإجراءات اللازمة.
القانون سيحد من الظاهرة
ومن جانبها قالت مارجريت عازر، وكيل
لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، إن قانون مواجهة ظاهرة التنمر سيحد من هذه الظاهرة،
لكنه لن يقضي عليها بمفرده فمن المهم تغيير ثقافة المجتمع، وأن يمارس الإعلام دوره
وكذلك التعليم والمؤسسات الدينية والمجتمع المدني، وكذلك الأسرة.
وأوضحت في تصريح لـ "الهلال اليوم"
أن المتنمر لا يرى في التنمر جريمة ولكنه يعتقد أنه أحد أنواع المزاح مع الآخر، ولا
يشعر بمدى ما يسببه من جرح وإضرار بنفسية هذا الشخص، ومن المهم تغيير هذه الثقافة،
وهو أمر لا يتغير فقط بالتشريع ولكن بتضافر كل جهود مؤسسات المجتمع، عبر إلقاء الضوء
عليها في الإعلام ومؤسات التعليم، لأن بعض المعلمين أنفسهم قد يتنمرون على الطلاب والتلاميذ
الصغار، بسبب شكلهم أو حجم أجسامهم أو أي صفة أخرى.
وأضافت إن التشريع بداية سليمة وقوية
لمواجهة هذه الظاهرة، يليه تغيير ثقافة المجتمع تجاه التنمر والدعابة والفرق بينها
وبين التنمر وتأثيراته على نفسية الأطفال والبالغين، لأنه يستبب في أذى نفسي كبير لهم.
وأكدت أن القانون حدد أشكال التنمر،
والأفعال التي تدخل في إطاره، ومنها استغلال قوة الجاني وضعف المجني عليه أو الإساءة
للمجني عليه بأي من الصفات، وحدد عقوبة ذلك بالحبس ستة أشهر وبالغرامة لا تقل عن
10 آلاف جنيه، كما أباح تغليظ العقوبات في عدة حالات.
التوعية بتأثيراته السلبية
قال محمد الغول، عضو لجنة حقوق
الإنسان بمجلس النواب، إن قانون مواجهة التنمر كان ضروريا إصداره لتجريم هذه
الظاهرة ووضع عقوبات للقائمين على هذا الفعل وهو أمر مطبق في العديد من دول
العالم، موضحا أن هذا القانون سيبدأ في تغيير جزء من ثقافة المجتمع تجاه التنمر
عبر تحقيق الردع لكل ما يندرج تحت طائلته من أفعال.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن هذا التغيير في الثقافي يبدأ تدريجيا حتى تنضج الأجيال القادمة
على أن التنمر جريمة له عقوبة محددة بموجب نص القانون، موضحا أن القوانين وحدها لا
تكفي لمواجهة الظواهر السلبية لكنها تحد منها بشكل كبير في المجتمع.
وأكد أن مواجهة التنمر يتطلب أيضا
الوعي المجتمعي من خلال المدارس والأسرة والمسجد والكنيسة والنوادي، وكذلك وسائل
الإعلام لبث وشرح أبعاد هذه الظاهرة وتداعياتها السلبية على الأفراد وخاصة الصغار
وكذلك على المجتمع بما يسهم في رفع التوعية ومواجهة مثل هذه الأفعال.
وأشار إلى أن القانون عاقب على هذه
الجريمة بالحبس أو الغرامة أو بالعقوبتين.