تختلف دائما آراء وأهواء الجمهور نحو
نجمهم المفضل، فهناك من تهمه فقط الأعمال الثمثيلية والغنائية للنجم، وهناك من
يتوق لمعرفة الحياة الشخصية للفنان، لذا حرصت مجلة الكواكب قديما على نشر كل ما
يهم القارئ عن نجوم الفن، سواء بإلقاء الضوء على أعماله وتحليلها ونقدها أو دخول
بيوت الفنانين وطرح معالمها للقراء، وغالبا ما كانت الكواكب تستكتب نجوم الفن
ليدونوا بأقلامهم ذكرياتهم في كل مراحلهم العمرية، ومنهم الفنانة فايزة أحمد التي
تحل اليوم ذكرى رحيلها بعد تاريخ حافل بالنجاح في مصر.
روت فايزة أحمد بقلمها موقفا من
حياتها للكواكب في عدد 16 ديسمبر 1958، بعنوان "مظاهرة في بيتي"، وقالت
فيه أنها قبل حضورها إلى القاهرة دأبت على دعوة صديقاتها بشكل دوري على تناول طعام
الغداء الذي تعده هي بنفسها، وكان بيتها يقع بين البستاتين على مقربة من جدول ماء
يشيع الجمال في المنطقة، وجرت العادة أن يتناقشن في ألوان الفنون بعد الغداء.
وذات مرة دعت فايزة صديقاتها، ومكثت في
المطبخ طويلا لتعد لهم الأصناف التي يحببنها من الطعام، وفي الموعد جاءت كل
الصديقات وبدأ الجميع في التهام من أعدته فايزة ، وكانت اللحوم لذيذة لدرجة أن
تخاطفت الصديقات كل ما وضع منه على المائدة، وبعد الغداء التف الجميع حول منضدة
أخرى للحديث .. ولا تعرف فايزة ما الذي دعاها للقيام من مكانها كي تلقي نظرة من
النافذة على الطريق الممتد بجانب بيتها، لتجد مفاجأة غير متوقعة.
فقد روعها أن وجدت قطتين أليفتين كان
تملكهما وتعتز بهما قتيلتين بجانب بيتها، وحزنت عليهما حزنا شديدا ، وراحت تتذكر
أحداث اليوم لتعرف كيف لاقت القطتان مصرعهما .. فقد وضعت اللحوم على الموقد ثم
تركتها لتنضج وبدأت تنشغل في أمور أخرى، وبعد فترة انتبهت إلى صوت في المطبخ وهمت
لمعرفة ما يحدث فوجدت القطتين قد اختطفتا بعض اللحوم وقفزتا بها عبر النافذة
لتأكلانه .. وبعد ساعة ألقت نظرة عبر النافذة فوجدت القطتين تنامان في استرخاء
بجانب البيت ، لكنها الآن وجدتهما صريعتان !!
على الفور أدركت فايزة أن القطتين
ماتا بسبب اللحم، فمؤكد أن اللحم مسموما وهو ما أدى إلى مصرعهما، فعادت بسرعة إلى
صديقاتها وكانت إحداهن تغني "أيها الراقدون تحت التراب" والباقي يستمعن
إليها، ثم بدأت فايزة تتفحص وجوههن، وبعد قليل طلبت منهن الصمت لتصارحهن بالحقيقة
المُرة وأن اللحوم التي تناولنها مسمومة، وعلى الفور بدأت حالة من الفزع بينهن ،
وحاولت كل منهن إبعاد شبح الموت الذي أوشك أن يداهمهن ، وفكرت الكثيرات منهن بمغادرة
البيت لكن فايزة أصرت على عدم مغادرة أي منهن، لكن بدأ الكثير منهن في الاتصال
بأقاربهن.
وبعد قليل أصبح بيت فايزة يعج بأكثر
من مائة رجل وسيدة للاطمئنان على أقاربهن، وسارعت فايزة باستدعاء طبيبين لمحاولة
إنقاذ الصديقات وسط صياح وصراخ أقاربهن، وفي ذلك الوقت جاءت إحدى الجيران لتتحدث
مع فايزة جانبا ، وأبلغتها أن القطتين كانتا تتمدان بجانب البيت، عندما انحرفت
سيارة عن الطريق لتدهس القطتين لتودي بحياتهما وهما ممددتان، وعلى الفور فرحت
فايزة وعرفت أن الأمر اختلط عليها، وأن طعامها لم يكن مسموما، وهمت تزف البشرى
للصديقات وأقاربهن، لكنها وجدت الجميع يضحك .. فقد سبقها الطبيبان وأعلنا النتيجة وأخبرا
الجميع أنه لا خطر على الفتيات .. وهنا أصر الحضور على الاحتفال بنجاتهن وعودتهن
إلى الحياة.