قال الرئيس الصيني "شي جين بينج" إن الصين لا تعتزم خوض حرب باردة أو حرب ساخنة مع أي دولة، مؤكدا في الوقت نفسه أن بلاده ترفض بحزم "اتهامات لا أساس لها" من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن استجابتها للمرض، وتعارض "تسييس الفيروس" (وباء كوفيد-19).
وأضاف بينج -في كلمة عبر الفيديو مساء أمس /الثلاثاء/ خلال المناقشة العامة للدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة- أن الصين ملتزمة بالتنمية السلمية والمفتوحة والتعاونية والمشتركة، قائلا: "لن نسعى أبدا لهيمنة أو توسع أو مجال للنفوذ"، وأن الصين ستواصل تضييق الخلافات وحلها مع الآخرين من خلال الحوار والمفاوضات.
وتابع إنه لا يمكن لأي دولة أن تكسب من صعوبات الآخرين أو تحافظ على الاستقرار باستغلال مشكلات الآخرين، معربا عن رفضه لأي محاولة لتسييس مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) أو وصم الصين به.
وأشار إلى أن الصين "تشارك بنشاط في المكافحة الدولية ضد المرض، وتساهم بنصيبها في دعم أمن الصحة العامة العالمي ، وأنها ستواصل مشاركة خبراتها في مكافحة المرض وطرق تشخيصه وعلاجه مع الدول الأخرى، وتقديم الدعم والمساعدة للدول المحتاجة، وضمان توافر سلاسل إمداد عالمية مستقرة للوازم مكافحة المرض، إلى جانب المشاركة بنشاط في الأبحاث العالمية الخاصة بتتبع منشأ وطرق انتقال الفيروس، لافتا إلى وجود العديد من لقاحات (كوفيد-19) التي تطورها الصين في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، وأنه عند اكتمال تطوير اللقاحات وإتاحتها للاستخدام، سيتم توفيرها للدول النامية الأخرى على أساس الأولوية.
ولفت إلى أن الصين ستفي بالالتزام الذي تعهدت به في مايو الماضي بتقديم ملياري دولار على مدار عامين للمساعدة في الاستجابة للمرض وفي التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المتضررة ، وخاصة البلدان النامية، مع تعزيز التعاون الدولي في مجالات الزراعة، والحد من الفقر، والتعليم، والنساء والأطفال، وتغير المناخ، وستدعم الدول الأخرى في استعادة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، داعيا دول العالم إلى التعاون معا والاستعداد لمواجهة المزيد من التحديات، خاصة وأن "مرض (كوفيد-19) يذكرنا بأننا نعيش في قرية عالمية مترابطة تجمعها المصلحة المشتركة"، وأنه لا دولة تستطيع أن تجني المكاسب من مصاعب الدول الأخرى، أو تستطيع الحفاظ على الاستقرار من خلال استغلال مشكلات الدول الأخرى.
وشدد بينج على أن "اتباع سياسة إفقار الجار أو الاكتفاء بمجرد المشاهدة من مسافة آمنة بينما الآخرون غارقون في الخطر، سوف يصل بالمرء في النهاية إلى ذات المشكلة التي يواجهها الآخرون"، قائلا إن العولمة الاقتصادية حقيقة لا تقبل الجدل واتجاه تاريخي عام، وإنه يتعين على بلدان العالم رفض الأحادية والحمائية والعمل من أجل ضمان التشغيل المستقر والسلس لسلاسل الصناعة والتوريد العالمية، مع إطلاق ثورة خضراء والتحرك على نحو أسرع من أجل خلق طريق خضراء للتنمية والحياة، والحفاظ على البيئة وجعل "الأرض" موطنا أفضل للجميع.
ودعا جميع الدول إلى تحقيق انتعاش أخضر للاقتصاد العالمي في حقبة ما بعد "كوفيد-19" ، معتبرا أنه "لم يعد بإمكان الإنسان تجاهل التحذيرات المتكررة للطبيعة والسير في المسار المألوف لاستخراج الموارد دون الاستثمار في الحفاظ عليها، وتحقيق التنمية على حساب حماية البيئة، واستغلال الموارد دون تجديدها".
وأشار إلى أن اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ ترسم مسار العالم للانتقال إلى التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون، مطالبا جميع الدول باتباع التنمية المبتكرة والمنسقة والخضراء والمفتوحة للجميع، واغتنام الفرص التاريخية التي توفرها الجولة الجديدة من الثورة العلمية والتكنولوجية والتحول الصناعي، وتحقيق الانتعاش الأخضر للاقتصاد العالمي في حقبة ما بعد "كوفيد-19".
وأكد أن الصين، أكبر دولة نامية في العالم، ملتزمة بتنمية سلمية ومفتوحة وتعاونية ومشتركة، وأن بكين "لن تسعى أبدا إلى هيمنة أو توسع أو مجال للنفوذ"، كما أنها لا تسعى إلى تطوير نفسها فقط أو الانخراط في لعبة صفرية، أو تحقيق التنمية خلف أبواب مغلقة.
وشدد على أنه يتعين على الدول أن ترى بعضها البعض كأعضاء في نفس الأسرة الكبيرة، وأن تسعى إلى التعاون المربح للجميع، وأن تتجاوز الخلافات الأيديولوجية، وألا تقع في فخ "صراع الحضارات"، مع ضرورة عدم انتهاك المعايير الأخلاقية، والامتثال للقواعد الدولية في المنافسة، حيث "من الطبيعي أن تكون هناك خلافات بين الدول، ولكن المهم هو معالجتها من خلال الحوار والتشاور، موضحا أن الدول قد تنخرط في منافسة، لكن مثل هذه المنافسة يجب أن تكون إيجابية وصحية بطبيعتها".
وقدم بينج مقترحات بشأن مكافحة مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19)، منها: وضع الشعب وحياته في المقام الأول وتعزيز التضامن والتغلب على المرض معا، مشددا على الدور القيادي لمنظمة الصحة العالمية في الاستجابة العالمية، مضيفا أنه ينبغي اتخاذ تدابير مكافحة شاملة وطويلة الأجل استجابة للمرض، والاهتمام باحتياجات الدول النامية واستيعابها، خاصة تلك الموجودة في أفريقيا، مثل تخفيف عبء الديون والمساعدة الدولية، وضمان تنفيذ أجندة 2030 للتنمية المستدامة، ومساعدة هذه الدول في التغلب على الصعوبات التي تواجهها.
وقال الرئيس الصيني إن العالم لن يعود أبدا إلى العزلة، ولا أحد يستطيع قطع العلاقات بين الدول، وإن الصين تعتزم خلق فضاء أكبر للتنمية الاقتصادية الصينية، وإضافة زخم للتعافي والنمو على الصعيد الاقتصادي العالمي، موضحا أن الصين تعتزم تمديد الصندوق الاستئماني للسلام والتنمية بين الصين والأمم المتحدة، لمدة خمسة أعوام إضافية بعد انتهاء مدته في عام 2025، كما تعتزم توفير 50 مليون دولار إضافية لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية العالمية لمرض فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19"، وتقديم 50 مليون دولار إضافية للصندوق الاستئماني للتعاون الجنوبي - الجنوبي بين الصين ومنظمة الفاو (المرحلة الثالثة).