الخميس 27 يونيو 2024

شاهد.. الخطاب التاريخي لـ"السادات" في ذكرى نصر أكتوبر (فيديو)

توك شو6-10-2020 | 13:36

تحل اليوم الذكرى الـ 47، لانتصارات حرب أكتوبر، حيث عرضت فضائية إكسترا نيوز، الخطاب التاريخي للرئيس محمد أنور السادات،  بعد النصر المجيد فى الذكرى الـ 47 للحرب.


وجاء نص الخطاب كالتالي:


"بسم الله، أيها الإخوة والأخوات، كان بودي أن أجيء إليكم قبل الآن، ألتقي بكم وبجماهير شعبنا وأمتنا، لكن مشاغلي كانت كما تعلمون وكما تريدون، وأثق أنكم تقدرون وتعذرون، ومهما يكن فلقد أحس بكم وبشعبنا وأمتنا معا فيما أخذت على مسؤوليتي تعبيرا عن إرادة أمة، وتعبيرا عن مصير شعب".


ثم وجدت أنه مناسبا أن أجيء إليكم اليوم أتحدث معكم ومع جماهير شعبنا ومع شعوب أمتنا العربية وأمام عالم يهمه ما يجري على أرضنا لأنه وثيق الصلة بأخطر القضايا الإنسانية، وهي قضية الحرب والسلام، ذلك لأننا لا نعتبر نضالنا الوطني والقومي ظاهرة محلية أو إقليمية لأن المنطقة التي نعيش فيها بدورها الإستراتيجي والحضاري في القلب من العالم وفي الصميم من حركته ولأن الحوادث كبيرة.


وتابع: ولأن التطورات متلاحقة ولأن القرارات مصيرية فإنني أريد أن أدخل مباشرة فيها أريد أن أتحدث معكم وسوف أركز على نقطتين: الحرب والسلام. 


أولا: الحرب لست أظنكم تتوقعون مني أن أقف أمامكم لكي نتفاخر معا ونتباهي بما حققناه في أحد عشر يوما من أهم وأخطر بل وأعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما جاء يوم نجلس فيه معا لا لكي نتفاخر ونتباهى ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله، نعم سوف يجيء يوم نجلس فيه لنقص ونروي ماذا فعل كل منا في موقعه، وكيف حمل كل منا الأمانة وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء، ذلك كله سوف يجيء وقته وأظنكم توافقونني على أن لدينا من المشاغل والمهام ما يستحق أن نكرس له وقتنا وجهدنا، وإذا جاز لي أن أتوقف قليلا وأنا أعلم أنني أتوق شوقا إلى سماع الكثير فإنني أقول ما يلي: أولًا : فيما يتعلق بنفسي فقد حاولت أن أفي بما عاهدت الله وما عاهدتكم عليه.



حاولت أن أفي بما عاهدت الله وما عاهدتكم عليه قبل ثلاث سنوات بالضبط من هذا اليوم، عاهدت الله وعاهدتكم أن قضية تحرير التراب الوطني والقومي هي التكليف الأول الذي حملته ولاء لشعبنا وللأمة، عاهدت الله وعاهدتكم على أن لن أدخر جهدا ولن أتردد دون تضحية مهما كلفني في سبيل أن تصل الأمة إلى وضع تكون فيه قادرة علي دفع إرادتها إلى مستوى أمانيها، ذلك أن اعتقادنا دائما كان ولا يزال أن التمني بلا إرادة نوع من أحلام اليقظة يرفض حبي وولائي لهذا الوطن أن تقع في سرابه أو في ضبابه. 



عاهدت الله وعاهدتكم علي أن نثبت للعالم أن نكسة ١٩٦٧ كانت استثناء في تاريخنا وليست قاعدة وقد كنت في هذا أصُر عن إيمان بأن التاريخ يستوعب (٧٠٠٠) سنة من الحضارة ويستشرف آفاقًا أعلم علم اليقين بأن نضال شعبنا وأمتنا لايعلو عنها وللوصول إليها وتأكيد قيمها وأحلامها العظمى، عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامه إلى جيل سوف يجيء بعده منكسة أو ذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها قد تكون مخضبة بالدماء، لكننا ظللنا نحتفظ برؤوسنا عالية في السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة. عاهدت الله وعاهدتكم على ألا أتأخر عن لحظة أجدها ملائمة ولا أتقدم عنها لا أغامر ولا أتلكأ، وكانت الحسابات مضنية والمسؤولية فادحة، لكنني أدركت كما قلت لكم وللأمة مرارا وتكرارا أن ذلك قدري، وأني حملته على كتفي، عاهدت الله وعاهدتكم وحاولت مخلصا أن أفي بالوعد ملتمسا عون الله وطالبا ثقتكم وثقة الأمة، وإني لأحمد الله. 


ثانيا: لقد كان كل شيئا منوطا بإرادة هذه الأمة، حجم هذه الإرادة وعمق هذه الإرادة، وما كنا نستطيع شيئا، وما كان أحد ليستطيع شيئا لو لم يكن هذا الشعب، ولو لم تكن هذه الأمة، لقد كان الليل طويلا وثقيلا ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبدا بطلوع الفجر وإني لأقول بغير ادعاء إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطا، وإنما كانت كبوة عارضة وأن حركتها لم تكن فورانا وإنما كانت ارتفاعا شاهقا لقد أعطى شعبنا جهدا غير محدود وقدم شعبنا تضحيات غير محددة وأظهر شعبنا وعيا غير محدود وأهم من ذلك كله أهم من الجهد والتضحيات والوعي، فإن الشعب احتفظ بإيمان غير محدود، وكان ذلك هو الخط الفاصل بين النكسة والهزيمة، ولقد كنت أحس بذلك من أول يوم تحملت فيه مسؤوليتي وقبلت راضيا بما شاء الله أن يضعه على كاهلي، كنت أعرف أن إيمان الشعب هو القاعدة، وإذا كانت القاعدة، سليمة فإن كل ما ضاع يمكن تعويضه، وكل ما تراجعنا عنه نستطيع الانطلاق إليه مرة أخرى.



وبرغم ظواهر عديدة بعضها طبيعي وبعضها مصطنع من تأثير حرب نفسية وجهت إلينا، فقد كان سؤالي لنفسي ولغيري في كل يوم يمر: هل القاعدة سليمة؟ وكنت واثقًا أنه ليس في قدرة أية حرب نفسية مهما كانت ضراوتها أن تمس صلابة هذه القاعدة، ومادامت القاعدة بخير فإن كل شيء بخير، وغير ذلك لن يكون إلا زوبعة في فنجان كما يقولون. لست أنكر إننا وُجهنا بمصاعب جمة، مصاعب حقيقية مصاعب في الخدمات، مصاعب في التموين مصاعب في الإنتاج، مصاعب في العمل السياسي أيضا. وكنت أعرف الحقيقة، ولكنني لم أكن في موقف يسمح لي بشرحها كنت أعرف إننا نحاول نجعل الحياة مقبولة للناس وفي نفس الوقت فإن علينا أن نحتاط لما هو منتظر وكنت واثقا إنه سوف يجيء يوم تظهر فيه الحقيقة لغيري كما كانت ظاهرة لي، وحين تظهر الحقيقة فإن الناس سوف يعرفون وسوف يقدرون وأحمد الله.