الجمعة 17 مايو 2024

«السيدة رقية».. مجمع مقامات يقصده الشيعة وتغرقه المياه الجوفية

24-4-2017 | 02:02

كتبت : أمانى محمد

مقامات ثلاثة منفصلة في موقعها لكنها تجتمع معا تحت اسم مسجد السيدة رقية، على بعد أمتار من السيدة نفيسة، في قلب حي الخليفة يقع مقام السيدة رقية واحدة من آل البيت، يضم مسجدها مجموعة مشاهد لأولياء الله الصالحين، ورغم كون المكان أقل شهرة لكنه يبقى وجهة لأصحاب الحاجات ومحبي آل البيت.

"رقية وعاتكة والجعفري وآخرون" أضرحة يضمها بناء تبدو آثار المياه الجوفية في جدرانه، فتهدمت ووقع دهانها وأغرقت أرضيته أيضا، ورغم نفي القائم على خدمة الضريح وجود مشاكل أو توضيح سبب تلك المياه الواضح أثرها على الجدران وسجاد الأرضيات، يؤكد خبراء أثريون أن المنطقة كلها تعاني من تسريبات المياه ورغم محاولات الإصلاح فلا تزال المشكلة قائمة.

كانت المشاهد الثلاثة قد خضعت قبل عامين لمشروع ترميم نفذته مبادرة الأثر لنا لإحياء التراث بإشراف من وزارة الآثار، بعد أن كانت المقامات تعاني من أضرار إنشائية بسبب ارتفاع الأملاح والرطوبة التي أدت إلى تفكك الأعمدة الحجرية وانهيار جزئي في جدار السقيفة لمشهد السيدة رقية وشروخ رأسية وهبوط في جدران قبتي عاتكة والجعفري.

السيدة رقية واحدة من آل بيت النبي، رغم اختلاف البعض في تحديد نسبها إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم- فهناك من يقول إنها ابنته من السيدة خديجة، والبعض يؤكد أنها حفيدته ابنة الإمام علي وشقيقة الحسن والحسين، وهو ما تؤكده اللافتة المعلقة أمام المسجد، بأن المقامات لرقية ابنة الإمام علي وعاتكة بنت عمر والإمام علي محمد بن جعفر الصادق.

أما عن عاتكة فيوضح الضريح إنها عمة الرسول عاتكة بنت عمر بن نفيل القرشي، فيما تشير مصادر تاريخية أن عاتكة هي صحابية وشاعرة تزوجت من عبد الله بن أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب والزبير بن العوام تباعا وجميعهم قتلوا، فأُطلق عليها أنها زوجة الشهداء و"من أحب الشهادة فليتزوج عاتكة".

أما المقام الثالث فهو لعلي محمد بن جعفر الصادق، والذي يعود لنسل الحسين بن علي رضي الله عنه فجده الإمام الجعفر الصادق وهو أحد أئمة الشيعة الإثنى عشر والتي تسمى الجعفرية نسبة إليه، ويبجله أيضا أهل السنة والجماعة ويروون عنه بعض الأحاديث ويلقى تبجيلا أيضا لدى الصوفية وخاصة الطريقة النقشبندية.

وقال الدكتور جمال عبد الرحيم أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة إن المياه الجوفية أزمة تهدد كل آثار مصر الإسلامية وهي إما بسبب طبيعي أو بشري، موضحا أن الاستعمال السيئ لمياه الشرب والصرف الصحي وعدم صيانتها بشكل دوري يؤدي لهذه المشكلة.

وأوضح أن القاهرة التاريخية استطاعت التغلب على تلك المشكلة في شارعين هامين هما المعز لدين الله الفاطمي والجمالية، أما بقية شوارعها ومن بينها الأشرف فهو يحتاج لمعالجة أزمة الصرف الصحي، مشيرا إلى وجود بركة مياه قديمة بالقرب من المكان وهي بركة الفيل بالسيدة زينب والتي رُدمت.

وأشار إلى أن تلك المياه بدأت تؤثر على المنشآت المعمارية ورغم وجود مشروعات ترميم لقبة رقية وعاتكة والجعفري فإنه يجب معالجة التربة والصرف الصحي والمياه بإصلاح المواسير المسببة للمشكلة، مؤكدا أنه يجب قبل إجراء الترميم حل المشكلة من أساسها ومعالجة التربة.

وأضاف عبد الرحيم أن المشاهد الثلاثة هي الآثار المتبقية ولا توجد بها تحف منقولة، أما المقامات الموضوع خارج غرف الأضرحة نفسها في صحن المسجد فهي مقامات حديثة ولا تمت للآثار بشيء، مؤكدا أن المشاهد الثلاثة لرقية وعاتكة والجعفري هي مشاهد رؤية ليست حقيقية.

وقال أستاذ الآثار الإسلامية إن تلك المشاهد من عمل علم الآمرية زوجة الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله للتقرب إلى المذهب الشيعي، مضيفا أن الشارع أصبح شارعا سياحيا من الدرجة الأولى وبخاصة السياحة الدينية الشيعية بسبب نسب أصحاب المقامات للإمام علي رضي الله عنه ويأتون من خارج مصر لزيارته.

وعن تاريخ بناء المشاهد الثلاثة والتي تحمل أثر رقم 173 و333، وحسب ما ذكره المؤرخ الفاطمي يحيى العبيدلي فإن الحافظ عبد المجيد الفاطمي رأى رؤية فيها السيدة رقية أخذته من مكانه إلى مكان آخر قبر، فقام بوضع علامة لينسبه إليها، وتأسس المشهد الحالي للسيدة رقية عام 527 هجريا 1113 ميلاديا بأمر علم الأمرية زوجة الخليفة الفاطمي الآمرية بعد أن ضم الفاطميون مصر لحكمهم عام 969.