الأربعاء 15 مايو 2024

جاب نجوع مصر ورحل في قطر .. زكريا الحجاوي : سندباد الفن الشعبى

24-4-2017 | 10:09

كتب : حاتم جمال

ربما لم نجد في تاريخنا الفني المعاصر فنانا أفني سنوات عمره في البحث عن المواهب واكتشافها مثل الفنان الراحل زكريا الحجاوي رائد الفن الشعبي الذي ارتبط اسمه بهذا الفن بعد أن تنقل بين الموالد والأسواق والأزقة والقري والنجوع... لم يترك نجعاً إلا وجابه باحثا عن المواهب الحقيقية المتحصنة بتراثها الفني ليكشف عن ماسات نفض عنها الغبار واعاد بريقها في القاهرة.

ثلاثة أعوام وأكثر عاش فيها شخصية السندباد متنقلا من مدينة لقرية لنجع بين الموالد والأسواق والدروب يبيت في منزل العمدة تارة وتارة أخري في بيت أحد الفلاحين وتارة ثالثة في الخلاء وبيوت الله يسافر ببساطه السحري ليكتشف صوتاً أو عازفا أو راقصا أو مداحا ليطوع هذه المواهب وكأنها عجين صلصال ليخرج منها إبداعاً لن يتكرر فكان يري أن الفن ولد في مصر وأن الحضارة التي أرخت لتاريخ العالم مازال بها الكثير لم يكتشف.

الحجاوي مبدعاً

لم تكن نشأة زكريا الحجاوي بعيدة عن الاتجاه الذي اختار أن يسلكه فقد ولد في يونيه عام 1915 بمحافظة الدقهلية وهناك نشأ مستمعا ومحبا للتراث الشعبي الذي يقدم في الموالد والأسواق بل وجد في نداء البائعين طربا وتراثا لا يتواجد في المدينة ومع أن أسرته كانت ترفض ما يقوم به إلا أنه كان يصر علي قناعاته في الطفولة ومرحلة الصبي وعندما قامت الثورة 1952 كان في سن الثامن والثلاثين مشكل الوجدان عاشقا للتراث اقترح أن يجوب قري ونجوع مصر بحثا عن التراث وأهله وجمع الفنون الشعبية من مصادرها فحمله عشقه للمداحين والفلاحين البسطاء لهذه الجولة التي اكتشف فيها عمالقة الغناء الشعبي فحمل الريس متقال شاعر الربابة من قلب المحلية إلي العالمية وقدم محمد طه صاحب العشرة آلاف موال الذي كان يؤلف ويلحن ويغني وصاحب موال في حب مصر «مصر جميلة» وكذلك جمالات ورضا شيحة الشقيقتين اللتين حافظنا علي تراث وجه بحري وامتدت اكتشافاته إلي أبو دراع وخضرة محمد خضر الذي تزوجها بعد ذلك وضم صوتها في ملاعيب شيحا وأيوب المصري كذلك فاطمة سرحان وإبراهيم خميس وغيرهم من الفلاحين البسطاء.

استثمار المواهب

وبعد رحلته مع الكشف ظل أمام كيفية وصول هذه الأصوات إلي العالم العربي كله فقام بتأسيس فرقة الفلاحين ولم يجد أفضل من تقديم هذه الاكتشافات في أعياد الثورة ففي عيد الثورة عام 1957 طلب منه جلال معوض إحياء حفل أضواء المدينة في غزة فرشح له محمد طه بعد أن كان يغني في الموالد والأحياء الشعبية بل جعله يشارك في 30 فيلما بعد ذلك.

فرقة الفلاحين سرعان ما ذاع صيتها وبدأت في حصد شهرة واسعة خاصة في محافظات مصر لدرجة أنه كان يؤلف لكل محافظة أغنية خاصة بها ووجدت استحسانا من الجمهور في لون جديد يدمج الأصالة بالمعاصرة في الوقت الذي كان علي الساحة الفنية قمم الغناء العربي أمثال أم كلثوم وعبدالحليم وفريد ونجاة وشادية وغيرهم فقد لعبت الفرقة علي التراث فقط وهو ما جعلها متفردة في كل شيء.

سندباد يرحل في الخارج

استمر إبداع زكريا الحجاوي في التراث سنوات طويلة وقدم للإذاعة والتليفزيون والأدب روائع مختلفة فمن مؤلفاته «بجماليون وملك ضد الشعب ونهر البنفسج وحكاية اليهود» بجانب موسوعة التراث الشعبي الجزء الأول منها.

وكتب للمسرح «ياليل ياعيني» الذي يعد أول أوبريت شعبي يقدم علي خشبة مسرح الأوبرا سنة 1957 كذلك أسس مسرح المقطم للفن الشعبي.

وفي الإذاعة كتب «سعد اليتيم» أحد أهم روائعه التي قدمت بتناول مختلف في السينما والدراما التليفزيونية كذلك أيوب المصري وقدم للتليفزيون سيد درويش وأدهم الشرقاوي.

وتظل الدراما السينمائية تخلد اسمه من خلال فيلم واحد وهو «أحبك ياحسن».

لم يشفع له هذا الكم من الإبداع ليتجرع المرار مع نهاية حياته فقد سافر إلي دولة قطر مرغما بعد أن أقصي عن وزارة الثقافة وطلبت منه مصلحة التنظيم إخلاء شقته لانشاء طريق جديد وهنا وجد أنه يعود للصفر فأصبح بلا مأوي أضطر إلي السفر لقطر ليعمل هناك كمستشار لوزير الإعلام القطري ويؤسس مركزا لتجميع الفنون الشعبية هناك ليرحل عن عالمنا في 7 ديسمبر 1957 بدولة قطر ليوضع اسمه كرائد للفن الشعبي في مصر.

    Dr.Radwa
    Egypt Air