رسائل طمأنة عدة حملها الحوار مع اللواء محمد بدر محمد بدر، أحد أبطال القوات المسلحة المصرية، والذى أوكلت إلى كتيبته خلال حرب السادس من أكتوبر ١٩٧٣، مهمة اقتحام قناة السويس والوصول إلى تبة السبعات على مسافة ٢ كم من قناة السويس والسيطرة عليها وتأمين عبور القوات المصرية إلى شرق القناة وفى الوقت ذاته منع قوات العدو من التقدم..
وإلى جانب التفاصيل المدهشة التى قدمها اللواء محمد بدر، حول معركة النصر والتحرير، فإنه قدم أيضًا رؤية واقعية مستندة إلى خبرة عسكرية كبيرة لما يحدث فى وقتنا الحالى، وتحديدًا فيما يتعلق بالحرب على الجماعات الإرهابية التى تخوضها قواتنا المسلحة جنبًا إلى جنب وأجهزة الشرطة.. وكان الحوار التالى:
فى البداية.. أين كان موقعك ومهمتك أثناء حرب أكتوبر المجيدة؟
أثناء حرب أكتوبر كنت برتبة الملازم ضمن سلاح المشاة تخرجت فى الكلية الحربية قبل حرب أكتوبر بعام ونصف، وأول تخرجى كانت الكتيبة تحتل منطقة نمرة ٦ فى الإسماعيلية أمام الطريق الأوسط وكان أمامنا ٣ نقاط قوية للعدو نقطة لسان التمساح ونقطة نمرة ٦ ونقطة الملاجئ وكان العدو تحت المراقبة المستمرة ليلا ونهارا نرصد جميع تحركاته وكانت مهمتى ضمن الكتيبة هى اقتحام قناة السويس وأصل لتبة السبعات على مسافة ٢كم من قناة السويس وأؤمنها وأسيطر عليها حتى نؤمن عبور القوة الرئيسية وحرمان احتياطيات العدو على كافة المستويات من القيام بتكثيف الدفاعات بين نقط العدو القوية على خط بارليف، وطورنا الهجوم من تبة السبعات بعد آخر ضوء يوم ٨ أكتوبر بمهمة مهاجمة تبة الشجرة ونجحنا فى اقتحامها والقضاء على العدو الموجود بها وفرار عدد كبير منهم فى الظلام وتمكنت من أسر دبابة سينتوريان ٧ سليمة ولم أقم بتدميرها، واعتبارًا من صباح يوم ٩ بدأ العدو بالقيام بهجمات مضادة شديدة بواسطة احتياطياته على «تبة الشجرة» وتصدينا له بإصرار وطورنا الهجوم فى اتجاه طريق عرضى ٢وفى يوم الخميس الموافق ١١/١٠ تمكنت من إصابة أحد ضباط المخابرات الإسرائيلية مرتديا زيه المدنى ويحمل شنطة بها كاميرا وأدوية وجهاز إشارة وكانت مهمته رصد ومراقبة تحركات قواتنا من خلال أى مركبة مدرعة وتبليغها للعدو وقمت بتسليمه لقائد الكتيبة مع ما كان يحمله كانت هناك طائرة طراز «سكاى هوك» تطير على ارتفاع منخفض من الأرض تمت إصابتها بواسطة صاروخ مصرى من على الكتف وسقطت أمامنا على بعد كيلو ونصف وركضت مسرعًا لأسر الطيار ولكن وجدت النار مشتعلة فيه لعدم تمكنه من القفز بالمظلة خارج الطائرة وأخذت الطبنجة الخاصة بالطيار وعدد ٢ خريطة وجهاز تحديد مسار GBS وقمت بتسليمها لقائد الكتيبة وأحمد الله أننى تمكنت من تنفيذ المهمة التى كلفت بها على أكمل وجه.
كثيرون ممن شاركوا فى الحرب تحدثوا عن قوة وبسالة المقاتل المصرى.. كيف تراها؟
“إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا» فنحن قبل الحرب تدربنا تدريبات شاقة جدا وصعبة جدا على أرض مشابهة لمسرح العمليات والتدريب على المانع المائى لخط بارليف فى ترعة الإسماعيلية وترعة الخطاطبة.
وكانت تتميز بنفس تيارات قناة السويس تقريبا وقمنا بتمثيل جو المعركة أثناء التدريب والتزمنا بالواقعية فى التدريب فقد كنا نحارب كما كنا نتدرب، بالإضافة إلى أننا تدربنا على جميع مواقف المعركة المحتمل موجهتها حتى نكون على درجة عالية من الجاهزية والاستعداد القتالى ولم يكن ينقصنا أثناء التدريب سوى معرفة متى سنتمكن من العبور وتحرير سيناء والقضاء على العدو الإسرائيلى الذى لا يفصلنا عنه سوى ١٥٠ م.
بعد مرور ٤٧ عاما على نصر أكتوبر.. ما رأيك فى التنمية التى تحدث فى سيناء؟
سيناء جزء أصيل من مصرنا الحبيبة ولا يمكن بأى حال من الأحوال نسيانها أو الإهمال فيها أو التفريط فى شبر منها ودائما ما يتم عمل إنشاءات ومشروعات توصيل مياه وربط كهربائى وربط من خلال الطرق والأنفاق والمعديات مع سيناء وذلك للتأكيد على أصالة سيناء وأنها جزء من ترابنا الوطنى الأصيل.
ما رأيك فى التطوير الذى تشهده القوات المسلحة فى أنظمة التسليح والقدرات القتالية؟ وما مدى أهميته؟
التطوير هو سنة الحياة، وبدونه يحدث الاندثار لذا من الضرورى أن يتم تطوير القوات المسلحة ومواكبتها أحدث ما وصل إليه العالم فى التسليح وأساليب القتال والتدريب والمعدات حتى يظل الجيش المصرى قويا يحمى أمننا القومى.
كيف ترى المخططات التى تستهدف مصر حاليا؟
توجد العديد من المخططات والأجندات الخارجية والداخلية فهناك دول فى المنطقة تريد أن تجعل مصر متأخرة غارقة فى المشاكل والصراعات، بالإضافة إلى وجود أفراد فى الداخل المصرى لا يعرفون معنى الوطنية ولا يستحقون أن يحملوا الجنسية المصرية لأنهم أعداء للوطن ومنافقون ولا يظهرون ذلك فى العلن وهم أخطر بكثير من الأعداء فى الخارج.
كيف يمكن حماية الأمن القومى المصرى فى ظل التحديات التى تواجه مصر حاليا؟
اليقظة التامة لأحوال المنطقة والدول المجاورة جيدا والاستعداد الدائم لمواجهة أى أخطار تحدق بمصر من أى اتجاه وغير مسموح بالتراخى والتكاسل حتى لا يصبح مصيرنا كمصير دول مجاورة.
هل سيؤثر ما يحدث فى الدول المجاورة من انهيارات وفوضى على مصر؟
انهيار الدول العربية يؤثر على بعضها البعض ولكن مصر تعتبر الشقيقة الكبرى للأشقاء العرب وخاضت العديد من التجارب التى أهلتها لتكون قادرة على مواجهة المخططات الهدمية فى المنطقة كما أن مصر لا تنسى أشقاءها فتجد أن مصر دائما تكون سباقة فى تقديم يد العون تجاه أشقائها العرب وغير العرب كما حدث مع لبنان والعراق وأمريكا وإيطاليا والعديد من الدول الإفريقية.
كيف ترى دور الجيش والشرطة فى مواجهة الإرهاب؟
يؤدى الجيش والشرطة دورًا كبيرًا فى التصدى للإرهاب ونجحت القوات المسلحة بالتعاون مع الشرطة المدنية والأجهزة الأمنية المختلفة فى حصر وتطويق الإرهاب فى مساحة صغيرة فى سيناء هذه الأيام بعد تنفيذ العديد من العمليات العسكرية الموسعة للقضاء على التكفيريين وهدم الأنفاق وقطع خطوط الإمداد عنهم، ولكن يجب الحفاظ على مستوى عال من اليقظة والانتباه لأنه كما ذكرنا سابقًا فإن العدو هذه المرة غير مرئى لذا يجب اتخاذ كافة وسائل الحيطة والحذر.