لم تكن صدفة
أن تزورك أمك فجأة،
في هذه الليلة الطويلة.
لتقول لك: تعالي، لقد أوحشتني،
أنا أنتظرك،
أعد مكانك جانبي،
أبوك معي، ولم يعد غاضبا،
فلا تحزن
لم تكن صدفة
أن يقول لك الطبيب ضغطك مرتفع
وأن قلبك الحصان العجوز
يتنظر طلقة الرحمة.
لم تكن صدفة؛
فالوجود يسير بقانونه
والألم ضريبة الماضي،
"فالإثم يهرع نحو تتمته" *
لم تكن صدفة
أن يكون قلبك وسيما
وميراث وسامتك لعنة جدة نرجسية.
أن تسير في طريق طويل،
بلا شربة ماء،
ولا يد تلوح
لم تكن صدفة،
أن تكون كاذبا ببراءة طفل
وقاسيا بندم طويل
كصدأ يأكل أعصابك المشدودة،
كذئب وحيد تعوي في غابة الثلج،
لست ما كنت عليه أبدا:
بأوجاع تنمو كالأحراش
ووجه نسي الابتسامة الصادقة.
لم تكن صدفة
أن تصيبك اللعنة المغوية
وأن تخرج من الجنة كأبيك
وحيدا بلا أثر،
وأن ترمي ذنبك
علي كتف امرأة وحيدة.
صدفتك أنت صنتعها،
كرجل غاضب من العالم؛
فعلق رقبته في مشنقة
لأنه ظن أن هناك عالما موازيا
أكثر جمالا.
الصدف قانون الوجود الأعمى؛
والله لطيف كزهرة
في صحراء حجرية،
سيقول لك: أنت من عيالي،
فلا تخف،
ضع قلبك في حجر امرأة وامض؛
لا تنتظره طويلا؛
لأنك ستتيه أعواما حتى تصفو.
لم تكن صدفة
أن تكون في الألفية الثالثة
وأن وحشا معدنيا يتربص
بمن هم مثلك:
بالرعب النووي،
كوفيد ١٩،
الفوضى الخلاقة،
ماكروسوفت،
صداقات النساء للرجال
علي منصات التواصل الاجتماعي،
الكذب.. والكذب.
لم تكن صدفة
أن تكون غير برجماتي
بكذب أبيض
تلوثه حماقات النساء الجميلات،
لم تكن صدفة أبدا
أن تكون طيبا بمكر بدويّ
لتخرج من جنتك البحرية؛
لأن رأس المال المتوحش
ينمو كفطر سام في الوادي المقدس.
ليس ثمة صدفة،
نحن نخترع وجودا عبثيا،
ونكذب حين نظن الصدفة
تضعنا في طريق الجرافة العملاقة.
* لورانس داريل..
رباعية الإسكندرية