زكى نجيب محمود (1905-1993)

من أبرز فلاسفة العرب ومفكريهم فى القرن العشرين، وأحد رواد الفلسفة الوضعية المنطقية، وصفه عباس محمود العقاد بأنه: "فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة، فهو مفكر يصوغ فكره أدبا، وأديب يجعل من أدبه فلسفة". وقد سبق أن وصف ياقوت الحموى أبى حيان التوحيدى بهذا الوصف.

 له دور رائد فى تطويع الفلسفة بمصطلحاتها ومسائلها الصعبة، وتقديمها للقارئ المعاصر فى عبارات سلسة، سهلة الاستيعاب، فكان بذلك رائدا فى نشر الفكر الفلسفى على نطاق واسع.

كان فى بداياته رافضا للتراث العربى، مناديا بعدم الاعتداد به، وقد عبر عن هذا الفكر فى بعض مؤلفاته مثل : الفلسفة الوضعية وخرافة "الميتافيزيقا".

غير أنه ما لبث فى أخرياته أن عاد إلى التراث العربى قارئا ومنقبا عن الأفكار الجديدة به، وباحثا عن سمات الهوية العربية التى تجمع بين الشرق والغرب، وبين الحدث والعقل، وبين الروح والمادة، وبين القيم والعلم.

 دعا إلى فلسفة جديدة برؤية عربية تبدأ من الجذور ولاتكتفى بها، ونادى بتجديد الفكر العربى والاستفادة من تراثه، وهو ما أثبته فى كتابه: تجديد الفكر العربى الذى ألفه أثناء وجوده بجامعة الكويت في عقد الثمانينيات من القرن الماضي.

ولد زكى نجيب محمود بقرية "ميت الخولى عبدالله بمحافظة دمياط " فى مطلع فبراير 1905، والتحق بكتاب القرية كشأن الأطفال فى هذا العصر فى القرى وأكمل تعليمه فى المرحلة الابتدائية بالسودان حيث مقر عمل والده وقتها، وأكمل المرحلة الثانوية بمصر ثم تخرج فى مدرسة المعلمين العليا سنة 1930. ثم سافر فى بعثة إلى إنجلترا سنة 1944، حيث حصل فى نهايتها على الدكتوراه فى الفلسفة سنة  1947.

 اشتغل بالتدريس بعد عودته من إنجلترا فى عدد من الجامعات العربية والعالمية حيث درس فى قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، وبجامعة كلوبيا بولايت كارولينا الجنوبية، وجامعة بيروت بلبنان، وجامعة الكويت وغيرها.

 كما عين ملحق ثقافيا بالسفارة المصرية بواشنطن عامى 1954 و1955، وشارك عضوا فى لجان الفلسفة والشعر بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، والمجلس القومى للثقافة، والمجلس القومى للتعليم والبحث العلمى وغيرها.

وفى سنة 1965،أنشأ مجلة "الفكر المعاصر" وترأسها حتى سنة 1968.

له العديد من المؤلفات الفلسفية والفكرية والثقافية والسيرة الذاتية مثل: 

المنطق الوضعى –نافذة على فلسفة العصر- تجديد الفكر العربى-تحديث الثقافة العربية- الكوميديا الأرضية –جنة العبيط –قصة نفس-حصاد السنين-المعقول واللا معقول فى تراثنا الفكرى –رؤية إسلامية-هذا العصر وثقافته – هموم المثقفين.

 نال العديد من الجوائز والأوسمة على أعماله، نذكر منها 1 -جائزة التفوق الأدبى من وزراة المعارف سنة 1639، عن كتابه أرض الأحلام ،2-جائزة الدولة التشجيعية سنة 1960،3-وسام الفنون والآداب من الطبقة الأولى سنة 1960 4-جائزة الدولة التقديرية فى الآداب سنة 1975، 5- وسام الجمهورية من الطبقة الأولى 1975 6- جائزة الثقافة العربية من جامعة الدول العربية 1984 7-الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة سنة 1985.

توفى بالقاهرة فى 8 سبتمبر سنة 1993، عن عمر ناهز ال88 عاما تاركا بصماته البارزة فى حياتنا الفكرية المعاصرة.

 رحم الله الأستاذ الدكتور زكى نجيب محمود أحد رواد التنوير وأعلام الفكر العربى فى تاريخنا المعاصر جزاء ما قدم من علم نافع للبشرية.