يوافق اليوم 15 أكتوبر ذكري ميلاد المفكر
والفيلسوف فريدريك نيتشه المولد في عام 1844، وهو أحد أشهر الفلاسفة الألمان والذي يُعد من أهم
فلاسفة العصر الحديث، بالإضافة إلى كونه ناقد ثقافي وشاعر وملحن وعالم لغويات متميز أيضاً، كما أنه باحث في اللاتينية واليونانية.
تأثر بالفيلسوف الألماني شوبنهاور المعروف
بنظرته التشاؤمية للحياة لكنه اختلف عنه في كثير من الأفكار ففي الوقت الذي كان
استخدم فيه شوبنهاور الإرادة للموت استخدمها نيتشه ليحيا بها، كما تأثر بفلسفة فريدريش
ألبرت لانج السياسية، وأيضاً بالنزعة الجمالية عند الموسيقي ريتشارد فاجنر والذي انفصل فيما
بعد عن نظرته الفنية، وذلك بالإضافة إلي رفضه التام للمثالية الأفلاطونية والمسيحية
والأديان والميتافيزيقا بشكل عام، حيث دعا لتبني أفكار جديدة ترتكز علي الإنسان
القوي وإرادته وما إلي ذلك.
يعد نيتشه من أبرز الممهدين لعلم النفس،
والمدارس الوجودية، وما بعد الحداثة في مجالي الفلسفة والأدب، حيث تميزت فلسفة نيتشه
باستيعابها أفكار الرومانسية الفلسفية والعدمية ومعاداة السلمية، فقد اثرت فلسفته في الفلسفة الغربية وتاريخ
الفكر الحديث، كما اثرت فلسفته في علم اللاهوت والفن وكذلك اثرت فلسفته تأثيراً
بالغاً في القرن العشرين حيث خلقت تأثيراً علي أفكار وفلسفة هذا القرن وخلقت معاني مختلفة
لبعض المفاهيم مثل: الوجود والفردية والأخلاق وما إلى ذلك، وبدورها ساهمت في تفكير بعض
مؤسسي علم النفس كالفيلسوف مارتن هيدغر وديريدا، وميشيل فوكو، وكارل يونغ، وفرويد وغيرهم،
كما تأثر به كتابٌ من قبيل ألبير كامو، وجان بول سارتر، وتوماس مان، وهيرمان هس.
يُمكن اعتبار نيتـشه
فيلسوف عدمي والتي تُعني الاعتقاد بأن الحياة ليس لها معنى ورفض كل القيم الأخلاقية
والدينية من حيث رفضه لكل القيم الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والدينية، ونقطة
التقاء العدمية بالوجودية هي أن الحياة ليس لها معنى، لذا يُعتبر نيتشه الممهد لظهور
الوجودية، وكذلك اهتم اهتمامًا كبيرًا تجاه الفلسفة والميثولوجيا الإغريقية، فكان ديونيسيوس أحد الشخصيات المحورية في
كتاباته حتى انه وصف به ذاته في كتاباته الأخيرة.
كتب نيتشه العديد من النصوص والكتب النقدية
حول الدين، والأخلاق، وكذلك الفلسفة المعاصرة المادية والمثالية الألمانية، بالإضافة
إلى كتاباته عن الرومانسية الألمانية والحداثة، نذكر منهم: الموسيقى،
الإرادة الحرة والقدر، مولد التراجيديا، الفلسفة في العصر المأساوي الإغريقي، شوبنهاور
مربياً، ما وراء الخير والشر، قضية فاغنر، وأيضاً نيتشه ضد فاغنر، ويعتبر "هكذا تكلم الزراد شت" أشهر كتبه والذي
يضم أربعة أجزاء نُشرت جميعها بين عامي 1883و1885م والجدير بالذكر ان كتابه هذا لم
يلقى رواجا في بداية إصداره فلم يلقى رواجاً بين القراء إلا بعد ان توفى نيتشه رغم
محاولاته في توزيع الكتاب وطبعه أربعين جزء له على نفقته الخاصة، كُتب هذا
الكتاب بشكل أدبي فريد كمعظم كتاباته، فـ جاء على شكل ملحمة من الشعر المنثور، وفيه
تأثر بالفيلسوف الإيراني زرادشت مؤسس الديانة الزرادشتية، فقد تحدث نيتشه في هذا
الكتاب عن الإنسان السوبرمان، نسبية الخير والشر، وذمَّ المرأة ذمًا شديدًا، كما دعا
إلى هدم الدين واستبدال الآلهة بالإنسان المتفوق أو السوبرمان على حد قوله، ولا
يمكننا ان نغفل انه البعض يعتبره واحدًا من أقوى مائة كتاب في تاريخ الإنسانية.
توفى نتشه في شهر أغسطس عام 1900 تاركاً فلسفته
تتداول حتى يومنا هذا بين أوساط المثقفين والدارسين، حيث قدمت شاشة السينما بعض من الأفلام قصصها من تأليف نيتشه كـ فيلم Road
to Rio،
وفيلم Carbon Elvis.