الثلاثاء 28 مايو 2024

صراع بين الأجيال.. الهلال تترجم رواية «إيفان تورجنيف»

فن17-10-2020 | 02:09


أصدرت روايات الهلال، ترجمة لرواية "صراع بين الأجيال"، للكاتب العالمي إيفان تورجنيف، إذ يعد «إيفان تورجنيف» من أقدر كتاب العالم على تصوير موقف معقد تصويرا وافيا ببضع كلمات.. ومن أقدر الناس على تصوير شخصية فى بضع لمسات، فإذا هى كائن حى.

 

ولد «إيفان تورجنيف» فى عام 1818م، وكان مولده فى «أوريل» مزرعة القمح التى تستورد منه بلاد أوربا كافة حاجتها منه، فنشأ فى الريف، واختبر حياته عن كثب، وبلغ أشده فى حكم الطاغية نقولا الأول. لقد أدرك عهد «رفيق الأرض» وشهد بعينه تلك الفترة السوداء من تاريخ روسيا الاجتماعى، ومبلغ ما لقيه الفلاحون الكادحون من غبن نظام الإقطاع فى أواخر سطوته، بل إنه شهد ما هو أفدح من هذا وأنكى.. شهد اضطهاد الثقافة والأدب وحرية الفكر، فرأى بعينى رأسه أعلام روسيا فى الأدب والنقد والشعر ينفون إلى مناجم سيبيريا، أو يساقون مكبلين بالأغلال إلى المشانق، ليعفى عنهم فى آخر لحظة وقد تهدمت أعصابهم.. ولكن لا ليطلق سراحهم، بل ليعملوا فى أرض سيبيريا الدائمة الجليد.

 

وقد عرف إيفان تورجنيف السجن ثم النفى والتشريد ثلاثين عاما ظل طوالها يناضل عن الحرية بعيدا عن وطنه. وفى الثامنة عشرة دخل المؤلف جامعة موسكو، ولكنه ضاق ذرعا بالنظام الاستبدادى وجاسوسية البوليس السياسى، فغادر روسيا فى سن العشرين إلى برلين، فإذا بها ترزح تحت طغيان الحكم البروسى السيد.. ولكن استبداد بروسيا كان بالقياس إلى طغيان قيصر روسيا نعمة مشكورة!

 

فلما عاد بعد ثلاث سنين إلى بلاده لم يستطع احتمال جوها الخانق لأنفاس الأحرار، فعاد إلى الهجرة، ولم يلم بوطنه إلا فترة وجيزة من كل سنة لرعاية الضرورى من مصالحه هناك.

 

وذات مرة روادته نفسه على الإقامة فى ريف روسيا، فلما ظهر كتابه «قصص الصيد» سيق إلى السجن! وبذلك تزكى قلمه وأدى ضريبة الحرية.. ولكنها كانت الأولى والأخيرة فأقلع عن الإقامة فى وطنه ما بقى من عمره!

 

وفى أثناء إقامته بفرنسا عقد أواصر الصداقة مع كثير من أدبائها الخالدين، منهم جوستاف فلوبير، وأميل زولا، والفونس دودية. ورينان، وجورج ساند.. وترجم مؤلفاته إلى الفرنسية بروسبر مريميه.. فأصبحت فرنسا وطنه الثانى، وصار يعد إمام المدرسة الواقعية فيها.

وقد ثقلت عليه آلام النفى النفسية، فتهدمت بنيته القوية، ومات فى سنة 1883 بعد أعوام من آلام مرض السرطان.

 

ومن مفارقات الأيام أن رفات هذا الكاتب الذى حرم من وطنه حيا قد قوبلت فى روسيا بالتكريم الذى لو لقى فى حياته جزءا منه لكان أسعد العالمين.

 

ويعتبر تورجنيف من أساطين الأدب الروسى، بل الأدب القصصى فى العالم. وقد اعترف له بهذه المكانة جميع النقاد الثقات فى كافة الدول الكبرى.

 

فقد اكتلمت له الأداة الفنية فى تصوير الشخصيات والمواقف والبيئات من الألوان إلى الخطوط الواضحة، إلى القدرة على المزج والتركيب والتحليل.. فى اقتصاد واعتدال.