الأربعاء 29 مايو 2024

اللواء‭ ‬سمير‭ ‬فرج‭ ‬لـ«الكواكب‮»‬‭:‬ الفن سلاح مهم في ‬مواجهة‭ ‬حروب‭ ‬الجيل‭ ‬الرابع

فن17-10-2020 | 16:01


تتعرض مصر مؤخراً لحروب الجيلين الرابع والخامس بشراسة ضارية، حيث مخطط الشائعات والفوضى، هذا ما تخطط له القوى الضبابية التى تعبث بالمنطقة، وقد فطنت الدولة لهذا المخطط مبكراً، وراحت تحاربه على كل المستويات، ومن وسائل الدفاع تأتى القوى الناعمة وعلى رأسها الفن، السلاح الأكثر تأثيراً.


اللواء أركان حرب الدكتور سمير فرج، مدير الشئون المعنوية الأسبق، تحدث فى هذا الحوار عن دور الفن والقوى الناعمة فى مواجهة حروب الجيلين الرابع والخامس، ومدى تأثيرها على الجمهور وفضح الشائعات التى يتسلل منها العدو، وتوضيح الحقائق لنبز الفرقة.

 

 

 

ما دور الفن فى مواجهة حروب الجيل الرابع؟


يعتبر الفن القوى الناعمة التى تمتلكها مصر بين كل دول المنطقة العربية، وله السبق والريادة فى ردع مخططات الإرهاب منذ تسعينيات القرن الماضى، و قد حقق نجاحاً كبيراً بداية من مسلسل «العائلة» لمحمود مرسى، الذى كشف جذور الإرهاب المنتشر فى هذه الفترة، وعرض لأول مرة كيف لهذه الجماعات استقطاب الشباب وتجنيده، وقرع ناقوس الخطر للأسرة المصرية فى التعامل مع أولادها، وتبع هذا العمل مجموعة من الأفلام والمسلسلات التى ناقشت خطورة الإرهاب، منها أعمال وحيد حامد فى السينما والدراما مثل «الإرهابى» و«طيور الظلام» ومسلسل «الجماعة» وغيرهم، ولم يأتِ هذا من فراغ بل كان توجهاً للدولة ساعتها عندما شكلت لجنة كنت عضواً بها وتم وضع خطة لمواجهة ومكافحة الإرهاب وفضح أساليبه لدى الرأى العام من خلال أعمال درامية، وفى هذه الفترة سافر الفنان عادل إمام إلى الصعيد فى أكثر من محافظة لعرض مسرحياته، وكانت ضربة قوية ومؤثرة للإرهاب فى هذا الوقت، ونحن الآن نحتاج لهذا التكاتف وهذه الأعمال، خاصة أننا نواجه حروب الجيلين الرابع والخامس التى لا تقوم على الشكل التقليدى للحروب القتالية النظامية بين قوتين بالدبابات والطائرات بل هي حرب موجهة للفكر والعقل الإنسانى وأبسط مثال على ذلك عندما هزمنا فى حرب 67 لم تسقط أو تهزم إرادة الشعب ولم تنهار الدولة، فالحرب لن تحقق تدمير الدولة، لذا يحاولون مهاجمة العقول والأفكار وزعزعة الثقة فى الدولة والنظام كما حدث فى الاتحاد السوفيتى فى السابق، وفى بعض الدول حاليا، هذه الحروب موجهة لفكر المواطن.


ولابد أن نعرف أن الفن كان له دورٌ فى هذه الحرب فما حققه مسلسل «الاختيار» ودوره وتأثيره على الشباب خلق ردود فعل قوية وضرب الإرهاب فى سيناء بمقتل، وأقنع الشباب بأن تضحيات الشهداء من قواتنا المسلحة البواسل هى من أجل أمن واستقرار الوطن، نفس الأمر ينطبق على فيلم «الممر» الذى ناقش حرب الاستنزاف وأظهر الحالة النفسية للمواطن عقب الهزيمة ثم النصر.


وهل هذه الأعمال كافية لمواجهة هذه الحروب.. أم أن هناك وسائل أخرى؟


الفترة المقبلة تحتاج لمزيد من استخدام القوى الناعمة للانتصار فى هذه الحروب، وأرى أن دور الفن المصرى أهم بكثير من دور الإعلام، فما فعله مسلسل «الاختيار» فاق كل ما تقدمه وسائل الإعلام، وهذا ليس بجديد، ففى حرب 73 كان لسلاح القوى الناعمة التأثير الكبير على الشارع من خلال أصوات عبد الحليم وأم كلثوم وشادية، الأمر نفسه حدث مع أوبريت «الوطن الأكبر» فى عهد عبد الناصر، فالروح الوطنية التى تقدمها القوى الناعمة عنصر مهم جداً فى مثل هذه الحروب، خاصة عندما تقدم فناً راقياً يخاطب عقل الجمهور.


الأمر المهم أن على الدولة من خلال الفن إظهار الجانب المشرق لإرادة المواطن المصرى أمام التحديات التى تواجهه، فمثلاً بعد هزيمة 67 تم تهجير ثلاث مدن من القناة، أى ما يعادل مليون ونصف المليون مواطن تركوا منازلهم وراحوا للمجهول من وجهة نظرهم، لم نرَ أو نسمع عن أى احتجاج أو وقفات لهم، هذه هى روح أكتوبر التى يجب أن نستلهمها فى حربنا الآن وأن يدرك كل مواطن حجم المسئولية الملقاة على عاتقه.


هل سيقتصر سلاح القوى الناعمة على الردع فقط.. أم يمكن تطويره للهجوم؟


نحن نحتاج إلى خطة يتكاتف حولها الجميع تفند الادعاءات والشائعات وترد عليها بالمنطق وتوضح حجم الإنجازات والمجهود الذى يبذل فى بناء الدولة، من مستشفيات ومدارس، وتطوير التعليم والمرافق والطرق وغيرها بشكل درامى به حكايات، فالرسالة تصل أسرع وأوضح فى هذا الإطار، ونحن نمتلك كل المقومات فأمريكا نفسها لا يوجد لديها بطل فصنعوا «رامبو» ليكون بطلهم أمام العالم، أما مصر فمليئة بالمئات من الأبطال على شاكلة المنسى وغيره الذين قدموا حياتهم فداءً للوطن. لدينا الأبطال وقصصهم من لحم ودم، أما بخصوص الهجوم فلابد من أن يركز الفن على إظهار بعض السلبيات فى الدولة بفضح العناصر الإخوانية فى مؤسسات الدولة التى تعرقل كل شىء لأنهم مصدر الخطورة الرئيسى، والمضحك أنهم يتهكمون على الإنجازات ويهاجمون نقل العاصمة، فى حين أن تركيا نفسها عندما اكتظت إسطنبول بالسكان غيرت العاصمة لأنقرة، والبرازيل بنت عاصمتها الجديدة، برازيليا، والقاهرة نفس الشىء، فلا أعرف لماذا الهجوم الضارى؟!، نحن أول من علم العالم فنون العمارة، وها نحن نبنى ونعمر ولابد أن يواكب الفن هذا البناء بأسلوب غير مباشر، وبعيداً عن الأفلام التسجيلية والنماذج متعددة مثل تقديم عمل عن أسرة فى العشوائيات، وما أدراك ما العشوائيات فداخل الغرفة هناك العشرات من الأب والأم والأبناء والأخوال وغيرهم، كلهم فى نفس الغرفة، ووصل الأمر إلى أن الفئران فى بعض العشوائيات كانت تأكل أرجل الأطفال، فمن الممكن أن تظهر الدراما هذه المعاناة والتطور الذى حدث لهم بعد نقلهم إلى المدن الجديدة مثل الأسمرات، هذا هو دور القوى الناعمة.


ألا ترى أن هناك من الفن الردىء ما يفسد ما نحاول إصلاحه؟


لا بد من وقفة أمام الفن الهابط، وما يقوم به بعض النجوم من ارتداء السلاسل والتسلح بالسلاح الأبيض وتشويه وتدمير قيم المجتمع، وهذا دور النقابات والرقابة التى يجب أن يتسع دورها للوقوف على هذه الأمور وليس العرى فقط، علينا أن نعرف ماذا نقدم للشباب من فنون، ومن يخرج عن المنظومة لا تعرض أعماله، فالمنتج عندما يوقف له فيلم أو اثنان سيقدم الفن المحترم، فهذه الأمور ضرورية لتنمية الوعى القومى، ولماذا نذهب بعيداً عندما عرض مسلسل «الاختيار» الشباب المصرى من 12 إلى 20 سنة مقت الإرهاب ونبذه، ومن 20 سنة لما فوق صحح معتقداته، هذا هو دور الفن.


هل ينقصنا الإبداع لتقديم هذه الأعمال؟


لا توجد لدينا أزمة فى الإبداع أو المبدعين، ولكن لابد ألا يكون محتكراً على بعض الناس فقط، ولدينا شركة إنتاج ونتمنى أن يسير على الدرب كل المنتجين وأن نحد من الأفلام التى يقدمها البعض ذات المحتوى الردىء ونقدم أعمال هادفة.


هل نحن فى حاجة للجنة جديدة لمواكبة التطور التكنولوجى؟


الآليات الآن اختلفت عن تسعينيات القرن الماضى والتكنولوجيا اختلفت، ومع ذلك عندما قدمت مسلسل «الاختيار» جبت جول ومحوت الإرهاب من سيناء، وقضيت على الفكر الإرهابى، ورسخت لدور القوات المسلحة التى تحمى البلاد، والزمن والأوضاع الآن تغيرت.


وماذا عن دور الإعلام؟


أنت
ترد على الإعلام المضلل الموجه من الخارج بالمشروعات التنموية، وتوضح مدى التطور الحادث فى البلد على كل المستويات ومحاربة العشوائيات وتكشف زيف ما يقدمون لأنهم يلعبون على عواطف المواطن، وينفخون النار فى الأمور الضرورية كالأسعار، ناسين أننا بدأنا فى خطة شاملة للإصلاح، وهناك دول مجاورة لا تستطيع التعديل  وضعها مثل لبنان والسودان والجزائر وتونس، فالإعلام المضلل مخلب القط فى حروب الجيل الرابع، ولابد الانتباه له جيداً