الإثنين 25 نوفمبر 2024

فن

الشيخ الطبلاوي نقيب القراء يتذكر: ظهوري كان "قنبلة وفرقعت"

  • 18-10-2020 | 14:06

طباعة

عندما انطلق صوته عبر شرائط الكاسيت في النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين وهو ظاهرة في دنيا تلاوة القرآن الكريم .إنه القارئ الشيخ محمد محمود الطبلاوي نقيب القراء حاليا وآخر جيل القراء الكبار الموهوبين والذي بلغ 83 عاما ويقف الآن  شاهدا على عصر من تلاوة القرآن الكريم . ويصف هو ظهوره بالقنبلة التي فرقعت وحاليا اعتزل القراءة احتراما لتاريخه كما يقول ولكنه يعيش راضيا فقد سجل القرآن المجود والمرتل والمعلم وزار بلاد الدنيا وقرأ في جوف الكعبة وحقق الشهرة والمكانة ولكنه كنقيب للقراء غاضب من وزير الأوقاف الذي لا يدعم النقابة إلا بخمسين ألف جنيه سنويا وهو مبلغ هزيل لا يكفي معاشات نحو ثمانية آلاف عضو يأخذ أحدهم شهريا أربعين جنيها فقط . ولأن  رمضان شهر القرآن ولأن مصر تمتاز بمدرسة خاصة جدا في تلاوة القرآن يقلدها الآخرون في الدول الإسلامية كان لنا هذا اللقاء مع الشيخ الطبلاوي . نعرف منه ما كان من أمجاد ونضع أيدينا على أوجه القصور في القراء الحاليين من الأجيال الشابة ونعرف سمات عصرنا الراهن من مستمعين ومتغيرات أثرت بشدة على تلاوة القرآن الكريم . فإلى تفاصيل الحوار .

قلت للشيخ الطبلاوي : الآن وقد بلغت الرابعة والثمانين كيف تقضي وقتك وكيف تباشر نقابة القراء والحياة عموما فقال لي : أباشر مصالحي العادية حيث أخرج من بيتي هنا في ميت عقبة لأذهب إلى مسجدي في الهرم حيث رفضت ضمه للأوقاف وأتولى أنا الإنفاق الكامل عليه وفي رمضان أطالب الإمام أن يصلي بالناس جزءا كاملا من القرآن الكريم كل ليلة في صلاة التراويح عقب صلاة العشاء . وأباشر بنفسي الإنفاق على الفقراء والمحتاجين على قدر المستطاع في سبيل الله لأن شهر رمضان هو شهر الخيرات والكرم . وأحرص في رمضان على أن أختم القرآن أكثر من مرة وكما تيسر، وأقرأ يوميا خمسة أجزاء من القرآن الكريم من بعد صلاة الفجر إلى ما قبل صلاة المغرب وقبل النوم . وقد رفضت السفر والليالي لأني شبعت من الدنيا والسفر والشهرة وكل شيء .

معنى ذلك أنك كقارئ رسمي للأزهر لن تذهب إليه ؟

سأذهب مرة في الشهر ولكنني لن أقرأ بل أطلب من الشيخ محمد ناصر أن يقرأ بدلا مني أو ابني محمد وكذلك في السهرات والليالي لا أذهب إلا مجاملة أو قد أدفع بابني محمد ليقرأ مجاملة وأصنع هذا مع الأصدقاء . 

بذلك فأنت لم تعد تقرأ مطلقا أليس كذلك ؟

من الأفضل لي في هذه السن أن أعتزل احتراما لنفسي وقيمتي وحتى لا أهين نفسي . قد أقرأ في بيتي لنفسي لكن في السهرات خارج البيت لا . فقد أوقفت كل ذلك وبارك الله فيما رزق . لقد بلغت 83 سنة وأديت رسالتي وأشعر بالرضا عما قدمته وهذا من فضل الله ونعمته عليّ والحمد لله . 

إذن أنت راض عن نفسك ومشوارك ؟

 الحمد لله وبالقناعة والاكتفاء الذاتي وعدم احتياجي لأحد حتى أولادي أكون سلطان زماني فأبنائي أقرب الناس إليّ لست محتاجا إليهم فماذا أريد أكثر من ذلك . 

كم عدد أولادك ؟

لي 13 ابنا وابنة من ثلاث زيجات وكلهن على ذمتي .. الأولى أنجبت منها عشرة والثانية أنجبت منها اثنين والثالثة أنجبت منها آخر العنقود ابني عمر وواحدة من بناتي ناظرة مدرسة وهيام ابنتي محفظة للقرآن ومنشدة وكلهم يحفظون أجزاءً من القرآن الكريم وقد حفظتهم بنفسي وكلهم راضون مرضيون في بيوتهم وأزورهم جميعا دون تفرقة .

من يتولى مسئولية ( دار الطبلاوي لتحفيظ القرآن ) الموجودة أسفل بيتك في ميت عقبة ؟

ابنتي هيام فهي محفظة ومنشدة وكل من حفظ القرآن عندها كاملا أختبره وأمنحه شهادة بذلك .

من هو أكثر أولادك الذكور قربا من صوتك وموهبتك ؟

محمد ابني خليفتي وقارئ جيد رغم أنه تخرج في كلية التجارة وعنده نفسي الطويل وبصمة صوتي وكلما كان القارئ نفسه طويل كلما كانت شعبيته أكبر وهو عضو معي في نقابة القراء وأرى فيه شبابي .

 هل تتذكر يوم ظهرت فجأة ؟

نعم كان ذلك في منتصف السبعينيات وكنت أقرأ في صلاة الجمعة بالمحلة الكبرى وكانت القراءة منقولة على الهواء مباشرة إذاعة وتليفزيون وربنا أتى بالفتوح وكنت كمثل ( قنبلة وفرقعت ) وطارت شهرتي في كل مكان وبدأت شركات الكاسيت تطلبني فسجلت عشرات الشرائط لشركة ( عايدة فون ) وكان المنتج اسمه رمضان وابنته اسمها عايدة وبدأت الناس تطلبني في كل مكان لدرجة اضطررت معها لرفع أجري حتى لا يطلبني كل من هب ودب 

عنما ظهرت كان جيل العمالقة موجودا ويقرؤون فمن احتضنك منهم ؟

أذكر بالخير الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أخي الأكبر وصديقي فيما بعد والشيخ محمد صديق المنشاوي وشرفت بالقراءة معهما وأحب صوتهما .

ألم تكن مسألة أجرك الكبير سببا في رفع أجور كل القراء العظام الذين كانوا كلهم بلا استثناء تحت الـ 500 جنيه ورفعوها ؟!

أنا لم أطرق باب أحد وكانت الناس هي التي تطلبني وكنت أطلب ما أريد فيلبون طلبي وكان مبدئي ليلتين ثلاثة في الشهر أبرك من القراءة كل ليلة 

كم كان أجرك آنذاك ؟

 لا أذكر!

فهل تسمع نفسك حاليا ؟

لا وأحيانا يقولون لي إنني أقرأ في الراديو فلا أهتم .

من هو أفضل قارئ في مصر ؟

الشيخ محمد رفغت أفضل صوت عرفته مصر في القرآن لتقواه وخشوعه وخوفه من الله واتصاله به وما خرج من القلب وصل للقلب بعكس من يزعقون حاليا وهم كثير ولا بصمة لهم !

فمن نائبك في نقابة القراء ؟

الشيخ د. فرج الله الشاذلي وهو قارئ محترم .

فما هو وضع نقابة القراء حاليا ؟

في حالة بؤس فلدينا نحو ثمانية آلاف قارئ ومحفظ والمعاش فقط أربعين جنيها في الشهر وهو مبلغ لا يليق بحامل كتاب الله .

من تسمع من الأصوات القديمة والمعاصرة ؟

أسمع محمد صديق المنشاوي ومنصور الشامي الدمنهوري ومحمود الخشت وحلمي الجمل .

لماذا برأيك كثر القراء وقل الموهوبون ؟!

لأنهم يقلدون بعضهم البعض ويقلدون الكبار ولا أعرف أحدهم إذا قرأ في الإذاعة إلا بعد أن يختم ويذكر المذيع اسمه وللأسف كلهم ( بيزعقوا ) والناس يحبون ذلك ومحمود السعدني قال عني يوم ظهرت أني آخر حبة في سبحة القراء القدامى لأنني لم أقلد أحدا.

قراءة القرآن هل هي من القلب أم من الرأس ؟

الأصل أن قراءة القراءة من القلب ولذلك الناس يحبون صوت الشيخ رفعت .

برأيك لماذا غابت المواهب بين قراء القرآن الكريم ؟

كما غابت في كل المجالات . هل ظهرت موهبة مثل أم كلثوم أو عبد الوهاب ؟!

معنى ذلك أن مدرسة التلاوة المصرية انتهت بكم ؟

 لا فقد تظهر موهبة جديدة ( ويخلق ما لا تعلمون ) .

ماذا تفطر في رمضان ؟

 أقل من العادي . الموجود في البيت آكله وفي السحور طبق الفول وعلبة الزبادي . وخير العادات ألا يكون لك عادة ولكن لو فيه حزمة جرجير أو فجل على الفطار تسعدني .

أي إذاعة تسمعها دائما ؟

إذاعة القرآن الكريم مفتوحة في بيتي 24 ساعة .

ما هو أكثر مكان مقدس قرأت فيه القرآن ؟

في جوف الكعبة عندما حضرت غسيلها في ثمانينيات القرن العشرين بدعوة من الملك خالد وكان المفتاح مع رجل من ( أل شيبة ) وأدخلني لأقرأ ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )

كم مرة حججت إلى بيت الله الحرام ؟

21 مرة واعتمرت كثيرا .

هل كرمت بجوائز ؟

الملك خالد كرمني والشيخ زايد في الإمارات ورفيق الحريري في لبنان وزرت العالم كله وكرمتني الجاليات الإسلامية في الدول الغربية أما في مصر فقد زرت كل المدن ولكنها تكرم الفنانين وليس القراء !

كقارئ للأزهر هل لك من ذكريات معه وما رأيك في الهجوم عليه ؟

التقيت الشيخ صالح الجعفري زمان وهو من الأولياء وبشرني بأني سأصبح القارئ الرسمي للأزهر . وهو قلعة الإسلام في العالم  كله وهو معروف بأنه ضد الإرهاب والتطرف ولذلك لا يصح الطعن فيه والحلال بين والحرام بين وكل واحد عليه نفسه يحاسبها قبل أن يحاسب غيره ( يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم )  .

من هو صاحب الفضل الأول عليك ؟

بعد المولى سبحانه وتعالى والدي الذي ذهب بي لكتاب الشيخ غنيم عبيد الزهوي في ميت عقبة فقرأت وحفظت القرآن على يديه. والحفظ ليس بالدلع والطبطبة بل بالشدة والقسوة والمتابعة وكان والدي يصنع ذلك معي وهذا ما صنعته مع أولادي لأن الطفل الصغير تكون دماغه في اللعب وإن لم يؤخذ بالشدة فسد .

أخيرا من هو امتدادك ؟

محمد ابني عمره 22 سنة وإذا قرأ فكرني بشبابي . 

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة