الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

فن

اللغة الثرية والتجارب المجتمعية..عامل مشترك بين الكتابة والقضاء

  • 18-10-2020 | 20:03

طباعة

الدكتورة داليا مجدى عبدالغنى، رئيس نيابة بـ "هيئة النيابة الإدارية" والدكتورة المحاضرة بأكثر من جامعة "بدأت علاقتها بالأدب والكتابة  مبكراً وبتشجيع من والديها وإخوتها". فلم يمنعها عملها من اتجاهها نحو عالم الكتابة والأدب ليتقابل العالمين بداخلها، وهي التي تنحدر من عائلة ذات تاريخ عريق فى السلك القضائى. 


وبالتزامن مع حصولها على الدكتوراه فى القانون المدنى, كانت تكتب مقالات عديدة تعتمد عادة على اللون الأدبى والسيكولوجى السلوكى, ومنذ عامين تقريباً اتجهت لعالم الرواية بتشجيع من والدها، حيث رأى الشغف الدائم بتلك الفكرة التى نشأت معها منذ الطفولة.


بدأ تأثر داليا مجدى من خلال اهتمامها بالأدب العالمى وخاصة الأدب الإنجليزي,  ومن أهم كتاب الغرب الذين أثروا فى تشكيل وجدانها, ألكسندر دوما، وأوسكار وايلد، ومسرح شكسبير, وعن أقرب الكتاب المصريين إليها، يعتبر "إحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعى" الأكثرتأثيراً.


تعد أول تجربة روائية لها من خلال رواية "الحوت الأزرق" فى 2018, والتى بناؤها الأساسي لعبة "الحوت الأزرق" التى أثارت جدلاً واسعاً وقت انتشارها بشكل مفزع مع سماع كلمة انتحار التي ارتبطت بها, مما جعل فكرة كتابة الرواية ملحة بالنسبة لها، فكانت من هنا فكرة الحوت الأزرق، وبدأت بالفعل القراءة عن اللعبة وأسباب الانتحار الذى كان بمثابة نهاية اللعبة، فمع البحث اكتشفت أن تلك اللعبة تتمحور فكرتها حول نظرية السيطرة.


فترى داليا - الأحداث التى تخيلتها فى البداية كأفيش فيلم سينمائى, الشخصية المحورية للرواية، وهو صاحب لقب الحوت الأزرق كمال التهامى، رجل الأعمال الناجح جدا فى مجال البحار, فتبدأ الرواية بحادثة قتله بطريقة شديدة الغموض، عن طريق موته مسموماً فى قصره الذى لم يدخله أحد غريب، فلا يتردد عليه سوى أفراد عائلته، وتتوالى التحقيقات فيتم اكتشاف، الذى يعتقد أنه الجانى، وهى مديرة أعماله التى تدور حولها كل الشبهات والأدلة، في الوقت الذي لم تنكر فيه ارتكابها الجريمة، مما يثبت ويؤكد إدانتها, ولكن مع تدفق الأحداث نكتشف أن هناك جانيا آخر ارتكب الجريمة, حيث يتم اكتشاف سر دفين يرجع إلى ثلاثين عاما.


ويكتشف القارىء مع أحداث الرواية  أن مديرة أعمال كمال التهامي، اعترفت بالجريمة لتخفى سرا إنسانياً خاصًا بالقتيل, في مناقشة من المؤلفة لفكرة السيطرة العقلية والنفسية حتى بالنسبة لمديرة أعمال القتيل، التى اعترفت بدافع سيطرة فكرة عليها، وهى حماية شخص ما حتى بعد رحيله، وهو كمال التهامى.


وتعد الرواية الأولى لـ داليا مجدى , بوليسية رومانسية مع جانب من الخيال العلمى, فداخل تلك الأحداث التى تحبس أنفاسك جانب رومانسي وقصة حب قديمة هى السبب وراء تلك الجريمة التى نكتشف مع الأحداث أنها تمت من خلال لعبة "الحوت الأزرق".


وبالنسبة لـ رواية "داليا مجدى " الثانية جزيرة بدران، فهى كانت الفكرة الأولى لروايتها،  فمنذ أكثر من ثلاث سنوات وهى تراودها فكرة تلك الرواية بذلك الاسم، وعندما حان الوقت لكتابة رواية جزيرة بدران التى بداخلها أكثر من بطل يحمل اسم بدران،  نجد اسم مؤلف وبطل الرواية هو أحمد بدران، وكلبه الذى يملكه يحمل نفس الاسم , بدران".


وتترك داليا معرفة من تعود إليه ملكية اسم جزيرة بدران للقارئ، فهى رواية فلسفية وجودية وتحمل فى طياتها معان كثيرة, فالبطل هنا يعيش فى مكان وكوخ متهدّم على ضفاف النيل وفى عزلة تامة.


حيث تطرح داليا مجدى  أسئلة وجودية فى تلك الرواية عن الوحدة، وهى, هل الإنسان يلجأ للعزلة بسبب المجتمع وظروف محيطة به تجبره على فرض أسوار من العزلة حول نفسه, وهل العزلة سبب أم نتيجة؛ هل العزلة هى ما تسبب المشاكل أم أن الإنسان ينعزل بسبب ما يواجه من سلبيات ومشاكل لا يتحملها داخل المجتمع؟.


مع تواجد شق سياسي، حيث تدور أحداثها فى فترة تاريخية مهمة بالنسبة لمصر، فتتم مناقشة أحداث فترة ثورة يوليو 1952، حتى عام 1979، هذا التاريخ نهاية فترة أحداث رواية "جزيرة بدران"، من حيث مناقشة ما مر به المجتمع خلال تلك الفترة من تغيرات طرأت عليه، والصراع الطبقى المحتدم فى تلك المرحلة.


و بالرغم من بُعد المجال القضائى عن مجال الكتابة والرواية والأدب، إلا أن شيئا مشتركا وعاملا مهما يجمع بينهما، وهو اللغة الثرية والروح والوجدان والاختلاط بالمجتمع, فهناك شىء مهم بداخل كل من يعمل فى السلك القضائى، وهو روح القانون، والقاضى بطبيعته يتعرض لقضايا ومشاكل كثيرة يطلع عليها بطبيعة عمله، وذلك يساعد على إثراء فكره، وجعله يملك خيالا خاصا يستدعيه عندما يريد الكتابة.


وبالنسبة لـ داليا رئيس هيئة النيابة الادارية -  القضاء دراسة ومهنة ومجال عمل, أما الكتابة فهى الهواية التى تمثلها وتمثل كيانها الحقيقي.


 فالحياة الثقافية فى مصر حالياً مختلفة، فقديماً كانت الصالونات الثقافية والتبادل المعرفى حتى مع الدول والعوالم الأخرى متوافرا، أما الآن فنحن فى مرحلة أصبح الكثيرون اعتمادهم على التكنولوجيا وتقصي المعلومات والقراءة عن طريق الأجهزة أكثر، ويرى العديد من كتاب مصر انتعاشة ثقافية حالية ومحاولة العودة إلى الكتاب، مع إقامة العديد من المناظرات وعودة الصالونات والندوات الثقافية من جديد.


إن الدعم النفسى الذى تلقته داليا من العائلة وتشجيعها لتخطو أولى خطواتها نحو عالم الكتابة، أن والدها وقف بجانبها كثيرا، حيث إنها ورثت تلك الموهبة عنه, فلم تترك موهبتها تأتى على حساب عملها ودراستها.

 

 لقد أصبح من الصعب العودة  بالمتلقى للقراءة التقليدية والابتعاد به عن "السوشيال ميديا" قليلاً، لن يتم ذلك سوى  بالاستعانة بالعديد من الآليات أولاها، أن القارئ المصرى بطبيعته للأسف يميل للشكل، فنحاول استمالته بالطباعة الجيدة للألوان، وأن يكون الغلاف "حلو" ورائعا, وأن نقلل حجم الورق وكمية المكتوب به.


، وأهم شىء الدعاية الجيدة، لأننا حالياً فيما هو أشبه بالحرب، فمن الصعب بعد اندماجنا بهذا الشكل الكبير فى عالم التكنولوجيا نعود بالقارئ إلى عالم الكتابة والقراءة الورقية، فيجب أن نجذبه إلينا مرة أخرى بالمانشيتات القوية، والطباعة "الشيك" الراقية.


    الاكثر قراءة