السبت 18 مايو 2024

براء محمد نور من محاكمة طه حسين على يد خيرى شلبى

فن18-10-2020 | 20:19

هناك أشياء كثيرة تحدث فى حياتنا نرجعها إلى الصدف ولكنها فى نظرى لم تكن أبدا مجرد صدف، إنما هى الأقدار التى تسوق كل شخص لما خلق من أجله، منا من يستغل يد المساعدة التى تقدمها لنا الأقدار ومنا من يتجاهلها ويسير عكس الاتجاه، ومن هنا يتشكل التصنيف الذى يضع كل شخص فى المكانة التى يجتهد هو ليضع فيها نفسه..


بما أننى سوف أتحدث عن كتاب من أهم كتب خيرى شلبى ألا وهو كتاب "محاكمة طه حسين" يجب أن أذكر أن ارتباط اسم خيرى شلبى باسم طه حسين مع حفظ الألقاب للعملاقين لم يكن هو الأول، لقد كانت المرة الأولى عندما اقترح خيرى شلبى الشاب الذى يشق طريقه فى دنيا الأدب اسم كتاب الأيام لطه حسين على رئيس الإذاعة المصرية ليتم تحويله لمسلسل إذاعى بنفس الاسم، دون تفكير رفض الثانى الاقتراح بناء على قرار من طه حسين بعدم التعامل مع الميديا لموقفه من اللغة العامية التى تتحول إليها معظم الأعمال الأدبية التى تحولت لأعمال درامية من قبل، وبعد إصرار وإلحاح من خيرى شلبى طلب منه أن يأتى بموافقة مكتوبة من طه حسين بتحويل الأيام إلى مسلسل إذاعى، وكأنه يضع حائطا غير قابل للهدم بين خيرى شلبى وبين تحقيق هدفه، ولكن هذا الشاب الطموح الذى يتعشم خيرا فى عملاق الأدب طه حسين لم ييأس وبالفعل قام بالتواصل مع طه حسين واستطاع الحصول على الموافقة في قصة معروفة قد ذكرها خيرى شلبى من قبل وقد كانت حديث الصحافة آنذاك..


وقد مرت الأيام والسنون وأثناء تجول خيرى شلبى فى دخانيق سور الأزبكية وقعت فى يديه كراسة التحقيق الذى دار بين المحقق المستنير محمد نور وبين أديبنا الكبير طه حسين، والتى تثبت الحكم ببراءة طه حسين من التهم المنسوبة إليه ولم تتم استتابته كما ادعى البعض، وحسب رواية خيرى شلبى عن هذا الموضوع أمامى أن هدفه من نشر هذه الوثيقة المهمة لم يكن تبرئة طه حسين لأن جميع المقربين منه كان يعلم ذلك علم اليقين، ولكن الهدف الأساسى هو وضع علامة ضوئية كبيرة على قاض من قضاة مصر المستنيرين الذين لم يستسلموا لضيق أفق القوانين والأوراق، وقد أراد أن يوضح للقارئ مدى ثقافة واطلاع هذا القاضي المثقف الذى لم يفكر أبدا فى المتاجرة بالتحقيق مع أديب كبير مثل طه حسين وإرضاء فئة معينة من  الشعب على حساب العدالة، وقد تخيلت بينى وبين نفسى ما الذى كان يحدث لو لم تختر الأقدار خيري شلبى لتضع هذه الوثيقة بين يديه، ربما وقعت بين يد جاهل يهملها وتتحول لقراطيس للب أو لفافة لشقة فول على عربة متجولة، أو ربما استغلت للمتاجرة بها بشكل أو بآخر كما يحدث فى هذا العصر على صفحات التواصل الاجتماعى، المهم أننا نشكر الأقدار ونشكر خيرى شلبي ونشكر كل من هم بنشر هذا الكتاب الذى تمت طباعته لعدة مرات ومازال يلقى اهتماما بالغا بين كافة الأوساط الأدبية.


    الاكثر قراءة