الجمعة 22 نوفمبر 2024

فن

مرسي جميل عزيز.. الكلمة بألف أغنية

  • 19-10-2020 | 20:06

طباعة

عندما أبدأ الكتابة عن والدى الثانى وشقيق روحه الشاعر الكبير مرسي جميل عزيز لا أعرف من أين أبدأ؟ ولكنى سوف أبدأ الحديث منذ البداية منذ اللحظة الأولى التى جمعتهما ولم يفترقا بعدها أبداً.


كانت البداية عندما ذهب إليه الوالد بصحبة حليم إلى بلدته بالزقازيق حيث كان يقطن، ولم تكن المعرفة وثيقة فاستمع إلى صوت حليم وأعجب به بعد أن سأله الموجى الكتابة له فكانت بداية تعاونهما معا أغنية مالك ومالى يا أبوقلب خالى عام 1953 وبدأ الموجى يلحنها ما عدا الكوبليه الأخير استكمل الموجى تلحينها فى مصر، وقد تم تسليمهما الأغنية أثناء توصيله لهما محطة القطار.


فقد غادراه حاملين بداية التعارف وعشرة العمر المحملة بارتباط وثيق على المستوى الشخصى والفنى.


يقال عن مرسي جميل عزيز أنه شاعر الألف أغنية وأنا أقول عنه دائماً أن كلمة مرسي جميل عزيز بألف غنوة.


لقد قدم أعظم الكلمات وأعظم الأعمال الخالدة مع محمد الموجى التى حفرت فى جدار تاريخ الفن ، لقد قدما أعمالا كبيرة مع أعظم فنانى الجيل الذهبى فقد كان الموجى يعتبر مرسى جميل عزيز توأمه الروحى فى الكلمة.


لقد تعاملا الاثنين مع عبدالحليم حافظ وشادية وصباح ونجاة وفايزة أحمد وهدى سلطان ومحرم فؤاد والكثيرين.


فلم يقتصر التعاون مع عبدالحليم حافظ فقط لقد قدما الاثنين أعمالا ضخمة مع كل فناني عصرهما.


لقد كان يقول الموجى عن مرسي جميل عزيز أن كلمته تخرج منغمة، فعندما نجلس لمناقشة العمل الفنى كنت أحب سماعه يردد الكلمات أثناء عملى على تلحينها فقد كان يعطينى الإلهام وترجمة الكلمات لتلحينها، كان يملك القدرة على قول الكلمة بالشكل المكتوبة به فعلياً والانفعال بها كنت أشعر بالكلمة ترقص لو الغنوة سعيدة فقد كان الموجى يأخذ منه التصاعدات والنغمات المتخفية داخل الكلمة، حزينة، رومانسية، حب، لذلك كان اللحن يخرج متناغم مع كلمات مرسي جميل عزيز.


بعد وفاته ووفاة عبدالحليم حافظ كنت أسأله دائما لماذا أصبح مقلاً فى تقديم أعمال فنية؟ كان يقول لى" هاتلى مرسي جميل عزيز وهاتلى عبدالحليم وأنا أقدم أحسن كمان من اللى قدمته".


كان من المفترض أن يلحن الموجى فات الميعاد وسيرة الحب وألف ليلة وليلة وعند لقاء أم كلثوم بالموجى شعر أنها تريد تغيير بعض الكلمات دون أن تقول فهى لم تقل ذلك مباشرة، وعندما سأله مرسي ماذا تم فى اللقاء؟ أجابه الموجى بما شعر به من أم كلثوم فى اللقاء قائلاً له الست تريد تغيير بعض الكلمات.


فتواصل مرسي مع أم كلثوم ليعرف ما الذى تريد تغييره بالفعل ولكن أم كلثوم نفت أنها تريد تغيير شىء  أو أنها حتى أشارت بذلك. وأكدت على أن الكلام كله حلو فكان الخلاف بين الثنائى للمرة الأولى و الوحيدة فذهبت الأغانى إلى الموسيقار بليغ حمدى والذى لحنهم بشكل رائع.


 ابتعدا مرسي جميل عزيز والموجى فترة تلحين الأغانى الثلاثة فقط وحاول خلالها عبدالحليم حافظ التدخل بينهما. ولم يستمر الخلاف كثيرا فعاد الموجى ومرسي جميل عزيز للعمل معا سويا ودون انقطاع مرة أخرى حتى موعد الرحيل وكانت العودة بتقديم أعمال عديدة عظيمة،  "يهديك يرضيك وأكدب عليك" والعديد من الأعمال الناجحة إلى يومنا هذا.


لم يكن ليستمر هذا الخلاف فالعلاقة بينهما وبيننا كأسرتين مترابطة ومتماسكة إلى أبعد الحدود فقد ورثنا نحن العائلتان صداقتهما وكنا نستعد للمصيف كل عام معاً والذهاب إلى رأس البر وقضاء الصيف هناك معا كعائلتين لايجمعهما سوى الحب.وليست علاقة فنان بفنان فقط.


وأتذكر مرة أثناء ذهابنا إلى رأس البر كان مرسي جميل عزيز يعمل على كتابة رائعته "فى يوم فى شهر فى سنة" تعاتبه والدتى عن غيابه عننا فترة لانشغاله وهى تمازحه قائلة: "لولا كلامك سبق سلامك كنت كلت لحمك قبل عضامك"، فقال لها "الله الله يا أم أمينة أنا  كانت واقفة معايا الحتة دى فى الأغنية وأنت أوحيت لى بكلماتها".


فقد كان إنسانا راقيا ومهذبا وتعاونهما مثمر مع كل مطربينا الكبار وكان له يد كبيرة فى أفلام كثيرة وشهيرة، كلمته تصل إلى القلب مباشرة فقد كان الموجى يمسك العود أثناء قوله للكلمات ويبدأ التلحين.


لقد كان آخر ما قدمه مرسي جميل عزيز فى حياته الفنية أغنية يا مصر يا متذوقة للفنانة عفاف راضى أرسل كلماتها لأبي أثناء رحلة علاجه الأخيرة بالخارج، لقد فقدنا بفقد مرسي جميل عزيزأعمدة رئيسية، كلمة كانت ترقى بذوق المستمع والجمهور والأغنية وأتمنى أن لا ننسي ولا نتوقف عن التذكر والاحتفاء بقاماتنا التى لن تتكرر.


    الاكثر قراءة