الأربعاء 29 مايو 2024

شاعر الحارة والبيوت المصرية الأصيلة

فن19-10-2020 | 20:59

يظل الشاعر مرسي جميل عزيز، أحد أهم من كتبوا الأغنية الشعبية فى تراثنا الغنائى المصرى، والعربى، تفرد فى الوصف الشعرى، فتحولت أغنياته إلى قصص درامية، وهو نابع من نشأته فى منطقة وبيئة غلب عليها الطابع الشعبى، حيث كان والده تاجرا للفاكهة، وحفظ القرآن الكريم، بل والمعلقات السبع.

يستحق مرسى جميل عزيز، صاحب الألف أغنية، لقب "عملاق الأغنية الشعبية"، وهو لقب من عدة، منها مهندس الأغنية العربية، وصاحب المدرسة الرومانسية، وغيرها من الألقاب، ولكن قد يكون حسه الشعبى هو الغالب حتى فى أغنياته التى قدمها لسيدة الغناء العربى أم كلثوم، ومنها " سيرة الحب" و" فات الميعاد" و" ألف ليلة وليلة"، فى كل أغنياته سرد درامي شعبى أقرب إلى القصة  الشعبية، ولكن وصل هذا الحس إلى قمته مع فايزة أحمد، التى قدم لها أهم أعمالها القريبة من الناس، وأهمها " يا امه القمر ع الباب" التى لحنها محمد الموجى، ولهذه الأغنية حكايات كثيرة، حيث منعت من بعض الإذاعات العربية، ومنها الأردنية، حيث رأت رقابة الأغانى  فى عام 1960 أن بكلمات الأغنية ما يحرّض على الإباحية، فى مقاطع :

 "يا امه القمر ع الباب

خبط وقال يا احباب

ردوا على الخطاب

ما عدش فيها كسوف

يا امه اِعملى معروف

قومى افتحى له الباب

قومي افتحيله الباب

ولا أناديله ...أناديله

يا امة .. أمّة".

 

وبعد سنوات أعيد النظر فيها، وتم الإفراج عنها، بعد ما عرضت مرة أخرى على لجان الفحص.

الحس الشعبى لدى أى شاعر يقربه أكثر من المستمع، لأنه أقرب إلى الواقعية، تلك التى تميز بها مرسى جميل عزيز، ومع فايزة أيضا "أنا قلبى إليك ميال"، تلك الأغنية التى أحبتها فايزة، وكانت تغنيها فى معظم مناسباتها، وهى مع نفس الملحن محمد الموجى، ومعه كان يمثل حالة خاصة، فقدم له الموجى روائعه التى سكنت فى الوجدان العربى فى اللون الشعبى، فمع عفاف راضي، كتب مرسى جميل عزيز"عوج الطاقية الوله"، وهى من أهم ما قدمت عفاف راضى رغم أنها كانت فى فتراتها الأخيرة مرتبطة بألحان بليغ حمدى.

وقد يكون نجاح مرسى جميل عزيز وشهرته فى بداية مشواره من خلال أغنيته الشعبية "يا مزوق يا ورد فى عود"، السبب فى تركيزه الشديد على هذا اللون الذى تميز به، فقدمها مع عبد العزيز محمود، وأصبحت أيقونة أفراح مصر آنذاك.

ارتبط اسمه لسنوات طويلة بالعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، فقدم معه 35 أغنية، حققت شهرة عربية، ومنها "فى يوم فى شهر فى سنة"، و"حبك نار"، و"بأمر الحب" و"يا مواعدنى بكره"، ومالك ومالى" و"راح راح"، وعشرات الأغنيات التى تميزت بطابعها الدرامى.

ويعد مرسى جميل عزيز الشاعر المصرى الأول الذى كتب لفيروز، حيث غنت له فى أوْج تألقها قصيدة" سوف أحيا" ألحان الأخوان رحبانى.

 تقول كلماتها :

لمَ لا أحيا وظل الورد يحيا في الشفاه

ونشيد البـلـبل الشادي حياة لهواه

لم لا أحيا وفي قلبى وفي عيني الحياة

سوف أحيا .. سـوف أحيا

يا رفيقى نحن من نور إلى نور مضينا

ومع النجم ذهـبنا ومع الشمس أتينـا

أين ما يدعى ظلاماً، يارفيق الليل أين

إن نـور الله في القلب وهـذا ما أراه

سوف أحيا .. سوف أحيا.

 

فى مشواره الطويل الذى قدم فيه  قرابة الألف أغنية، تعامل مرسى جميل عزيز مع معظم الملحنين، وقدم لكبار المطربين، ومن آخر أعماله أغنية " من غير ليه" التى كتبت خصيصا لعبد الحليم حافظ، لكنه رحل دون أن يسجلها، فغناها محمد عبد الوهاب بنفسه، ثم هانى شاكر فيما بعد، وكانت سببا فى خلافات بين مرسى جميل ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم، لرفضه تعديل "كوبليهات" معينة، وبعد تعديلها، طلبا منه تعديلا آخر فى أثناء التسجيل، فغضب وترك البروفا بعد أن نهرهما بطريقة ما، فضحك العندليب وذهب إليه وتصالحا.

 أصوات كثيرة وجدت نفسها فى كلماته منها المطربة الكبيرة نجاة الصغيرة التى غنت له" أنا بستناك"، وفيها الحس الشعبى، ونفس الروح المغلفة بالرومانسية، وصفاء الروح، فهو الشاعر الرومانسى المليء بالشجن، والأقرب إلى الحارة والشارع والبيت المصرى.