السبت 18 مايو 2024

الدعم النفسي الاجتماعي في حالات الطوارئ (كورونا نموذجا)

فن20-10-2020 | 19:54

نحن أمام ظرف طارئ استثنائي بكل معاني الكلمة، فلم يحدث هذا في تاريخ البشرية علي الاقل في العصر الحديث أن مرت بهذا الوباء الذي يأكل معه الأخضر واليابس، كل الأوبئة التي ألمت بالبشرية كان مداها وتأثيرها محدود إلي حد بعيد مقارنة بتأثير فيروس كورونا، عدو خفي رابض في الظلام، يضرب ولا تراه، ولا تملك حتى حق المقاومة في صده.


وباء أحدث حالة من الرعب والهلع لدى عامة الناس، وسبب عديد من الاضطرابات النفسية كالقلق والاكتئاب لدى العامة والخاصة من كل الأجناس والأنواع، وبسببه انتحر بعض الناس، وتغيرت كثير من سلوكياتهم، لم يعد الناس بحاجة للرعاية الصحية الأولية التي تقوم بها الدول وعلى رأسها مصر حفظها الله، وحفظ جيشها الأبيض والشرطة والجيش، وعلماؤها القابعون خلف مختبراتهم بحثا عن علاج لهذا الوباء الفتاك ودورهم العظيم في محاربة هذا الوباء، بل صاروا يحتاجون للدعم النفسي الاجتماعي بنفس الدرجة التي يحتاجون بها للرعاية الأساسية وهذا هو الموضوع الذي أتناوله الآن.


الدعم النفسي الاجتماعي


ما الذي يشير إليه مصطلح الدعم النفسي الاجتماعي؟


يشير مصطلح "الدعم النفسي الاجتماعي" إلى الترابط المشترك بين العمليات النفسية والاجتماعية، وإلى حقيقة أن كلًا منهما يتفاعل مع الآخر باستمرار ويؤثر فيه. 


فيما يستخدم؟


يُستخدم مصطلح "الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي " لوصف: 


أي شكل من أشكال الدعم المحلي أو الخارجي، وهو يهدف إلى:


حماية الرفاهية النفسية الاجتماعية أو تعزيزها، أو الوقاية من الاضطرابات النفسية أو معالجتها.


أشكال الدعم الاجتماعي


تُعد أشكال الدعم الاجتماعي المختلفة أساسية في حماية ودعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في الطوارئ.


ويجب تنظيمها في قطاعات متعددة منها على سبيل المثال:  "التعليم- الأمن الغذائي-التغذية-الصحة -الحماية –الملجأ-المياه".


ومن أشكاله أيضا ضرورة توفير التدخلات النفسية السريرية الأساسية للمشكلات الطارئة التي تتولد من حالة الطوارئ، ويجب ألا تُطبَّق هذه التدخلات إلا بقيادة مهنيين في الصحة النفسية.  


هذا وتكمن أهمية ما سبق في مراعاة الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في الاستجابات الصحية العامة، والذي من أهم نتائجه، أنه:


يصون كرامة الناجين


ويعزز الاستجابة الصحية العامة عندهم.


حقائق رئيسية تصيب المعرضين لحالات الطوارئ


من المرجّح أن يعاني غالبية الأشخاص المعرّضين لحالات طوارئ، إن لم يكن كلهم، من ضائقة نفسية، ومعظمهم يمكن أن تتحسّن حالتهم بمرور الوقت.


من بين الأشخاص الذين شهدوا حروباً أو صراعات أخرى في خلال العشر سنوات الماضية، يرجّح أن يصاب واحد من كل 11 (9%) باضطرابات نفسية معتدلة أو شديدة.


تشير التقديرات إلى أن شخصاً واحداً من كل خمسة (22%) ممن يعيشون في منطقة تشهد صراعات يصاب بالاكتئاب، أو القلق، أو اضطراب الكرب التالي للصدمة، أو الاضطراب الثنائي القطب، أو الفُصام.


وجد أنه في حالات الطوارئ يشيع الاكتئاب عادةً بين النساء أكثر من الرجال.


ويصبح الاكتئاب والقلق أكثر شيوعاً خصوصا مع حالات تقدّم العمر.


الأشخاص المصابون باضطرابات نفسية شديدة معرّضون للخطر بالأخصّ أثناء حالات الطوارئ ويحتاجون إلى إتاحة رعاية الصحة النفسية والاحتياجات الأساسية الأخرى.


وقد أوصت المبادئ التوجيهية الدولية بتوفير الخدمات على عدد من المستويات – من الخدمات الأساسية إلى الرعاية السريرية.


تأثير حالات الطوارئ


ينجم عن حالات الطوارئ 


مجموعة واسعة من المشكلات التي يعيشها الأفراد والأسرة والجماعات المحلية والمجتمع، وعلى كل مستوى، فهي:

تجرف حالات الطوارئ كل أشكال الدعم الوقائي التي تكون متوافرة في العادة.


وتُزيد من مخاطر المشكلات المتنوعة، كما تميل إلى تضخيم المشكلات الموجودة أصلاً.


وفي حين أن المشكلات الاجتماعية والنفسية تصيب معظم المجموعات، إلا أنه من المهم الإشارة إلى أن كل فرد يختبر الحدث ذاته بشكل مختلف عن الآخر كما تكون له موارده وقدراته المختلفة على التغلب على الحدث.


أنواع المشكلات في حالة الطوارئ


تتداخل المشكلات النفسية الاجتماعية ومشكلات الصحة النفسية بشكل وثيق في حالات الطوارئ

ومع ذلك فقد تكون في الأغلب إما اجتماعية أو نفسية بطبيعتها. 


المشكلات الاجتماعية:


المشكلات الموجودة أصلاً: 


مثل الفقر وتمييز الفئات المهمّشة


المشكلات المترتّبة على حالات الطوارئ: 


مثل الانفصال الأُسَري، وانعدام الأمان، وفقدان أسباب الرزق، واختلال شبكات النسيج الاجتماعي، وانخفاض درجة الثقة 


المشكلات المترتّبة على الاستجابة (المساعدات) الإنسانية: 


الاكتظاظ، وفقدان الخصوصية، وتقويض الدعم المجتمعي أو التقليدي.


مشكلات الصحة النفسية:


المشكلات الموجودة أصلاً: 


الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب أو الفُصام أو إدمان المخدرات الكحول.


المشكلات المترتّبة على حالات الطوارئ: 


الحزن والأسى، وردود الفعل الحادة الناجمة عن الإجهاد، وتعاطي الكحول ومواد الإدمان، والاكتئاب والقلق، بما في ذلك اضطراب الكرب التالي للصدمة، تشتت الأسرة، السلامة، الوصمات، تدمير سبل العيش.


المشكلات المترتّبة على الاستجابة (المساعدات) الإنسانية: 


القلق الناتج عن انعدام المعلومات بشأن توزيع الغذاء أو كيفية الحصول على الخدمات الأساسية.

الاكتظاظ، وانعدام الخصوصية.


هل يكفي التركيز على المشكلات النفسية والاجتماعية فحسب


إن التركيز الانتقائي على هاتيْن المشكلتين فحسب غير مناسب: لماذا؟


لأنه يتجاهل عديد من مشكلات دعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في حالات الطوارئ. (هناك مشكلات أخرى لا بد من الالتفات لها غير النفسية والاجتماعية).


كما يتجاهل الموارد التي يتمتع بها الناس. 


فالرجال، والنساء، والفتيان، والفتيات يتمتعون بقدرات أو موارد تدعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي. 


إن تجاهل هذه الموارد، والتركيز فقط على نقاط عجز المجموعة المصابة - كالضعف، والمعاناة، والأمراض- 

لهو خطأ شائع عند العمل على دعم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي. 


ومن المهم:


معرفة المشكلات.


وفي الوقت نفسه معرفة طبيعة الموارد المحلية.


وما إذا كانت مفيدة أم مؤذية.


ومدى قدرة الأشخاص المتأثرين على الوصول إليها. 


معدّل انتشار الاضطرابات النفسية في حالات الطوارئ


من المرجّح أن يصاب معظم الأشخاص المعرّضين لحالات طوارئ بضائقة (مثل مشاعر القلق والحزن، أو اليأس، أو الأرق، أو الإجهاد، أو سرعة الانفعال أو الغضب /أو الأوجاع والآلام).  


وهذا وضع طبيعي ويمكن أن يتحسّن بمرور الوقت لدى معظم الناس، بيد أنه يُتوقّع ازدياد معدّل انتشار اضطرابات نفسية شائعة كالاكتئاب والقلق بأكثر من الضِعف في الأزمات الإنسانية.


أثناء حالات الطوارئ وبعد انتهائها، يمكن بالأخصّ أن يكون الأشخاص المصابون باضطرابات نفسية شديدة معرّضين للخطر ويحتاجون إلى إتاحة الخدمات الأساسية والرعاية السريرية. 


الاستجابة الفعالة لحالات الطوارئ


تتمثل الاستجابة الفعالة لحالات الطوارئ التي أقرّتها منظمة الصحة العالمية بشأن الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي فيما يلي:


تقديم خدمات على عدد من المستويات – بداية من الخدمات الأساسية إلى الرعاية السريرية. 


وينبغي أن يتم توفير الرعاية السريرية للصحة النفسية بواسطة أو تحت إشراف أخصائيّي الصحة النفسية، مثل ممرّضي الطب النفسي أو الأخصّائيين النفسيّين أو الأطباء النفسيّين.    


ينبغي تعزيز المساعدة المجتمعية الذاتية والدعم الاجتماعي، وذلك على سبيل المثال:


بإيجاد أو إعادة إنشاء جماعات مجتمعية يتعاون أعضاؤها لحلّ المشاكل.


ويشاركون في أنشطة من قبيل الإغاثة في حالات الطوارئ


أو تعلُّم مهارات جديدة، مع ضمان إشراك الفئات الضعيفة والمهمّشة، بما في ذلك المصابون باضطرابات نفسية. 

 

ينبغي توفير الرعاية السريريّة الأساسيّة للصحة النفسيّة التي تغطي أوضاعاً ذات أولوية (مثل الاكتئاب، والاضطرابات الذهانية) في كل مرفق صحي بواسطة كوادر مدرّبة وتخضع للإشراف في مجال الصحة العامة.


ينبغي توفير التدخُّلات النفسيّة (مثل التدخُّلات لحلّ المشاكل، والمعالجة الجماعيّة بين الأفراد) للأشخاص الذين يعانون من ضائقة طال أمدها بواسطة أخصائيّين أو عاملين مجتمعيّين مدرَّبين.


يلزم إنشاء روابط وآليات للإحالة بين أخصائيّي الصحة النفسية ومقدّمي خدمات رعاية الصحة العامة ودوائر الدعم المجتمعي وغيرها (مثل المدارس ودوائر الخدمات الاجتماعية).

    الاكثر قراءة