الخميس 23 مايو 2024

مرثية لرَبّة َمنْزِل

فن20-10-2020 | 20:05

أنا رَبّة مَنْزِل 

تَتوقُ لشُكراً

شُكراً للطَبخَة .. شُكراً للكَعْكَة 

شُكراً للقِرفَة .. شُكراً للقَهْوَة

شُكراً للقُبْلَة .. شُكراً للضَمّة

شُكراً للكَي .. شُكراً للغَسْلَة

شُكراً للجَلي .. شُكراً للمَسحَة

شُكراً للحَمْل .. شُكراً للحَفْلة

شُكراً للصُحبَة .. شُكراً للوقفة

شُكراً للعُمرِ المُنسَل 

من بين إبرة .. وخِيطان الرُقعة 


شُكراً للبَطنِ المَنثور

شُكراً للظُفرِ المَكسور 

شُكراً للبَصلِ المَبشور

شُكراً للوَقتِ المَهدور 

شُكراً للحُلمِ المَبتور

شُكراً للبَيتِ المَعمور

شُكراً للصَبرِ على الجور

شُكراً للأَيدي البَيضاء

نَحَتتها اللَسْعَة 



شُكراً لتَلويحَة الأكُفِ المُبتَسِمة

مِن شُرفَة الصَباحِ عِندَ الذِهَابِ للمَدرسة

..

شُكراً لإنتظارٍ طال في دهَاليزِ المَسَاء

بعينٍ ثَملة .. مُنَكسة

..

شُكراً للزَورَق السَابح

في العَصفِ .. في الغَسَق

في الصَفوِ .. في الشَفَق

في جُنح الليلِ الجَامح 

رابح زورَقُك رابح

لا يُخشى غَرق

زَورق مَنحوت مِن شَجر الجَنة


أنا رَبّة مَنْزِل

أظافرٌ بلا طِلاء 

كُفوفٌ تَتَسول هِجاء

خِضابٌ كماءِ القرى

لَيتهُ كنَبيذ الإغواء

أيوبية .. بين الوَري 

نَاعسٌة .. مَبتورةُ الكِبرياء

رَمادية لياليّ .. بلا مَجمَرة شَمس

ولا دُخان .. من هَوى الأضواء 

وأنا عطر "لاليك" .. بلا مُستهام 


أنا رَبّةُ مَنْزِل

عقوبٌة بلا إِثم 

كُنّيةٌ بلا إِسم

هَجرتُ داري لعُقبى بَيت شِعر 

ونحَتُ إسمي بمُعَلقٍة

برَسمٍ

بوَشمٍ

بتِرجاع يَمين على ثَغرٍ

أن تاللهِ .. أنت أدم بلا عَزم

وأنا عَبلةٌ .. بلا شدّاد 



أنا رَبّةُ مَنْزِل

عَزيزةُ دَارِ ذُلٍ غَضُوب

فَجري مُعتَم بِمَطبٍخٍ كَروب

نَهاري مُحدِق بِعَين مَوقٍد هَبوب

ساكنٌ ليلي بمورفين

تَغريدات صَغيري الطَروب

انام على جُثةِ حُلمي مُلتَحِفَةٌ بأكفانِ

اهرب من أَرضي إلي بَحريِ

فإذا باليَم حِيتانِ

وسأحيا .. رُتبة بلا نَجمة 

وسأرحل .. بَطلة بلا نيشان 



أنا رَبّةُ مَنزِل

كَنزٌ .. بلا سِياج

تلاسنٌ .. أبكْمٌ أُجَاج

نُورٌ .. يَستفِز الديّاجي

مُحيطٌ ساكنٌ 

قَاعهُ هياج

يَضغط بَعضي على بَعضي

لأُرفع بِضَمتِك، 

يَضغط بَعضي على بَعضي

لأكسَر بِقَبضَتِك

يَضغط بَعضي على بَعضي

لأسكُن بغَربَتِك،

يَضغط بَعضي على بَعضي

لاُفتَح لشَهوَتِك

فيما تستيقظ صبحاً، ظهراً ،أوعصراَ

للتثائب بضمير مستتر تقديره

ضجراً وضجيجاً واحتجاج



أنا رَبّةُ مَنْزِل

بونٌ بلا فِراق 

عِناقُ بلا اشتياق

وِثاق بمِيثاق 

وأسرٌ ما منه عِتَاق

طالعتك مِن شُرفَة زِنْزَانتي أَزرق أَزرق

يَهطُل من ظُلل غَمَامِك غَيثٌ وهتاّن

حَدّقت إليّ كَسُمٍ .. بلا تِريَاق

وأشحتني .. كهَاموش الرُعيان

ثم سترثيني بَعدَ فوات الحَياة 

ثم ستبكيني بعد فوات الآوان

ولأبشِرَنّكَ بصيفٍ .. بلا شُطآن



أنا رَبَة مَنْزِل

تعايشٌ .. بلا إنسِجام

مَلابسٌ .. بلا هِندام

قَيلولٌةٌ .. بلا رَوقان

عَدَالةٌ .. بلا مِيزان 

ومُتْرَف أنت، لا قَذى في مِعطَفك

لا عَرَقٌ في يَاقتك 

لا قَطْعٌ في عُروَتك

تُقَايضُ على الحَياةِ، مُقَابِلَ الهَواء

فيأتيكَ رَبيعٌ .. بلا أقحوَان



أنا رَبّةُ مَنزِل

مَكانةٌ صُوريّة .. تَنقُصُهَا الحَيثيّة

جَماٌل خَام .. مَبتور الجَاذبيّة

عِلاقةُ مَضمونة .. بلا حَميميّة

أنى يكون لي إحتمال

وقد بَلَغْت من العَطاِء عِتيًا؟

عَظِّم البَطشَ .. فكأس الذُلِّ سَلوانا

عَظِّم البطشَ .. فحجر القبر مآوانا

عَظِّم البَطشَ .. ثم اتلو سورة لقمان

وسأصبِرَنّ حتى يمَلَنِي المَلَلُ العَصيّ

ولأسمَعَنّ صَدى .. كَفّ رَبَكَ القوي

سَاعة تَطن على .. جبين مَولانا

ومهما تسابقنا ومهما تبعثرنا .. فسيان

وسيجتازنا العُمر هرولة .. كعدّاءٍ زنجي 

وسيجمع الثرى الشتيتين رَمَادًا .. يَوم مَوتَانا



أنا رَبَّة مَنزِل

إستقباٌل .. بلا تِرحَاب

فَلانتاين .. بلا أحبَاب

عِفٌة .. رهن حِجَاب

فَاتُورة .. بلا حِسَاب

تَسامُح .. بلا عِتاَب

مَوهبٌة .. بلا عَرّاب

سكونٌ يَكسِر الإعرَاب

وقد تزوجني صَغيرة

فأُتيِت الهَمَّ صَبيّة 

وجباراً مِن لدنه

وكان صعلوكاً عَصياً

وأنا لمسنا الشقاء

فوجدناه حرساَ منيعاً للقسوة

وأنا لا ندري، أقهرٌ أُريدَ بالأبناء

أم أراد لهم من دارهم هرباَ؟

وأنا كنا نقعد منه مقاعد للسَمْع

وندهش لقوله أنه .. شَمعة محتَرِقَة


أنا رَبَّة مَنْزِل .. بحاجةٍ لعُذرًا

عُذْراً على حرٌبٍ بلا غَنيمة

عُذْراً لَمجدلية بلا جَريمة

عُذْراً على ضيفٍ تساقط بلا عَزيمة

عُذْراً لحِصتكم من لَحمٍ 

ولحصتي من رَقبة البهيمة

عُذْراً على " الو" بلا لَهفة

عُذْراً لحِرماني الهَفوة

عُذْراً ليقَظٍة اعتازت لغَفوة

عُذْراً لهُدنة غَلت بجَفوة 

عُذْراً فمن عاش خَريفاً

كسواه ممن مَات دهُور

عُذْراً فجَسد الخوف شَبحٌ

يختبي طَيّ الصدُور



أنا ربة منزل ..تحتاج لعُذْراً

عُذْراً على التَقْبيح .. عُذْراً على التَعْنيف

عُذْراً على التَهْميِش .. على التَسْخيف

عُذْراً على تَسيد بلا حَسنات

عُذْراً على وَجعْ بلا مُسكِّنات

عُذْراً على غَاز مَعْقول

يَهفو لإنطِلاقة .. بممرَات السَمَاوات

عُذْراً لجِماٌعٍ .. بلا حَبَل

عُذْراً لنَهاٌرٍ .. مشنوق الأمل

عُذْراً لعَذاباتٍ .. جدولها الألم

عُذْراً لجِهَادٍ .. لم يُعَنْوَن عَمل

عُذرا لحُزْن الِصفْصَاف قبل التشارين

عُذْراً لتَموز بلا شاطئ بلا مانجو، بلا تين


أنا رَبّةُ مَنْزِل

مَسيرٌ خَلفيّ 

بلا قِبلّة 

صعوٌد وهميّ 

بلا قِمّة

اهتماماٌت –نادرُها- جِديّ 

بلا هِمّة

مصيٌر رَماديّ 

بلا .. إمّا وإمّا

وأنا شتاٌء .. بلا مِدفأة ولا أَمْطَار


أنا رَبّةُ َمنْزِل

أنا قُبلةٌ بلا أهٍ، بلا أنّة

بلا شَهوة

جِنسٌ بلا قناديل تتأرجح

مرتَعشة

شِفاهٌ بلا جلنار، بلا ياقوت

بلا حُمرة

سُلطانة بلا هَيلمان، بلا جَبروت

بلا مَحبَرة السُلطة 

وأنا آذار .. بلا بَيلسان



أنا ربة منزل تتوق لشكراً

شكراً للزورَق السَابح

في العَصفِ .. في الغَسَق

في الصَفوِ .. في الشَفَق

في جُنح اللَيلِ الجَامِح 

رَابح زَورَقُكِ رَابح

لا يَخشى غَرق 

زَورَق مَنحُوت مِن شَجر الجَنّة