السبت 22 يونيو 2024

في ذكراها... ثورة 30 يونيو وإنجازات الدبلوماسية الرئاسية

فن20-10-2020 | 20:17

لا تزال ثورة يونيو، كحدث مصري له انعكاسات على أمن الإقليم بأكمله، خاصة وأن هذه الثورة رسمت واقعا هيكليا لحجم التغيير الذي جرى في مصر بطرد جماعة الإخوان الإرهابية من الحكم، واستعادة السلطة إلى الشعب المصري، الذي قام بالثورة على حكم جماعة ظنت أنها يمكن أن تخطف الوطن لحسابات ضيقة وغير حقيقية لبناء دولة للخلافة المزعومة  بالتنسيق  والدعم مع دول مثل تركيا وإيران وقطر وغيرها من الدول التي ناصبت العداء لمصر عقب ثورة مجيدة تمت من خلال الشعب المصري، والدعم المتبادل بينه وبين الجيش المصري العظيم.

والواقع أن الدول التي ساندت مصر في موقفها، وخاصة الخليجية، كان إدراكا  منها  لطبيعة الدور الذي تلعبه مصر في مواجهة المد الإخواني الذي كان يسعى لضرب الإقليم وحكمه، خاصة وأن جماعات الإسلام السياسي كانت قائمة وموجودة في السودان وغزة وتونس والجزائر والمغرب والأردن، ولا تزال قائمة، الأمر الذي يشير إلى أن الترابط بين الجماعة الأم المركزية، وبين هذه الجماعات كان قائما في إطار المركز والفرع، ولهذا كانت الثورة المصرية في يونيو مدخلا لتغيير هائل في فكر جماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، والتي سعت ولا تزال تسعى لخطف الحكم في بعض البلدان العربية، وتسنح الفرصة للوصول إلى هدفهم، حيث لا تزال هناك قوى دولية في بعض العواصم الأجنبية في الكونجرس الأمريكي، وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، تدعو لظاهرة الدمج والتكاملية لهذه الجماعات الإرهابية، وإفساح المجال أمام مشاركتها السياسية، وهو الأمر الذي قد يفتح الباب أمام وصولها للحكم لاحقا، وعبر مخطط حقيقي من الأهداف السياسية والأمنية والاستراتيجية.


لهذا تعامل نظام حكم الرئيس السيسي بعد ثورة يونيو بمنهج واضح داخليا وخارجيا، ومن خلال رؤية أكثر استشرافا، حيث انطلقت مؤسسات الدولة وأجهزتها القوية في التحرك نحو دبلوماسية الشرق، حيث دول مثل الصين والهند واليابان وكوريا وماليزيا وسنغافورة، فنجحت الدبلوماسية الرئاسية في تحقيق الكثير من الإنجازات في نقل رسالة مصر للخارج ولهذه الدول التي ليس لمصر أي ميراث عدائي معها، بل بالعكس تربطها بمصر كثير من المعطيات التاريخية الكبرى، وبالتالي كانت النقلة النوعية الكبيرة لعلاقات مصر مع هذه الدول؛ ويحضرنا جميعا أيضا ما تم بين مصر وروسيا في بناء محطة الضبعة النووية.


أضف إلى ذلك اتجاه مصر نحو دول الاتحاد الأوروبي، حيث تدعمت علاقات مصر مع فرنسا وألمانيا، ودخلت مصر في شراكة سياسية واستراتيجية مع  البلدين، وهو ما عمّق مستوى العلاقات بين الجانبين وبصورة واضحة، وبرز ذلك في سلسلة اللقاءات المصرية الأوروبية، والتقدير الكبير التي تمثله مصر في الدوائر الأوروبية، وقد لعبت شخصية الرئيس السيسي دورا لافتا وكبيرا في تنمية وتطوير العلاقات بصورة كبيرة، وهو ما يمكن التأكيد على تبعاته في ملف التعامل المصري مع الاتحاد الأوروبي الذي أصبح، وبعد سنوات من عمر ثورة يونيو التي غيرت مجرى التاريخ السياسي المعاصر في الشرق الأوسط، ينظر للحسابات السياسية والمصلحية للاتحاد، وإطار علاقاته بمصر باعتبارها دولة كبرى في الإقليم، وأنها ليست دولة عابرة بل رمزٌ للاستقرار في العالم، وبعد أن أصبحت نموذجا حقيقيا للاستقرار المنشود الذي يحتاجه العالم، وفي ظل مواجهتها للإرهاب والتطرف الذي ضرب العالم بأكمله من تنظيمي القاعدة وداعش، وهو ما يؤكد على تماسك الدولة المصرية وتراكم خبراتها الحقيقية في مواجهة الإرهاب الذي سبق وأن حذر الرئيس السيسي من تبعاته وتداعياته على دول العالم، خاصة بعد عودة المقاتلين إلى بلادهم، ما يمثل خطرا حقيقيا على أمن واستقرار العالم بأكمله.


فالتجربة المصرية الرائدة في مواجهة الإرهاب عبر الحدود، وكذلك في منع موجات الهجرات غير المشروعة أدت إلى تبعات حقيقية إيجابية في التعامل مع الخطر الكامن والظاهر، وصار لمصر تجربة تُدرّس في إطار ما يعرف بضبط الحدود على مختلف الحدود المصرية الدولية، وفي اتجاه المتوسط وفي مناطق الجنوب، ومن ثم فإن هذه التجربة يمكن الاحتذاء بها خاصة وأن مصر قامت ولا تزال بدور رائد وحقيقي في مواجهة ظاهرة الإرهاب الممتد والمتواصل عبر القارات الكبرى، وإلى بؤر الصراعات والأزمات التي تضرب استقرار العالم، ولا تزال، ما يجعلها الدولة النموذج المهم القادر على أن يتحول تدريجيا إلى دولة عظمى في نطاقها الإقليمي الكبير، وهو ما كان ليتأتّى بدون خبرات وقدرات الدولة المصرية وإنجازاتها التي حققتها بعد ثورة يونيو التي أكدت على خبراتها المتراكمة، والتي يمكن أن تكون اقترابا حقيقيا لما يجري ويُفهم ويتم التعامل معه على كل المستويات، ويدفع بها إلى مصاف الاقتصاديات الكبيرة بشهادة مؤسسات المال والاستثمار الكبيرة، وكذلك بشهادة بيوت الخبرة العالمية التي تشير إلى أن مصر صارت مركزا ماليا واقتصاديا كبيرا يجب وضعه في إطاره الحقيقي، ومن خلال ما تم إنجازه مصريًا وكان له انعكاسٌ حقيقيٌ على الإقليم بأكمله.


إن ثورة يونيو الملهمة كانت مدخلا  حقيقيا لتطوير دور مصر الدبلوماسي والسياسي في ربوع الأقاليم المختلفة، فقد حققت الدبلوماسية المصرية إنجازات حقيقية في مجلس الأمن عندما دخلت مصر المجلس كعضو غير دائم، ونجحت في لفت الانتباه لقضايا عربية كبرى، ومنها الملفات الفلسطينية والسورية واليمنية والأمن القومي العربي والملف الليبي المعقد، بل وانطلقت مصر لتضع إفريقيا على خريطة العالم، وهو ما برز في رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمم الدولية وخاصة العشرين، وفي الحوارات الصينية الإفريقية، والروسية الإفريقية، والألمانية الإفريقية، واليابانية الإفريقية، كما ترأست مصر مجلس السلم والأمن الإفريقي، ودعت لمبادرة إسكات البنادق في إفريقيا وإقرار مسيرة حل وتحليل الصراعات بين الدول، كما لا تزال مصر تتبنى الخيار التفاوضي في إدارة ملف سد النهضة ولم تتراجع عن مسارها التنموي والداعم بشهادة الجميع، مع دول حوض النيل خاصة، ودول إفريقيا عامة، وعملت على نقل خبراتها الكبيرة لدول مثل إثيوبيا وتنزانيا وبوروندي، في بناء السدود، كما عكست مصر وبفضل استقرارها السياسي والأمني اهتماما بالأمن القومي العربي في مواجهة  التهديدات الإقليمية والممارسات الإجرامية التي يقوم بها النظام التركي والعبث القطري في أمن الإقليم، كما أعلنت مصر دعمها الكامل للدول الخليجية في مواجهة التهديدات الإيرانية، وبالتالي فإن مصر وبعد سنوات من عمر ثورة يونيو صارت لديها القدرات والإمكانيات الكبيرة التي يمكن أن تقوم بها، ليس على المستوى السياسي الاستراتيجي فقط، بل وترجمت "مسافة السكة" في إثقال خبرة الجيوش الخليجية بالعديد من المناورات والتدريبات العسكرية المتطورة، وهو الأمر الذي يؤكد على الدور الاستراتيجي الممتد، والذي تطور بصورة كبيرة بعد سنوات من عمر ثورة يونيو المجيدة، والتي بدونها لكانت مصر في موقفها لم تبارحه، ولم تستطع تحقيق كل هذه الإنجازات الكبيرة داخليا وخارجيا، على يد الرئيس السيسي والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، والشعب المصري الذي وضع كل ثقته برجال أوفياء نجحوا في تحقيق نقلة كبيرة للدولة المصرية طوال سنوات ما بعد ثورة يونيو .


تبقى الإشارة إلى أن الدبلوماسية المصرية كانت السلاح الأهم والأوضح والأكثر فاعلية في تحقيق مكاسب عاجلة للدولة المصرية في مناطق مختلفة من العالم الذي لا يزال ينظر لما جرى مصريا، وفي غضون سنوات قليلة بأنه معجزة حقيقية تمت في مصر.  


    الاكثر قراءة