الأحد 29 سبتمبر 2024

«التحالف الحرام بين إخوان مصر وأردوغان».. فصل جديد من كتاب «إسلام أردوغان»

فن21-10-2020 | 11:49

 تنشر بوابة «الهلال اليوم»، فصلا جديدا من كتاب «إسلام أردوغان» للكاتب سيد شعيب، والفصل تحت عنوان «التحالف الحرام بين إخوان مصر وأردوغان». 


 بالتأكيد أن مشروع أردوغان الإمبراطوري يواجه الكثير من العقبات, أهمها أن الكثير من نظم الحكم في الشرق الأوسط لا تقبل به, مثل الإمارات والسعودية ومصر وغيرها. لذلك رحب واحتضن وشجع أردوغان «ثورات الربيع العربي» لأنها جاءت بالإسلاميين وبخاصة الإخوان إلى الحكم, وهم حلفاؤه ويؤمنون بمشروعه في استعادة «الإمبراطورية الاستعمارية».  دعم أردوغان وحزبه  لهذه الثورات لم يكن لأجندة اقتصادية أو سياسية اجتماعية, بل كان دعمه جزءا من سياسة نشر الإسلام السياسي. ووفقا لقول بيرول باشكان, وهو أستاذ غير متفرغ في معهد الشرق الأوسط,  «لا شك أن تركيا احتضنت الربيع العربي أكثر من أي بلد آخر, رغم ارتباطها بعلاقات اقتصادية وسياسية ممتازة مع حكومات وأنظمة الدول التي ضربتها موجات الربيع العربي, بما في ذلك سوريا. لم تكن هناك ضرورة اقتصادية وسياسية وراء هذا الدعم الهائل, ولكن هناك «الوحدة الإسلامية» (111).


 علاقة الجماعة الأم, الإخوان في مصر, بتركيا قديمة سواء العلاقة الفكرية أو التنظيمية. فقد اعتبر حسن البنا مؤسس الإخوان أن ما فعله أتاتورك ضد الإسلام. فقد كتب قائلاً:  موقف الحكومة التركية الحديثة من الإسلام وأحكامه وتعاليمه وشرائعه معروف في العالم كله لا لبس فيه, فالحكومة التركية قلبت نظام الخلافة إلى الجمهورية, وحذفت القانون الإسلامي وحكمت بالقانون السويسري, رغم  قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة: 43], وصرحت في دستورها بأنها حكومة لا دينية, وأجازت بمقتضى هذه التعاليم أن تتزوج المسلمة غير المسلم, وأن ترث المرأة مثل الرجل, واصطدمت في ذلك بقوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمناتٍ فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} [الممتحنة:10], وقوله تعالى: {فللذكر مثل حظ الأنثيين}[النساء: 176], وهذا قليل من كثير من موقف الحكومة التركية من الإسلام, وأما موقفها من الشرق فقد صرحت في وقت من الأوقات بلسان وزير خارجيتها بأنها ليست دولة شرقية, وقد قطعت صلتها بالشرق حتى في شكل حروفه وفي أزيائه وعاداته وكل ما يتعلق به» (112).


  ستلاحظ أن هذا النوع من «الإسلام» الذي يقوله البنا متوافق تماماً مع موقف أردوغان الإخواني. ورغم موقفه المعادي لأتاتورك فقد حرص البنا وإخوان مصر على وجود روابط مع تركيا. ففي  لقاء مع أحد الأشخاص الذين اعتنقوا الأفكار الإخوانية والبنا أثناء رحلة للحج عام 1946, تحدث البنا  عن حال شباب تركيا الذي أصبح لا يجيد العربية ولا يتكلمها, مطالبًا العرب والمسلمين بجهد في إحياء العربية بتركيا وعمل تنظيم في تركيا لجماعة الإخوان المسلمين.


 كما كانت تركيا محطة مهمة للجماعة في مصر بعد حملة القبض عليهم, عقب محاولة اغتيال الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر, وكان سعيد رمضان (زوج بنت حسن البنا) صاحب الدور الأكبر في نشر الأفكار الإخوانية في تركيا من خلال مشاركته في العديد من المؤتمرات التي عمل من خلالها على توثيق الصلة بالمثقفين الإسلاميين بتركيا.


 شارك الإخوان في مصر في احتفالات أحزاب أربكان الإخوانية, ففي عام 1998م حضر مصطفى مشهور ومحمد مهدي عاكف وأحمد سيف الإسلام حسن البنا والشيخ محفوظ النحناح احتفالات حزب الرفاه الإسلامي. وفي يونيو 2006 حرص الإخوان على المشاركة في الاحتفال بمرور 553 عاما على «فتح القسطنطينية», وهو الاحتفال الذي نظمه حزب السعادة التركي, حيث شارك فيه الدكتور حسن هويدي نائب المراقب العام لجماعة الإخوان في سوريا.  كما شارك أيضاً في الاحتفال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان والدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس الكتلة البرلمانية. كما شارك أمير الجماعة الإسلامية في باكستان القاضي حسين آيت أحمد, ورئيس الحزب الإسلامي في ماليزيا, ورؤساء وممثلو الحركات الإسلامية في إندونيسيا والكويت والسعودية وإيران والعراق ولبنان وروسيا والمغرب وكازاخستان والبلقان والهند ودول إفريقية عدة.


 تعتبر الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء التركي  أردوغان إلى مصر في سبتمبر 2011, تأكيداً على العلاقة القوية مع إخوان مصر, وأنهم أصل الإسلام السياسي في العالم كله . وقوبل أردوغان بحفاوة ضخمة. وهناك إخوان وإسلاميون طالبوا بعودة الخلافة الإسلامية التركية إلى الأراضي المصرية!(113).  لقد طالبوا بأن تحتل تركيا مصر من جديد!!!


 نصح أردوغان وقتها إخوان مصر, بألا يتعجلوا بتحقيق مشروعهم الإسلامي, ويعلنوا أنهم مع الدولة العلمانية ويتحالفوا مع القوى السياسية التي شاركت في ثورة يناير ضد حكم مبارك. أي يفعلوا مثله يتحالفون مع أي قوى لإزاحة الجيش من السلطة, ثم بعد ذلك يصفون حلفاءهم وينفردون بالحكم ويقيمون دولتهم «الإسلامية» مثلما يفعل الآن. لكن إخوان مصر كانوا متعجلين وخسروا كل شيء. قال سفير مصر الأسبق لدى واشنطن عبد الرؤوف الريدي, إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان يتعامل مع مصر في عهد الإخوان على أنها ولاية تركية (114).


 حتى إذا خفضنا كلام السفير قليلاً فقد كان أردوغان يتعامل مع مصر التي استولى عليها الإخوان, باعتبارها مشروع ولاية عثمانية, كجزء من المشروع الكبير «أستاذية العالم» أو استعادة الإمبراطورية العثمانية الإسلامية.  وهذا يفسر عداءه  للرئيس عبد الفتاح السيسي ولمن يحكمون مصر الآن. فهو لا يعتبر الإخوان جماعة إرهابية لأنها ليست مسلحة بل هي منظمة فكرية. مضيفا: «لا يمكن التسامح مع الإخوان المسلمين الموجودين في تركيا إن كانت لهم صلة بعمل إرهابي ولكننا لم نر ولم نلحظ أي فعل من هذا القبيل».


 وفي رده على سؤال ما إذا كانت تركيا ستتعاطى بذات المساواة مع تسليم قيادات الإخوان الموجودين في تركيا, كما تطالب أمريكا بتسليم جماعة فتح الله غولن, قال أردوغان :»نحن نتلقى طلبات بين وقت وآخر لكن نوجه سؤالا? هل هذه منظمة إرهابية مسلحة? هل الذين تطالبون بهم تورطوا في عمل إرهابي أو مسلح? «. أما جماعة غولن فهي منظمة قامت بعمل إرهابي واستخدمت السلاح « (115).


  بالطبع هو يكذب, فالإخوان تنظيم إرهابي, لكنه يعتبرها حليفا. خلاصة السياسة التركية كشف عنها مستشار الرئيس التركي أردوغان, ياسين أكطاي, عندما قال علنا «إن إسقاط الخلافة تسبب في فراغ سياسي في المنطقة, وقد سعى تنظيم الإخوان لأن يكون ممثلا سياسيا في العالم نيابة عن الأمة الإسلامية, البعض منا يستخف بقوة الإخوان ويقول إنهم عبارة عن جماعة صغيرة, لكن جميع الحركات الإسلامية اليوم ولدت من رحم جماعة الإخوان». وأضاف أكطاي: جماعة الإخوان  لها فروعها الخاصة وفقهها الخاص, وهي تمثل اليوم ذراع القوة الناعمة لتركيا في العالم العربي, فهذه الجماعة ترحب بالدور التركي في المنطقة.. وهم بالتالي ينظرون إلى الدور التركي على أنه نائب للخلافة الإسلامية التي تم إسقاطها سابقا» (116).


 إنهم القوة الناعمة لمشروع الخلافة الأردوغاني. وبالنسبة للإخوان,  تركيا ملاذ آمن وداعم مالي وسياسي قوى لهم في الشرق الأوسط وكل مكان في العالم. ولأن أردوغان مستفيد من شركائه, فليست لديه مشكلة كما يقول في تحمل الحملات ضده, ويقول: «إن سببها يتمثل بموقفه بدعم الإسلاميين والإخوان في المنطقة العربية, حيث اعتبر أن دفاعه عن الإخوان هو رفض للعداوة المتصاعدة ضد الإسلام» (117).


 ما حدث في إريتريا ومن قبلها جيبوتي دليل على التعاون الوثيق بين من يحكمون تركيا والإخوان.  بعد أن نجحت وكالة «تيكا» التركية في اختراق الدولة الصغيرة, عبر بوابة المساعدات الإنسانية والغذائية للمسلمين; وللتوغل في مؤسسات الدولة, استعانت بالإريتريين المقيمين في تركيا, خصوصاً من يعتنقون أفكار جماعة الإخوان, وأسست لهم الحكومة رابطة, مقرها  مدينة اسطنبول, ويكون هدفها بالتأكيد الترويج لأفكار «العثمانيين الجدد» داخل إريتريا, والهجوم على حكومة أسمرة مثلما يفعل اإخوان مصر في تركيا.


  قال  أمين عام الرابطة برهان سعيد الجبرتي, وهو رجل أعمال يدير شركات عقارات في مدينة اسطنبول, إن الرابطة لا تهتم بالسياسة. لكن هذا غير صحيح, فقد شن هو والرابطة هجوماً على حكومة بلاده, واتهمها بالمسؤولية عن سوء مستوى التعليم, وتدني أحوال المسلمين في البلاد.


 ليست هناك مشكلة بالتأكيد في المعارضة السلمية لأي نظام حكم, لكن المشكلة هي أن هذا يتم لصالح مشروع تركيا الإخواني, فهدف الرابطة هو تجنيد أعضاء, وأيضاً تنمية طاقة الغضب والسخط ضد الحكومة غير الموالية لتركيا. لذلك أصدرت  وزارة الإعلام  في إريتريا بياناً قالت فيه, «إنّ تركيا تحاول تخريب وعرقلة مسار السلام مع إثيوبيا, وفي منطقة القرن الإفريقي» (118).


 هم ليسوا حليفاً فقط ولكن أردوغان يعتبر أن دفاعه عن الإخوان هو دفاع عن الإسلام, الذي يرى أن هناك عداوة متصاعدة ضده!! لذلك هدد عمر جليك  المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم الولايات المتحدة  إذا صنفت جماعة الإخوان منظمة إرهابية , فهذا سوف يعرقل جهود إرساء الديمقراطية في الشرق الأوسط, وسوف يخدم جماعات متشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية (119).


 أردوغان  لا يدعم فقط سياسيا ومادياً الإخوان ولكنه أيضاً يظهر ولاءه لقادتهم الكبار طوال الوقت. فقد سلم السفير التركي في الخرطوم, عرفان نذير أوغلو, زوجة الزعيم الإسلامي الإخواني الأشهر في السودان, حسن الترابي, هدية من الرئيس التركي, رجب طيب أردوغان, وهي عبارة عن مصحف مكتوب بخط اليد. وكان السفير سعيداً عندما وجد العلم التركي العثماني في منزل الترابي منذ 15 عاماً (120).


  الترابي كما سبق وأوضحت من قيادات الإخوان الكبيرة  في السودان وكان شريكاً وأستاذاً للرئيس السابق عمر البشير في تأسيس «دولة إسلامية» دمرت السودان (راجع فصل عمر البشير). كما دعم الترابي وجود تنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن في السودان ودافع عنه.


  هذه العلاقة القوية بين أردوغان وإخوان مصر لم يعكرها حتى خطأ تسليم بعض شباب الإخوان إلى السلطات المصرية, فالأغلب أنه خطأ إجرائي. هذا يؤكده  الباحث التركي  بوراك بكديل المنفي في أمريكا,  فقرابة الإخوان «الأيديولوجية» مع أردوغان قوية. فمعظم أعضاء الإخوان المؤثرين في العالم يقيمون في تركيا».  هناك 2000   إخواني يعملون في الإعلام في تركيا,  10 محطات تليفزيونية والعديد من المحطات الإذاعية. وهناك أكثر من 5000 عضو من الإخوان يعيشون في  تركيا بفضل الأموال التركية والقطرية (121) .  هذا التحالف الاستراتيجي لن تعكر صفوه أخطاء البيروقراطية التركية. 


دعم أردوغان للإرهاب 


أكدت المعطيات والمجريات خلال السنوات الأخيرة, أن انسجام “الإسلام المعتدل” في تركيا,  مع قيم الحداثة والديمقراطيّة والعلمانيّة, كان قناعاً, يخفي خلفه الوجه الحقيقي لحزب العدالة والتنمية, الداعم لحركات الإسلام المتطرّف والتكفيريين في سوريا, والعراق, وفلسطين, ومصر…, وجعل من تركيا قاعدة وحضناً دافئاً للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين (122).


  ذكر تقرير للاستخبارات الألمانية أن الحكومة تعتبر تركيا حاليا «منصة العمل المركزية» لمنظمات إسلامية وإرهابية في الشرق الأوسط. فهي تدعم جماعة الإخوان المصرية, وحماس وجماعات المعارضة الإسلامية المسلحة في سوريا, فهناك وئام أيديولوجي مع الإخوان المسلمين» (123).


 الوئام الأيديولوجي صحيح تماماً, وهذا سبب رئيسي, فأردوغان وحزبه أصحاب الأيديولوجية الإخوانية, لا يختلفون في الأساس الديني والفقهي والتاريخي عن التنظيمات الإرهابية الإسلامية السنية, عندما قارنت بين أيديولوجية القاعدة وداعش وبين الإخوان. هذا الوئام يفسر سببا رئيسيا للعداء ضد نظام بشار الأسد وحلفائه, فهم في رأي أوردغان يكونون تحالفا شيعيا. ويصفه بأنه تمدد فارسي يعتبره خطراً على الوجود السني في الشرق الأوسط (124).  ولذات السبب  يهاجم أيضاً الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية ويصر على بقاء جيش له في العراق دون موافقة من الحكومة (125).فالتحالف السني يعتبره أردوغان والإسلاميون في تركيا الأساس القوي للحلم الإمبراطوري الإسلامي. 


  مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية عثروا بعد تحريرهم عدة مناطق من  تنظيم داعش في شمال سوريا على  وثائق, تضمنت سجلات مالية تكشف بالتفصيل مسارات التجارة غير المشروعة, حيث يبيعون النفط المهرب إلى تركيا (126).


 هذا التعاون النفطي بين داعش وتركيا أكدته وزارة الدفاع الروسية, وأكدت إحصائيات روسية أن داعش هي المورد الرئيسي للنفط إلى تركيا, وذلك بأسعار رخيصة. وهذا يفسر لماذا تصر تركيا على دعم داعش وعلى الاحتفاظ بجنود في العراق. وتصل نسبة هذا «النفط الدموي» إلى 48% أي ما يقارب من نصف احتياجات تركيا (127).


 هذا يفسر لماذا تحفظ أردوغان على الهجمات التي شنتها معظم الدول العربية والأوروبية على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش», حيث رفض حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا طلبا من البرلمان بالتحقيق في أنشطة تنظيم داعش في تركيا, في محاولة منها للتستر على حقائق التنظيم الإرهابي. أكد حزب الشعب الديمقراطي التركي أن الحكومة التركية التي يقودها حزب الرئيس أردوغان, تمتنع عن اتخاذ موقف واضح ضد التنظيم الإرهابي. و»إن هذه السياسة ستجلب مخاطر جدية حول الأمن القومي في تركيا».


 كما رفضت أيضا الحكومة التركية الانضمام للتحالف الدولي الذي أسسته الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة التنظيم الإرهابي, وشارك فيه العديد من الدول العربية والأوروبية. ووضعت شروطا للمشاركة هي  أن الحرب يجب أن تستهدف النظام السوري كذلك, وأن الهدف يجب أن يكون إسقاطه وليس التخلص من داعش فقط.


 هو هنا يريد إسقاط عدوه العلوي الشيعي بشار ليتيح الفرصة لحلفائه من الإخوان المسلمين في سوريا لاستلام السلطة.


 كانت صحيفة وورلد تريبيون الأمريكية, قد أجرت تحقيقاً يثبت أن تركيا ضالعة في تسليح المتطرفين منذ انفجار حركتهم في مدينة الأنبار العراقية, وأن داعش بدأ منذ مطلع عام 2013 يحصل على أسلحة ومعدات عسكرية عبر البوابة التركية ومن خلال تجار أتراك, وأن كميات كبيرة وصلت إليه من رومانيا وبلغاريا وكرواتيا.


 كشف موقع «مون أوف الاباما» الأمريكي أنّ الجيش السوري حاول  إغلاق الممرّ بين مدينة حلب والحدود التركية لقطع الإمدادات عن الميليشيات المسلحة, لكنه فوجئ بقوات من العمليات الخاصة التركية تقاتل إلى جوار الميليشيات الإرهابية كنوع من الدعم العسكري (128).   أضاف التقرير أن تركيا نقلت المقاتلين والإمدادات العسكرية من داخل تركيا إلى حلب, من بينهم مقاتلون قوقاز ينتمون مباشرة إلى الاستخبارات التركية.


 قال رئيس الاستخبارات الأمريكية جيمس كلابر: إن محاربة تنظيم داعش «ليست أولوية بالنسبة إلى تركيا, وإن هذا الأمر يسهل عبور مقاتلين أجانب من الأراضي التركية إلى سوريا». وأضاف أثناء جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أن  « هناك نحو 60 في المائة من المقاتلين الأجانب يصلون إلى سوريا عبر تركيا» (129).


  بسبب هذا الدعم للإرهاب من جانب آخر, تواجه تركيا الآن انتقادات شديدة من قبل الاتحاد الأوروبي, وهذا تَمثّل في تصريح مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل مطلع فبراير  2015, بأن تركيا بوابة عبور للمقاتلين إلى سوريا والعراق. هذه الثقة يبدو من الصعب استرجاعها مهما حاولت حكومة أردوغان.


 بسبب الدعم التركي لداعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية في سوريا تم استثناء حكومة أردوغان من حضور  عدد من الاجتماعات الخاصة بمكافحة الإرهاب, أبرزها اجتماع باريس وبروكسل ومؤتمر ميونخ للسلام (130).


دعم الإرهابيين الأتراك:  


 يشير الباحث جاسم محمد إلى نقطة مهمة وهي أن دعم الحكومة التركية لداعش يجعل المزاج العام للشارع التركي متقبلاً ل“الجهاديين” الأتراك العائدين من القتال في سوريا. فلم يحدث أي تجمع أو نشاط معارض للسلفية “الجهادية”. التقارير الاستخباراتية قدرت أن “الجهاديين” الأتراك وصل عددهم إلى ما يقارب ثلاثة آلاف مقاتل يتوزعون ما بين “داعش” و”النصرة”, هذا العدد ربما لا توجد لديه أزمة في علاقته مع الحكومة التركية, فقد كانت هناك مرونة في الحركة والتنقل عبر الحدود مع سوريا والعراق.


 يضيف محمد: لم تشهد تركيا محاكمات أو اعتقالات ضد الجهاديين. المعلومات ذكرت أن الجهاديين الأتراك, لا يمثلون شريحة مُعدَمة أو من ذوي الدخل المنخفض, فإن غالبيتهم من أصحاب الوظائف والمهن ومن يعيشون علاقات اجتماعية طبيعية, وبينهم نسبة كبيرة من المتزوجين ومن أصحاب العائلات (131).