الخميس 28 نوفمبر 2024

فن

ما هو التنظيم السري الدولي مَن يريد حكم العالم مِن مصر؟

  • 22-10-2020 | 11:36

طباعة

 ما موقفك عندما تعرف أن هناك مواطنا مصريا  يعمل في أجهزة أمنية حساسة أو في الرئاسة أو غيرها عضوًا في تنظيم سري دولي؟ ما موقفك عندما تعرف أن هذا التنظيم مشروعه الأساسي هدم الدولة المصرية، ما موقفك من هذا  المصري الذي ولاؤه الأول  لهذا التنظيم غير المصري، يتلقى الأوامر وينفذها ضد وطنه؟

 أظنك سوف تقلق  وسوف تبحث عن السبل التي تحمي مصر من أي تنظيم سري يعمل على أرضها. 

 هذا التنظيم السري الدولي يتبع جماعة الإخوان الإرهابية، طبيعي أن يكون لها هذا التنظيم، فهم أصحاب "مشروع إلهي" هدفه  ليس فقط السيطرة على مصر، ولكن على العالم كله. وطبيعي أن يكون سريا لأن هدفه تغيير العالم كله ليكون تحت ما يسمونه الخلافة الإسلامية التي حلم باستعادتها حسن البنا مؤسس جماعتهم.

 ولأنه تنظيم سري فلا نعرف من هم  أعضاؤه،  ولا من أين يأتي تمويلهم ولا أين يتم إنفاقه؟، كانت هناك فرصة للإخوان بعد ثورة يناير المجيدة أن ينهوا هذه السرية ويتحولوا فقط إلى حزب علني مثل باقي الأحزاب، لكنهم رفضوا.  

الغرض من هذا التنظيم السري في أي مكان في العالم التغلغل داخل كل مؤسسسات الدولة والمجتمع (مساجد، جامعات، جمعيات، وزارات وغيرها وغيرها ). بما يسمونه التمكين، وهي الوثيقة التي كشفها الصديق والكاتب الكبير حمدي رزق في كتابه فتح مصر.

الهدف نقل المسلم من خانة أنه مسلم، إلى أنه جندي جاهز لتنفيذ مشروع الإخوان لإقامة دولة الإسلام واستعادة الخلافة الإسلامية.

 من المتوقع أن بعضاً من الإخوان سوف ينكرون وجود هذا التنظيم السري الدولي، رغم أنه موجود في الكثير من أدبياتهم، بل وموجود في الموقع الإكتروني الرسمي لهم (ويكيبيديا الإخوان ) . وهناك من يخفف من مخاطره ويؤكد أنه مجرد لقاءات للثرثرة بين أعضاء من 72 دولة من أنحاء العالم، حسب قول الدكتور حسن البرنس القيادي في جماعة الإخوان الإرهابية في مصر.

هذا التنظيم الدولي حقيقة قائمة اعترف بها أعضاء سابقون بالجماعة وأعضاء حاليون، منهم على سبيل المثال مذيع قناة الجزيرة أحمد منصور، حيث طالب على صفحته بفيسبوك، بإصلاح التنظيم الدولي وتفعيله وهدد بفضح من تربحوا منه. 

متى تأسس التنظيم الدولي للإخوان؟

 مؤسس الجماعة حسن البنا قال "إن هذه الحدود الجغرافية والتقسيمات السياسية لا تمزق في نفوسنا أبدًا معنى الوحدة العربية الإسلامية، التي جمعت القلوب على أمل واحد وهدف واحد، وجعلت من مكان هذه الأقطار جميعًا أمة واحدة، مهما حاول المحاولون وافترى الشعبويون". وإذا كان هذا كلام قديم ، فقد أكده من جديد الدكتور محمد بديع في أعقاب تولي الجماعة حكم مصر، حين قال:  إن الجماعة أصبحت قريبة من تحقيق غايتها العظمى والتي حددها حسن البنا، مؤسس الجماعة وذلك بإقامة نظام حكم عادل رشيد بكل مؤسساته ومقوماته، يتضمن حكومة ثم خلافة راشدة وأستاذية العالم.

لذلك أسس البنا قسم الاتصال الخارجي في عام 1933 في مختلف دول العالم. وكانت أول شعبة للإخوان في نفس العام في دولة جيبوتي الأفريقية. ويقول أحد مؤسسي قسم الاتصال الخارجي الدكتور محمد محمود الصواف "تأسست لجان داخل هذا القسم: 

1- لجنة الشرق الأدنى، وتضم البلاد العربية والشعوب الإسلامية فى أفريقيا.

2- لجنة الشرق الأقصى، وتشمل دول شرق آسيا ووسطها.

3- لجنة الإسلام فى أوروبا.

 

 كان هذا القسم يعتمد على المسلمين القادمين من كل بلاد العالم للدراسة في الأزهر (أزهريون). يتم تجنيدهم وتلقينهم المشروع الإخواني على مدار سنوات دراستهم ، وعندما يعودون إلى بلادهم يؤسسون فرعاً للإخوان هناك، هذا حدث على سبيل المثال مع مؤسس حركة مورو الإسلامية في الفلبين  سلامات هاشم ، فليس هناك فارق في الأساس الديني بين جماعة الإخوان والأزهر، فكلاهما يستند إلى ذات التفسير للقرآن والأحاديث النبوية والتاريخ الإسلامي.

 كان محمد مهدي عاكف ( مرشد الإخوان فيما بعد ) من أبرز من تحملوا عبء التأسيس الجديد للتنظيم الدولي حيث تولى مهام تأسيس وإدارة المركز الإسلامي في ميونيخ والذي تحول إلى مقر لاجتماعات التنظيم الدولي وكان المكان الذي ولد فيه التنظيم رسميا ومنه أعلنت وثيقة التأسيس أو اللائحة الرسمية في 29 مايو من عام 1982، وهو ما سمح له ببناء علاقات واسعة مع قيادات تنظيمات الإخوان في كل أنحاء العالم، كما كان له دور كبير في ملفات الإخوان العالمية وعلى رأسها ملف الجهاد الأفغاني.

 وجدير بالذكر أن محمود أبو حليمة الذى تولى التخطيط لتفجير مبنى مركز التجارة العالمى فى نيويورك عام 1993 من الذين كانوا يترددون على مسجد ميونخ، الذي كان مسئولاًعن إدارته في فترة من الفترات مهدي عاكف مرشد الإخوان السابق.

 سعيد رمضان زوج ابنة الشيخ حسن البنا كان صاحب دور كبير في نشر وبناء التنظيمات الإخوانية خارج مصر بالتعاون مع هذا القسم، من إندونيسيا إلي المغرب ومن الصومال إلي سوريا والأردن والسودان ، معتمداً على أبناء هذه البلدان أشهرهم  مصطفي السباعي الذي صار  المراقب العام للجماعة في سوريا وأحد كبار منظريها.  كما افتتحت تنظيمات أخري في إندونيسيا والصومال واليمن وأفغانستان التي اضطلع بإنشاء التنظيم فيها اثنان من أشهر هؤلاء الطلاب الوافدين علي مصر وقتها وأكثرهم حركة وتأثيرا وهما غلام نيازي ومحمد هارون مجددي  كان الثاني نجل سفير أفغانستان وقتها في مصر، في حين تولى مسئولية التنظيم غلام نيازي.

 تحول قسم الاتصال بالعالم الإسلامي إلي وزارة خارجية الإخوان،  زاره محمد علي جناح وهو يؤسس لانفصال باكستان واستمرت اتصالاته حتي توجت بتدخل حسن البنا لدي صديقه عبد الرحمن عزام لإقناعه بأن تعترف الجامعة العربية بالدولة الجديدة التي اعلنت استقلالها عن الهند.  ومن خلال هذا القسم جرى التنسيق لثورة في اليمن في الأربعينيات ضد نظام الإمام يحيي حميد الدين. كما كان للجماعة دور كبير في تأسيس الحركة العربية لتحرير فلسطين التي كان يرأسها الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين ( تحالف مع هتلر). كما ارتبطت الجماعة من خلال هذا القسم بمعظم القيادات الإسلامية  في العالم الإسلامي مثل عبد الكريم الخطابي وعلال الفاسي في المغرب، والملك السنوسي في ليبيا والأمير شكيب أرسلان في سوريا ونواب صفوي مؤسس حركة فدائيان إسلام في إيران وآل الندوي في الهند..إلخ.

 فى الأول من سبتمبر 1981 بدأ  الشيخ مصطفي مشهور الأب الروحي للتنظيم الدولي في عمله الدءوب لتقوية هذا التنظيم الوليد وتوسيع شبكته التي امتدت لتشمل كل التنظيمات والكيانات الإخوانية المعتمدة في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي وخارجه. بل توسع في ضم تنظيمات إسلامية أخرى لا تخضع تنظيميا لقيادة الجماعة وإن كانت متوافقة معها في المنهج وإن اختلفت معها جزئيا في طبيعة البرامج التربوية مثل الجماعة الإسلامية في باكستان التي أسسها الشيخ أبو الأعلى المودودي، والحزب الإسلامي ( باس) في ماليزيا وحزب الرفاه بقيادة نجم الدين أربكان في تركيا.

من أين يتم التمويل؟

 المصدر الأول لتمويل جماعة الإخوان المساجد التي يستخدمونها في التعليم والتثقيف والتجنيد ولجمع التبرعات ، وهي منتشرة في كل مكان في العالم.   يضاف إلى ذلك اشتراكات الأعضاء والتبرعات من الأفراد والمؤسسات، وأموال الزكاة، وأرباح المشروعات خارج مصر وداخلها، والتي يديرها عدد غير معروف باستثناء يوسف ندا.  

 الإخوان لهم استثمارات في عدد من الدول منها  مصر وقطر ومدينة دبي وبعض دول الخليج. كما اتجهوا إلى اليابان، حيث استثمروا جزءا من أموال الجماعة في شراء آلاف الأسهم فى شركة كبرى متخصصة فى السيارات والأجهزة الكهربائية . بعدها وجد الإخوان أن الاستثمار فى مجال السيارات يدر ربحا طائلا. فاشتروا أسهمًا كثيرة في شركة «دايو» الكورية قبل أن تنهار. ومنذ سنوات أعلن الإخوان أن لهم أموالا فى بنوك عالمية مثل سوسيتيه جنرال وبارى باهى بفرنسا. أما بنك التقوى فى جزر الباهاما فلم يعد الوحيد الذى يتعامل معه الإخوان.

 كما نجح الإخوان بالتوازي مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية الحديثة، التي عرفها العالم في بداية الثمانينيات من القرن الماضي، في بناء هيكل متين من شركاتالأوف شورمهمتها إخفاء مصادر الأموال، التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من قدرتها على إخفاء الأموال ونقلها حول العالم، فهي شركات يتم تأسيسها في دولة أخرى غير الدولة التي تمارس فيها نشاطها، وتتمتع هذه الشركات بغموض كبير، يجعلها بعيدة عن الرقابة، وهو ما جعلها تنجح حتى الآن في لفت أنظار أجهزة المخابرات والمنظمات القانونية التي تطارد هياكل تمويل الإرهاب، في كل أنحاء العالم.

 طبقاً لتقرير نشره الصحفي الأمريكي فرح دوجلاس الذي عمل في السابق مديرا لمكتب صحيفةواشنطن بوستفي غرب أفريقيا، فمن أبرز قادة تمويل الإخوان إبراهيم كامل مؤسس بنك دار المال الإسلاميدي إم إي، وشركات الأوف شور التابعة له فيناسوبجزر البهاما، ويوسف ندا، وغالب همت ويوسف القرضاوي، في بنك التقوى في ناسو، وإدريس نصرالدين مع بنك أكيدا في ناسو.

 تكشف الوثائق التي اعتمد عليها دوجلاس  أن الشبكة المالية لجماعة الإخوان الإرهابية تنتشر في بنما وليبيريا، وجزر فيرجن البريطانية، وجزر كايمان، وسويسرا وقبرص ونيجيريا، والبرازيل والأرجنتين وباراجواي، وأغلب هذه المؤسسات مسجلة بأسماء أشخاص مثل ندا ونصرالدين والقرضاوي وهمت، الذين يقدمون أنفسهم بشكل عام كقادة في الجماعة.

 يقول دوجلاسرغم الأدلة الواضحة بشأن شبكةالأوف شورالتابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، التي توفر دعما لمختلف العمليات الإرهابية، فإن الإجراء الوحيد الذي تم اتخاذه ضد هذه المؤسسات المالية، تجميد عدد من الشركات المملوكة لندا ونصرالدين.

 استمرت التحقيقات الإيطالية عشر سنوات فى قضية تحويلات غير شرعية تمت من خلال بنك التقوى الذى أنشئ فى عام 1988 وترأسه يوسف ندا وهو واحد من أقطاب الاخوان،  انضم للجماعة منذ كان شاباً فى عام 1948، حيث تم رصد تحويل 60 مليون دولار لكتائب القسام ومجموعات متأسلمة إرهابية أخرى. وتزامنت هذه التحقيقات الإيطالية مع تحقيقات مماثلة فى سويسرا وفى الباهاما حول نفس البنك.

 تم وضع يوسف ندا وآخرين على القوائم السوداء فى الولايات المتحدة الأمريكية . وقرر مجلس الأمن فى الأمم المتحدة فى عام 1999 اعتبار يوسف ندا ضمن الأفراد المرتبطين بتنظيم القاعدة الإرهابي، كما يشير التقرير إلى ما تردد حول مفاوضات على التمويل بين أيمن الظواهرى وكل من خيرت الشاطر وتنظيم أنصار بيت المقدس ، هذا بالإضافة إلى تورط جماعة الإخوان الإرهابية فى تمويل غير مباشر للمجموعات المتأسلمة الإرهابية فى كل من العراق وسوريا مستخدمة النفوذ السياسى والمالى لدول مثل قطر وتركيا اللتين تستضيفان أعضاء الإخوان .

 صحيح أنه تمت إلغاء الإقامة الجبرية والتحفظ على أموال يوسف ندا  لعدم كفاية الأدلة ، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تضع اسمه على قوائم الإرهاب، فلا تزال الشبهات تُحوّم حوله .

في كل الأحوال فمشكلة هذه الأموال أنها غير معلنة سواء داخل مصر أو خارجها. فهي نشاط سري باسم أفراد في الغالب غير معروفين، وتنتقل من بلد إلى بلد لتمويل أنشطة غير معروفة علي وجه التحديد.  وهنا مكمن الخطورة، وليس من المستبعد أن تدعم هذه الأموال تنظيمات إرهابية خرجت من عباءة الإخوان وهناك تحالف استراتيجي بينهم.

    الاكثر قراءة